الإنترنت.. تدخل عامها الأربعين
الإنترنت.. تدخل عامها الأربعين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تحولت إلى قوة مؤثرة على جميع الصعد
وفقا لبعض المواصفات فان النظام الذي يدعى «الانترنت» فقد دخل في عامه الاربعين. لكنه لم يصبح اداة اجتماعية مؤثرة وقوة اقتصادية إلا في التسعينيات، أي في الوقت الذي شهد ظهور الاجهزة الرائعة التي تعمل على الشبكة مقرونة بالكومبيوترات الشخصية التي يمكن اقتناؤها، التي جعلت الجميع في جميع انحاء العالم في تواصل دائم مع بعضهم بعضا. وقد تحولت الانترنت الى أداة عالمية منذ عشر سنوات تقريبا. وربما الاختراع الأهم في القرن العشرين هو تلك البنية التحتية للعُدد والبرمجيات التي كونت نظام الاتصالات بالمعلومات المعروف بالانترنت. وهذا ما أدى الى ثورة في الاسلوب الذي يتعامل به الناس والشركات والمؤسسات التجارية، وفي اسلوب الاعلان والبيع.
وعلى الرغم من ان التقنية التي تدعم الانترنت كانت قيد التطوير والاستخدام لعقود عديدة، وعلى الرغم من ان الويب ذاته، حسب بعض التعريفات، بات يبث نفسه على الشبكة في الستينات، إلا انه لم يبدأ في الدخول والتسلل الى حياة الناس اليومية الا في اواسط التسعينات.
وخلال السنوات العشر التي اعقبت ذلك تطور الانترنت، اصبح الويب جزءا لا يتجزأ من المجتمع العالمي مغيرا حياة الناس على جميع الصعد. ولم يكن الاطفال الذين ولدوا حتى قبل 20 سنة يملكون اي معلومات ولو ضئيلة عن كيف يكون العيش في عالم لا تتوفر فيه المعلومات والاتصالات والتسلية عند الطلب. وحتى اولئك الذين عاشوا في حقبة التحول الى العصر الرقمي قد يجدون صعوبة في تقدير كم غير الانترنت العالم وأثر فيه. وتقول كارولين دانغسون المحللة في «آي دي سي» الاميركية ان «الانترنت لن تختفي لانها اداة تقنية كبيرة قامت بتغيير العالم وأثرت في تصرفات وسلوك المستهلكين ورجال الاعمال. كما قامت بتوليد نماذج جديدة من الاعمال». ونقلت عنها مجلة «تك نيوز وورلد» الالكترونية ان الانترنت هو اكثر وسط مستخدم في الولايات المتحدة، حيث يقضي المستخدمون هناك في استخدامه ضعفي الوقت الذي يقضونه على التلفزيون، كما ان 68 في المائة من الاميركيين يملكون منفذا الى الانترنت، سواء من منازلهم، أو اعمالهم، او من الاماكن العامة. وتقريبا فإن ربع المنازل في الولايات المتحدة مشتركة في خدمات الانترنت التي يدفعون لقاءها 30 دولارا شهريا.
شعبية محركات البحث
- ومن بين العديد من الادوات والعدد المتوفرة على الشبكة تعتبر محركات البحث اكثرها شعبية التي يواظب عليها 84 من مستخدمي الانترنت في الولايات المتحدة. ومن بين المحركات المتوفرة حاليا محرك «غوغل» الذي يأتي في المرتبة الاولى على الصعيد الشعبي.
اما خدمات الخرائط والملاحة فستعمل هي الاخرى على نطاق واسع ايضا بنسبة 83 في المائة. وهناك نسبة 77 في المائة تستخدم الشبكة للبحث الخاص. وأشار ثلثا الاشخاص الذين استطلعتهم «آي دي سي» الى انهم يقومون باعمالهم المصرفية على الشبكة، كما ان 41 في المائة منهم استخدموا «أمازون» لاغراض البحث، او الشراء. والقوة الحقيقية للانترنت تكمن في القدرة على وصل المستخدم الى المعلومة، والى الشخص الآخر، كما تلاحظ دانغسون.
وذكر اكثر من سبعة من اصل 10 أميركيين انهم يستخدمون البريد الالكتروني، في حين يستخدم 54 في المائة منهم خدمات الشبكات الاجتماعية. وفي الماضي لم يكن موجودا سوى الهاتف والرسائل العادية البريدية واحيانا التلغراف. ولكن اليوم هناك البريد الالكتروني والتراسل الفوري IM، والصوت عبر بروتوكول الانترنت VoIP والمدونات اليومية والشبكات الاجتماعية، هذا فقط على سبيل الذكر لا الحصر.
اتصالات حول العالم
- وقد غيرت القدرة على الاتصال عبر الانترنت، اسلوب سوزان فيلدمان المحللة في «آي دي سي»، التي كانت تملك سابقا أعمالا صغيرة خاصة بها، في كيفية الاتصال مع الزملاء والزبائن.
وراقبت فيلدمان كيفية نمو الانترنت من مرحلة الطفولة. فقد بدأت هذه الشبكة كمصدر صغير للبحث والمعلومات في عام 1981. وعلى مدى السنوات الست التالية تحولت الى شبكة تتسع باستمرار تضم الآخرين من محترفي المعلومات. وتحول الاتحاد غير المتين للاختصاصيين في المعلومات الى هيئة عالمية تربط اعضاءها معا عن طريق الاجتماع السنوي واستخدام الندوات والنشرات مثل «كومبيوسيرف»، كما توضح فيلدمان. وأضافت «في الوقت الذي كنت اقوم فيه بالابحاث على الانترنت منذ عام 1971، سنحت لي الفرصة ان أتواصل مع الآخرين حول العالم. فقد حصلت على عنوان خاص بي على الشبكة في العام 1989 لان احد زبائني كان «مركز كورنيل للعمليات الكومبيوترية المتفوقة» الذي يعد واحدا من أربع مؤسسات علمية وطنية في الولايات المتحدة التي قامت بتنظيم العقد التي شكلت العمود الفقري للانترنت. فقد اصر هذا المركز على العمل معي عن طريق الشبكة فقط».
وبالنسبة الى اصحاب الاعمال الصغيرة تؤمن الانترنت قدرة واسعة على تمكينهم من القيام بالاعمال على المستوى العالمي الذي كان في السابق وقفا على الشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات.
وتمضي فيلدمان: «بالكاد كان زبائني من الاشخاص المحليين، فقد كنت أقوم من مكتبي الصغير في نيويورك بانجاز مشاريع لمجلس الشيوخ الاميركي، ومؤسسة الفيزياء في المملكة المتحدة، ولمجموعة منشورات ويلسون في نيويورك. وكنا نتحدث على الهاتف نبحث في المشاريع والاعمال. وكانت الملفات ترسل جيئة وايابا كملحقات للبريد الالكتروني، او كملفات تعمل بمبدأ «بروتوكول نقل الملفات «FTP». لكن الطرق العديدة من الاتصالات التي فتحتها الانترنت جعل من السهل على الناس الاتصال ببعضهم، وان ادخلنا هذا الى عالم اكثر تعقيدا واحيانا أكثر خطورة.
ويقول روب إندريل كبير المحللين في مجموعة «إندريل غروي»/ «اننا وعن طريق بعض الاساليب، اصبحنا اكثر اتصالا مع بعضنا من قبل. غير انه بدلا من قضاء الوقت امام التلفزيون الذي يلقمنا بالمعلومات، فإننا نقوم بتلقيمها لأنفسنا».
فوائد متعددة
- ومستخدمو الانترنت متأثرون بالانترنت لكونها تقوم بالاهتمام بالاعمال التي كان يتوجب عليهم في الماضي تركها في منازلهم، وهذا امر جيد وسيئ في الوقت ذاته.
وتضيف فيلدمان «لقد شرع الناس الآن بالقيام بأعمالهم المصرفية على الانترنت، والكشف عن المعلومات الطبية لكي يكونوا مطلعين عليها اكثر. كذلك فانهم يتسوقون على الانترنت كاشفين عن مواصفات المنتجات المختلفة، وما كتب عنها.
ويبدو ان الشبكات الاجتماعية قد شرعت تلعب دورا ايضا، فقد بات الناس اكثر اتصالا ببعضهم، واقل نشاطا على صعيد الاجتماعيات. وهذا من المتناقضات، كما بات الجميع يملكون الهواتف الجوالة، مما يتيح لهم البقاء على اتصال فوري مع الاصدقاء وافراد العائلة، وان كنت لا تراهم كثيرا».
وهذا ليس بالكامل تطورا ايجابيا. فعلى الرغم من ان الناس يقضون وقتا اقل في مشاهدة التلفزيون مفضلين بدلا عنه، قضاء ساعات في اتصال مع الاصدقاء على الشبكة، الا ان هذا يعني وجود انقطاع صلة بين الافراد، مما يفسح لهم المجال ان يمضوا في ردود فعل غير مستحبة دائما. ومثال على ذلك: لنلق نظرة على اي مدونة سياسية يومية تتعلق بنتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة في اميركا، خاصة تلك التي تتيح المجال امام القراء لكي ينشروا ما يحلو لهم من ردود الفعل والتعليقات التي تخطر على بالهم بعيدا عن اي محاسبة. وقد لا يستغرق الكثير من الوقت قبل ان نلاحظ المواطنين الاميركيين من يسار الى يمين الطيف السياسي ينشرون تعليقات كانوا قد يمتنعون عنها، لو كانوا غير محميين بالكشف عن هوياتهم والبقاء مجهولين، وهو الامر الذي توفره الانترنت أوتوماتيكيا.
«ومثل هذا النقص في الاتصال الطبيعي فسح المجال الى نوع من السلوك المعادي غير الاجتماعي، والقرصنة، والسرقة، وظهور اشخاص يستمتعون بنشاطات معادية، وشن الهجمات والحملات على الآخرين» على حد قول إندريل.
وليس كل التغيرات التي حصلت على الانترنت كانت نحو الافضل وفقا لدانغسون. واشارت قائلة «وكما هو الحال مع كل الاشياء التي صنعها الانسان، هناك الجيد والسيئ. وبعضهم تجري معالجتهم لإدمانهم على نشر واستخدام مواد اباحية، او تتعلق بممارسة الميسر على الانترنت».
وهذا ايضا وضع ضغطا شديدا على الشركات لكون المستهلكين باتوا يتوقعون قيام جميع الشركات صغيرها وكبيرها بامتلاك موقع، او الحضور القوي على الشبكة الذي يكون مفتوحا ومتوفرا للاتصالات على مدار الساعة، سبعة ايام في الاسبوع، الذي بمقدوره ايضا تلقي تعليقات المستهلكين وطلباتهم، كما تلاحظ دانغسون. وكل هذه التغييرات، كما تقول، جعلت الحياة في العصر الرقمي سهلة واكثر تعقيدا في الوقت ذاته. وأخيرا فإن الطلب على مزيد من الكفاءة في العمل، مع وفرة وغنى في المعلومات، هما امران يشعر بهما الجميع اليوم، سواء كانوا ينتمون الى قطاع الشركات، او قطاع المستهلكين. ومثال على ذلك فقد اسست فيلدمان عملها الصغير عام 1981. وكان تنفيذ العمل او المطلوب منها يتم خلال 48 ساعة. وكان هذا يعتبر انجازا كبيرا. لكن في الوقت الذي باعت فيه اعمالها في العام 2000 تقلص هذا الوقت الى ساعتين او ثلاث ساعات، او حتى بضع دقائق.
واخيرا هناك ايضا تغير في عادات العمل، فقد اصبح الكثيرون يعملون من بيوتهم، وفي اي ساعة من ساعات النهار. كما تداخلت الحياة الخاصة مع حياة العمل لكوننا نستخدم الاجهزة ذاتها للعمل والتسلية والامور الخاصة، سواء كان ذلك اللابتوب، أو المنظم الشخصي «بي دي إف»، او الهاتف الجوال، او الاتصالات بالنطاق العريض.
- المصدر تقنية المعلومات صحيفة الشرق الأوسط.