بنو حمود
بنو حمـّود هي أحد الدويلات العلوية من البربر المسلمين في الأندلس. وقد سـُمـِّيت على اسم مؤسسها حمـّود، من نسل إدريس بن عبد الله، أي أنهم من الأدارسة.
الأسرة حكمت العديد من الطوائف أثناء وبعد انهيار الخلافة الأموية في الأندلس في مطلع القرن الحادي عشر. بل أن علي بن حمود بويع كالخليقة الثاني عشر في قرطبة.
- قرطبة (1016-1018: علي بن حمود, 1018-1021: القاسم, 1021-1022: يحيى المعتلي, 1022-1023: القاسم)
- أشبيلية (1016, القاسم)
- الجزيرة الخضراء (1039–58: القاسم وورثته)
- ملقا (1022-1057:يحيى المعتلي وورثته).
- مليلة
اشتد طموح البربر إلى الزعامة المطلقة على الأندلس، فتشير المصادر التاريخية إلى تحرك بعض العامريين والموالي والصنائع الهاشميين إلى أمير سبتة علي بن حمود وسلموه وثيقة منسوبة إلى هشام المؤيد وبخطة عهد فيها بالأمر بعده إلى علي بن حمود[1]. ومهما يكن من صحة هذه الوثيقة من عدمه، فإن الأمر يدل على تحالف مسستتر ظهر للسطح للإطاحة بالمستعين، ولا سيما وأن حبوس الصنهاجي حاكم البيرة، وخيران العامري حاكم المرية قد طمأنا علي بن حمود على سهولة الإستيلاء على مركز الخلافة في قرطبة، فسار إلى الأندلس تحت ذريعة الإفراج عن الخليفة هشام المؤيد بالله، ثم اتجه إلى المرية والتقى بأنصاره العامريين وعلى رأسهم خيران العامري، ومن هناك سار بالجيوش صوب قرطبة وكان أخوه القاسم قد جهز نفسه لتقديم المساعدة عند الضرورة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عبورهم إلى الأندلس
بعد أن سيطر الحاجب المنصور على الدولة الأموية في الأندلس في عهد الخليفة هشام المؤيد بالله، انتهج سياسة الاستقواء بالبربر على العرب والصقالبة الذين كانوا يسيطرون على المناصب في الجيوش الأموية.[2] شجع ذلك عددًا من القبائل البربرية على العبور إلى الأندلس، والدخول في طاعة العامريين، والانتظام في جيوشهم.
كان الأدارسة قد فقدوا حكمهم في المغرب على يد جيوش الحاجب المنصور،[3] إلا أنهم كانت لهم منزلتهم بين البربر. عبر بنو حمود مع القبائل البربرية الداخلة إلى الأندلس. وحين دخلت الأندلس فترة الفتنة، بعد أن خلع محمد المهدي بالله هشامًا المويد بالله عام 399 هـ، أساء المهدي معاملة البربر الذين كانوا عماد جيش العامريين،[4] نظرًا لما كان يكنه من كراهية للعامريين المتسببين في مقتل والده.[5] تسببت تلك المعاملة السيئة في التفاف البربر حول سليمان المستعين بالله المطالب بعرش الأندلس،[6] واستطاعوا مساعدته على انتزاع العرش عام 403 هـ. أراد سليمان أن يبعد البربر عن قاعدة حكمه في قرطبة لما رأى اشتداد شوكتهم، ففرّقهم على كور الأندلس، فأقطع كل زعيم منهم إحدى تلك الكور، فكان من نصيب علي بن حمود حكم سبتة وأحوازها، فيما أقطع سليمان القاسم بن حمود حكم الجزيرة الخضراء.[7]
انتزاعهم الخلافة
لم تمض فترة طويلة حتى اتفق علي بن حمود مع أخيه القاسم على أن يتبادلا ولايتاهما، ثم ادعى علي أن هشام المؤيد بالله، كتب له بولاية عهده، وجمع جيشًا هزم به سليمان، وقتله وأعلن نفسه خليفة على المسلمين في الأندلس عام 407 هـ.[8] حاول خيران الصقلبي حاكم ألمرية والمنذر بن يحيى التجيبي حاكم سرقسطة خلع علي، بأن جمعوا جيشهم ونادوا بخلافة أمير أموي يدعى عبد الرحمن المرتضى. وبينما كان علي يُعد لقتالهم، اغتاله بعض غلمان قصره في ذي الحجة 408 هـ، فخلفه أخوه القاسم.[9]
سار جيش المرتضى إلى قرطبة، إلا أنهم اشتبكوا قرب غرناطة مع قوات صنهاجة بقيادة زاوي بن زيري حاكم غرناطة في معركة قُتل فيها عبد الرحمن وفرّ خيران والمنذر.[10] وفي ربيع الآخر 412 هـ، فر القاسم من قرطبة قبل دخول ابن أخيه يحيى المعتلي بالله الذي أعلن نفسه خليفة على قرطبة.[11] ثم أعاد البربر القاسم في ذي القعدة 413 هـ. لكنه خلع مجددًا هذه المرة بعد ثورة أهل قرطبة على البربر في جمادى الآخرة 414 هـ،[12] وولوا مكانه عبد الرحمن المستظهر بالله لكنه اغتيل بعد أيام، فخلفه محمد المستكفي بالله، الذي نجح يحيى المعتلي بالله في خلعه في رمضان 416 هـ عندما زحف على قرطبة بجيشه، قبل أن يخلعه أهل قرطبة مجددًا في ربيع الأول 417 هـ،[13] ليؤسس يحيى طائفة مالقة.
وصلت أنباء هذا التحالف إلى المستعين، ووصلت أنباء الحشود الزاحفة إلى قرطبة كذلك، فخرج بما تبقى له من أنصار لملاقاة جيوش تحالف البربر بقيادة علي بن حمود، وكانت نتيجة المعركة هزيمة الميتعين في سنة 407 هـ، ودخول علي بن حمود وأنصاره إلى قرطبة، بعد أن قبضوا على المستعين. ولقد قام بن حمود بالبحث عن الخليفة المؤيد متظاهراً بعدم معرفته بموته حتى يؤكد شرعية ثورته على المستعين، ولكن الشهود في قرطبة أكدوا له موت الخليفة وأرشدوه إلى قبره، فأخرجه وتعرف على جثته، ثم أعاد دفنه، وقرر على الفور قتل المتعين وقتله بيده، ثم قتل شقيقه عبد الرحمن، ثم قتل أبيهما الشيخ، وجعل رؤوس الثلاثة في طست وأخرجت من القصر إلى المحلة ينادى عليهم: "هذا جزاء من قتل هشاماً المؤيد"[14].
وقد كان سبب قوة الخلافة الأموية في الأندلس هو استحواذها على السلطتين الشرعية والواقعية. وقد تبددت هذه القوة وخصوصاً في زمن الحاجب منصور والدولة العامرية. وأصبحت الخلافة فيما بعد خرقة بالية منذ خلافة هشام المؤيد. وجاء بنو حمود ليكملوا مشوار التدهور والانحطاط والصراعات والفتن بين البربر والصقالبة والعرب وأهل قرطبة.[15]
وبويع علي بن حمود بالخلافة بعد قتل المستعين في باب السدة من قصر قرطبة سنة 407 هـ/1016 م.
علي بن حمود ملكاً على الأندلس
بعد مبايعته بالخلافة تلقب بالناصر لدين الله ، ويكنى بأبي الحسن، ولقد شهدت فترة حكمه الأولى محاولات لتوحيد البلاد نحت قيادة الخلائف من البيت الأموي الذي قاد الأندلس أكثر من قرنين ونصف، وصلت فيها إلى قمة الإزدهار الحضاري. غير أن هؤلاء الأمويين كانوا على درجة من الضعف، بات التعويل عليهم أمراً غير منطقي. ويذهب الدكتور سيد سالم[16] إلى أن علياً كان موفقاً في بداية عهده، إذ كان حكمه يقوم على إرهاب البربر وتشدده في معاملتهم، حتى أطاعه كل عاصي، ويستشهد بقول ابن حيان: "وكان يجلس - علي بن حمود - بنفسه لمظالم الناس وهو مفتوح الباب، مرفوع الحجاب للوارد والصادر، يقيم الحدود مباشرةً بنفسه، لا يحاشي أحداً من أكابر قومه، فانتشر أهل قرطبة في الأرض ذات الطول والعرض، وسلكت السبل، ورخا السعر). وهذا يعني أن بداية عهد علي بن حمود قامت على العدل ةإنصاف المظلومين لذلك فـُتن به أهل قرطبة وأحبوه.[17]
طائفتي مالقة والجزيرة الخضراء
ظل يحيى في صراع مع أبي القاسم بن عباد حاكم إشبيلية قرب قرمونة عام 427 هـ، فخلفه أخوه إدريس المتأيد بالله.[18] شهد بداية حكمه انفصال الجزيرة الخضراء عن طائفة مالقة، ذلك لأنه لما قُتل يحيى المعتلي بالله، قام رجل من البربر يدعى بأبي الحجاج كان موكلاً إليه التحفظ على محمد والحسن ابني عمه القاسم بن حمود في الجزيرة الخضراء، منذ أن اعتقلهما يحيى مع أبيهما عام 414 هـ حين هاجم شريش،[19] بإطلاق سراح محمد والحسن، ودعا البربر والعبيد السود إلى طاعة محمد بن القاسم، لتتأسس بذلك طائفة الجزيرة الخضراء.[20] توفي إدريس في المحرم 431 هـ،[21] وبويع من بعده ولده يحيى القائم بأمر الله.[22] لم يرض الحسن بن يحيى المعتلي بالله بمبايعة يحيى حيث كان إدريس قد ولاه العهد، وجعله واليًا على سبتة وطنجة وأعمالهما، وبعث معه الحاجب نجاء الصقلبي لمعاونته.[22] أعد الحسن ونجاء جيشًا عبرا به إلى مالقة،[23] وحاصراها برًا وبحرًا،[24] حتى استسلم يحيى وتنازل عن عرشه في جمادى الثاني 431 هـ،[25] وسار إلى قمارش، وأقام بها،[22] إلى أن دس عليه الحسن من قتله بالسم في ربيع الثاني سنة 434 هـ.[25][26] ثم قتلته زوجته أخت يحيى انتقامًا لأخيها بالسم في جمادى الأولى 434 هـ.[26][27] استغل نجاء الفرصة، وأعلن نفسه حاكمًا على مالقة بعد أن سجن إدريس بن يحيى شقيق الحسن. ثم غزا بجيشه الجزيرة الخضراء، لينزعها من يد محمد بن القاسم بن حمود.[28] ففشل وغادر عائدًا إلى مالقة. وفي الطريق اغتاله بعض جنوده من البربر، وأخرجوا إدريس بن يحيى من سجنه،[26][29] وبايعوه في 6 جمادى الثانية 434 هـ.[30]
وفي شعبان 438 هـ، فانقلب عليه ابن عمه محمد بن إدريس،[31] ففر إدريس إلى ببشتر، وحاول استعادة مالقة بمعاونة من باديس بن حبوس صاحب غرناطة، لكنهما فشلا.[32] انتقل إدريس إلى سبتة،[33] ثم إلى رندة عند حاكمها أبي النور بن أبي قرة اليفرني.[34]
حاول زعماء البربر خلع محمد بن إدريس ومبايعة محمد بن القاسم المهدي بالله صاحب الجزيرة الخضراء، الذي فشل في هزيمة قوات محمد بن إدريس ودخول إلى مالقة،[35] ومات بعد فترة قصيرة عام 440 هـ، وخلفه ابنه القاسم الواثق بالله.[36] أما زعماء البربر، فدسوا على محمد بن إدريس من قتله بالسم في أواخر سنة 444 هـ، وبايعوا من بعده ابن أخيه إدريس بن يحيى السامي بالله،[37] الذي أصابته لوثة، وغادر مالقة هائمًا على وجهه في صفة تاجر، وعبر إلى المغرب، وهناك قُتل في عام 444 هـ.[38] فعاد إدريس العالي بالله إلى مالقة، واستمر في الحكم حتى توفي عام 446 هـ بعد أن عهد بالحكم لابنه محمد،[39][40] الذي لم يدم حكمه طويلاً، حيث خلعه باديس بن حبوس عام 449 هـ، وضم مالقة إلى غرناطة.[41] غادر المستعلي بالله إلى ألمرية، وعبر منها إلى مليلة التي قبل به أهلها كحاكم عليهم حتى وفاته عام 456 هـ لينتهي بذلك حكم بني حمود في مالقة.[40]
أما القاسم الواثق بالله، فغزاه المعتضد بن عباد عام 446 هـ برًا وبحرًا، ففر القاسم وأهله إلى سبتة.[42] ثم رحل إلى ألمرية والتجأ إلى صاحبها المعتصم بن صمادح،[43] وبقي بألمرية حتى وفاته[44] عام 450 هـ لينتهي حكم بني حمود نهائيًا في الأندلس.[43]
المصادر
- ^ ابن عذارى المراكشي. "ج 3". البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب. pp. ص. 113.
- ^ ابن عذاري ج2 1980, p. 293
- ^ ابن عذاري ج2 1980, p. 281-282
- ^ الإحاطة ج1 1973, p. 513
- ^ عنان ج1 1997, p. 630
- ^ عنان ج2 1997, p. 123
- ^ عنان ج1 1997, p. 653-654
- ^ عنان ج1 1997, p. 658-659
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 122
- ^ عنان ج1 1997, p. 660-661
- ^ عنان 1997, p. 662
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 134
- ^ عنان ج1 1997, p. 665-667
- ^ ابن بسام. "ق 1". الذخيرة. pp. ص. 29.
- ^ وديع أبو زيدون (2005). تاريخ الأندلس من الفتح الإسلامي حتى سقوط الخلافة في قرطبة. الأهلية للنشر والتوزيع. pp. ص. 302 - 303.
- ^ سيد سالم. تاريخ المسلمين. p. 308.
- ^ ابن عذارى المراكشي. "ج 3". البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب. pp. ص. 122.
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 191
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 125
- ^ الحميدي 1966, p. 31-32
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 289
- ^ أ ب ت عنان ج1 1997, p. 672
- ^ المراكشي 1962, p. 115
- ^ دي لوثينا 1992, p. 38
- ^ أ ب دي لوثينا 1992, p. 39
- ^ أ ب ت عنان ج1 1997, p. 673
- ^ دي لوثينا 1992, p. 40
- ^ الحميدي 1966, p. 33
- ^ دي لوثينا 1992, p. 41
- ^ دي لوثينا 1992, p. 42
- ^ دي لوثينا 1992, p. 43
- ^ دي لوثينا 1992, p. 44
- ^ الحميدي 1966, p. 35
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 217
- ^ دي لوثينا 1992, p. 45-46
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 230
- ^ دي لوثينا 1992, p. 47
- ^ ابن عذاري 1983, p. 218
- ^ دي لوثينا 1992, p. 48
- ^ أ ب عنان ج1 1997, p. 675
- ^ دي لوثينا 1992, p. 49
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 230-231
- ^ أ ب عنان ج1 1997, p. 676
- ^ ابن عذاري ج3 1983, p. 243
انظر أيضا
— بيت ملكي — بنو حمود
| ||
سبقه الأسرة الأموية |
خليفة قرطبة 1016 – 1023 1025 – 1027 |
تبعه الأسرة الأموية (مستعادة) |
سبقه - تحلل خلافة قرطبة |
طائفة مالقة 1026 – 1057 |
تبعه - ألحـِقت بطائفة غرناطة |
سبقه - تحلل خلافة قرطبة |
طائفة الجزيرة 1039 – 1058 |
تبعه - ألحِقت بطائفة اشبيلية |
- غرناطة
- قرطبة
- عبد الرحمن المستظهر بالله
- سليمان
- ابن حيان
- هشام المؤيد بالله
- المعتضد بن عباد
- المستعلي بالله
- عبد الرحمن المرتضى
- سليمان المستعين بالله
- إدريس بن عبد الله
- علي بن حمود
- محمد بن إدريس
- المعتصم بن صمادح
- رندة
- يحيى المعتلي بالله
- إدريس المتأيد بالله
- يحيى القائم بأمر الله
- إدريس العالي بالله
- طائفة الجزيرة الخضراء
- القاسم الواثق بالله
- محمد بن القاسم المهدي بالله
- باديس بن حبوس
- القاسم بن حمود
- خيران الصقلبي
- قصر قرطبة
- زاوي بن زيري