الاتفاقية البريطانية الكويتية 1899
الاتفاقية البريطانية الكويتية 1899، هي معاهدة سرية تم التوقيع عليها بين الامبراطورية البريطانية ومشيخة الكويت في 23 يناير 1899. بموجب الاتفاقية تعهدت بريطانيا بحماية وحدة أراضي الكويت مقابل تقييد وصول القوى الأجنبية إلى المشيخة وتنظيم شؤونها الداخلية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلفية
كانت مشيخة الكويت تتمتع باستقلالها الفعلي منذ تأسيسها في أوائل القرن 18. عندما اضطرت في بعض الأحيان إلى القيام بدور الدولة الرافدة للقوى الاقليمية للأئمة الوهابيين في الرياض والدولة العثمانية. في أعقاب نجاح تجريدة نجد 1871، عزز العثمانيون نفوذهم في الكويت. عام 1892، ارتقى محمد الصباح عرش الكويت. بدأ آل براهيم في السعي وراء سياسات التتريك، مما أدى إلى استياء الأدوائر الوطنية في المجتمع الكويتي. في مايو 1896، أُغتيل محمد الصباح على يد أخيه الغير شقيق مبارك الصباح الذي استولى على العرش. اعتقد العثمانيون أن الثورة كانت جزءاً من مؤامرة بريطانية أكبر لإنشاء تحالف عربي معادي للعثمانيين. استشهد العثمانيون بلقاء مبارك الصباح مع المقيم البريطاني في بوشهر قبل فترة وجيزة من الانقلاب، كما ادعت أن جاسم بن ثاني حاكم قطر والأمير محمد بن راشد حاكم حائل كانوا أيضاً جزءاً من التحالف. أنكر المقيم البريطاني تلك المزاعم.[1]
خوفاً من أخذ ابني الصباح بالثأر، طلب مبارك من العثمانيين منحه لقب قائمقام كي يتخلص من وضعه كمغتصب للحكم. رفض حمدي پاشا الحاكم العام لولاية البصرة المجاورة، واقترح بدلاً من ذلك ضم الكويت لولايته. في لحظة حرجة، تم استبدال حمدي پاشا بمحمود پاشا، الذي تمكن مبارك منه بالرشاوي. في الوقت الذي كان يبدو فيه النفوذ البريطاني في الكويت في قمته، تقدم مبارك من القنصل البريطاني في البصرة طالباً الحماية البريطانية. بدا البريطانيون مترددون في البداية لأن مثل هذه الخطوة كانت ستؤدي على الأرجح إلى تضارب في المصالح مع القوى العظمى الأخرى مثل فرنسا وروسيا. تغير الوضع عندما وضع رائد الأعمال الروسي ڤلاديمير كاپنيست خطته لإنشاء خط سكة حديد يربط بين ميناء طرابلس المتوسطي بالكويت. بعد أن رأوا أن هذه الخطة على حساب مصالحهم في بلاد الرافدين، عاد البريطانيون إلى طاولة المفاوضات.[2]
ومن جهة أخرى، كانت دوافع الشيخ مبارك الصباح لتوقيع هذه الاتفاقية ما يلي:
1- التحالفات الاقليمة: ظهور تحالفات إقليمية في المنطقة كتحالف الشيخ جاسم آل ثاني أمير قطر مع ابن رشيد ووصول قوات ابن رشيد على مقربة من حدود الكويت وهذا تهديد غير مباشر على الكويت بالاضافة للوضع الغير مستقر والنزاعات الدائرة في البلدان المجاورة والتي أدت فيما بعد إلي قيام الشيخ مبارك بعدة غزوات ومعارك للحفاظ على الحدود الكويتية وحفظ الأمن.
2- التهديد العثماني المستمر على الكويت: حيث قامت الدولة العثمانية باحتلال منطقة مطربه وأم المدافع والتي تقع داخل الحدود الكويتية هذا بالإضافة إلي احتلالها لجزر تابعة للكويت وهي جزيرة وربة وبيان وجزء من أم قصر وأقامت مراكز عسكرية عليها.
3- ظهور الكويت قوة اقليمية: سعي الشيخ مبارك لكي يكون قوة إقليمية مهمة في المنطقة تخافه القبائل.
4- ايقاف نفوذ الدول الاستعمارية الأخرى: وقف النفوذ الألماني والروسي والفرنسي للسيطرة على الكويت وهذا ماحدث لاحقاً.
5- تأمين الطرق التجارية البرية: تأمين الطرق التجارية من قبل إبن رشيد عن طريق وتحسين العلاقة مع الملك عبد العزيز آل سعود.
6. فرض الضرائب: فرض الشيخ مبارك ضرائب على جميع البضائع الأجنبية الداخلة إلي الكويت أو العابرة لأراضيها بمن فيها البضائع العثمانية ورفض دخول أي مسؤول أجنبي إلي الكويت إلا بآذنة بمن فيهم المسؤولين العثمانين.
أما بالنسبة للدولة العثمانية، فعندما علمت بالاتفاقية السرية التي عقدت عام 1899 بين الشيخ مبارك والحكومة البريطانية فقامت بحشد قواتها في ولاية البصرة التي يحكمها آنذاك حمدي پاشا المعروف عنه تأييده لضم الكويت لولاية البصرة مما أدى الي قيام البريطانين بإرسال سفن حربية إلي الكويت لحمايتها والاحتجاج لدي الدولة العثمانية على مثل هذا الإجراء حيث تراجعت الدولة العثمانية عن مثل هذا الأجراء ورداً على التهديد العثماني للكويت قام اللورد كيرزون بزيارة الكويت عام 1903 وقد تطرفت لهذه الزيارة في موضوع زيارة اللورد كيرزون للكويت.[3]
نص المعاهدة
بسم الله تعالي شأنه. إن الغاية من تحرير الاتفاقية المشرفة هو أتمام التعهد والاتفاق بين الليفانت كولونيل مالكوم جون ميد Malcolm John Meade المقيم السياسي لصاحبة الجلالة بالنيابة عن الحكومة البريطانية كطرف أول وبين الشيخ مبارك ابن صباح شيخ الكويت طرف ثاني بأن الشيخ مبارك ابن صباح بكامل حريته يرغب أن يرتبط ويلزم وارثيه وخلفه في الحكم بأن لا يستقبل أي وكيل أو ممثل لأي سلطة أو حكومة في الكويت أوفي أي مكان أخر من حدود مقاطعته بدون الموافقة المسبقة للحكومة البريطانية. وهو بالإضافة إلي ذلك يلزم نفسه ووارثيه وخلفه في الحكم بأن لا يتنازل أو بيع أو يؤجر أو يرهن أو يعطي للاستغلال لأي غرض كان أي جزء من مقاطعته لأي حكومة أو رعايا أي سلطة بدون الموافقة السابقة لهذه الأغراض من حكومة صاحبة الجلالة.
وهذا الجزء يمتد لأي جزء من المقاطعة التابعة للشيخ المذكور مبارك ابن الشيخ صباح التي قد تقع الآن في حوزة رعايا أي حكومة أخري. ورمز للصداقة على توقيع هذه الاتفاقية القانونية المشرفة بين اللفتانت كولونيل مالكوم جون ميد المقيم السياسي لصاحبة الجلالة في الخليج الفارسي والشيخ مبارك بن الشيخ صباح. بقوم الطرف الأول بالنيابة عن الحكومة البريطانية والطرف الثاني بالنيابة عن نفسه ووارثية وحلفائه بالتوقيع على هذه الاتفاقية بحضور الشهود في اليوم العاشر من رمضان سنة 1316 الموافق الثالث والعشرين من جانيوري 1899.
التوقيع:
مبارك الصباح
المقيم السياسي في الخليج الفارسي الشهود
اي . وكهام هور.
كابتن. ج كالكلون جاسكن
السيد محمد ابن عبد النبي »
التبعات
بعد توقيع اتفاقية الحماية بين بريطانيا والكويت في يناير عام 1899 لم يكن بالإمكان آنذاك تعيين ممثل بريطاني رسمي في الكويت، وذلك رغبة من الحكومة البريطانية في أن يظل هذا الاتفاق سريا بين الطرفين، خشية إثارة الدولة العثمانية
ومن ثم كان تعيين مندوب موثوق به في الكويت من قبل السلطات البريطانية من جنسية أخرى وبشكل سري أمرا مطلوبا لتزويد المقيم السياسي البريطاني في بوشهر بأخبار الكويت، بالإضافة إلى متابعة نشاطات الشيخ مبارك الصباح والاطلاع على خططه وصلاته بالآخرين.
في يونيو عام 1899 تم تعيين السيد علي بن غلوم رضا مندوبا إخباريا في الكويت، وقد قام بعمله هذا تحت ستار النشاط التجاري، وكانت أول رسالة بعثها هذا المندوب الإخباري في 4 من شهر سبتمبر 1899 واستمر في إرسال رسائله وتقاريره حتى 4 من مايو ،1904 وقد أرسل خلال هذه الفترة ما يقرب من تسعين رسالة تضمنت الكثير من الأحداث والأخبار والمعلومات عن الكويت في تلك الحقبة. فهو يذكر في رسالته المؤرخة في 2 من شهر إبريل 1900 أنه:
'لن يخالف وصية الآباء في حق دولة باليوز (بريطانيا) وكذلك وصية المرحوم أغا'.
وكان أسلوب بريطانيا في اختيار ممثليهم أن يكونوا من عائلة معروفة بخدمتها للحكومة البريطانية.
كان ذلك التعيين كان بتوصية من محمد رحيم بن عبدالنبي صفر المندوب البريطاني في البحرين
وبمباركة من الشيخ مبارك الصباح، بدليل تعاونه معه ودعوته إليه لينقل المعلومات التي يريدها إلى المقيم السياسي، وإبلاغه بالأخبار التي تصل إلى الكويت سواء ما يتعلق منها بالدولة العثمانية أو بأخبار ابن رشيد وابن سعود.
ويبلغه أيضا بأخبار لقاءاته الخاصة مع مختلف الزوار الذين يزورون الكويت مثل لقاءاته بقناصل روسيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من ممثلي الدول، وكان الشيخ مبارك يقدر أهمية المعلومة التي يريد إيصالها إلى السلطات البريطانية وبالطريقة التي تتفق مع مصالح بلاده.
تلى معاهدة 1899 عدد من الاتفاقيات الصغرى التي عززت دور بريطانيا في البلاد ، بما في ذلك ادارة مواردها من اللؤلؤ والموارد النفطية. في السنوات التالية أحبطت بريطانيا عدة محاولات عثمانية لإعادة فرض سيطرتها على الكويت من خلال المساعي الدبلوماسية والعسكرية. عام 1904، عُين الكاپتن س. ج. نوكس كأول مقيم بريطاني في الكويت. وقد تأكد فيما بعد وضع المعاهدات سالفة الذكر بالمعاهدة البريطانية العثمانية 1913.[1]
المصادر
- ^ أ ب "Kuwait: Anglo-Ottoman Relations 1890-1914" (PDF). Shodhganga Thesis Repository. 1994. Retrieved 16 November 2017.
- ^ "'File 53/6 (D 2) Koweit [Kuwait] Affairs, 1898-1899'". Qatar Digital Library. Retrieved 16 November 2017.
- ^ الاتفاقيات والمعاهدات البريطانية، تاريخ الكويت