علم الأجواء العليا

(تم التحويل من الفلكيات الجوية)

الفلكيات الجوية aeronomy، علم متعدّد الفروع يدرس ويرصد كل ما يساعد على معرفة البيئة الجوية فوق التروبوسفير. يبدأ مجال اهتمامه من نهاية طبقة التروبوسفير إلى الفضاء ما بين النجمي حيث توجد آثار من الحقل المغنطيسي الأرضي. تبنّى الاتحاد الدولي للجيوديسيا والجيوفيزيا مصطلح الفلكيات الجوية رسمياً عام 1954. وموضوع دراسته هي العمليات الفيزيائية والكيميائية للمادة والإشعاع وما ينتج منها من ظواهر في الغلاف الجوي باستخدام الأدوات والتقانات الفلكية.

أشهر الموضوعات التي يتناولها: عمليات تأيّن غازات الجو بتأثير الإشعاع الشمسي، وثقب الأوزون، وارتفاع درجة حرارة الجو وانتـشار الأمـواج الـراديوية، والعاصفة المغنطيسية والفجر القطبي، وأحزمة فان آلن، واستقرار حركة الأقمار الصناعية.

يمكن تقسيم الفلكيات الجوية وفق توزع الظواهر في طبقات الجو (ستراتوسفير، ترموسفير، اكسوسفير، ميزوسفير، ماگنتوسفير) أو وفق الظاهرة (فيزيائية، كيميائية، فيزيائية كيميائية).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الظواهر الفيزيائية

معظم ظواهر الفلكيات الجوية من طبيعة فيزيائية أو فيزيائية كيميائية، وأهمها تفاعل الغلاف الجوي مع الرياح الشمسية من جهة، والأشعة الكهرمغنطيسية الواردة من الشمس والفضاء من جهة أخرى. يقوم الجو المغنطيسي (ماجنتوسفير) بحماية الكرة الأرضية من مكونات الريح الشمسية، وهي جسيمات متأينة معظمها بروتونات وإلكترونات تصل إلى الغلاف الجوي باستمرار منطلقة من سطح الشمس والنجوم البعيدة بسرعة تتجاوز 400 كيلومتر في الثانية، فيحرفها الغلاف الجوي المغنطيسي بمساعدة قوة لورنتز Lorentz الناتجة من وجود بلازما متحرّكة في حقل مغنطيسي، تتجمع بالنتيجة معظم الجسيمات في ذيل الغلاف الجوي ليتم التخلص منها في ظاهرة أخرى كالفجر (الشفق القطبي aurora والضوء البروجي ومفعول الدفيئة Greenhouse effect وما شابه، وجزء كبير منها ينطلق بعيداً عن الكرة الأرضية من الذيل. ويهتم العلماء بهذا النوع من الظواهر لتأثيرها في الاتصالات اللاسلكية وعمل الأقمار الصناعية.

يُعدُّ حزاما ڤان آلن Van Alen حول الكرة الأرضية جزءاً من الغلاف المغنطيسي، وأحد موضوعات الفلكيات الجوية الرئيسة، يحتجز الأول منهما البلازما المؤلفة من إلكترونات، ويبدأ من ارتفاع 10,000 كيلومتر تقريباً، ويقوم الثاني بحجـز الجسيمات المتأينة التي هـربت من الأسر لطاقتها العالية التي قد تتجاوز 410 GeV، وتكون مؤلفة من بروتونات وإلكترونات. يبدأ هذا الحزام من ارتفاع 500 كيلومتر ويصل إلى 1000 كيلومتر، وهو ينقل البلازما إلى القطبين الشمالي والجنوبي، حيث تشارك تلك الجسيمات في عمليات فيزيائية أخرى.


مد الغلاف الجوي

يشكل مد الغلاف الجوي آلية هامة لنقل الطاقة المدخلة إلى أسفل الغلاف الجوي من أعلاه، بينما تسود ديناميكا الميزوسفير وأسفل الثرموسفير. ولذلك، ففهم مد الغلاف الجوي هو شيء هام لفهم الغلاف الجوي ككل. وهناك حاجة لنمذجة ورصد مد الغلاف الجوي لمراقبة وتوقع التغيرات في الغلاف الجوي للأرض.

وتصل إلى طبقات الجو العليا آثار حركات الهواء بتياراته الصاعدة من التروبوسفير فتسبب اهتزاز مكونات الغلاف كطاقة ميكانيكية تصل من الأسفل، وهي آلية موضع الدراسة لأنها تؤدي دوراً مهماً في تكوّن تيارات نفثية وسحب عليا في الستراتوسفير الأعلى منه.

برق أعلى الغلاف الجوي

تمثيل للبرق في أعلى الغلاف الجوي وظواهر التفريغ الكهربائي

تقدم لنا الفلكيات الجوية في هذا المجال نماذج عن ظواهر الشفق القطبي وضوء المساء وضوء الصباح وغيرها.

برق أعلى الغلاف الجوي أو تفريغ أعلى الغلاف الجوي هما مصطلحان يستخدمهما الباحثون أحياناً للإشارة إلى عائلة من ظواهر التفكك الكهربائي التي تحدث فوق بكثير ارتفاعات البرق العادية. إلا أن المصطلح المفضل حالياً هو أحداث مضيئة عابرة transient luminous event (واختصارها TLEs) للاشارة إلى مختلف أنواع ظواهر التفريغ الكهربائي الناتجة في أعلى الغلاف الجوي بسبب البرق التروپوسفيري. وتضم الأحداث المضيئة العابرة red sprites, sprite halos, blue jets, and elves.

الظواهر الكيميائية والفيزيائية الكيميائية

تدرس الفلكيات الجوية نموذج الأوزون الذي يقوم بدور مرشّح للأمواج الكهرمغنطيسية فوق البنفسجية الضارة الأقصر من 3100 أنگستروم، مع العلم أن الغلاف الجوي الحراري والمتأين يمتصان الأمواج الأقصر من 2000 أنگستروم، ويكون الامتصاص من قبل الغازات المكونة للغلاف الجوي على قلة تركيزها، فتحدث عمليات كيميائية ضوئية أهمّها تفاعلات تفكك الأوزون O3 بامتصاص الأمواج فوق البنفسجية وينتج O + O2، فيكون قد امتصها ومنعها من الوصول إلى سطح الأرض الحيوي. ثم يحدث تفاعل عكسي يتولد معه الأوزون من جديد وينتشر ضوء أزرق سماوي وأمواج أخرى أخفض طاقة. فإذا حدث ما يمنع الأوزون من الظهور من جديد كانت النتيجة استنزاف الأوزون ozone depletion من الغلاف الجوي وكبر ثقب الأوزون ozone hole.

تقع آليات تعويض الأوزون واستنزافه كيميائياً ضمن أهداف علم الفلكيات الجوية عالمياً. وكان العلماء قد توصلوا بعد مراقبة طويلة إلى أن 95% من الأوزون المفقود يُستنزَف بسبب تفاعلات بوجود وسيط تدخل فيها مركبات الهالوجينات (الكلور Cl والفلور F والبورون B )، ومن أهمها المركّب (ClO)2. ثم وجدت دراسات أحدث في الفلكيات الجوية برهنت على أن سحب الستراتوسفير التي تحوي أكاسيد الآزوت تؤدي دوراً مهماً أيضاً في استنزاف الأوزون، وخاصّة ما يحدث منه في فصل الربيع بصورة مميزة ولافتة للنظر.

تنشأ السحب الستراتوسفيرية تنشأ أساساً من نوى الجسيمات المتحطمة من الشهب والنيازك (مثلاً أكسيد الألمنيوم)، وعلى جزيئات ثاني أكسيد الكبريت SO2 المنبعث من الثورات البركانية، ومازال تكوّن قطيرات أو جزيئات الثلج في الستراتوسفير غير مفسر تماماً، حيث أن وجود بخار الماء هناك يفسر اليوم بأنه ناتج من تفاعلات أكسدة الميتان أو تفاعلات أخرى مع مركبات آزوتية تحوي هدروجين.

تقدم النماذج الحديثة للتفاعلات الكيميائية التي تحدث في الغلاف الجوي مشاركة واسعة للجزيئات الموجودة فيه إضافة إلى الأكسجين والآزوت، وكالميتان والمركبات الهالوجينية مع الكربون، ومن أهم تفاعلات استنزاف الأوزون:

1- آلية تشكل (ClO)2

ClO + ClO + M ® (ClP)2 + M

(ClO)2 ® Cl + ClOO

ClOO + M ® Cl + O2 + M

2(Cl + O3) ® 2(ClO + O2)

2O3 ® 3O2 الإجمالي


وتدل M (أساساً) على غاز الميثان.

2 - آلية Br

ClO + BrO ® Cl + Br + O2

Cl + O3 ® ClO + O2

Br + O3 ® BrO + O2

الإجمالي

2O3 ® 3O2


تحدث في الغلاف الأيوني ظواهر كهربائية بسبب وفرة الغازات المتأينة، وتفاعلات نووية تقوم بها الجسيمات المتأينة ذات الطاقة الأعلى من j /104GeV/(التي تمكنت من اختراق معظم الطبقات وصولاً إلى الغلاف الأيوني) تولد نظائر الكربون (14) والآزوت (14) والبريليوم (10)، حتى تنخفض طاقة الجسيمات إلى عشرات الميگا إلكترون فولط، وتظهر آثار هذه الظواهر على شكل فوتونات گاما بطاقة/ M134MeV.

ومازال علم الفلكيات يبحث في العمليات الفيزيائية والكيميائية، وفي أثر الإشعاع الشمسي والجسيمات الأخرى على كثير من الظواهر التي تشترك فيها مكونات الغلاف الجوي. ومن أهمها دراسة الشهب والنيازك التي تصل الأرض من الفضاء الخارجي وتتفاعل مع الغلاف الجوي كجسيمات غير مشحونة، ولكنها تحترق من وجود غازات في طريقها فتضيف مادة إلى الغلاف الجوي وتؤثر في عمل المركبات الفضائية والأقمار الصناعية. وكذلك تهتم الفلكيات الجوية بالبحث عن النترينو الذي يصل إلى الأرض من الفضاء حاملاً معلومات مهمة عن الفضاء.

وأشهر برامج دراسات الفلكيات الجوية برنامج الادارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في ولاية كولورادو الأمريكية، إضافة إلى وكالة ناسا (NASA) وعدد من الدول الأوربية.

انظر أيضاً

المصادر

  • فواز سيوف. "الفلكيات الجوية". الموسوعة العربية.

للاستزادة

ـ فواز سيوف، فيزياء الطاقة (منشورات جامعة دمشق 1996).

- Scientific Assessment of Ozone De­pletion, WMO/UNEP, state-of-the-science, Head Author David (W. Fahey 2002).

الكلمات الدالة: