هيرون الثاني

تمثال لرأس هيرون الثاني

هيرون الثاني Hieron أحد ملوك صقلية. وحكم هيرون البلاد أربعة وأربعين عاماً "لم يقتل فيها مواطناً واحداً أو ينفيهِ أو يمسهُ بأذى ، وذلك بلا جدال أعجب ما سمع بهِ الإنسان" كما يقول بولبيوس. وكان هيرون يعيش عيشة متواضعة رغم ما يحيط به من أسباب الترف ، وقد عمر حتى بلغ سن التسعين. وأراد في مناسبات عدة أن ينزل عن سلطته ، ولكن الشعب توسل إليهِ أن يحتفظ بها. وقد هدته حكمته إلى أن يعقد حلفاً مع روما، وبذلك حمى البلاد من غزو القرطاجيين نحو نصف قرن من الزمان ، وإستمتعت المدينة في أيامه بالسلم والنظام وبقسط كبير من الحرية، وأقام منشآت عامة عظيمة، وترك عند موتهِ خزائنها عامرة بالمال دون أن يُرهق الأهلين بالضرائب. وبفضل حمايتهِ أو مناصرته رفع أرشميدس العلم القديم إلى أعلى ذروتهِ، وتغنى ثوفريطوس، باللغة اليونانية الفصيحة في أواخر أيامها، بجمال صقلية وبعطايا مليكها المرتقبة. وأضحت سرقوسة وقتئذ أكثر بلاد هلاس سكاناً وأعظمها رخاء.

وكان هيرون يسلي نفسه وقت فراغه بمراقبة صناعه وهم يعملون بإشراف أرشميدس في بناء سفينة لنزهتهِ، تتمثل فيها جميع فنون بناء السفن وجميع العلوم التي عرفها الأقدمون وكان طولها يبلغ نصف استديوم (407 قدم) ، ولها سطح واسع للألعاب الرياضية ، ومدرسة للتدريب الرياضي، وحمام من الرخام ، وحديقة مظللة ، جمع فيها كثيراً من أنواع النباتات المختلفة. وكان فيها ستمائة من الفلاحين يدفعونها بعشرين مجموعة من الجاديف ، وكان في مقدورها أن تحمل فوق هذا العدد ستمائة من البحارة أو المسافرين. وكانت تحتوي على ستين مقصورة ، صنعت أرض بعضها من الفسيفساء ، وأبوابها من العاج والأخشاب الثمينة. وكان أثاثها فخماً ظريفاً، وزينت جدرانها وسقفها بالرسوم الجميلة والتماثيل، وكان يحميها من الهجوم دروع وأبراج ؛ وكانت تمتد من أبراجها الثمانية كتل ضخمة من الخشب بكل منها ثقب في نهايتها تسقط من الحجارة على السفن المعادية. وأنشأ أرشميدس بطول هذه السفينة منجنيقاً عظيماً يستطيع قذف حجارة زنة الواحد منها ثلاث وزنات (174 رطلاً) أو سهام طول الواحد منها ثمان عشرة قدماً. وكانت هذه السفينة تتسع لحمل 3900 طن من البضاعة ، وكانت زنتها وحدها ألف طن. وكان هيرون يأمل أن يستخدمها في الأسفار المنتظمة بين سرقوسة و الإسكندرية ، ولكنه وجد أن أحواضها لا تتسع لها لضخامتها ، وأن نفقاتها كثيرة، فملأها بالحب والسمك من حقول صقلية وبحارها الغنية، وأرسلها هي وحمولتها هدية منه لمصر، وكانت وقتئذ تعاني نقصاُ في الحبوب غير عادي.

ومات هيرون في عام 216؛ وكان يرغب أن يضع قبل موتهِ دستوراً ديمقراطياً للمدينة ، لكنه إستمع في شيخوخته لرأي بناته فأوصى بالملك إلى حفيده. وتبين أن هيرونموس Hieronymus هذا نذل ضعيف ، نبذ حلف رومة واستقبل وفوداً من قرطاجة، وسمح لهم أن يكونوا من الوجهة العملية حكام سرقوسة، وكانت رومة لا تجد كفايتها من الحبوب فأخذت تستعد لقتال قرطاجة لتنتزع منها ثروة الجزيرة التي لم تتعلم في يوم من الأيام كيف تحكم نفسها. وكان عالم البحر الأبيض المتوسط وقتئذ أشبه بالفاكهة العفنة على إستعداد بأن يسقط في يدي فاتح أشد بأساً وأقسى قلباً من كل من عرفهم تاريخ اليونان من الفاتحين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.


الهامش


المصادر

  • Diod. Sic. xi. 38-67; Xenophon, Hiero, 6. 2; E. Lübbert, Syrakus zur Zeit des Gelon und Hieron (1875).
سبقه:
جلو
طاغية جلا
485 ق.م.- 478 ق.م.
تبعه:
پوليزلوس
سبقه:
جلو
طاغية سرقوسة
478 ق.م.- 466 ق.م.
سبقه:
ثراسيبولوس