عبد الفتاح ابراهيم

(تم التحويل من عبدالفتاح ابراهيم)
عبد الفتاح ابراهيم
عبد الفتاح ابراهيم.jpg
وُلِدَ1904
توفي2003
المدرسة الأمالجامعة الأمريكية في بيروت
جامعة كلومبيا
المهنةعالم اجتماع
الأنجالسنان وسمير وسعد وسوسن وسحر وسرى وسلوى

عبد الفتاح إبراهيم (1904 - 2003) هو رائد الفكر الاجتماعي ومؤلفات علم الاجتماع في العراق. فعلى الارجح يكون هو اول من ألف كتابا في صلب علم الاجتماع فمن هذه الكتب: مقدمه في الاجتماع، مطبعة الأهالي، بغداد، 1939. بحجم 223 صفحة. ودراسات في علم الإجتماع، والاجتماع والماركسية. عبد الفتاح ابراهيم هو مؤسس حزب الاتحاد الوطني ومن مؤسسي مؤسسة الرابطة الثقافية وجميع الجمعيات التي تفرعت عنها واهمها جمعية محو الأمية .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

ولد في عام 1907 في مدينة الناصرية, حيث كان والده يشغل وظيفة واعظ في جامع فالح باشا السعدون، غرب الفرات. بعدها انتقلت العائلة إلى البصرة قبيل الحرب العالمية الأولى سنة 1914، وفيها نشأ عبد الفتاح وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة. وأكمل دراسته الثانوية في بغداد سنة 1920 – 1924, ثم سافر إلى بيروت في عام 1924 للدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت وكان أول كتاب قرأه هناك للكاتب الأمريكي الليبرالي كارلتون هايز Carlton J.H. Hayes بعنوان. "تاريخ سياسي واجتماعي لأوروپا المعاصرة" وكان حينذاك أول مرة يسمع فيها عن الاشتراكية التي أصبحت أحدى اللبنات الأساسية في تشكيل تفكيره.

بعد إكمال دراسته في بيروت عاد إلى بغداد ليعمل في حقل التعليم, ولكنه لم يستمر في ذلك إذ سافر إلى أمريكا عام 1930 لإكمال دراسته العليا في جامعة كلومبيا. لكنه وبعد ستة أشهر اضطر للعودة إلى العراق لأسباب عائلية قبل أن يكمل دراسته ، وفي سنة 1932 عمل في ميناء البصرة.

كان عبدالفتاح إبراهيم منذ شبابه مهموماً ومهتمّاً بكيفية إصلاح الوضع السياسي والثقافي والاجتماعي في العراق اعتماداً على العلمية والمعاصرة والتقيّد بمصالح الشعب .

ومن أولى نشاطاته في هذا الباب تأسيس( جمعية النشئ العراقي ) عندما كان في بيروت ، وبعد مجيئه إلى بغداد أسس بالتعاون مع بعض الشباب المثقف (جماعة الأهالي) التي عدها بعض الباحثين أول تجمع معارض مركزاً اهتمامه على القضايا الاجتماعية والاقتصادية ودعا إلى الحريات السياسية في العراق ، وقام سنة 1937 وبالاتفاق مع بعض أصدقائه ، وهم : عبدالرسول الخالصي وسليم رؤوف ، بإصدار مجلة نصف شهريّة في بغداد بعنوان ( العصر الحديث ) وعطّلت في سنة 1938م ، كما أنه أسّس سنة 1944م ( جمعية الرابطة الثقافية ) التي كانت تضم جمعاً من اليساريين ممّن انشق على الأحزاب الشيوعية السريّة ، أو رجّح الاشتغال العلني دون السر ، أو كان يحمل العقيدة الماركسية دون أن ينضم إلى حزب من الأحزاب السريّة أو العلنية ، مثل : عبدالجبار عبدالله ، وعبدالله مسعود القريني ، والشاعر المشهور محمد مهدي الجواهري ، وصدرت في الجمعية مجلة بعنوان (الرابطة) صدر العدد الأول منها في 26 / 3 / 1944م ، وأسّس شركة الرابطة للنشر والطباعة .


تأسيس الحزب

التيار الفكري

قالب:صاحب الفضل الرئيسي ينتمي عبد الفتاح إبراهيم إلى الرعيل الأول للجماعات التنويرية في تاريخ العراق الحديث، حيث يمثل مدرسة فكرية وسياسية. تلتقي مع جميع الحركات التقدمية والشخصيات الوطنية العراقية، (حسين الرحال، محمود أحمد السيد، عبد القادر إسماعيل، كامل الجادرجي ومحمد حديد وجميل توما، وعبد الله بكر وعلي حيدر سلمان وشيت نعمان).[1]

كان عبد الفتاح ابراهيم يسعى الى ايجاد صياغة جديدة للفكر الديمقراطي تتوافق مع خصوصيات المجتمع العراقي ولا تتصادم مع الارث الحضاري والديني والبنيات المجتمعية، فقد سعى من خلال اطروحاته الفكرية في (الشعبية، الديمقراطية، دولة القانون والحكم الدستوري) تأسيس قاعدة التمثيل النيابي كاطار للدولة المدنية،فضلاً عن ذلك دعا عبد الفتاح الى حماية حقوق الانسان، ورفض الاعتراف بوجود صراع طبقي في المجتمع العراقي آنذاك، كما رفض اسلوب العمل الثوري الراديكالي للتغيير السياسي، واعترفت اطروحاته الفكرية(الشعبية) بتنظيمات الاسرة والدين والوطنية وفي ترجماته لممارسات الزعيم الهندي المهاتما غاندي في مجال اللاعنف والعصيان المدني، كان يسعى الى اخراج المجتمع العراقي من السلوكيات العنفية المترسبة داخل الافراد والجماعات.

اسهامات فكرية

قدم عبد الفتاح ابراهيم اسهامات كبيرة للثقافة العراقية، ففي العام 1930 اصدر كراس (مبادئ الشعبية) وقد تبنت هذه الوثيقة جماعة الاهالي، وكما يقول عبد الغني الملاح (يعد هذا الكراس اقدم اطروحة سياسية واقتصادية معروفة في تاريخ العراق الحديث تصلح ان تكون النواة التي تحمل كل شروط النمو من اجل تطور الحركة التنويرية والديمقراطية في العراق. اشترك عبد الفتاح ابراهيم ومحمد حديد وعلي حيدر سليمان في اصدار كتاب (الجذور الفكرية للحركة الشعبية الديمقراطية في العراق) وترجم (ابراهيم) كتاب التربية والتعليم في الاتحاد السوفيتي العام 1932 و(غاندي) العام 1933 وكتباً في علم الاجتماع، مقدمة في الاجتماع العام 1939 ودراسات الاجتماع 1950.

جماعة الأهالي

في مذكرات كامل الجادرجي يقول (مما لاشك فيه ان السيد عبد الفتاح ابراهيم) يدين اصلا بالماركسية وثقافته كلها مستمدة من الماركسية، غير انه لما كان يعلم بعدم امكان تصريف الماركسية في هذا البلد، فقد حاول مراراً ان يطور الماركسية حسب ظروف العراق فاراد في بدء اشتغالاته السياسية ان يبتدع نظريات جديدة كانت دائما تنقصها الجرأة والصراحة، بالاضافة الى ذلك يعطي لشخصه المقام الاول في جميع اشتغالاته ومحاولاته الخاصة، فهو يعد نفسه زعيم الحركة الفكرية في العراق.

يعود تشكيل (جماعة الاهالي) الى رافدين رئيسين كما يقول عامر حسن فياض، الرافد الاول: تمثل جناحا من اجنحة تلك الجمعية التي اسسها الطلبة العراقيون في الجامعة الاميركية في بيروت العام 1924 – 1925 وعلى رأسهم كان عبد الفتاح ابراهيم و محمد حديد وجميل توما و درويش الحيدري و نوري روفائيل، وفي العام 1926 اصبح عبد الفتاح ابراهيم رئيسا للجمعية، وتحول نشاط تلك الجمعية الى الحقل السياسي الى حد ما يواكب من هناك الحركة الوطنية العراقية، ونتيجة لمضايقات ادارة الجامعة الاميركية وتشدد الرقابة عليها، اتجه عبد الفتاح ابراهيم وصحبه الى تأسيس جمعية اخرى باسم (النادي العراقي) من اجل مواصلة هذه الكتلة اجتماعاتها خارج الجامعة، وفي هذا النادي انبثق تنظيم سري يترأسه عبد الفتاح ابراهيم ويضم كلا من: محمد حديد، وعلي حيدر سليمان، ونوري روفائيل، وجميل توما، وعبد الله بكر ودرويش الحيدري، واصبح هذا التنظيم نواة التفكير السياسي بالنسبة لهذه الكتلة.

اما الرافد الثاني : فيتمثل بالطلاب الذين اسهموا في تظاهرات قضية النصولي وتظاهرات ضد زيارة الصهيوني الفريد موند وعلى رأسهم عبد القادر اسماعيل، وحسين جميل، بالاضافة إلى خليل كنه وجميل عبد الوهاب، بعد عودة عبد الفتاح ابراهيم من اميركا العام 1930 اتصل بأعضاء التيار الثاني وعمل جاهدا لتوحيد التيارين الوطنيين، بعد اندماج كتلتين هما (كتلة بغداد) و(كتلة بيروت) وسمي هذا التجمع بـ(جماعة الاهالي).

في صيف العام 1931 عاد محمد حديد الى بغداد بعد تخرجه من جامعة لندن في العلوم الاقتصادية والسياسية، وبالنظر لسبق العمل المشترك بين محمد حديد وعبد الفتاح ابراهيم في الشؤون العامة وهما طالبان في الجامعة الاميركية، فان عبد الفتاح فاتح محمد حديد بالاحاديث بشأن اصدار جريدة يومية سياسية التي اصبح اسمها (الاهالي) يقول حسين جميل: بحثنا في احاديثنا الموضوع من كل جوانبه (المبادئ الاساسية والاجتماعية والاقتصادية وافكارنا في الشؤون العامة ودعوتنا واهدافنا التي نريد تحقيقها وان تكون الجريدة وسيلة من وسائل الوصول اليها)ويضيف الدكتور محمد عويد الدليمي: من خلال استقراء برنامج (جماعة الاهالي) نجدها تقترب من الديمقراطية باعتدال حين تؤكد قيام الدولة بوضع خطة اقتصادية تنسجم مع وضع البلاد وحاجات الشعب وتأمين سيطرتها على الصناعات المهمة وتشجيع الجمعيات التعاونية وتقريب الفروق الاقتصادية وتعترف بالدين وحرية الفرد في مزاولة عقائده والسعي للاحتفاظ بالنظام العائلي وتقترب من الفكر الليبرالي، من خلال التأكيد على حق الفرد واحترام ملكيته وتأكيدها على النظام البرلماني للحكم. الجذور الفكرية

يتألف كتاب (الجذور الفكرية للحركة الشعبية الديمقراطية في العراق) من عشرة موضوعات وتقع في سبع ابواب وقد حرر الكتاب عبد الفتاح ابراهيم فيما كتب علي حيدر سلمان الباب الثاني تحت عنوان (القومية) اما الباب الرابع (الاستعمار) فقد كتبه محمد حديد وقد صدر الكتاب في العام 1933 عن مطبعة الاهالي في الباب الاول (الشعبية في المبادئ السياسية الحديثة) يحلل عبد الفتاح ابراهيم المبادئ السياسية التي سادت بين شعوب العالم المتمدن في العصر المتأخر كالقومية والديمقراطية والاشتراكية وكذلك الاستعمار الذي كان له في هذه المبادئ التأثير الكبير.ويسرد عبد الفتاح ابراهيم في هذا الفصل المسار السياسي في العصرين القديم والمتأخر في المجتمعات الاوروبية والصينية والهندية واليونانية، ويبين ان المدة بين ظهور الانسان على البسيطة والقرون الحديثة كانت مليئة بمختلف الآراء والمبادئ والنظم السياسية.

وفي الباب الثاني يحلل علي حيدر سليمان ظاهرة (القومية) حيث يرى أن المجتمع البشري ينقسم بحواجز افقية الى طبقات اقتصادية وحواجز عمودية الى اقوام وملل، ويرى حيدر سليمان ان الثورة الصناعية كانت سببا من أسباب انتشار القومية، اذ انها قربت بين اجزاء المملكة الواحدة وزادت في احتكاك الناس مع بعضهم، فوحدتهم كما انها قربت بين الامم المختلفة وصادمتهم مع بعضهم، الصدام بين الامم ادى الى نمو الروح القومية، كما ان اتصال الثقافات المختلفة ادى الى شعورها بما بينها من فروق والى تميزها، ويعتقد رنيان أن الركنين الأساسيين اللذين يستند اليهما هذا الشعور هما وحدة الماضي والاشتراك في ذكرياته والرغبة في الاحتفاظ بهذه الوحدة التاريخية وادامتها في المستقبل، اما في (خلاصات الشعبية) لعبد الفتاح ابراهيم وهي المبادئ التي اسست عليها (جماعة الاهالي).

الشعبية

تمثل وجهة نظر في اصلاح اجتماعي يستهدف ضمان الاطمئنان والرفاه والتقدم على اساس فسح مجال المساواة للجميع وضمان حقوق الفرد، حق الحياة وحق الحرية والمساواة وحق العمل بما يتناسب وقابلياته الطبيعية، اما حق الحرية فهو ضمان يمتع الفرد بحريته الشخصية ضمن حدود القانون وافساح مجال التكامل الفكري والروحي، وتقديم ثمرات افكاره وتجاربه الشخصية الى المجتمع لفائدة المجموع.

الدولة وحقوق الفرد في الشعبية

تقوم العلاقة بين الفرد والدولة في الشعبية على اساس حفظ التوازن بين سلطة الدولة من جهة وحقوق الفرد المقررة من جهة اخرى يقصد تحقيق الحد الاعظم من النظام والتعاون والتقدم. ويعد التوازن في الشعبية من اعظم مقومات المجتمع والاخلال به من جانب السلطة في الدولة يؤدي الى الاستبداد، كما ان الاخلال به من جانب الفرد يؤول الى الفوضى ويضر بالصالح العام لذلك فالمصلحة العامة في الشعبية هي الاساس ومن مقومات التوازن بين حقوق السلطة وحقوق الفرد تمتع الهيئة القضائية بالحرية التامة في مقاضاة الهيئات والافراد وضمان المساواة امام القضاء للجميع.

الحكومة في الشعبية

هي مؤسسة تقوم بشؤون الدولة لخدمة السواد الاعظم وتنظيم ومراقبة تعاون الافراد والهيئات، فمن واجبات الحكومة الاساسية في الشعبية سيطرتها على الحياة الاقتصادية سواء بتنظيم الانتاج والاستهلاك او بفرض الضرائب والحيلولة دون تراكم الثروة بأيدي طبقة معينة او بضعة افراد ما يؤدي الى سيطرتهم وتوسيع نفوذهم في الشؤون العامة ويخل بالتوازن الاقتصادي في المجتمع، ويرى عبد الفتاح ابراهيم ان هذه السيطرة تتطلب قيام الحكومة بالمشاريع الاقتصادية العامة التي تكون بطبيعتها مشاريع انحصارية تتعلق بالحياة العامة، سيطرت الحكومة بطريقة اشتراكها في المشاريع التي تتعلق بالحاجات الحيوية التي تتعلق بالطعام والشراب والمسكن والمشاريع الاقتصادية الكبرى وتنظيم ومراقبة انتاج مختلف الحاجات الاخرى التي لا يمكن حصرها في مشاريع ومؤسسات عامة، مع ضمان سير المجتمع على خطة اقتصادية معينة.

السيادة في الشعبية

هي السلطة العليا والنهائية في تقرير شؤون المجتمع الاساسية وهي على نوعين: خارجية تتعلق بالصلات الخارجية وبالتعامل بين الدول وتسمى بالاستقلال وداخلية تتعلق بادارة شؤون الدولة داخل البلاد وتكون ارادة الشعب هي الحاكمة في الشؤون العامة، وسيادة الشعب من اهم الاسس التي تقوم عليها الشعبية، اي اظهار ارادته في الشؤون العامة وجعل الحكومة قائمة لتحقيق منافعه وصيانة حقوق الفرد، وتتطلب هذه السيادة وجود هيئات تمثل الفلاحين والعمال وسائر الطبقات، تمثيلا حقيقيا، قصد اظهار ارادة الشعب، تمكين الافراد من الثقافة والمعرفة في الشؤون العامة وتقليل الفروق الاقتصادية بين افراد المجتمع بحيث لا تكون متفاوتة يحول دون التمتع بالمساواة السياسية.

تعد تجربة (الرابطة) التي تأسست في العام 1944 انموذجا للديمقراطية الشعبية في نقل النظرية الى حيز التطبيق المؤسساتي، حيث تم انتخاب اول هيئة ادارية لها، كان عبد الفتاح ابراهيم مديرا لادارة الجمعية والنادي، وكان مقرها في النادي الملكي وقد صدرت عن الجمعية مجلة (الرابطة) وتألفت جمعية الرابطة الديمقراطية من مجلة وناد ولجنة التأليف والنشر ولجنة المحاضرات والمناقشات ولجنة مكافحة الامية ورابطة الدفاع عن حقوق المرأة ودار التوزيع والنشر ومكتبة ومطبعة. كان الغرض من هذه الجمعية بث الثقافة والروح الديمقراطية وتشجيع النشاط العلمي والاجتماعي بكل ما ينشر لها من الوسائل المشروعة كاصدار النشرات والبحوث واعمال التأليف والترجمة والقاء المحاضرات واقامة اجتماعات البحث والمناقشة والمساهمة بأعمال مكافحة الامية والخدمات الاجتماعية والتعاون مع المؤسسات التي تماثلها في الاهداف، فضلا عن ذلك ان الجمعية لا تتدخل في السياسة وفي الامور الدينية، غير ان السلطة آثرت تصفية الحريات الديمقراطية في العراق بعد اتفاقية جبر-بيفن وغلق حزب الاتحاد الوطني وتصفية الجمعيات والروابط اتجه للتجـارة والصناعة.

تأسيس الحزب

في الثاني عشر من آذار سنة 1946م تقدم مع بعض رفاقه بطلب إلى وزارة الداخلية لتأسيس حزب سياسي باسم ( حزب الاتحاد الوطني ) ، وقد أرفقوا الطلب بنظام الحزب الأساس ونظامه الداخلي ، فأجيز ، وفي 28 / 4 / 1946م عقد الحزب مؤتمره الأول فألقى الأستاذ عبدالفتاح إبراهيم خطاباً مطولاً عن أهداف الحزب وسياسته في الحقلين الداخلي والخارجي ، ثمّ جرى انتخاب اللجنة المركزية ، وبما أن الحزب لا يؤمن بالقيادة الفردية وإنما قيادته جماعية ، انتخب عبدالفتاح إبراهيم رئيساً للجنة السياسية ، وقد اتخذت الهيئة المؤسسة للحزب من جريدة ( الرأي العام ) التي أصدرها الشاعر الجواهري لساناً شبه رسمي لها، لعرض آراء الحزب وفلسفته ، وبعد استقالة الجواهري من الحزب وســـــــــحب جريدته استبدلوها بجريدة (السياسة) ثمّ بجريدة ( صوت السياسة ) بعد إغلاق السياسة ، وقد رأس تحريرها ناظم الزهاوي ، وصدر العدد الأول منها في العاشر من كانون الأول من السنة نفسها.[2]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

منهاج الإتحاد الوطني

لقد دعا ( حزب الإتحاد الوطني ) إلى توسيع مجال الحريات الديمقراطية ، وإنشاء مجتمع مدني تلغى فيه جميع القوانين التي تحول دون ممارسة الأفراد والجماعات حرياتهم في الكلام ، والصحافة ، والنشر ، والاجتماع ، والجمعيات ، والأحزاب ، والنقابات ، وحرية العبادة والمعتقد ، وتعزيز استقلال القضاء ، وتحقيق مبدأ الانتخاب الحر المباشر ، وجعل التعليم الابتدائي موحّداً وإلزامياً ومجانياً ، والعناية بالصحة العامة وضمان المعالجة المجانية للمواطنين ، وتشجيع الصناعة الوطنية وحمايتها ، والعناية بشؤون العمال والفلاحين ورفع مستواهم الاجتماعي والاقتصادي وحماية حقوقهم ، وتوطين القبائل الرحّل ومساعدتهم على الاستقرار . وبعد قيام عبدالفتاح إبراهيم بتشكيل ( حزب الاتحاد الوطني ) دعا إلى جمع العناصر الديمقراطية التقدمية في حزب واحد ، لتحقيق المصلحة الوطنية التي يتصورها ، أو التآزر بين الأحزاب الديمقراطية لتكوين جبهة موحدة ، ونشر في سبيل ترويج هذه الدعوة سلسلة مقالات لتحقيق هذا الغرض ، لكن هذه الدعوة لم تلق استجابة من أحد فكانت نفخة في رماد ، وبقي حزبه يعمل لحين قيام وزارة صالح جبر إذ سحب اجازته بتاريخ 29 / 9 / 1947م وأوقفه عن العمل ، وبما أن الحزب لا يؤمن بالتنظيم السري والعمل بالخفاء فقد توقف نهائياً عن ممارسة نشاطاته ، ولم يؤسس حزباً آخر . اختير عبدالفتاح إبراهيم بعد ثورة تموز 1958م عضواً في مفاوضات النفط مع وفد الشركات في مرحلة المفاوضة الأولى.

تأسيس معمل

بعد انقلاب شباط 1963م ترك العمل السياسي وسافر إلى ألمانيا مع أولاده السبعة ( سنان وسمير وسعد وسوسن وسحر وسرى وسلوى ) وانزوى عن الأضواء ، ثم عاد إلى بغداد سنة 1967م حيث قام بتأسيس معمل للأواني البلاستيكية ، وبقي في العراق إلى وفاته في شهر تموز سنة 2003م ، بعد أن ترك مجموعة مهمة من المؤلفات ، منها : على طريق الهند ، دراسات في علم الاجتماع ، الاجتماع والماركسية ، مذكرات المهاتما غاندي .

كتب عبدالفتاح كتابه الأول ( على طريق الهند ) وهو في سن الـ ( 25 ) وقد دلل فيه على بصيرته النافذة وعمق ثقافته ووعيه وهو يتكلم عن الآلية التي استخدمتها بريطانيا لاستعمار البلدان ، عندما قال (( إن بريطانيا قد توفقت في السيطرة على شؤون بلاد الشرق الأدنى ، كما توفقت في استعمار الهند من قبل ، بتسخير ذوي الأطماع الذين قامروا بمصالح بلادهم، ومقدرات شعوبهم وصاروا أداة لبث بذور الفرقة والشقاق فيما بينها بأبخس الأجور ، وانخدعوا بالألقاب المزيفة الكاذبة التي خلعها عليهم الاستعمار ، وقد أحرز الاستعمار البريطاني بخلقه هذه الأطماع والنظم السياسية المزيفة فوزا لم يسبقه إليه احد من قبل ، فقد استطاع بواسطتها أن يحقق جميع من كان يصبو إليه من غير أن يكلف نفسه شيئا مما اقتضته أنواع الاستعمار الأخرى من الأموال والتضحيات )) .

لقد كان عبدالفتاح إسماعيل بنظر كلّ الذين أرخوا لحياته وفكره علامة فارقة ، ونجمة فكرية ساطعة في سماء الوطن.

قال عنه الدكتور مهدي الحافظ في مقالة له عن كتابه ( الاجتماع والماركسية) الذي صدر عن دار الطليعة ببيروت سنة 1980م : ((الأستاذ عبدالفتاح إبراهيم مفكر وكاتب عراقي مرموق ادى دوراً بارزاً في نشر وتعميق الوعي الديموقراطي التقدمي ، بين الجماهير الشعبية من خلال العديد من مؤلفاته ومقالاته الثمينة ، فضلاً عن مشاركته المباشرة في الحياة السياسية على رأس حزب الاتحاد الوطني في نهاية الأربعينات ، وفي مجمل النشاطات والفعاليات اللاحقة للحركة الوطنية العراقية المكافحة لأجل الاستقلال الوطني والديمقراطية والتقدم الاجتماعي )) ، وذكره الأستاذ عزيز الحاج في ( راحلون وذكريات ) بقوله : (( وعبدالفتاح إبراهيم هو أحد أبرز رواد الحركة الديمقراطية والفكر العلماني والعلمي في العراق ، كما ويعتبر من أوائل المفكرين العراقيين الذين كتبوا في صلب علم الاجتماع ككتابه مقدمة في الاجتماع ، ودراساته عن علم الاجتماع والماركسية وغيرها ، عرفته في بداية الــــــــشباب من كتابه الشهير ( على طريق الهند ) .

مطبوعات تقدمية

كانت رابطة الأبحاث والدراسات التي يديرها تنشر من مطبوعات تقدمية خلال الحرب الدولية الثانية ، … إن الفقيد عبدالفتاح إبراهيم كان مدرسة فكرية وسياسية بحد ذاتها ، مدرسة تلتقي مع اتجاهات أخرى كلها ديمقراطية وتقدمية )) ، ثم ختم الحاج انطباعاته بقوله .

(( وكما قلت فعبدالفتاح كان ماركسياً واشتراكياً على طريقته )) . أما مجيد خدوري فكان له رأي آخر ، إذ قارن في كتابه ( العراق الجمهوري ) بين كتاب عبدالفتاح إبراهيم ( معنى الثورة ) الصادر سنة 1959م ، وبين كتاب جان جاك روسو ( العقد الاجتماعي ) .

عاداً كتاب معنى الثورة أفضل دفاع نظري عن ثورة 14 تموز 1958م ، فقد أوضح فيه مبادئ الثورة وأهدافها ، وأهاب بجميع الفئات المتحررة أن يناصروها ويقفوا إلى جانبها ، فقد كان أشبه ببيان رسمي أوجز فيه للجيل الناشئ مضمون البرنامج الذي كان يحلم به منذ أمد بعيد ، ويرجو تحقيقه يوماً ما .

ومع أن الكتاب وفر بعض التوجيه والإرشاد للحكم الثوري ، إلا انه لم يترك انطباعاً في عبدالكريم قاسم أو في نفوس أنصاره ، وهكذا فشل عبدالفتاح حيث نجح روسو .

مؤلفاته

أول ما بدأ به هو تأليف كتابه (على طريق الهند)، إذ استفاد من وجوده في أمريكا في جمع كل المعلومات المتعلقة بالعلاقات الإنجليزية-العراقية والتي كانت موضوع كتابه سابق الذكر.

  • مقدمة في الاجتماع، مطبعة الأهالي، بغداد، 1939. بحجم 223 صفحة.
  • دراسات في علم الإجتماع، والاجتماع والماركسية.
  • حقيقة الفاشية

جمع أعماله

قام الأستاذ شهاب أحمد الحميد بجمع جميع مقالات المرحوم عبد الفتاح إبراهيم لتكون في متناول ايدي المثقفين ومنها مجموعة مقالات نشرت في مجلة "العصر الحديث" لتكون كتاباً بعنوان "حرية الرأي والفكر" لأجمل ما كتب عن الفكر اليوناني وفوارقهم الطبقية وتطورهم الاجتماعي وأسباب تطور حرية الرأي عندهم مع أجمل موضوع مترجم تحت عنوان "حوار لسقراط في التربية".[3]

كما جمع الأستاذ شهاب احمد الحميد مقالات للأستاذ عبد الفتاح إبراهيم ترجمة عن حياة المهاتما غاندي المنشورة في (73) حلقة بجريد الاهالي طبع الكتاب سنة 2003 بعنوان "المهاتما غاندي". ومجموعة من المقالات المنشورة في جريدة الاهالي تحت عنوان كتاب وسم بـ( حرية الرأي والفكر ). يعتبر الاستاذ عبد الفتاح ابراهيم من المؤسسين لمؤسسة الرابطة الثقافية وجميع الجمعيات التي تفرعت عنها واهمها جمعية محو الأمية .

المصادر

  • موسوعة علم الاجتماع في العراق: مجلة علوم انسانية
  1. ^ يوسف محسن (2017-05-17). "عبد الفتاح إبراهيم وجذور الفكر الشعبي الديمقراطي في العراق". ملاحق المدى.
  2. ^ عـلاء لازم العـيسى (2017-08-02). "عبد الفتّاح إبراهيم مؤسس حزب الإتحاد الوطني". صحيفة الزمان العراقية.
  3. ^ "عبد الفتاح إبراهيم وحقيقة الفاشية". صحيفة المدى. 2014-08-08.