العلاقات البوروندية الرواندية
حكيم نجم الدين ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال
|
كانت بوروندى و رواندا, الدولتان الصغيرتان في البحيرات العظمى تدار في السابق كإقليم موحد باسم “رواندا-أوروندي” (الامبراطورية الألمانية استولت على المملكتين المستقلتين: رواندا و بوروندي, وضمتهما مع بعضهما في عام 1894)، قبل أن يخضع الإقليم لانتداب بلجيكي وافق فيما بعد على فصلهما كبلدين ومنحهما الاستقلال فى عام 1962.[1]
فلم تقتصر فقط أوجه التشابه بين بوروندى ورواندا في كون إثنياتهما متشابهة، ونسبة كثافة سكانهما ضئيلة ومواردهما الطبيعية شحيحة, وتعتمدان على الزراعة وتشتركان في الحدود التي شكلتها مصالح القوى الاستعمارية – بل هناك أوجه تشابه في المسار.
ولكن أن هذا التاريخ المشترك لم يمنع من تدهور العلاقات بينهما، والذي وصل ذروته في إبريل عام 2015 عندما قرر الرئيس البوروندى پيير نكورونزيزا الترشح لولايته الثالثة المثيرة للجدل وانتهاكا صريحا لدستور البلاد واتفاق أروشا لعام 2000 الذى أنهى حربا أهلية استمرت لعقد من الزمن.
ففي ديسمبر 2016، استدعت الحكومة البوروندية سفيرها لدى بلجيكا بسبب تدهور العلاقات بين البلدين، موجها إلى بلجيكا تهمة استضافة بعض المواطنين البورونديين الذين قاموا بانقلاب فاشل في 13 مايو 2015 والذين يزعزعون استقرار الحكومة البوروندية عن طريق دعم “المتمردين”.
واتهمت الحكومة البوروندية السلطات البلجيكية أيضا “بالتأثير على جميع القرارات” التى اتخذها الاتحاد الأوروبى ضدها وضد المواطنين البورونديين.
من ناحية أخرى، اتهمت بوروندي دولة رواندا باستضافة ودعم مرتكبي هذه المؤامرة, ودعم متمردين من آلاف اللاجئين البورونديين في رواندا لمحاربة الحكومة البوروندية. وهي تهم نفتها رواندا ليستمر توتر العلاقات الدبلوماسية بين الجارتين. بل بحسب التصريحات من الجانبين، فإن المسألة لم تنته بعد.
“إن رواندا و بلجيكا تتعاونان بشكل وثيق مع الاشخاص الذين حاولوا تنفيذ مؤامرة الانقلاب في بوروندي عام 1995 وتسليح لاجئين لعرقلة أمن بوروندي”، قال تيرنس نتاهراجا مساعد وزير الشؤون الداخلية البوروندية يوم السبت الماضي.
وقال نتاهراجا “إن البلدين (رواندا و بلجيكا) مسؤولان عن اغتيال العديد من الزعماء البورونديين مثل بطلنا الاستقلالى الأمير لويس رواجاسور، ونطالب الأمم المتحدة باقناع البلدين بوقف استفزازنا.
“قبل ثلاثة أيام تم ضبط اكثر من 42 بندقية داخل مخيم ندوتا للاجئين فى تنزانيا وقبل اقل من شهر، تم القبض على تسعة أشخاص يخبرون الناس داخل مخيم ندوتا للاجئين بعدم العودة الى ديارهم فى بوروندى,” يضيف مساعد وزير الشؤون الداخلية البوروندية.
وقد رفضت السلطات الرواندية كل الاتهامات, بما فيها تلك الموجهة إليها فى تقرير خبراء الأمم المتحدة بدعم المتمردين فى بوروندى المجاورة، وأشارت الحكومة الرواندية إلى أن واضعي التقرير يحاولون إثارة الاضطرابات فى المنطقة.
“إن هؤلاء الذين يكتبون مثل هذه القصص يمكن تعبئتهم ليكونوا نافعين فى معالجة قصص مشاكل البلاد (بوروندي) بدلا من إثارة أو خلق مشاكل لا ينبغي وجودها,” قال الرئيس الرواندى پول كاگامى فى مؤتمر صحفى بكيگالي العام الماضي.
وقال كاغامى إنه يتعين على بوروندى “أن تنظر فى أى مشاكل تواجهها كمشاكلها الخاصة بدلا من جعلها تبدو وكأنها مشكلة تنبع من أماكن اخرى”.
ومع عدم وجود حل سياسي في الأفق، وخصوصا وأن رئيسي البلدين ما زالا ينويان مواصلة الحكم لفترة طويلة، فقد تبقى رواندا وبوروندي جارتين متناحرتين, لأن كاگامي يرى أن نكورونزيزا هو المشكلة والعكس صحيح.
إن النظر في تاريخ وسياسة كل من رواندا وبوروندي, وأزمة العلاقات بينهما, يعطي فكرة عن طبيعة مشاكل الحكم في أفريقيا وحقيقتها – على الرغم من أن البعض يرون أن “أيادٍ خارجية” هي التي تتلاعب بالجارتين.. غير أن الاستنتاج الذي أراه هو أن دول أفريقيا بحاجة إلى مؤسسات أصيلة – وليست التي تكون على هيئة الأنواع الموجودة في الكتب المدرسية المستمدة من الديمقراطيات الأوروبية والأمريكية, ولكن تلك المؤسسات التي تتكيف مع الواقع الأفريقي وطبيعة السكان الأصليين وفلسلفتهم الخاصة.
نزاع حدودي
تتنازع بوروندي ورواندا على قطاعات من حدودهما على أنهار أكانيارو وكاگـِرا/نيابارونگو، التي غيّرت مساراتها منذ ع1960، حين رُسـِّمت الحدود؛ النزاعات عبر الحدود بين التوتسي، والهوتو والجماعات العرقية الأخرى، والمتمردين السياسيين والجماعات المسلحة والقوات الحكومية المختلفة المتواجدة في منطقة البحيرات العظمى.
الهامش
- ^ حكيم نجم الدين (2017-10-16). "رواندا و بورندي.. إلى متى يستمرّ الصراع بين الجارتين ؟". najimdeen.com.