صاعقة
الصاعقة lightning أو البرق ظاهرة جوية معروفة ترتبط بالسحاب وغالباً من النوع الركامي المُزْني cumulonimbus. ويشاهد البرق غالباً كوميض ضوئي يضيء أماكن محددة من السماء الغائمة، ويبدو أحياناً على شكل شرارة كهربائية متشعبة شديدة الإضاءة تمتد لعدة أميال في الجو، يعقبها بعد لحظات دوي انفجاري وهدير متردد الصدى يعرف بالرعد thunder. ومن المظاهر العامة لظاهرة البرق أنه قد يلاحظ الوميض من دون أن يتبعه الهدير المعروف بالرعد. ويسمع الرعد عادة بعد رؤية البرق بمدة تتفاوت بين حالة وأخرى. والسبب في تأخير سماع دوي الرعد بعد مشاهدة البرق، هو الفرق في سرعة انتشار الضوء الكبيرة مقارنة بسرعة انتشار الصوت في الجو. وتحصل ظاهرة البرق نتيجة لحدوث انفراغ كهربائي بين مناطق الغيمة الواحدة ذات الشحنات المتباينة، أو بين غيمتين متجاورتين، أو بين غيمة وسطح الأرض، وذلك عندما يتجاوز فرق الكمون الكهربائي القيمة الحدّية له. وتكون الغيوم سالبة، أو موجبة الشحنة، أو تحوي الشحنتين معا،ً كما هي الحال في الغيوم الحَمْلية. تبدأ المرحلـة الأولى من عملية الانفراغ الكهربائي من خلال تيار ضعيف الشـدة يتجه من إحدى مناطق تجمّع وتقطّب الشـحنات الكهربائية باتجاه منطقـة التقطّب الأخرى. وقد سجلت عشرات الأشكال لمظاهر الصواعق، إلا أن الأنواع الأساسية المعروفة والمشاهدة بتكرارية مختلفة هي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصاعقة الخطية
وهي ذات أشكال متشعبة من أقنية التأين الناقلة، يراوح عرض قناة الانفراغ الأساسية بين 15و20سنتمتراً، وتصل شدة التيار الكهربائي في القناة إلى مئات الكيلوأمبير. وتبلغ مدة استمرار عملية الانفراغ هذه وسطياً 0.2ثانية وقد تصل إلى 1.5ثانية. وتراوح درجة الحرارة في القناة الناقلة بين 10و20ألف درجة مئوية. ونظراً لارتفاع درجة الحرارة بسرعة كبيرة إلى هذا الحد في قناة التأين، فإن جزيئات الماء تنشطر ويرتفع الضغط ارتفاعاً هائلاً في خلال مدة قصيرة جدا،ً مما يحدث الموجة الضاربة التي تكوّن ظاهرة الرعد صوتاً مدوٍّياً في بدايته، ثم لايلبث أن يتردد صداه على الغيوم والجبال والجبهات الهوائية حتى يتلاشى كأنه يبتعد. يتصدر بداية القناة رأس شديد الإضاءة ذو درجة حرارة تصل إلى نحو 20000درجة مئوية، تنطلق منه كمية كبيرة من الفوتونات تشق الطريق أمام الشحنة السالبة التي تندفع بسرعة تقارب 150كم/ثا، على دفعات متلاحقة، بدور يقارب 100ميكرو ثانية، إلى أن يصل هذا الرأس المتصدر إلى سطح الأرض. وعندها تحصل الصدمة المعاكسة الارتجاعية عن سطح الأرض، حيث تنطلق الشحنة باتجاه الغيمة حاملة معها هذه المرة شحنة موجبة من سطح الأرض، ومن الأجسام البارزة والمحدّبة والعالية، مثل الأبراج والأشجار العالية وغيرها.
الصاعقة المسطحة
تبدو هذه الصاعقة على شكل إضاءة ممتدة عبر طبقة الغيوم ذات السماكة الكبيرة، وبلون أحمر إلى برتقالي، دون إصدار هدير الرعد المميز. وتحدث هذه الصاعقة إثر تفاعل طبقتين من الغيوم ذات شحنتين مختلفتين على مساحة كبيرة.
الصاعقة الكروية
تعتبر هذه الصاعقة من أخطر أنواع الصواعق، لما يرافقها من دمار وتخريب، وهي من أكثرها غموضاً، وتظهر على شكل كرة مضيئة يراوح قطرها بين عدة سنتيمترات و 15سنتمتراً. ويراوح زمن حياتها بين عدة ثوان وعدة دقائق، وتنطلق في الجو ببطء وبحدود عدة أمتـار في الثانية، وتعطي في أثناء حركتها أزيزاً وصوتاً مميزاً، وما أن تختفي حتى يصدر عنها انفجار ودوي هائل. وتحدث عادة بعد الصاعقة الخطية العادية مباشرة. وقد سجلت حالات تظهر فيها هذه الكرة وتختفي من دون إحداث الانفجار والدويّ. ثمة نظريات مختلفة بخصوص منشئها، وما زالت بعض النقاط غامضة حولها، إذ لم يُعطَ تفسـير علمي لجميع مظاهـرها.
الصاعقة النقطية
تصنف بين الأنواع غير العادية، مثل الصاعقة الكروية والغامضة الفهم أيضاَ. ويظهر هذا النوع من الصواعق على شكل وميض شديد الإضاءة، ويدوم غالباً مدة غير مألوفة. وتخلّف وراءها سلسلة من النقاط المضيئة موزعة بشكل شبه منتظم في الجو، قبل اختفاء الضوء وانتهاء الظاهرة.
كما سُجلت صور لعدة أنواع من الصواعق غير المألوفة في العقد الأخير من القرن العشرين، وهي صواعق تحدث فوق قمة الغيوم الحَمْلية، على مسافات تراوح بين 20و100كم في أعالي الغلاف الجوي الأرضي «الستراتوسفير stratosphere»، مثل الشبح الأحمر red sprite، والهرم الأزرق النفاث blue jet، التي لها شكل هرمي لامع يظهر فجأة فوق قمة الغيوم الرعدية على ارتفاع 50 كم، وكذلك ما يسمى بالصواعق الأقزام elves، التي تأخذ شـكلاً دائرياً منتفخاً على ارتفاع يقارب 100 كم فوق قمة الغيـوم الحَمْليـة المطرية، التي تصدر عنها الصواعق المألوفة. وتعتبر الأبنية الشاهقة وأبراج البث الإذاعي وأبـراج نقل الطاقة أكثر الأهداف تعرضاً للصواعق، ولذا تزود عادة بأجهزة الحمايـة من الصـواعق [ر]، التي تجعل الانفراغ يمر عبر أقنية خاصة إلى الأرض من دون إلحاق الأذى بهذه المنشآت.
ولعل أكثر الإجراءات حماية للأفراد من الصواعق هو عدم الوقوف تحت الأشـجار وخاصة العالية منها، في أثنـاء حدوثها، وكذلك عدم الدخول إلى السيارة أو الانبطاح على الأرض هروباً من خطر الصاعقة، والابتعاد عن المكان الذي تحصل فيه عملية الانفراغ الكهربائي، لأن هذه الأماكن تكون عرضة لضربات متكررة ومتتالية. وعلى الرغم من الأضرار التي تلحقها الصواعق وخاصة في مجال حرائق الغابات، التي تسجل مثلاً في الولايات المتحدة وسطياً أكثر من 75000حادثة حريق بفعل الصواعق كل عام، ناهيك عن حرائق المزارع، فإن للصواعق فوائد لا بد من الإشارة إليها، وهي توليد كميات كبيرة من النترات في مكان حدوثها نتيجة لاتحاد الآزوت مع الأكسجين بفعل التيار الكهربائي الشديد المار في الهواء، الأمر الذي يسهم في إغناء التربة بهذه المادة الضرورية لنمو النبات. ولابد من الإشارة أخيراً، إلى إمكانية التأثير في الصواعق والحد منها على نحو فعال ضمن إطار ما يعرف بتعديل الطقس weather modification، إذ يشير العلماء التجريبيون في فيزياء الجو، إلى أن الإنسان لا تنقصه اليوم التجهيزات والوسائل لدرء خطر الصواعق عموماً.