معركة حطين
معركة حطين | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من الحملات الصليبية | |||||||
مخطوطة لمعركة حطين من القرن الخامس عشر | |||||||
| |||||||
المتحاربون | |||||||
مملكة القدس فرسان الهيكل الجنود الهوسپيتاليون Order of Saint Lazarus إمارة أنطاكية | الأيوبيون | ||||||
القادة والزعماء | |||||||
گي دي لوزينيان # ريمون الثالث أمير طرابلس گرارد ده ريدفورد # باليان أرناط # | صلاح الدين الأيوبي | ||||||
القوى | |||||||
20,000 men[1]
| |||||||
الضحايا والخسائر | |||||||
17,000 قتيل | غير معروف |
معركة حطين معركة فاصلة، بين الصليبيين وقوات صلاح الدين الأيوبي المسلمة، قامت في 4 يوليو 1187، قرب قرية حطين، بين الناصرة وطبرية انتصر فيها المسلمون، ووضع فيها الصليبيون أنفسهم في وضع غير مريح إستراتيجيا في داخل طوق من قوات صلاح الدين، أسفرت عن سقوط مملكة القدس وتحرير معظم الأراضي التي احتلها الصليبيون.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الموقع
حطين قرية عربية في فلسطين تقع إلى الغرب من مدينة طبرية، يتصل سهل حطين بسهل طبرية عبر فتحة طبيعية شديدة الانحدار. وكان السهلان معبرين طبيعيين للقوافل التجارية والجيوش على مر العصور ويخترقهما طريقان رئيسيان. وكان عدد سكان القرية عام 1945 نحو 1190 نسمة وكانت لهم وقفة مشرفة في وجه الغزو الإسرائيلي عام 1948 إلا أنهم غلبوا على أمرهم لتفوق القوى المعادية، فدمرت القرية وأقيمت فوق أراضيها مستعمرات كفار زيتيم وأحوزات نفتالي وكفار حيتيم.[3]
خلفية
بعد مضي نحو ربع قرن على الحملة الصليبية الثانية (1147-1149م) وإثر وفاة نور الدين محمود بن زنكي 1174م ووفاة [عموري] ملك مملكة بيت المقدس في السنة نفسها غدا صلاح الدين الأيوبي القوة الرئيسية التي تواجه دويلات الفرنجة في المشرق، وقد تركزت جهوده على توحيد القوى في مصر والشام لمواجهة العدو المشترك وإضعافه تمهيداً للقضاء على الوجود الصليبي في المنطقة، ونجح صلاح الدين في دمج أصقاع كاملة من بلاد الشام والجزيرة وغيرها إضافة إلى مصر واليمن تحت سلطته الكاملة. في حين شهد المعسكر الصليبي انهياراً سريعاً لسلطة الملك بلدوين الرابع لصغر سنه ومرضه، وتنازع كبار المملكة على خلافته، وتسبب زواج شقيقته سيبيل عام 1180 من غاي لوزنيان، الذي كان قد قدم حديثا من الغرب، في زيادة الشقاق بين البارونات، وانقسم هؤلاء إلى حزب ممالئ للبلاط يساند الملكة الأم أغنيس وشقيقها وغاي لوزنيان، وحزب آخر يضم البارونات القدامى المحليين، ومن أبرزهم أسرة إبلين ورينالد صاحب صيدا وريموند الثالث كونت طرابلس الوصي على العرش، وكانت زوجته تملك طبرية. وفي ذلك الحين كانت المملكة تزداد انعزالاً إلى درجة لم تعهدها من قبل، فتوجه زعماؤها بالاستغاثة إلى الغرب ثانية ، وتمخضت جهود البابا ألكسندر الثالث عن بعض النجاح في هذا الصدد.
توفي بلدوين الرابع عام 1185 تاركاً ريموند الثالث وصياً على العرش بناء على اتفاق سابق. وتوفي خليفته بلدوين الخامس في السنة التي تلت، وتغلب حزب البلاط على بقية البارونات متجاوزاً ترتيبات الوراثة المتفق عليها وتوجت سيبيل ملكة، وتولت هي تتويج زوجها غاي لوزنيان ملكاً على مملكة بيت المقدس.
دوافعها
كانت مناطق جنوب لبنان وفلسطين والقدس تحديدا قد احتلت من الصليبيين عام 1099 م، وكان الإقطاعيون الصليبيون والبارونات والفرسان قد نصبوا أنفسهم أمراء وملوك على تلك المناطق، فكان هذا على مدى قرن دعوة لتحرير البلاد من الاحتلال، وكانت غارة لصوصية شنها أحد بارونات الإفرنج البارزين، رينالد دوشاتيون (De Chatillon) السبب المباشر لأجل هجوم المسلمين، رينالد دوشاتيون كان مغامرا وقحا وسبق له أن اجتاح قبرص البيزنطية في سنة 1155 م وأعمل فيها سلبا ونهبا، وكان قد أسر عند نور الدين قبل 16 سنة، وبعد إخلاء سبيله استقر في حصن الكرك، وعكف على نهب وسلب قوافل التجار المارّة في الجوار، لأن الحصن كان يقطع الطريق من سوريا إلى مصر وإلى الحجاز، وفي أواخر سنة 1186 م ولربما أوائل 1187 م، شن رينالد خلافا لشروط هدنة عقدت في 1180، شن غارة على قافلة متجهة من القاهرة إلى دمشق ونهب بضائعها النفيسة، وأسر أفرادها وزجهم في حصن الكرك، ويروى أن القافلة كانت لأخت صلاح الدين بالذات، فما كان من صلاح الدين إلا ان يطالب في الحال ملك القدس آنذاك غي دي لوزينيان بالتعويض عن الضرر والإفراج عن الأسرى ومعاقبة الناهب، ولكن الملك لم يجازف بمس تابعه القوي رينالد، فكان أن قرر صلاح الدين إعلان الحرب على مملكة القدس، إذ كان على علاقة طيبة مع إمارة طرابلس، إلا إن مرض صلاح الدين أخر بدء القتال في تلك السنة.
العمليات العسكرية التي سبقتها
في البدء اجتاحت قواته في الربيع الباكر من عام 1187 م مناطق قلعتي الكرك وكراك دي مونريال، وبعد شهرين بدأ القتال ضد الصليبيين، واحتشدت قوات المسلمين الموحدة من مصر و بلاد الشام
في مايو 1187 م أبيدت إلى الشمال الشرقي من الناصرة فصيلة كبيرة مؤلفة أساسا من الفرسان الصليبيين، ولقي الأستاذ الأكبر لجمعية الأوسبيتاليين روجيه دي مولان مصرعه.
كانت قوات صلاح الدين تضم 12 ألف فارس، و13 ألفا من المشاة وقوة كبيرة من المتطوعين ورجال الاحتياط، وفي الجانب الآخر حشد الصليبيون 22 ألفا بين فارس وراجل، والتحق بهم عدد كبير من المتطوعة حتى روي أنه زاد عددهم على الستين ألف.
عبر صلاح الدين بجيشه نهر الأردن جنوبي طبريا، وسار في اليوم التالي إلى تل كفر سبت (كفر سبيت) في الجانب الجنوبي الغربي من طبريا، وحاول الاشتباك مع الصليبيين، فرفضوا القتال، وفي 2 يوليو استولى جيش صلاح الدين على طبرية قاطعا على عدوه طريقه إلى الماء.
أحداث المعركة
في كل مكان أحرق المسلمون الأعشاب والشجيرات، واستولوا على عيون الماء، ولما وصل الصليبيون إلى السهل الواقع بين لوبيا وحطين شن صلاح الدين هجوما ففروا إلى تلال حطين، فحاصرت قوات صلاح الدين التلال، وأقبل الليل وتوقف القتال، في اليوم التالي 4 يوليو 1187 وفي قيظ شديد ونقص في مياه الشرب قامت معركة حطين، ولف الفرسان الصليبيون الذين انتظموا على مرتفع حطين سحب الدخان المتصاعد إلى أعلى، فالتحم الجيشان على بعد ميلين من حطين ، فتضعضعت صفوف الصليبيين وأهلكت سهام جيش صلاح الدين الصليبين، ثم شن هجوم بالسيوف والرماح، فقتل وجرح وأسر الكثير، فاستسلم الألوف منهم، وقام الصليبيون بمناورة، فتقدم قائد الفرسان ريمون الثالث أمير طرابلس بأمر من غي دي لوسينيان ملك القدس، وزحزح بهجومه هذا قوة يقودها تقي الدين عمر، فظن الصليبيين أنهم فتحوا ثغرة في صفوف صلاح الدين فاندفعوا فيها، وحصر جيش صلاح الدين جزء من الجيش الصليبي فشطره إلى شطرين. ودامت المعركة نحو 7 ساعات على التوالي. سقط فيها الآلاف بين جرحى وقتلى، ووقع الملك غي دى لوزينيان ملك القدس آنذاك في أسر صلاح الدين، بالإضافة إلى العديد من القادة والبارونات، ولم ينج إلا بضع مئات فروا إلى صور واحتموا وراء أسوارها.
سير المعركة
أ( من صفورية إلى سهل طرعان _ صباحًا. ب( توقفهم عند مسكنة بسبب عدم قدرة المؤخرة على اللحاق بمقدمة الجيش.
أما خطة صلاح الدين فتتلخص في: أ( السعي إلى إخراجهم من مصادر الماء في صفورية، وقد نجح في ذلك.
ب( ضرب الجناح الأيمن للطابور الصليبي، وذلك بواسطة النبّالة الذين امتطوا الخيول الخفيفة.
ج( الهجوم على المؤخرة بهدف تأخير الصليبيين، وشل حركتهم عن السير إلى طبريا.
د( فك الالتحام بين مشاة الصليبيين وفرسانهم، حيث أن القاعدة التي ساروا عليها في معاركهم السابقة والتي كانت تتلخص بِأن يحمي راجلهم فارسهم، بمعنى أن يقوم حملة الأقواس المحيطين بالفرسان بالرد على نبّالة المسلمين. إلا أن الضغط على مؤخرة الجيش الصليبي أعاق المشاة الذين لم يستطيعوا مجاراة الفرسان، مما دعا إلى كشف الفرسان والمشاة أمام هجمات المسلمين.
وماذا أعد صلاح الدين كدعم لوجيستي لجيشه؟ أ( 70 جملاً لنقل الماء من نهر الأردن وعيون الفجّاس والعيون الأخرى القريبة من لوبية وكفرسبت، لتوضع في الآبار والصهاريج.
ب( 400 دابة لنقل العتاد الحربي، وخاصة السهام وإيصالها إلى الجبهة.
=تتمة سير المعركة
عسكر الصليبيون ليلة السبت عند مسكنة، وذلك بعد أن تيقنوا من أنهم لن يستطيعوا الوصول إلى طبريا. أما سبب اتجاههم إلى الشمال - الشرقي فهو أن خطتهم الأصلية تشوّشت، مما دعا إلى تعديلها بمحاولة الوصول إلى عين حطين. أما صلاح الدين فقد عسكر في لوبية، وعملت قواته على تطويق الصليبيين ليلاً عند مسكنة. ونام المعسكر الصليبي وهو يئن من التعب والعطش، بينما كان المسلمون يهللون ويكبرون.
وفي الصباح مشى الطابور الصليبي يحيط به جند المسلمين الذين لم يهاجموه إلى نحو التاسعة صباحًا، عندها بدأ الضغط على المؤخرة، وبدا - من شدة الهجوم الذي قاده صلاح الدين بنفسه على مؤخرة الجيش الصليبي، وكذلك هجمات مظفر الدين كركبوري على ميمنة الصليبيين - ان صلاح الدين أراد حسم المعركة في السهل الواقع غربي قرون حطين، أي شمالي موضع كيبوتس لفي بنحو 1 كم. وقد قام فرسان الهيكل المتواجدون في مؤخرة الجيش بالرّد على هجمات صلاح الدين، إلا أن هجومهم باء بالفشل لأن المشاة لم تدعم هذا الهجوم، مما يعني الإخلال بالقاعدة: «يحمي راجلهم فارسهم ». وتوقف الطابور الصليبي تمامًا لشدة الهجمات الإسلامية المتتالية، وأمر الملك جاي بنصب الخيام وإقامة معسكر يمكن الدفاع عنه بنجاعة أكبر. إلا أن المسلمين لم يمكّنوهم من ذلك، ولم تنصب سوى ثلاث خيام في أعلى الشعب المؤدي إلى عين حطين، كما سدّ تقي الدين عمر الطريق إلى عين حطين.
قام بعض المتطوعة بإلقاء النار في الحشيش شمال وغربي الصليبيين، مما جعل معاناة الصليبيين تشتد أكثر، فَبُلوا بنار الحريق ونار العطش ونار الحرب -على حد قول أبي شامة المقدسي. فما كان من كونت طرابلس، ريمون زوج أشيفا - إلا أن شق طريقه بعد أن أمر تقي الدين عمر بفتح الطريق له، فخرج الكونت وأصحابه، ثم التأم الصف.
كانت نتيجة هروب ريموند انحطاط الروح المعنوية للصليبيين، فأخذ المشاة وحتى الفرسان يسلّمون أنفسهم للكتائب الإسلامية. وفي النهاية تجمع الصليبيون الذين ظلوا على قيد الحياة على القمة الجنوبية لقرية حطين، ونصبوا خيمة الملك بجانب الصليب الذي أحضر من القدس إلى صفورية ومنها إلى حطين. ورغم أن الفرسان الصليبيين قاموا مجددًا بهجومين من البقعة الواقعة بين قرني حطين باتجاه الغرب إلا أن الهجومين فشلا، وخصوصًا أن المشاة لم يسندوا هذين الهجومين بسبب ما عانوه من تعب وعطش. وزاد تعب وعطش الفرسان فنزلوا من على ظهور دوابهم وجلسوا على الأرض، فصعد المسلمون إليهم وألقوا خيمة الملك وأسروهم عن بكرة أبيهم.
جيء بالملك جاي وأرناط، فأعطى صلاح الدين الأمان للملك، إلا أنه قتل أرناط بيده. كما أمر بقتل أكثر من 200 فارس من الداوية والاسبتارية، وأخذ الأسرى بالآلاف. وقدر عدد القتلى من الصليبيين بنحو عشرة آلاف، وقد زار ابن الأثير الموقع بعد سنة، فرأى عظام القتلى تبين عن بعد، هذا سوى ما أكلته السباع وما جرفته السّيول.
ثقافة النصر لدى صلاح الدين
أ( كان صلاح الدين عشية المعركة يطلب من نساء وأطفال وشيوخ البلاد التي يمر بها الدعاء له بالنصر، لأنه كما يقول الحديث الشريف: «بهم تنصرون » أي بدعاء الضعفاء.
ب( كان يرى من اليُمْن أن يبدأ معركته يوم جمعة، حيث الخطباء على المنابر، لعل دعاءهم له بالنصر يصادف ساعة استجابة.[4]
ج( الإنابة إلى الله عند الشدائد، كما فعل عندما اقترب الصليبيون بقيادة رتشارد قلب الأسد من القدس، فقد سمعه ابن شداد قاضي القدس يقول: «إلهي قد انقطعت أسبابي الأرضية في نُصرة دينك، ولم يبق إلا الاخلاء إليك والاعتصام بحبلك، والاعتماد على فضلك، أنت حسبي ونعمَ الوكيل .»
نتائجها
كانت هزيمة الصليبيين في معركة حطين هزيمة كارثية، حيث فقدوا فيها زهرة فرسانهم، وقتل فيها أعداد كبيرة من جنودهم وأسر فيها أعداد كبيرة أيضاً. و أصبح بيت المقدس في متناول صلاح الدين، وكان من بين الأسرى ملك بيت المقدس و معه مائة و خمسون من الفرسان ومعهم أرناط (رينالد دوشاتيون) صاحب حصن الكرك و غيره من كبار قادة الصليبيين ، فأحسن صلاح الدين استقبالهم، وأمر لهم بالماء المثلج ، و لم يعط أرناط (رينالد دوشاتيون)، فلما شرب ملك بيت المقدس أعطى ما تبقى إلى أرناط (رينالد دوشاتيون)، فغضب صلاح الدين وقال: "إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فينال أماني"، ثم كلمه وذكّره بجرائمه وقرّعه بذنوبه، ثم قام إليه فضرب عنقه، وقال: "كنت نذرت مرتين أن أقتله إن ظفرت به: إحداهما لما أراد المسير إلى مكة والمدينة، والأخرى لما نهب القافلة واستولى عليها غدرًا". فكان أن برّ صلاح الدين بيمينه و ضرب عنق أرناط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ما بعد المعركة
تعد معركة حطين نقطة تحول حاسمة في الموقف السياسي - العسكري في المشرق ، فقد دمرت المؤسسة العسكرية الصليبية التي ظلت ترهب المشرق نحو قرن من الزمن، وتحول المسلمون من وضع الدفاع الاستراتيجي إلى الهجوم الاستراتيجي وانتعشت الآمال بقرب نهاية الوجود الفرنجي في البلاد. وتبين للجميع أهمية الوحدة السياسية وتلاحم القوى وبناء القدرة الذاتية والتخطيط الشامل ووضوح الهدف في تحقيق النصر. ومن الناحية العسكرية فقد كانت معركة حطين والترتيبات التي سبقتها والعمليات التي تلتها نموذجاً رائعاً للحرب الحركية والمناورة الجيدة تمثلت فيها مختلف أنواع الأعمال الحربية من الاستطلاع الجيد والاختيار الصحيح لأرض المعركة إلى القتال في المسير والقتال التصادمي والهجوم والدفاع والتطويق وغير ذلك ، غير أن أبرز ما فيها نجاح المسلمين في تشتيت جهود العدو وإنهاكه وإرهاقه بالرمايات من الحركة وإضعاف معنوياته والإفادة من نقاط ضعفه قبل الانقضاض النهائي عليه، ومن ثم استثمار النصر من دون تلكؤ ليكون النجاح تاماً غير منقوص. ولا شك بأن الكفاية القتالية العالية والتصميم على انتزاع النصر إلى جانب الاستعداد الدائم للتضحية من أهم عناصر النجاح في جميع الأحوال وفي كل مكان وزمان.
وبعد المعركة، سرعان ما احتلت قوات صلاح الدين وأخوه الملك العادل المدن الساحلية كلها تقريبا جنوبي طرابلس: عكا، بيروت، صيدا، يافا، قيسارية، عسقلان. وقطع اتصالات مملكة القدس اللاتينية مع أوروربا، كذلك استولى على أهم قلاع الصليبيين جنوبي طبرية، ما عدا الكرك وكراك دي مونريال. وفي النصف الثاني من سبتمبر 1187 حاصرت قوات صلاح الدين القدس، ولم يكن بمقدور حاميتها الصغيرة أن تحميها من ضغط 60 ألف رجل. فاستسلمت بعد ستة ايام، وفي 2 أكتوبر 1187 م فتحت الأبواب وخفقت راية السلطان صلاح الدين الصفراء فوق القدس. في نوفمبر 1188 م استسلمت حامية الكرك ، وفي أبريل - مايو 1189 استسلمت حامية كراك دي مونريال، وكان حصن بلفور آخر حصن يسقط، ومنذ ذلك الحين صار ما كان يعرف بمملكة القدس اللاتينية بمعظمها في يد صلاح الدين، ولم يبق للصليبيين سوى مدينتي صور وطرابلس، وبضعة استحكامات صغيرة وحصن كراك دي شيفاليه(قلعة الحصن).
وكان العفو الذي أبداه صلاح الدين سببا لتزيين تاريخ صلاح الدين في الغرب وتطري شهامته غير العادية. أدى سقوط مملكة القدس إلى دعوة روما إلى بدء التجهيز لحملة صليبية ثالثة والتي بدأت عام 1189 م.
عامل صلاح الدين القدس وسكانها معاملة أرق وأخف بكثير مما عاملهم الغزاة الصليبيون حين انتزعوا المدينة من حكم مصر قبل ذلك بمئة عام تقريبا، فلم تقع قساوات لا معنى لها ولا تدميرات، ولكنه سمح بمغادرة القدس في غضون 40 يوما بعد دفع فدية مقدارها 10 دنانير ذهبية عن كل رجل، 5 دنانير ذهبية عن كل امرأة، ودينار واحد عن كل طفل، ولم يستطع زهاء 20 ألف فقير جمع نقود الفدية، فكان الخوف من الاستياء والغضب أجبر الفرسان الرهبان الهيكليون والاسبيتاليون الذين يملكون المال بوفرة بدفع فدية 7 آلاف فقير، وبقي 15 ألف شخص لم يستطيعو ان يفتدوا بأنفسهم فبيعوا عبيدا.
المصادر
- ^ A. Konstam, Historical Atlas of The Crusades, 133
- ^ Madden, Thomas (2005), Crusades The Illustrated History, Ann Arbor: University of Michiga P
- ^ الموسوعة العربية، حطين، واقعة
- ^ معركة حطين وثقافة النصر, الأسوار
- الصليبيون في الشرق - ميخائيل زابوروف - دار التقدم / موسكو 1986.
- صلاح الدين الايوبي (بطل حطين) - دار العلم للملايين / لبنان ط19 1984
- مقالة الحروب الصليبية من موسوعة ويكيبيديا باللغة الانجليزية
المراجع
- ابن الأثير، الكامل في التاريخ (دار الكتاب العربي، بيروت 1967).
- بهاء الدين بن شداد، النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية (الدار المصرية للتأليف والنشر، القاهرة 1964).
- ابن واصل، مفرج الكروب في أخبار بني أيوب (إدارة إحياء التراث القديم، القاهرة 1953).
- ر.سي.سميل، فن الحرب عند الصليبيين، ترجمة محمد وليد الجلاد (دار الفكر، دمشق 1982).
قراءات إضافية
- Baldwin, M. W. (1936), Raymond III of Tripolis and the Fall of Jerusalem (1140–1187), Princeton: Princeton University Press
- Brundage, James A. (1962), "De Expugnatione Terrae Sanctae per Saladinum", The Crusades: A Documentary Survey, Milwaukee: Marquette University Press
- Delcourt, Thierry ed. (2009), Sébastien Mamerot, Les Passages d'Outremer. A chronicle of the Crusades, Cologne: Taschen, pp. 145, ISBN 978-3-8365-0555-0
- Edbury, Peter W. (1996), The Conquest of Jerusalem and the Third Crusade: Sources in Translation, Aldershot: Ashgate, ISBN 1840146761
- Gillingham, John (1999), Richard I, Yale English Monarchs, New Haven: Yale University Press, ISBN 0300079125
- Holt, P. M. (1986), The Age of the Crusades: The Near East from the Eleventh Century to 1517, New York: Longman, ISBN 0582493021
- Lyons, M. C.; Jackson, D. E. P. (1982), Saladin: The Politics of the Holy War, New York: Cambridge University Press, ISBN 052122358X
- Nicholson, R. L. (1973), Joscelyn III and the Fall of the Crusader States, 1134–1199, Leiden: Brill, ISBN 9004036768
- Phillips, Jonathan (2002), The Crusades 1095–1197, New York: Longman, ISBN 0582328225
- Runciman, Steven (1952), A History of the Crusades, vol. II: The Kingdom of Jerusalem and the Frankish East, 1100–1187, Cambridge: Cambridge University Press
- Setton, Kenneth, ed. (1958), A History of the Crusades, vol. I, Philadelphia: University of Pennsylvania Press, http://digicoll.library.wisc.edu/cgi-bin/History/History-idx?type=browse&scope=HISTORY.HISTCRUSADES
- Smail, R. C. (1956), Crusading Warfare, 1097–1193, Cambridge: Cambridge University Press