سياسة الانفتاح
سياسة الانفتاح أو الانفتاح الاقتصادي في مصر، هي سياسة الرئيس المصري أنور السادات "لفتح الأبواب" للاستثمار الخاص في مصر في السنوات التي تلت حرب أكتوبر عام 1973 مع إسرائيل. صاحب الإنفتاح قطع العلاقات مع حلفاء مصر القدماء ومقدمي المساعدات الإتحاد السوڤيتي- وتم استبدال الإتحاد السوڤيتي بالولايات المتحدة- وبدأت عملية السلام مع إسرائيل رمزت رحلة السادات الدرامية إلى القدس عام 1977 تلك العملية. وضع الانفتاح حد لسيطرة القطاع العام على الاقتصاد المصري. أعطى عبور الجيش المصري قناة السويس في أكتوبر 1973، الذي اعتبره العديد من المصريين نصر استراتيجي،[بحاجة لمصدر]، هيبة مكنته من بدء إحداس تراجعًا كبيرًا في سياسات جمال عبد الناصر.
وقد تم تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي فى مصر أثناء حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بعد الحرب عام 1973، وكان الهدف من هذه السياسة هو الإنتقال من الإشتراكية إلى الرأسمالية وتنشيط الاستثمارات في مصر، وبناءاً عليه قد إتخذ التجار تغيير نشاطات تجارتهم لتتلائم مع هذه السياسة الجديدة.
وعلى الرغم من أن سبب تطبيق سياسة الإنفتاح كان إرتفاع الأسعار بعد حرب أكتوبر والغلاء الذي صاحبه البطالة، مما أدى إلى تفكير الحكومة في عهد الرئيس محمد أنور السادات في الإنفتاح لتنشيط حركة التجارة والسعي لبناء مصر الحديثة، فقد أدى تطبيق سياسة الإنفتاح الاقتصادي على مصر إلى الإضرار بالمواطنين الفقراء ومحدوي الدخل بسبب رفع الأسعار وخاصة أسعار السلع والمواد الغذائية، وتم الإقرار من المسؤولين والخبراء بفشل تلك السياسة وتطبيقها على مصر حيث أنه لم يكن قرار صائب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نظرة عامة
ظهر مُصطلح الانفتاح الاقتصادي أولًا في الأدب المُقارَن للاقتصاد السياسي في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، بالرغم من ذلك يملك الانفتاح الاقتصادي كمفهوم تاريخًا أكبر بكثير خاصةً في مجال الاقتصاد الدولي. الواقع أنّ تاريخ دراسة الأسباب والآثار الناتجة عن الانفتاح الاقتصادي يرجع إلى القرن الثامن عشر ويظهر بشكل بارز في عمل رواد الاقتصاد الكلاسيكي مثل( آدم سميث) و(داڤيد ريكاردو)
اهتمّ هؤلاء الكلاسيكيون بعواقب التجارة الدولية على الاقتصاد المحلي إضافةً إلى الآثار الإيجابية والسلبية للتجارة الحُرة وقتها، وكان محور التحليل بشكلٍ عام هو تبادُل السلع ونِسب التبادُل. أما في الوقت الحاضر فإنّ التركيز أصبح مُنصبًا أكثر على تداعيات الانفتاح الاقتصادي على أنظمة الاقتصاد المحلي نفسها.
ولقد تواجد الانفتاح الاقتصادي مُنذ ذُروة الليبرالية الاقتصادية والثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ فعلى سبيل المثال( أنگوس ماديسون) المؤرخ الاقتصادي البريطاني أعلن في 1955 أنّ النمو في حجم التجارة العالمية كان 3.4 بالمائة (متوسط) بين 1870 و 1913 و3.7 بالمائة من 1973 إلى 1992. في خلال نفس المدى الزمني- بالرغم من ذلك- الأسعار(الدولارات الثابتة لسنة 1990) ارتفعت 12 ضِعف. بالإضافة إلى أنّ عدد الدول المُشاركة ازداد بشكلٍ دراميّ عبر العالم في خلال هذه الفترة مع انهيار تكاليف العمالة في نفس الوقت، لذلك تم تحريك موضع الصناعة وسادت الليبراليةالاقتصادية (أو التجارة الحُرة)، وهذا أشار ضمنيًا إلى أن نمو الاقتصاد القومي أصبح مُعتمدًا أكثر في تحركاته على السوق العالمي العكس بالعكس، ولكن في نفس الوقت بدأت الديموقراطية في الانتشار بالرغم من الموجات المختلفة على مر الزمن، والتي تسببت في تغيير دور الولاية في مُعظم البلاد. نتائج هذه التغييرات تضمّنت ظهور حالة الرفاهية بالإضافة إلى فكرة الرفاهية الاقتصادية (الأنظمة الاقتصادية التي تهدف إلى رفاهية الفرد)
كانت هذه التفاعُلات هي جوهَر خُبراء الاقتصاد السياسي في البحث عن آثارالانفتاح الاقتصادي، ولكن خاف بعض الكُتَّاب من تأثير المُزاحمة في السلع العامة كشيءٍ ضار للاقتصاد القومي وطبيعته التنافُسية. بينما يرى آخرون أنّ الرفاهية الاقتصادية أهم من حالة الرفاهية، وهو( نظام اجتماعي حيث تكون الحكومة مسؤولة عن رفاهية الفرد من حيث المأكل والمسكن والملبس والتأمين الصحي دون الحاجة إلى أن يكون لديه وظيفة) في هذه الرؤية؛ الآثار المُفيدة للتجارة الدولية والأنشطة المحلية المُتعلِقة بها ستسود وتُنتِج رفاهية في شكل إعادة توزيع للدخل، فائض في شكل مستوى أعلى للفرد، الناتج المحلي الإجمالي و الرفاهية في المُجمَل.[1]
تطبيق سياسة الانفتاح في مصر
لفهم معنى الانفتاح الاقتصادي وطبيعة هذه السياسة ودلالتها، لابد من الرجوع إلى الوثائق القومية الأساسية وبالذات ورقة أكتوبر، والتي أصدرها الرئيس محمد أنور السادات ونشرها في 1974. فلقد جعلت ورقة أكتوبر من الانفتاح احد المهام الرئيسية للمجتمع المصري في المرحلة القادمة. وجاء هذا انطلاقا من تشخيص الورقة لمشكلات مصر الاقتصادية، فهي ترى أن عبء الإنفاق العسكري قد هبط بمعدل النمو في مصر 6.7% سنويا خلال ألفترة 1956 - 1965 إلى اقل من 5% سنويا بعد ذلك، وهي ترى أن استعادة المعدل القديم للنمو يجعلنا "في أمس الحاجة إلى موارد خارجية" ومن هنا كانت الدعوة للانفتاح الاقتصادي، وهي دعوة مبنية على تقدير لاحتياجات الاقتصاد المصري من ناحية والفرص المتاحة للتمويل من ناحية أخرى، ولا تتمثل فائدة الانفتاح طبقا لورقة أكتوبر في تزويد مصر بالموارد المالية اللازمة للتنمية فحسب، بل وأيضا في تزويد مصر "بأحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة" ولا يفوت ورقة أكتوبر أن تؤكد أن "الانفتاح الذي اعلناه هو انفتاح على العالم كله شرقه وغربه" مع الترحيب بالاستثمار الأجنبي لما يحمله معه من معرفة تكنولوجية نحتاج إليها، فالانفتاح الاقتصادي في تصور ورقة أكتوبر، وهي الوثيقة الأساسية في هذا المجال، يعنى فتح الاقتصاد المصري للاستثمار الخاص المباشر من الخارج.
ومن أهم العلامات البارزة على طريق الانفتاح ما يلى :-
1) القانون رقم 43 لسنة 1974 وتعديلاته، وهو أهم خطوة منفردة اتخذت على طريق الانفتاح، فقد فتح باب الاقتصاد المصري لراس المال العربي والأجنبي في شكل استثمار مباشر في كل المجالات تقريبا، وعلى وجه التحديد، يذكر القانون مجالات التصنيع والتعدين والطاقة والسياحة والنقل واستصلاح الأراضي والإنتاج الحيواني والثروة المائية والإسكان والامتداد العمراني وشركات الاستثمار وبنوك الاستثمار وبنوك الأعمال وشركات إعادة التامين والبنوك وبيوت الخبرة ألفنية وغيرها من المجالات، وتقرير انفراد راس المال العربي والأجنبي في مجالات بنوك الاستثمار وبنوك الأعمال التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة حتى كانت فروعا لمؤسسات مركزها بالخارج، وعدم جواز تأميم المشروعات أو مصادرتها فضلا عن إعفاء الأرباح التي تحققها المشروعات التي تنشا طبقا لهذا القانون من الضريبة على إيرادات القيم المنقولة وملحقاتها والضريبة على الأرباح الصناعية والتجارية وملحقاتها الضريبة العامة على الإيراد لمدة خمسة سنوات ويسرى الإعفاء ولذات المدة على عائد الأرباح التي يعاد استثمارها في المشروع والاحتياطيات الخاصة وتعفي الأسهم من رسم الدفعة النسبي لمدة خمس سنوات، كما يكون الإعفاء بالنسبة لمشروعات التعمير وإنشاء المدن الجديدة واستصلاح الأراضي لمدة عشر سنوات يجوز مدها "بقرار من رئيس الجمهورية" إلى خمسة عشر عاما ...... الخ.
2) القانون 118 لسنة 1975 للاستيراد والتصدير، وهذا القانون ينص على أن يكون الاستيراد مفتوحا للقطاع الخاص كما هو مفتوح للقطاع العام وكذلك مجال التصدير، وكنتيجة لهذه التعديلات تم تفكيك احتكار الدولة وسيطرتها على التجارة الخارجية.
3) قانون النقد الأجنبي رقم 97 لسنة 1976، وهذا القانون قصد به تحرير معاملات النقد الأجنبي في الداخل وبذلك مكن البنوك الخاصة والتي يشارك فيها راس المال الأجنبي بحكم القانون 32 لسنة 1977 من الحصول على الودائع بالعملات الأجنبية.
4) نظام الاستيراد بدون تحويل عملة، والذي استحدث عام 1974، ومكن هذا النظام أي شخص لديه موارد بالنقد الأجنبي أن يستخدمها في الاستيراد مباشرة دون الحاجة للرجوع للجهاز المصرفي.
5) إنهاء العمل باتفاقات التجارة والدفع، والتي أدت إلى الانتقال لممارسة التجارة الخارجية على أساس المعاملات الحرة وأصبح بذلك تخطيط التجارة الخارجية مستحيلا، وجعل تجارة مصر الخارجية عرضه لقوى السوق وتقلباتها الحادة، ومثل هذا الإجراء خطوة حاسمة في سبيل إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية الدولية لمصر وإعادة ربط الاقتصاد المصري بعجلة السوق الرأسمالية العالمية.
6) إعادة تنظيم القطاع العام، وقد بدأت سنة 1975 حين صدر القانون 111 بإلغاء المؤسسات العامة التي تقوم بدور الشركات القابضة التي تنسق وتخطط وتتابع أنشطة الشركات التابعة لها. تلك هي نقاط الارتكاز الأولى لسياسة الانفتاح الاقتصادي والتي أحدثت تحولات هيكلية في الاقتصاد المصري من عدة وجوه : ـ
ففي المقام الأول : نجد أن باب الاقتصاد قد فتح بعد سلسلة من التعديلات على مصراعيه لراس المال الأجنبي والتي تسيطر عليه الشركات متعددة الجنسيات مما أدى إلى تكريس سيطرة هذه الشركات على الاقتصاد المصري وبالتالي فكل التنمية الحادثة لابد أن تكون "تنمية تابعة".
وفي المقام الثاني : فرغم انه من المبادئ الدستورية المقررة في مصر أن القطاع العام يسيطر على القطاعات الاستراتيجية للاقتصاد القومي إلا أن القانون 43 لسنة 1974 معدلا بالقانون 32 لسنة 1977 لا يحدد مجالا معينا للقطاع العام، فكل مجالات النشاط الاقتصادي تقريبا مفتوحة للاستثمار الأجنبي الخاص، وفي المقام الثالث، فطالما أن الشركات التي تنشا طبقا للقانون المذكور تعتبر من شركات القطاع الخاص أيا كانت صفة رؤوس الأموال المساهمة فيها، فأن هذا يقلص حجم القطاع الــعام بالمقارنة إلى القطاع الخاص.
النتائج
أدى الانفتاح الاقتصادي إلى نتائج اقتصادية عديدة، كان أبرزها :ـ
من ناحية أولى :
أدى الانفتاح الاقتصادي إلى تجزئة الاقتصاد المصري، فقد تحول إلى مجموعة متمايزة وأحيانا متنافرة من الاقتصاديات، فلم يعد الأمر قاصرا على القطاعيين العام والخاص والقطاع التعاوني، وإنما ظهرت إلى جانب هذه القطاعات أربعة قطاعات أخرى هي القطاع المحلى المختلط القائم على المشاركة بين راس المال المحلى وراس المال العام، والقطاع الأجنبي الخالص المملوك للأجانب، والقطاع المشترك الذي يقوم على المشاركة بين راس المال العام وراس المال الأجنبي، والقطاع المختلط القائم على المشاركة بين راس المال الخاص المحلى وراس المال الأجنبي، وبالتالي أصبح الاقتصاد المصري منقسما إلى أجزاء عديدة، فكل منها قواعده والياته الخاصة، مثل السوق الخاصة وقواعد خاصة بالتسعير وتشغيل العمال والأجور والتمويل ...... الخ.
ومن ناحية ثانية :
فقد أدى الانفتاح إلى أضعاف القطاع العام، والذي كان يمثل الركيزة الأساسية لما حدث من نمو اقتصادي في الستينات، وكان الأداة ألفعالة للسيطرة المركزية على الاقتصاد و السند الرئيسي في ممارسة التخطيط، وإذا كان القطاع العام لم يتعرض بأكمله للتصفية "الجسدية" في زمن الانفتاح، فمن المؤكد انه قد تعرض لما هو اخطر، وهو التصفية في زمن الانفتاح، فمن المؤكد انه قد تعرض لما هو اخطر، وهو التصفية "الروحية" والتفريغ "المعنوي" فقد انخفض نصيب القطاع العام في الاستثمارات الإجمالية بانتظام من نحو 90% في أوائل السبعينات إلى نحو 77% في عام 1979 وإلى نحو 75% خلال سنوات الخطة الخمسية "82 / 83 - 86 / 87" ولا يقل أهمية من ذلك ما جرى للقطاع العام من استنزاف للخبرات والمهارات والعمالة المدربة، ليس فقط بالهجرة إلى الدول العربية، بل وانتقالها إلى الشركات الانفتاحية، أي لتشغيل القوة المنافسة للقطاع العام ذاته.
ومن ناحية ثالثة:
أدى الانفتاح إلى ظهور مراكز قوى جديدة، فقد نشأت مراكز قوى اقتصادية اكتسبت نفوذا وهيمنة لا يستهان بها على توجيه السياسات الاقتصادية ووضع القرارات العامة.
ومن ناحية رابعة :
أدى الانفتاح الاقتصادي إلى "نموا هشا" في الاقتصاد المصري، فهو نمو خدمي بالدرجة الأولى لم تكن الأولوية فيه للقطاعات السلعية كالزراعة والصناعة وإنما للقطاعات غير السلعية كالتجارة والتوزيع والمال والإسكان ألفاخر والنقل الخاص وسياحة الأغنياء وما إليها فبينما بلغت معدلات النمو في القطاعات الخدمية من 12% إلى 14% لم يزد معدل نمو الزراعة عن 2% على أكثر تقدير ولم يتعد معدل النمو في قطاع الصناعة والتعدين 6% طبقا للإحصاءات الرسمية، كذلك فانه نمو لا يستند إلى عناصر القوة الذاتية للاقتصاد المصري بقدر ما يستند أما إلى اعتبارات طبيعية كالطفرة في استخراج البترول وتصديره أو اعتبارات خارجية مثل حركة الملاحة العالمية وتأثيرها على إيرادات قناة السويس أو الأوضاع الخاصة بدول الخليج وتأثيرها على استيراد العمالة المصرية، أو تدفق الاستثمارات الخارجية الأخطر من ذلك القروض والمعونات الخارجية، وهو نمو هش لا يستمر لأمد طويل، هذا فضلا عن انه نمو "مرهون" للأجانب، فهو مثقل من البداية بعبء دين خارجي ضخم، اتجه للتزايد في سنوات الانفتاح، على الرغم من أن أحدى ذرائع الانفتاح هي تقليل الاعتماد على القروض الأجنبية وإحلال الاستثمارات الأجنبية محلها، غير أن ما جاء إلى البلاد من استثمارات أجنبية كان قليلا، ولم يزد في مجموعه عن 2 مليار دولار طوال السنوات من 1974 - 1979، ولم تتعد رؤوس الأحوال العربية والأجنبية ثلث رؤوس أموال الشركات الانفتاحية التي تم الموافقة عليها منذ 1974 وحتى 1985 ومن جهة أخرى فقد قفز حجم الدين الخارجي من 2.1 مليار دولار سنة 1973 إلى نحو 15 مليار دولار في 1979 ثم ما يقرب من 20 مليار دولار 1983، وبالجملة لم تر البلاد من غيث الاستثمار الأجنبي سوى القطراتـ وتم إغراقها في بحر من الديون الخارجية بالإضافة إلى ذلك فأن هذا "النمو الهش" اقترن باتساع ألفوارق بين الطبقات، وبالتالي ازدياد حدة الصراع الطبقي في المجتمع.
ومن ناحية خامسة :
أدى الانفتاح إلى "تفشى الطفيلية" فقد شهدت مصر نموا هائلا في الأنشطة الطفيلية منذ أن دخلت عهد الانفتاح، وقد اتخذ النشاط الطفيلي صورا عديدة مثل استغلال النفوذ السياسي والإداري، والارتشاء، والتواطؤ مع القطاع الخاص على حساب القطاع العام، والمضاربة في الأراضي والمباني، وتضخيم ألازمات، والاتجار في السوق السوداء، والتهريب، والتهرب من دفع الرسوم والضرائب الجمركية، والاستيلاء على أموال الدولة، وغيرها مما ظهر في محاكمات ألفساد بعد رحيل السادات، وهي ظواهر بالغة الخطورة، وأثرت سلبيا على نظام القيم في المجتمع لما تنطوي عليه من استغلال ومن انفصام في العلاقة بين الجهد والكسب، ولها عواقب وخيمة في المجال الاقتصادي سواء من حيث العبث بنظام الحوافز الذي يقوم على مبدأ ربط الأجر بالجهد ولما يترتب عليها من انصراف عن العمل المنتج الذي هو أساس النمو الاقتصادي ولما تضعه من عراقيل أما التخطيط، حيث يتعذر معها إجراء الحسابات الاقتصادية المعتادة والتنبؤ بالسلوك المحتمل للاقتصاد القومي.
ومن ناحية سادسة :
أدى الانفتاح إلى التضخم الانفجاري، فقد اتخذ التضخم صورة انفجارية في سنوات الانفتاح، فالثابت من الإحصاءات الرسمية للأسعار أن معدل التضخم لم يكن يتجاوز 3% - 4% حتى سنة 1973، بينما بدا المعدل في الزيادة بخطوات متسارعة منذ سنة 1974 فقد قفز معدل التضخم إلى 11% في عام 1974 ثم إلى 13% في 1977 ثم إلى 21% في 1980، وطبقا لتقرير صادر عن وزارة الاقتصاد، فأن التضخم قد بلغ في المتوسط 13.5% خلال ألفترة من 1973 - 1979 ونحو 22.3% في المتوسط خلال السنتين 1978 - 1979، وقد بلغ 25% في 81 / 82 طبقا لتصريح وزير الاقتصاد د. مصطفي السعيد في ذلك الوقت.
ومن ناحية سابعة :
أدى الانفتاح الاقتصادي إلى اغتيال التخطيط، وكانت أسوأ نتائج الانفتاح الاقتصادي، فبرغم أن المادة 3 من قانون الاستثمار قد نصت على أن "يكون استثمار المال العربي والأجنبي في جمهورية مصر العربية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية" فأن أحدا من المسئولين عن الانفتاح لم يأخذ هذه المادة مأخذ الجد، بما فيهم السادات نفسه، فقد قال "يوم أن تكون هناك خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية فأن راس المال سيهرب" مما يوحى بأن غياب التخطيط لم يكن من قبيل السهو، وإنما كان مقصودا أو مدبرا من البداية لتهيئة المناخ المناسب للانفتاح.
لقد كانت النتيجة النهائية لسياسة "الانفتاح الاقتصادي" هي وقوع الاقتصاد المصري في فخ التبعية، فلم يعد محلا للجدل أن مصر في عهد الانفتاح قد صارت تابعة تبعية كاملة للمركز الرأسمالي العالمي، فقد كان عام 1976 شاهدا على تجربة التحديث التابع وتدخل صندوق النقد الدولي ضامنا لتدفق قروض الحكومات والمصارف العالمية بهدف فتح الاقتصاد أمام صادرات ورؤوس أموال المركز الرأسمالي، ثم عودة الصندوق للتدخل في أعوام 1977 و 1978 و 1981 و 1986 بعد رصف سبل التدخل، فالافتراض عن الخارج أصبح الوجه الآخر لعجز البناء الاقتصادي التابع، حيث يؤدى عجز ميزان المدفوعات إلى اللجوء للاقتراض الخارجي، ويؤدى الاقتراض إلى تراكم أعباء خدمة الدين من أقساط وفوائد، بما يؤدى إلى الاقتراض من جديد لعلاج العجز، ويتدخل الصندوق لعلاج عجز المدفوعات وتسهيل الاستدانة من الخارج ثم لإعادة جدولة الدين، وتكون النتيجة تكريس التبعية.[2]
انظر أيضاً
الهوامش
- ^ "ما يجب أنْ نعرفه عن الانفتاح الاقتصادي". الباحثون المصريون. 2016-05-05. Retrieved 2021-01-20.
- ^ "سياسة - الإنفتاح الإقتصادى - و نتائجه". الحوار المتمدن. 2006-11-29. Retrieved 2021-01-20.