شارل گيان
شارل گيان Charles Guillain (و.) هو أحد ضباط البحرية الفرنسية ومن الرواد المشهورين الذين تحدثوا عن الصومال والبلاد الواقعة على الميط الهندي ، وقد بدأ رحلاته على سواحل الصومال في عام 1262هـ -1864م ،1264هـ -1848م وقام بزيارة مدينة حافون ،و وارشيخ ،ومقدشوه ، ومركه ،وبراوه وغيرها من المدن الصغيرة.
وقد أقام جوليان في منطقة قليدي التي كان من الصعب على أجنبيي أوربي أن يدخلها ،ولكنه صمم على زيارتها رغم النصائح التي قدمها إليه أعيان مقدشوه من عدم التوجه إلي قليدي ،غيرأنه استعان بأحد أشراف مدينة براوه وهو السيد فلتيني الذي كتب رسالة للسلطان يوسف سلطان قليدي صديقه الحميم بأن يسمح للأوربي بزيارة قليدي.
وقام جوليان بأعداد قافلة من الصوماليين وبعض العرب ثم اتجه بها إلي قليدي ،و بعد أن قام بزيارتها كتب كتابه عن الصومال وهو عبارة عن وثائق تاريخية وجغرافية وتجارية عن أفريقيا الشرقية وقد طبع في باريس عام 1856 وفيه معلومات قيمة عن اخبار هذه المنطقة لمن يريد استثمارها، ويعتبر مرجعا هاما في تاريخ هذه الفترة ،وكان لانتشاره في فرنسا أثر كبير في جذب أنظار الفرنسيين وغيرهم نحو الصومال.
وقد ذكر جوليان عن مقدشوه أنها تتكون أساسا من ضاحيتين بينهما فراغ كبير حيث يوجد قوس كبير ومنارة تسمي جاكا جاكا Jaca Jaca في المكان الذي يحتله القوس الروماني الأن، وكان مكتوبا على هذه المنارة باللغة العربية (في 19 شعبان 1268 هـ 9يونيو1852).
وتحدث جوليان عن سكان مقدشوه بأن تعدادهم يصل إلي خمسة آلاف نسمة ،وسكان الضاحيتين في شجار دائم ،ويزعم ضاحية حمروين الشيخ مؤمن ،أماضاحية شنغاني فعليها الأمام أحمد على ، وكلاهما تحت حكم سلطان زنجبار. وبعد أن تحدث عن عادات مقدشوه القديمة قال :ِِِ(أن أهم ما أسترعي نظرى هو طبخ البن (حبوب البن ) مع السمن أو سليط (زيت ) السمسم ). وذكر عن سلطان قليدي أنه رجل مشهور، وله سلطة كاملة على طول وادى شبيلي ،و أوديقلي ،وجميع ناحية دافيت ،ولسلطنة قليدي مجلس شورى من الزعماء يقوم بإنتخاب من يتولى سلطنة البلاد ، ومن حق السلطان تعيين القاضى العالم بالدين الأسلامي الحنيف ليحكم بين الناس وفق الشريعة الإسلامية. و ذكر أن قليدي تتكون من ثلاث ضواح، اثنتيين منها على الضفة اليمني للنهر ،والثالثة إلي الشمال، وأغلب سكانها رعاة أصحاب ماشية ولهم زراعة في أصناف الذرة. ويذكر جوليان أن أخا السلطان المدعو يوسف بن محمود يقوم بأعمال رئيس الوزراء لكافة شئون الدولة ، ويكون نائبا عن السلطان أثناء غيابه ، وخلال فترة وجود جوليان في قليدي كان يوسف بن محمود يعد جيشا لقمع أهل بارديرا وبراوة و اخضاعهما لنفوذ سلطان قليدي.
ويذكر جوليان أن مدينة براوه تختلف أختلافا كبيرا عن مدينة مقدشوه ، فقد أصبح لبراوة منازل حجرية ،ولكل منزل حديقة جميلة ،والمنازل على مسافات متباعدة عن بعضها البعض ،و للمدينة خمسة آبار للمياه أحدها خاص بمسجد سيدنا عمر وهو ذو ماء عذب و ذكر عن تعداد يروه أنه نحو خمسة آلاف نسمة أى كتعداد سكان مدينة مقدشوه. ويذكر جوليان أن من عادات شعب براوه أن يمسك الرجال بعصى خفيفة أثناء خروجهم بعيدا عن مساكنهم ، وأن لشعب براوه حكما يشبه الحكم الجمهورى في عام 1850 (1226هـ) لأنه يتكون من رؤساء الأحزاب و يسمي المجلس الأعلى الذي يقوم بالانتخاب فيما بينهم، وكان للرئيسين الحاج عويس والشيخ ديربن عمر سمعة طيبة في نفوس الناس وأعمال مجيدة من أجل السكان و الأرض.
وكان لأهل براوه تجارة واسعة مع بلاد العرب كما كانت السفن الأوروبية و الأمريكية تصل إلي براوه من أجل الحصول على العاج و الجلود و ريش النعام.