امحند لعنصر
امحند لعنصر () سياسي مغربي تولى وزراة البريد في عهد المعطي بو عبيد ورئيس حزب الحركة الشعبي (الأمازيغي)، في انقلاب قام به الحسن الثاني وإدريس البصري على رئيس الحزب المحجوبي أحرضان. ومن أكبر رجال الأعمال في المغرب، ويملك رخص صيد أعالي البحار وغيرها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سيرته
"لم يكن مسار البدايات، يؤهل بتاتا الشاب امحند لعنصر، ليصبح رجل سياسية، ولا أن يُراكم الثروة الكبيرة، التي يحوزها الآن" هكذا تحدث أحد قُدامى العمل السياسي، ممن اقتربوا كثيرا من امحند لعنصر، على مدى سنوات طويلة. فكيف كان مسار "لعنصر" السياسي، وكيف حقق ذلك "النجاح" الذي يُمكن أن نقول بشأنه أنه "قصة صعود اجتماعي وسياسي" على الطريقة المغربية؟[1]
يقول مصدرنا السياسي المُخضرم أن "امحند لعنصر" كان سيظل نكرة، كباقي ملايين المغاربة من جيله، لولا أنه اختار الالتحاق بعد نهاية دراسته الثانوية، أواخر ستينيات القرن الماضي، بالمدرسة الوطنية للإدارة، المعروفة باسمها الفرنسي المُختصر: "لينا"وكان ذلك بالتحديد خلال الموسم الدراسي 1968-1969.
ينحدر "لعنصر" من إحدى قرى قبائل مرموشة، لأب كان يعمل فلاحا بسيطا، لكنه تميز بتفوقه الدراسي، سيما عقب إعداد رسالة تخرج جيدة من المدرسة الوطنية للإدارة، في موضوع يرتبط بإعداد التراب الوطني، غير أنه كان من الغرابة، أن يلتحق بسلم إداري متواضع، في وزارة البريد، بدلا من أن يشغل وظيفة محررمثلا، في وزارة الوظيفة العمومية، أو الداخلية، غير أنه عرف كيف يستغرق في العمل، ويُبدي نشاطا ملحوظا، في ضبط العديد من الأمور الإدارية، ونسج علاقات جيدة، مع رؤسائه الإداريين، كما أبدى "موهبة" مخدومية خاصة، ليُصبح بعد سنوات قليلة، رئيسا لإحدى مصالح وزارة البريد، وعندما تقلد المحجوبي احرضان منصب وزير البريد، أراد أن يُشكل مجموعة من الأطر الإدارية، ذات الانتماء المازيغي، فوجد في "لعنصر" نموذجا مُناسبا، إلى جانب أسماء أخرى منها "عبد السلام أحيزون" وكان أحرضان، لا يعرف حينها (بداية سنوات عقد السبعينيات من القرن الماضي) شخصيا "امحند لعنصر" بل كان له مدير ديوان نافذ من مدينة "أهرمومو" يُدعى الزبير، وهذا الأخير هو الذي سعى إلى تقديم وتقريب "لعنصر" من أحرضان لكونه - أي العنصر - من نفس منطقته، وكان أن عض ابن "مرموشة" على الفرصة بكامل أسنانه، حيث سرعان ما نال ثقة وإعجاب أحرضان، ليرقيه هذا الأخير، من رئيس مصلحة إدارية، إلى كاتب عام لوزارة البريد. وهنا سيتدخل العامل السياسي الحزبي، في حياة "امحند لعنصر" ليُطوح به في سماء الترقي الاجتماعي والمادي، وذلك ضمن ظروف لعبت فيها الصدفة دورا كبيرا، كيف ذلك؟
في أواخر عقد سبعينيات القرن الماضي، كانت هناك كوكبة نخبة مثقفين أمازيغيين، حوالي أحرضان، الذين كانوا قد حصلوا على مقاعد برلمانية في انتخابات 1977، غير أن هؤلاء سرعان ما اختلفوا مع أحرضان، بسبب حسه الباطرياركي المُفرط، لذا سعى إلى تقريب عناصر جُدد منه، يحذوهم طموح في الترقي الاجتماعي والسياسي، وكان من بينهم "امحند لعنصر" وحصل هذا الأخير أيضا على دعم "بوعزة يكن" الذي كان حينها، كاتبا لوزارة الصيد البحري في مدينة الدار البيضاء، ولم يحل موعد الانتخابات التشريعية لسنة 1983 حتى كان "لعنصر" قد أصبح واحدا، من أبرز الوجوه الشابة في حزب "الحركة الشعبية" لذا كان الطريق مُمهدا أمامه للحصول على منصب حكومي، لكن ذلك تم في ظروف مُلتبسة، أكدت الحس الانتفاعي للرجل، ولو كان ذلك، على حساب خسارة أقرب حلفائه، الذين صنعوا صعوده من أسفل إلى أعلى. وفي التفاصيل، أنه كان قد حصل خلاف بين الحسن الثاني والمحجوبي أحرضان، حينما رفض الأول، كل الأسماء التي اقترحها الثاني للاستوزار، في حكومة المعطي بوعبيد، ومنهم "بوعزة يكن" ليغضب "أحرضان" ويتخذ قرار عدم المُشاركة في الحكومة، غير أن المشكلة، تمثلت في أن حزب الحركة الشعبي، الذي يرأسه احرضان، كان قد حصل على 43 مقعدا في الانتخابات التشريعية، وبالتالي الأزمة الحكومية التي كان سيخلقها، سيما أن "أحرضان" منح حوارا لجريدة "الباييس" الإسبانية حينها، تحدث فيه عن عدم اتفاقه مع الحسن الثاني، في طريقة تشكيل الحكومة، وكان رد فعل الحسن الثاني، أن قام بتعيين "امحند لعنصر" وزيرا للبريد. وتفاقمت أسباب الشقاق بين القصر وأحرضان، حينما حاول هذا الأخير عقد مؤتمر حزبه في مدينة خنيفرة، وهو ما تم رفضه من طرف وزارة الداخلية، وحينما تشبت أحرضان باختياره، قام إدريس البصري بتجميع مجموعة من نواب الحركة، منهم "محمود عرشان" و "سعيد أمسكان" و"محمد اليوسي" ليعقدوا مؤتمرا لحزب الحركة الشعبية بمدينة الرباط، وتنصيب "امحند لعنصر" رئيسا للحزب. وهو ما تم. وعنذئذ أصبح ابن "مرموشة" شخصية نافذة في المشهد الحكومي، كوزير للبريد، ومقربا من القصر، يحظى برعاية كل من "أحمد رضا اكَديرة" مستشار الحسن الثاني، ووزير الداخلية "إدريس البصري". وفي هذه المرحلة صنع "لعنصر" ثروته الطائلة، حيث نال على التوالي رخصا للصيد في أعالي البحار، وبعضا من أجود الضيعات الفلاحية، في منطقة والماس وبركان، ناهيك عن فسح المجال لعدد من شركاته في قطاعات صناعية وفلاحية، للحصول على حصص استيراد وتصدير، وأخرى في مجالات تسويق المنتوجات الصناعية بالسواق المغربية، كما أصبح مالكا لعدد من الحانات في البيضاء والرباط. ويجب أن نُضيف إلى ذلك، أنه أصبح الآمر بالصرف في مالية حزب على درجة كبيرة من الثراء، ففضلا عن الإعانات المادية "السخية" لوزارة الداخلية، هناك عشرات المئات من العقارات، في مختلف المدن المغربية، التي تكون عادة في اسم "الزعيم" وهي ثروة طائلة، لا تُعرف فيها حدود منظورة، بين الممتلكات الشخصية والحزبية، لذا ليس مُستغربا، أن يكون ابن "مرموشة" الذي بدأ حياته موظفا بسيطا في وزارة البري،د في بداية سنوات السبعينيات من القرن الماضي، واحدا من أغنى أغنياء المغرب حاليا و.. الدنيا حظوظ، سيما في بلاد "المخزن والغاشي".
الهامش
- ^ مصطفى حيران. "كيف يغتني السياسيون المغاربة؟". هسبريس.