محمد أحمد المهدي

(تم التحويل من محمد احمد المهدي)
محمد أحمد المهدي
حاكم السودان
Muhammad Ahmad al-Mahdi.jpg
رسم لمحمد أحمد المهدي.
العهد1881–1885
تبعهالخليفة عبد الله التعايشي
وُلِد12 أغسطس 1844
جزيرة لبب، دنقلا
توفي22 يونيو 1885
الخرطوم، السودان
المدفن
الاسم الكامل
محمد أحمد بن عبد الله
الديانةالإسلام

محمد المهدي بن عبد الله بن فحل (1843 - 21 يونيو 1885) زعيم سوداني وشخصية دينية، أعلن نفسه المهدي المنتظر وادعى التكليف الإلهي بنشر العدل ورفع الظلم، ثار على الحكومة المصرية في السودان وانهى حكمها في السودان وقتل حاكمها العام غوردون باشا. اتبعه كثير من أهل السودان وسماهم بالأنصار. توفي بعد استيلائه على الخرطوم بأشهر قليلة وانتهت دولته بالغزو الإنجليزي المصري للسودان ومقتل خليفته التعايشي.

مولده ونسبه

ولد عام 1259 هـ وقيل 1250 هـ [1] الموافق عام 1843م وقيل 1844 [2] جزيرة لبب بمدينة دنقلا في شمال السودان بجزيرة الأشراف، لأسرة من الدناقلة تنتسب إلى سلالة الحسن بن علي حفيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم... الجدير بالذكر ان جده الشيخ حاج شريف بن علي ( ابو العشرة جد المئة ) كان قد ذاع صيته كرجل صالح في جزائر الاشراف بلبب هو مدفون بشرق جزيرة لبب فيما يعرف عند اهالي المنطقة باضرحة الاشراف . والده السيد عبدالله بن فحل اشتهر بحرفة صناعة المراكب وانتقلت اليه عمادة الاسرة الكبيرة بالتتابع من جده الشيخ حاج شريف بن علي اما والدته فهي السيدة زينب بنت نصر محمد الشقلاوي وترجع باصولها لقبيلة الجعليين بمنطقة " الشقالوة" بشمال السودان.[3]. له ثلاثة اشقاء ذكور وهم بالترتيب : السيد محمد ( 1834-1882) والذي استشهد في موقعة تحرير مدينة الابيض" ضد الاحتلال التركي المصري" ..السيد حامد ( 1839-1881) استشهد في موقعة قدير في اوائل سنوات الثورة المهدية ..والسيد عبد الله الشقيق الاصغر( 1855--1882) والذي استشهد ايضا في موقعة تحرير الابيض في العام 1882 مع شقيقه محمد وابن اخيه احمد بن السيد محمد.. وللمهدي شقيقة واحدة وهي السيدة نور الشام( 1850-1880) زوجة الشيخ محمد العرضي الجعلي و توفيت قبل قيام الثورة المهدية وليس لها عقب .[4].


نشأته وتعليمه

انتقلت الأسرة وهو طفل إلى بلدة كرري شمال أم درمان حيث توفي والده بعد وصولهم بقليل، تعلم القراءة والكتابة وتلقى تعليمه في خلاوي الخرطوم وقد حفظ القرآن الكريم وهو في الثانية عشرة من عمره، وبعد وفاة والده عمل مع إخوانه في نجارة السفن. ثم اتجه إلى التعليم الديني فتتلمذ على يد الشيخ محمد الخير في خلاوي الغبش بمدينة بربر. ثم التحق بالطريقة السمانية وتتلمذ على الشيخ محمد شريف نور الدايم عام 1871م وتقدم بسرعة في مسالك الطريق. ثم انتقل ليعيش حياة الزهد في كهف بمنطقة الجزيرة أبا قربب عمه أحمد شرفي وتزوج ابنته.

استمر بزيارة شيخه حتى اختلف معه لاحتفاله بختان أبنائه بصورة لم يتقبلها تلميذه الزاهد فطرده الشيخ وأقصاه، وقيل طرده لأنه أسر له بإدعاء المهدية ولم يرتض نصح شيخه الذي أصدر منشوراً يصف الحادثة ويتبرأ فيه من تلميذه [1].

فالتحق بالشيخ قرشي ود الزين في المسلمية بالجزيرة وهو منافس للشيخ محمد شريف في الطريقة السمانية الذي آواه واحتضنه وقيل آمن بمهديته[1] ونصحه بالسياحة لاستكشاف الأرض لدعوته فساح كردفان ووجد في أهلها استعداداً لنصرته. في أثناء عمله ببناء قبة على قبر شيخه التقى بعبدالله التعايشي الذي أخبره (كما أخبر الزبير باشا ومحمد شريف نور الدايم من قبل) بأنه رأى رؤيا خلاصتها أنه المهدي المنتظر وأن عبدلله هو حواريه الأول ونشأت بينهما صداقة وثيقة وفيما بعد سيكون خليفته في الدعوة المهدية.

نموذج لزي أحد أنصار المهدي

الدعوة المهدية

تقدم الثورة المهدية عام 1885.

ما قبل المهدية

بدأ المهدي في مرحلة مبكرة بإظهار امتعاضه من الأحوال في السودان من حيث الفساد الحكومي المتفشي في الحكم المصري ومظاهر البعد عن الدين والمجاهرة بالمعاصي، ودعا الناس إلى الزهد والتمسك بالدين والبعد عن المعاصي، وقد ذاع صيته واجتمع حوله عدد من الأتباع والمريدين الذين يعرفون في السودان بالحواريين، وصار كهفه في الجزيرة أبا مزارا لطالبي الوعظ والبركات. ويظهر فكره في خطاب أرسله إلى القاضي الضو بن سليمان قاضي فشودة يقول فيه:

«...فكامل الوصايا لي ولك بتقوى الله العظيم التي أوصى بها كافة الأمم، وقد علمت يا حبيبي أن الدنيا سريعة الانقضاء وكل ما فيها مصحوب بكسفة الفناء والفراق ومخلوط بماء الندامة الا ما كان لله، قال :"الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان منها لله"...[5]»

تكليفه بالمهدية

اعتقد المهدي بتكليفه من الله عز وجل بالقيام بمهام الثورة المهدية. واعلن انه قد وصلته اوامر إلهية ونبوية عن طريق الرؤى في المنام والهواتف في حال اليقظة. يقول المهدي في خطابه إلى محمد الطيب البصير بتاريخ 4 نوفمبر 1880:

« لايخفى عزيز علمكم أن الأمر الذي نحن فيه لا بد من دخول جميع المومنين فيه الا من هو خالي من الإيمان، وذلك مما ورد في حقايق غيبية واوامر إلهية وأوامر نبوية أوجبت لنا مهمات صرنا مشغولين بها...

...و ثم تواترت الأنوار والبشاير والأسرار والأوامر النبوية والهواتف الالهية باشارات وبشارات عظيمة...[5]»

الدعوة السرية

بعد عودته من المسلمية ولقائه بالتعايشي بدأ محمد أحمد بالدعوة السرية للمهدية فآمن به كثيرون من قبائل دغيم وكنانة بمعاونة علي ود حلو الذي سيصبح لاحقاً خليفته الثاني. بدأ امره بالانتشار حتى تسامعت به الحكومة واستدعاه مدير فشودة وسجنه لفترة ثم أطلقه وذلك في أوائل 1295 هـ. أصدر المهدي بعد ذلك منشوره الشهير بمنشور الدعوة الذي شرح فيه دعوته وتكليفه بالمهدية. فأرسل الحكمدار محمد رؤوف جماعة من معاونيه يرأسهم أبو السعود بك العقاد إلى الجزبرة أبا لإحضار المهدي الذي أقر بمهديته أمامهم ولم يحسن استقبالهم.[1]

فكره

الدولة المهدية (1881 – 1898)

ظهر تأثره بمحي الدين بن عربي وأحمد ابن إدريس وكرر ذكرهم في العديد من منشوراته.[5] فقد تأثر بالصوفية من خلال أخذ البيعة والإيمان بكرامات الأولياء الصالحين كما أثرت به في اعتقاده بانه المهدي المنتظر وتلك الفكرة التي ادعاها لم يقرها عديد من علماء عصره.

كرر كثيرا الدعوة إلى الزهد والثقة بالله وذكر خواء الدنيا وفناءها وحض اتباعه على لبس الخلق والمرقع من الثياب. منع النساء عن الذهب والفضة وشجعهن على "المشاط" البسيطز ومنع الشتم والألفاظ المسيئة منعا باتا. وتشدد في منع الدخان والخمر والحشيش. بسط اجراءات الزواج ومنع الرقص والمعازف وغلاء المهور والبذخ في الولائم. وبالمثل فقد منع النياحة على الأموات. أحرق كتب المذاهب وأجبر الناس على قراءة راتبه.[2]

برغم حياته القصيرة (1843-1885) خلف كما هائلا من الخطابات والمنشورات، كما كان يعقد المجالس التي يذاكر فيها بالعلوم الدينية. وقد أخرجت آثاره في سبع مجلدات ضخمة بتحقيق الدكتور محمد إبراهيم أبو سليم.

خلفاؤه

ضريح المهدي في أم درمان

كعادته في توخي السيرة والتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم أعلن نفسه خليفة له وكتبها في رايته وسمى أصحابه أنصاراً وعين لنفسه أربعة خلفاء شبههم بالخلفاء الراشدين[2]:

  1. الخليفة الأول عبد الله التعايشي وهو بمنزلة أبي بكر الصديق من المهدي
  2. الخليفة الثاني على ود حلو شيخ قبائل دغيم
  3. الخليفة الثالث فقد عرض المنصب على شيخ السنوسية بالجزائر الذي رفضه ولم يعين أحدا مكانه فظل المنصب شاغرا
  4. الخليفة الرابع بمنزلة علي كرم الله وجهه فقد اختص به محمد شريف أحد أقاربه الشباب

الأوامر الإلهية والحضرة النبوية

FIAV 111111.svg نسبة العلم: 1:2

يذكر المهدي إجتماعه بالنبي في الحضرة النبوية وهو في حال اليقظة ويدعي أخذ الاوامر منه مباشرة وأحيانا يذكر إجتماعه بنبي الله الخضر والشيوخ الأموات السابقين لعصره والملائكة كعزرائيل. وأهم الأحكام التي اشتقها من اجتماعه بالنبي هو تكفير من لم يؤمن به وما يشير إلى عصمة التعايشي وغيرها. حيث يقول في خطابه إلى محمد الطيب البصير في 30 يونيو 1880

«فيأتي النبي ويجلس معي ويقول للأخ المذكور" شيخك هو المهدي، فيقول اني مومن بذلك، فيقول : من لم يصدق بمهديته كفر بالله ورسوله قالها ثلاث مرات»

ويذكر في منشور عرف بمنشور الدعوة:

«...واعلمني النبي بأني المهدي المنتظر وخلفني بالجلوس على كرسيه مراراً بحضرة الخلفاء والأقطاب والخضر وجمع من الأولياء الميتين وبعض من الفقراء الذين لا يعبأبهم، وقلدني سيفه وايدني بالملائكةالعشرة الكرام وان يصحبني عزرائيل دايما، ففي ساحة الحرب امام جيشي وفي غيره يكون ورائيا، وان يصحبني الخضر دايما ويكون امامنا سيد الوجود وخلفاؤه الأربعة والأقطاب الأربعة وستين ألف ولي من الأموات[5]»

وهو مما أخذه عليه علماء عصره كالشيخ الأمين الضرير[6]. وقد بنى المهدي دولته على مثل هذه الأحكام واستحل واتباعه دماء واعراض معارضيه بدعوى كفرهم بالمهدي وبالتالي كفرهم بالله ورسوله.


المهدي وعبدالله التعايشي

كان للتعايشي كبير الأثر في الحركة المهدية خلال حياة المهدي وبعد وفاته، حيث يذكر الزبير باشا أنه التقى التعايشي قبل الثورة وأن التعايشي أسر للزبير بأنه-أي الزبير- هو المهدي وان التعايشي سيكون من أتباعه. فكذبه الزبير وأمر بقتله إلا أن العلماء من مستشاري الزبير لم يقروا قتله فاطلقه الزبير وصرح بندمه على ذلك بعد قيام الثورة المهدية.[7]

صرح المهدي بأن خليفته التعايشي ولي من أولياء الله وأنه بمنزلة أبي بكر الصديق وأن النبي الخضر وزيره وشهد له بالعصمة فقال:

«واعلموا أن جميع أفعاله وأحكامه محمولة على الصواب لأنه أوتي الحكمة وفصل الخطاب»

وخوف من عارضه بخسران الدنيا والآخرة حين قال:

«ومن تكلم في حقه ولو بالكلام النفسي جزما فقد خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ويخشى عليه من الموت على سوء الخاتمة والعياذ بالله...وان رأيتم منه أمرا خالفا في الظاهر فاحملوه على التفويض بعلم الله والتأويل الحسن واعتبروا ياأولي الأبصار بقصة موسى والخضر عليهما الصلاة والسلام[5]»

فأعطاه المهدي سلطة مطلقة على أتباعه وجعل طاعته من طاعة الله ورسوله وان خالف الشريعة.

وفاته

توفي بحمى التيفوئيد في أم درمان في يوم الإثنين الموافق التاسع من رمضان سنة 1302 هـ الإثنين 22 يونيو 1885م الساعة الرابعة مساء. خلفه الخليفة عبد الله بن السيد محمد الملقب بالتعايشي. وقد حكم البلاد حتى غزاها جيش الغزو الثنائي بزعامة الجنرال الانجليزى كتشنر وكانت معركة كرري الحاسمة في يوم الجمعة 2 سبتمبر 1899م، وهي المعركة التي اشتهرت لدى البريطانيين (بمعركة أم درمان). شكلت المهدية ثورة وطنية وتحررية ودينية بالغة الأثر في السودان برغم قصر مدتها في الحكم والذي استمر خمسة عشر عاما.

أنظر أيضاً

المصادر

  1. ^ أ ب ت ث السودان بين يدي غردون وكتشنر, إبراهيم فوزي باشا, طبعة المؤلف ودار المؤيد, 1319 هجرية,http://www.archive.org/stream/kitabalsudan01fawzuoft#page/n796/mode/2up
  2. ^ أ ب ت المهدية تاريخ السودان الإنجليزي المصري 1881-1899 تأليف أ ب ثيوبولد، ترجمة محمد المصطفى حسن عبد الكريم، مركز عبد الكريم مرغني الثقافي
  3. ^ تبصرة وذكري ..سياحة في راتب الامام المهدي للبروفيسور موسي عبدالله حامد
  4. ^ مقال بعنوان (اشقاء المهدي ..شهداء الثورة المهدية الاوائل) للدكتور محمد المصطفي موسي ..نشر بجريدة الاخبار السودانية بتاريخ 10 اغسطس 2009
  5. ^ أ ب ت ث ج منشورات المهدية، تحقيق محمد إبراهيم أبو سليم، دار الجيل بيروت 1979
  6. ^ ويسألونك عن المهدية، الصادق المهدي، نسخة إلكترونية
  7. ^ الزبير باشا ودوره في السودان في عصر الحكم المصري - د. عز الدين إسماعيل، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سلسلة تاريخ المصريين 113

المراجع


  • David Levering Lewis, "Khalifa, Khedive, and Kitchener" in The Race for Fashoda. New York: Weidenfeld & Nicolson, 1987. ISBN 1-55584-058-2
  • Winston Churchill, "The River War: An Account Of The Reconquest Of The Sudan", 1902, available at Project Gutenberg.
  • THE MAHDIYAH, 1884-98, at the Library of Congress-Country Studies
  • Fergus Nicoll, The Sword of the Prophet:The Mahdi of Sudan and the Death of General Gordon, The History Press Ltd, 2004, ISBN 978-0-7509-3299-8
  • John Obert Voll, The Sudanese Mahdi: Frontier Fundamentalist, International Journal of Middle East Studies 10 (1979), p. 145–166

قراءات إضافية

  • Mohamed Hassan Fadlalla, Short History of Sudan, iUniverse, (30 April 2004), ISBN 0-595-31425-2
  • Mohamed Hassan Fadlalla, The Problem of Dar Fur, iUniverse, Inc. (July 21, 2005), ISBN 978-0-595-36502-9
  • Mohamed Hassan Fadlalla, UN Intervention in Dar Fur, iUniverse, Inc. (February 9, 2007), ISBN 0-595-42979-3

وصلات خارجية