لجنة كينغ-كراين

(تم التحويل من King–Crane Commission)
كرين (يمين) وكنگ
پورتريه جماعي للجنة كنگ-كرين وأشخاص آخرين غير معروفين، في دمشق، 1919. الأشخاص المعروفون يضمون: سامي حداد (واقف، ببذة بيضاء)، المفوضان تشارلز ر. كرين وهنري تشرشل كنگ (جالسان أمام المائدة، من اليسار إلى اليمين)، ألبرت هاو ليباير (جالس، إلى يمين كنگ)، وجورج ر. مونتگمري (جالس، أقصى اليمين). المصدر: كلية أوبرلين.[1]

لجنة كينج ـ كرين King-Crane Commission هي لجنة تحقيق عيّنها الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في أثناء انعقاد مؤتمر الصلح في باريس في صيف 1919 للوقوف على آراء أبناء المناطق غير التركية في الدولة العثمانية المنفرطة، تحديداً سورية وفلسطين والأرمن في مستقبل بلادهم. وقد شُكلت اللجنة لإخبار السياسة الأمريكية بشعوب المنطقة وآرائهم بشأن مستقبل الذي يرغبون به في سياق ما سبق تقريره من تجزئة الدولة العثمانية ونظام الانتداب من عصبة الأمم. وقد اختار ولسون لرئاسة هذه اللجنة هنري كنگ، رئيس كلية اوبرلن بولاية اوهايو وتشارلز كرين، وهو رجل أعمال بارز من شيكاغو. وبعد أن طافت هذه اللجنة في مختلف المدن السورية والفلسطينية، ما بين 10 يونيو و21 يوليو وضعت تقريراً أعلنت فيه أن الكثرة المطلقة من العرب تطالب بدولة سورية مستقلة استقلالاً كاملاً، وترفض فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السياق

في سياق تصفية تركة الحرب العالمية الأولى بتقسيم مناطق النفوذ في العالم بين البلدان الاستعمارية المنتصرة، وانطلاقاً من رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في استثمار تضارب المصالح بين فرنسا وبريطانيا لإيجاد موطئ قدم في المنطقة العربية، اقترح الرئيس الأمريكي ويلسون في مارس 1919 على المجلس الأعلى لمؤتمر الصلح بين دول الحلفاء (أمريكا ـ بريطانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا) إرسال لجنة تحقيق للوقوف على رغبات المواطنين في فلسطين وسوريا ولبنان وشرق الأردن تمهيداً لتقرير مصير المنطقة. ورغم التصديق على الاقتراح، فقد امتنعت فرنسا وبريطانيا عن الاشتراك في اللجنة لعلمهما بأن نتائج التحقيق لن تكون في صالحهما، ولذا فقد اقتصرت اللجنة على العضوين الأمريكيين اللذين سُميِّت اللجنة باسميهما وهما: هنري كينج وتشارلز كرين بالإضافة إلى بعض المستشارين.


أعمال اللجنة

نص عريضة قدمها الوفد السوري للجنة.

اطلعت اللجنة على المذكرة التي قدمتها المنظمة الصهيونية العالمية للمؤتمر في فبراير 1919، والتي تضمنت مطالب الحركة الصهيونية المتمثلة في الاعتراف بما يُسمَّى «الحقوق التاريخية للشعب اليهودي» في فلسطين، وحق اليهود في إقامة "وطن قومي" لهم، كما اطلعت على المذكرات المماثلة التي قدمها الفلسطينيون للمؤتمر، ومنها: مذكرة الاحتجاج التي بعث بها وجهاء وأعيان مدينة نابلس في يناير 1919، والمذكرة التي قدمها المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في الشهر نفسه. وقد شددت المذكرات العربية على رفض المطالب الصهيونية وعلى أن فلسطين جزء لا يتجزأ من سوريا.

وفي العاشر من يونيه 1919، بدأت اللجنة عملها في يافا فالتقت بالجمعيات الشعبية فيها وممثلي الطوائف الدينية ومندوبي القرى، واستمعت إلى مطالبهم. وفي القدس، التقت اللجنة بممثلي الجمعية الإسلامية-المسيحية الذين أكدوا رفض الهجرة اليهودية إلى فلسطين لأنها ترمي إلى تحقيق المشروع الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود، كما أكدوا وحدة سوريا وفلسطين مع احتفاظ الأخيرة باستقلالها الداخلي وحريتها في انتخاب حكامها من الوطنيين وسن قوانينها وفقاً لرغبات السكان.

وواصلت اللجنة جولتها في المدن والقرى الفلسطينية حيث تعرفت على مواقف مختلف الأطراف، ثم سافرت إلى دمشق وأجرت فيها استفتاء شمل العلماء وممثلي الطوائف والحرف وممثلي مجلس الشورى وغيرهم، وتسلَّمت مذكرة من المؤتمر السوري العام تضمَّنت المطالب العربية الأساسية، كما انتقلت اللجنة إلى شرق الأردن وبيروت واطلعت على آراء السكان هناك. ثم توجَّهت بعد ذلك إلى الأستانة حيث عكفت على دراسة المذكرات والوثائق التي تلقتها وبلغت 1863 مذكرة.

تأخير النشر

انتهت اللجنة من وضع تقريرها في أغسطس 1919، ولكنه كان مخططاً له أن يُنشر بعد اقرار الكونگرس الأمريكي لمعاهدة ڤرساي، إلا أن الكونگرس لم يقر المعاهدة. ولذلك للم يُنشَر التقرير إلا بشكل موجز عام 1922، بعد أن أصدر مجلس الشيوخ ومجلس النواب قانوناً مشتركاً يحبذ إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين على خطوط وعد بلفور. وقد انقسم الرأي العام حين علم أن الأغلبية من عرب طالبت بانتداب أمريكي بمجلس تمثيلي منتخب ديمقراطياً.[2] ولم يُنشَر التقرير رسمياً إلا عام 1947.

التقرير

سوريا وفلسطين

أعضاء وفد مشايخ الدروز إلى لجنة كنگ-كرين، حوالي يوليو 1919.
أعضاء وفد دراويش حلب لمقابلة لجنة كنگ-كرين، حوالي يوليو 1919

وذكرت اللجنة في تقريرها أن العداء للصهيونية لا يقتصر على فلسطين فحسب بل يشمل المنطقة كلها، وأن هناك إجماعاً على رفض البرنامج الصهيوني تماماً، وأضافت أن اليهود ـ الذين يشكلون نحو 10% من سكان فلسطين ـ هم وحدهم الذين يؤيدون الصهيونية وإن كانوا يختلفون في بعض التفاصيل والوسائل المتعلقة بإقامة الدولة اليهودية ومدى تَوافُقها مع تعاليم الدين اليهودي، كما أنهم وحدهم الذين يطالبون بفرض الانتداب البريطاني على فلسـطين لأنه سـيساعدهم على تحقيق مشـروعهم. واعترفت اللجنة بأنها لمست بوضوح إصرار الصهاينة على تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على الأراضي بالقوة. ووصف التقرير المزاعم الصهيونية بشأن "الحقوق التاريخية" لليهود في فلسطين بأنها لا تستوجب الاكتراث ولا يمكن النظر إليها جدياً بعين الاعتبار. وبيَّنت اللجنة ما في تعهدات وعد بلفور من ازدواجية وتناقض إذ "لا يمكن إقامة دولة يهودية دون هَضْم خطير للحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية في فلسطين". وكانت أهم توصيات اللجنة:

1 ـ ضرورة تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين والعدول نهائياً عن الخطة الرامية إلى جعلها دولة يهودية.

2 ـ ضم فلسطين إلى دولة سوريا المتحدة لتكون قسماً منها.

3 ـ وضع الأماكن المقدَّسة في فلسطين تحت إدارة لجنة دولية تشرف عليها الدولة المنتدبة وعصبة الأمم، ويمثِّل اليهود فيها بعضو واحد.

وقد قوبل تقرير اللجنة بالرفض التام من جانب فرنسا وبريطانيا والحركة الصهيونية. أما الولايات المتحدة ـ التي كان رئيسها صاحب فكرة إرسال اللجنة ـ فلم تُعر انتباهاً هي الأخرى لتوصيات اللجنة، رغم ما نص عليه تقريرها من أن المشروع الصهيوني يناقض مبدأ الرئيس ويلسون بشأن حرية الشعوب في تقرير مصيرها. وإذا وضعنا في الاعتبار أن ويلسون نفسه كان قد وافق على تصريح بلفور قبل إعلانه، فستتضح على الفور حقيقة الموقف الأمريكي وحقيقة أن تلك المبادئ لم تكن في الواقع إلا ستاراً للمصالح الاستعمارية.

استقلال سوريا

خريطة المملكة السورية العربية، 8 مارس 1920.

بعد انحلال الدولة العثمانية رسمياً في 1918، تشكل في يونيو 1919 ما يُعرف بالمؤتمر السوري الكبير، أو ببساطة المؤتمر السوري، واتخذ من دمشق مقرّاً له (حيث يقيم الملك الهاشمي فيصل مع الحامية الأسترالية-البريطانية). كان أغلب أعضائه من نواب البلاد السابقين في مجلس النواب العثماني، وبلغ عددهم تسعين عضواً من كافة أنحاء سوريا الحالية ولبنان والأردن وفلسطين. كان هذا المؤتمر بمثابة برلمان سوري. وفي اجتماعه في 8 مارس 1920 أعلن هذا المؤتمر أبرز مقرراته وهو استقلال سوريا باسم المملكة السورية العربية. وتمّ تتويج الملك فيصل الأول ملكاً هاشميّاً على سوريا في ذات اليوم. تلا محمد عزة دروزة سكرتير المؤتمر، مندوب نابلس، القرار على الجماهير الحاشدة من شرفة مبنى بلدية دمشق في ساحة المرجة. ودعا المؤتمر خلال جلساته إلى الوحدة العربية بين سوريا والعراق. كما رفض المؤتمر تقسيم سوريا، ما يعني عدم الاعتراف بانفصال فلسطين ولبنان، فاستجابت لذلك لجنة كينگ-كرين الأممية وأوصلت بأنه "ينبغي الحفاظ على وحدة سوريا".

وافقت بريطانيا على مقرّرات المؤتمر السوري، بينما رفضتها حكومات كلّ من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ما دفع فرنسا لتحريك قواتها من بيروت في نفس العام واحتلال دمشق. حافظت كلّ من بريطانيا وعصبة الأمم على استخدام التسمية الرسمية ”سوريا الجنوبية“ على المنطقة الجنوبية تحت الانتداب البريطاني، إلى أن تمّ استقلال إمارة شرق الأردن سنة 1946 باسم المملكة الأردنية الهاشمية، واختفى بالتالي مبرّر استخدامها على فلسطين.

رسالة المؤتمر السوري الكبير إلى لجنة كينغ-كراين في 1919. لاحظ أن البند الرابع يطالب بانتداب أمريكي على سوريا.



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أرمنيا

عالجت اللجنة أيضاً قضية ما إذا كان يجب أن توجد دولة أرمنية، وخلصت إلى الاستنتاج أنه يجب أن توجد دولة أرمنية. في حين تقول إحدى التفسيرات بأنها قد تكون مجرد محاباة (الأرمن هم مسيحيون)، المزاعم التي استخدمت من أجل إنشاء دولة أرمنية مشابهة تماماً للمزاعم الخاصة بقيام دولة إسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية. لاحظ التقرير أن الأرمن عانوا من تجربة صادمة في التطهير العرقي، مما يجعلهم غير قادرين على الثقة بإحترام الدولة التركية لحقوقهم، وأنهم كانوا"شعب". بالتالي، يجب احترام وضمان الاستقلال الأرمني.


خريطة تبين توصيات لجنة كنگ-كرين.[3]


المصادر والهامش

  • عبد الوهاب المسيري. "لجنــــة كينـــج ـ كريــن". موقع المسيري.

المراجع

وصلات خارجية