نبيل عبد الفتاح

نبيل عبد الفتاح

نبيل عبد الفتاح هو باحث متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة وحصل علي ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1974، ثم الماجستير من جامعة السوربون الفرنسية في صراع الحضارات عام 1984 وكان يشغل منصب مساعد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلي أن أصبح رئيس مركز تاريخ الأهرام في 12 أغسطس عام 2009 بقرار من الدكتور عبد المنعم سعيد وهو مختص في شئون الجماعات الإسلامية ورئيس تقرير الحالة الدينية في مصر وله عدة كتب في هذا المجال منها: المصحف والسيف، وسياسات الأديان، والحرية والمراوغة، النص والرصاص وبالإنگليزية العنف المحجوب وأخرى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بداية حياته

في سنّ الرابعة، تلقى نبيل عبد الفتاح درسه الأوّل في الحياة. كانت والدته قد ذهبت به إلى «كُتاب» الشيخ حسن ونس في شبرا ليحفظ القرآن. كان الشيخ يضرب الطلّاب بقسوة شديدة كي يحفظوا الآيات من دون شرح أو تفسير... والويل لمن لا يحفظ! كره عبد الفتاح كل الأشياء التي تتطلّب الحفظ الذي كان مقترناً بالألم: «كنت أجيد الأسئلة التي تتطلب تشغيل العقل والتعبير. أما تلك المرتبطة بالحفظ، فكنت أحصل فيها على درجة الصفر». في ما بعد، فسَّر الأمر بأنه «رفض وكراهية للعقل النقلي الذي يعيد استنساخ ذاته ولا يضيف جديداً، وهو ما يشكل جذر الأزمة في العالم الإسلامي المعاصر».[1]

محاولة فهم العقل الإسلامي هو الأساس الذي انطلق منه عبد الفتاح المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، إضافةً إلى انشغاله بموضوع آخر هو «التسامح».

ولد عبد الفتاح في حي شبرا، أحد أحياء القاهرة الشعبية التي تتشكّل من مجموعة الحارات المتداخلة التي يتعايش فيها «عسر الحياة مع تراكم المشكلات الاجتماعية التي يعانيها العاديّون من البشر». في الحي الشهير، يسكن موظف لم يكمل تعليمه. حمّال شنط في محطة مصر. هناك، كانت السيدات يبعن الخضار المجهزة للكسالى العابرين من وظائفهم وإليها. تجمعات عشوائية لعائلاتٍ من الأرياف والصعيد. بشرٌ استقر بهم الحال على الحافة وسط حي مفتوح على الدنيا: أرمن وأقباط و«طلاينة» ويونانيون. يقول: «التعايش اليومي بين كل هؤلاء البشر، والتداخل بين أنماط متعددة من التديّن الشعبي شكّلا أيقونة الحياة اليومية المستمرة بلا توتر وبلا نزاع».

والدته المسلمة كانت تخرج كل يوم أحد مع صديقاتها القبطيات إلى «كنيسة مار جرجس»، هن للصلاة وهي للتبرك: « في كل مرة، كانت تشتري شمعة تشعلها تبرّكاً، وتخرج إلى باحة الكنيسة في انتظار انتهاء صديقاتها من الصلاة». وكلما بكى نبيل لأنّه أراد أن يأخذ الشمعة معه إلى المنزل، كان مصيره «علقة ساخنة».

في تلك الفترة، لم يكن أحد يسأل عن مفردة التسامح التي كانت تمارس بشكل طبيعي وبلا افتعال. يضحك: «لا يمكن وصف أهمية الحياة في بيئة تعددية». وسط هذا الحي المليء بالتعاسة والفقر والحرمان، كانت تلوح دائماً «دوائر من الأمل». مع جمال عبد الناصر و«ثورة يوليو»، انفتحت أبواب كثيرة للأمل. يتذكر: «مع العدوان الثلاثي 1956، كنا نسمع أصوات طلقات مدافع الأعداء، كنا نخرج حفاة مع الكبار ونهتف «إيدن مات يا جمال.. إحنا معاك يا جمال»، وخرجنا أيضاً نهتف للوحدة المصرية ــ السورية». الأم التي لم تكن قد حصلت على قدر كبير من التعليم، كانت تتمتع بذكاء نادر. وحتى الآن، ما زالت تصرخ عندما تسمع عن توتر العلاقات بين المسلمين والأقباط: «ضربة في قلبهم، طوال عمرنا عايشين مع بعضنا». حرصت هذه الأم على تعليم أبنائها لأنّها كانت ترى أنّ العلم هو وسيلتها للتحرر من البؤس الاجتماعي، وهو سلاح وسلطة بين أيدي أطفالها في مواجهة الواقع. أما الأب، فكان منشغلاً بعوالم السياسة، وانتمى إلى حزب «الأحرار الدستوريين» لفترة قصيرة، قبل أن ينتقل إلى حزب «الوفد». الأب والجد كانا ضد «ثورة يوليو» ينتقدانها باستمرار، إلا أنّ ذلك كان يجري فقط بين جدران المنزل من دون التحلّي بشجاعة نقدها علناً.


عمله

ورغم أن صاحب «المصحف والسيف» بدأ حياته شاعراً وقاصاً، وأرسل نصوصاً له إلى الناقد والمفكّر الراحل محمود أمين العالم الذي احتفى بها في جريدة «الأخبار» المصرية عندما كان رئيساً لمجلس إدارتها، إلا أنه توصل إلى قناعة شخصية مفادها أنّه سيكون «أديباً فاشلاً». كما أنّ الجو السياسي في المنزل والحي البائس جعله يختار دراسة الحقوق. لماذا؟ لأنّ «عالم الحقوق هو عالم العقل النقدي التفكيكي والتركيبي معاً، عالم الأبنية المجردة، ولكنه في الوقت ذاته العالم الذي ينظم الحياة المتغيرة». في الكلية، اكتشف «التنوع في الأفكار». في تلك الفترة من أوائل السبعينيات، التقى زميلاً له في الإجازة الصيفية أخبره بأنّه قد تم اختيار مجموعة من طلاب الجامعة من أبناء الريف للدخول في معسكر تدريبي على نفقة الاتحاد الاشتراكي، من أجل التصدي لليسار والناصريين والشيوعيين، وهو ما كان بدايةً لصعود الجماعات الدينية في عهد السادات التي قامت باغتياله في ما بعد.

بعد تخرجه في العام 1974، عمل لفترة قصيرة في سلك المحاماة، لكن شغفه بالعلم واكتشافه أنّه كان يتلقى «نثارات الفكر القانوني الغربي التي نقلها البعض باختصار وانتقائية»، دفعاه إلى السفر إلى پاريس «مدينة الجن والملائكة». يضحك وهو يستعيد تلك المرحلة: «عندما يتعلق الأمر بپاريس، لا بد من تكرار مقولات شائعة عن المعرفة الملقاة في الطرقات. فعلاً، عندما تمشي في شوارعها، تحسّ أنك تدخل الدنيا وتقرأ الحياة». سعادته في پاريس لم تكن ميسّرة، إذْ اكتشف هناك أنّه «معاق أكاديمياً»، وأنّ كل ما درسه في كلية الحقوق القاهرية لم يكن سوى «تعليم المبتسرين المعاقين بمجموعة من الأفكار المبتسرة، إضافةً إلى النظريات العامة التى يحتويها تاريخ العلم والمعرفة في أي تخصص». هكذا، كان عليه أن يبدأ من جديد تقريباً، كي يعيد تشكيل معارفه الحقوقية والعلمية.

نشاطه السياسي

يحزن صاحب «الحرية والمراوغة» حين ينتقل من ذكريات الجامعة والدراسة إلى الحاضر. المثقف والحقوقي الذي كان في الصفوف الأولى لـ«ثورة 25 يناير»، ومؤسساً لحركة «كفاية» و«أدباء وفنانون من أجل التغيير»، يتأمل ما آلت إليه الثورة، فتتغير نبرته المتحمسة: «ما جرى ليس ثورة. إنّها انتفاضة أو عملية ثورية لم تنجح في هدم الأبنية القديمة وإقامة أبنية جديدة مكانها». يصمت قليلاً قبل أن يوضح أكثر: «الذين يحكمون الآن هم الإخوان المسلمون، وهم جزء من قوى النظام السابق، وإن كانت الشرعية قد حجبت عنهم طوال السنوات السابقة». رغم ذلك، لا ينفي نبيل عبد الفتاح تفاؤله بما حدث. بالنسبة إليه، سيحدث تغيير كيفي وجذري ضد العقل النقلي على المدى الطويل، وسيتم تحطيم معتقلات الضمير القائمة باسم السلطات الباباوية الإسلامية الجديدة، فضلاً عن أنّ «الثورة هي ضد حرّاس بوابات المعابد الوضعية التي يحاول الشيوخ الناطقون باسم الإسلام استخدامها لتبرير وتمرير مصالح سلطوية واقتصادية ورمزية».

في ندوة «ما بعد الاستفتاء وسيناريوهات المستقبل»أعرب عن رفضه التعديلات الدستورية، وما تبعها من إعلان دستورى، متسائلاً: «كيف ندخل تعديلات على دستور متناقض أسقطته الثورة؟».

وقال إن دستور 71 يعطى صلاحيات «شبه إلهية» للرئيس، ويستبيح الحريات العامة والخاصة. واقترح تشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد، على غرار ما حدث في كل دساتير مصر منذ 1923. وأضاف: «المؤسف أن الدساتير المصرية لم توضع على مقاس الشعب وتاريخه، بل على مقاس حكامه الطغاة، الذين تصوروا أنفسهم فوق الأمة».

من مؤلفاته

المصادر

  1. ^ محمد شعير. "نبيل عبد الفتاح: ابن شبرا فاضحاً تجّار الهيكل". جريدة الأخبار.

وصلات خارجية