جمهورية زفتى
جمهورية زفتى، اسم أطلق على مدينة زفتى، محافظة الغربية في 19 مارس أثناء ثورة 1919، على يد الزعيمين الوطنيين مصطفى أبو النصر، وأحمد عبد المنصف بك، ويعتبر بمثابة اعلان استقلال المدينة عن المملكة المصرية.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلفية تاريخية
قبيل ثورة 1919 المصرية كان الاحتلال البريطاني قد شرع في ترسيخ أقدامه في مصر، ولا سيما مع انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى. وكان الفلاح المصري يعاني أحوالاً بالغة القسوة، فأسعار المنتوجات الزراعية في هبوط مستمر، والضرائب تلاحقه دوماً. وفي هذه الحال كان الفلاح مرغماً إما على بيع محصوله الشتوي، قبل أن ينضج، بأبخس الأثمان، أو أن يستدين من المرابين ومن بنوك الرهن العقاري. ومن الطبيعي ان يعجز، في كثير من الأحيان، عن سداد القروض، فيقع فريسة لنزع ملكيته لمصلحة البنوك والمرابين. ولو وقف الأمر عند هذا الحد لهان الوجد، فالطاعون كان يحصد الماشية حصيداً، ودودة القطن كانت تفتك بالمحصول، حتى أن كثيراً من الفلاحين هلكوا جوعاً مع أسرهم، ومَن لم يهلك افتقر وأملق.[2]
في هذه الأحوال لم تكن السلطات العسكرية البريطانية لتتورع عن ممارسة استبدادها بالناس، فكانت تعتقل الفلاحين بالإكراه وترسلهم إلى فلسطين وسيناء لخدمة جنودها، وكم انتظرت الدوريات الفلاحين في قراهم، حتى إذا عادوا من حقولهم، أحاطت بهم العساكر، لينتقوا منهم أفضلهم للخدمة. فإذا رفض أحدهم جلد بالكرباج حتى يذعن. وكان حزب «الوفد» آنذاك مهادناً للسلطات المستبدة، الأمر الذي لم يكن يشفي غليل المظلومين. فما إن اشتعلت ثورة 1919 حتى سارع الفلاحون إلى ممارسة أقصى العنف الثوري في ثورة وطنية واجتماعية كاسحة شملت عشرات القرى، وكان سلاح هؤلاء البسطاء، والذي استولوا عليه من مستودعات الشرطة البريطانية، يوجّه إلى الانجليز والاقطاعيين معاً. وفي 8 مارس 1919، اعتقل سعد زغلول ومرافقيه من أعضاء حزب الوفد؛ أحمد باشا محمود، محمد باشا محمود، إسماعيل صدقي، سينوت حنا، مكرم عبيد، فتح الله بركات، عاطف بركات وقد تم نفيهم إلى جزيرة سيشل.
لجنة ثورة 1919
انتخب الفلاحون في مدينة زفتى في اجتماع عام، وبحرية تامة، لجنة سُميت لجنة الثورة كانت مهمتها إصلاح الجسور وردم المستنقعات وتنظيم دوريات لمراقبة الحدود. أما مجموعات الحماية والأمن فقد تكفل الطلاب بها. وقام هؤلاء جميعاً ببطولات خرافية، فقد حاربوا الاحتلال بفؤوسهم وأنزلوا بدورياته هزائم منكرة. وعلى غرار زفتى أسس الفلاحون المنتفضون على الاحتلال والنظام الملكي معاً «جمهوريات مستقلة» في المنيا والمطرية وغيرها.
قيام الجمهورية
أخذت مجموعه من الشباب الجامعى والفلاحين والتجار تفكر قي عمل شيء يساعد قي الافراج عن سعد زغلول ورفاقه. وكان من ضمن أفراد تلك المجموعة يوسف الجندى وابن عمه عوض الجندى المحاميان الذى تبلورت لديهم فكرة غريبة وعجيبة ومبتكرة لإعلان غضبهم على المحتل وبدء أسلوب مبتكر جدا للمقاومة و إعلان صريح أن مصر لن تهدأ لها بال إلا بعد عودة زعيمها سعد زغلول و رفاقة وومضت في أذهانهم فكرة مولد جمهورية في مصر في مدينة زفتى. وبعد أن تبلورت الفكرة بدءوا قي التحضير لأعلان الاستقلال صباح يوم 18 مارس 1919م حيث تجاوب معهم جميع أهالى البلده من فلاحين وأعيان وشباب ووصل الامر لتوسل رجل من الخارجين عن القانون للانضمام لهم وكان يدعى سبع الليل وكان يتزعم عصابة مسلحة تروع البلدة والقرى المجاورة …طلب من أهل البلدة المشاركة معهم واعلان توبتة لرغبتة قي قتال الانجلير فان مات فسيصبح بطل وأوصى منشد البلدة أن يتغنى ببطولاتة لو قتلة الانجليز. وذهب يوسف الجندي ومعه بعض أهالى البلدة إلى ضابط النقطة في البلدة وكان يدعى حمد أفندى، ولأنه رجل وطني انضم لهم وفتح لهم السلاحليك (مخزن السلاح) وشارك معهم قي التخطيط. ولأول مرة يجتمع رجل الشرطة وزعيم العصابه على هدف واحد وهو محاربة الانجليز.
وفى صباح يوم 18 مارس كونوا المجلس البلدى الحاكم برئاسة المحامى الشاب يوسف الجندي وأعلنوا الاستقلال وكان عوض الجندي المحامى ابن عم يوسف هو من ذهب للقاهرة وأبلغ الصحف لنشر الخبر. وفي تلك الأثناء كون المجلس البلدى الحاكم عدة لجان منها لجنه التموين والامداد وكانت مهمتها حصر الموادالتموينية وحسن توزيعها على أهالي البلدة ولجنة النظافة وكانت من أنشط اللجان حيث كانت تنظف كل شوارع البلدة وترشها بالماء وإنارة الطرقات ليلاً ولجنة الاعلام وتولاها محمد أفندى عجينه وكانت تقوم بطبع المنشورات السريعة لتوضيح الوضع العام قي البلدة كما قامت اللجنة باصدار جريدة يومية وكان اسمها جمهورية زفتى. (((ملحوظة: مازلت بعض نسخ الجريدة وماكينة الطباعة موجودة عند الحاج علاء عجينة نجل المرحوم محمد أفندى عجينة)))…….ولجنة الأمن والحمايه وتولى الاشراف عليها الضابط الشاب حمد أفندى..وعندما علم الانجليز قي مساء يوم 18 مارس قرروا ارسال قوة للاستلاء على البلده عن طريق كوبرى ميت غمر ** ولكن تصدى الاهالى لتلك القوات فرجعت وتمركزت قي بلده ميت غمر. وفي الصباح علموا قي البلدة بأن هناك قطار قادم إلى البلدة محمل بمئات الجنود والعتاد العسكري.
عجز الانجليز عن دخول البلدة للمرة الثانية. ولخطورة الموقف أعلنت إنجلترا خلع السير ونجت لتهدئة حالة الهيجان والثورة في مصر في 21 مارس 1919 م عين الجنرال اللنبي معتمداً لبريطانيا في مصر ولم تزل حالة عدم الأستقرار سارية فقد لجأ المصريين قي مختلف محافظات مصر إلى تخريب الطرق وقطع خطوط الأتصالات وأسلاك التلغراف وأعمدتها… وظلت ثورة 1919 مشتعلة في كل أرجاء مصر والتى كانت جمهورية زفتى إحدى حلقات المقاومة بها وظلت الثورة مشتعلة حتى خضع الإنجليز لرغبة المصريين وأفرج عن سعد زغلول ورفاقه وعادوا إلى أرض الوطن.
عاشت جمهورية زفتى 19 يوماً لم يترك قادتها وجماهيرها حلماً من أحلامهم إلا حققوه، حتى أنهم أقاموا خيمة تُعزف الموسيقى فيها يومياً، وتم تنصيب يوسف الجندي رئيسا لها.
سقوط الجمهورية
وفي هذه الأثناء كان النظام الملكي وكبار الملاك وسلطات الاحتلال يعيشون رعباً حقيقياً ليس من انتفاضة زفتى وحدها، بل من الانتفاضات الأخرى أيضاً. وللتخلص من هذا المأزق عمدت سلطات الاحتلال الانجليزي إلى إرسال فرقة من الجنود الاستراليين للقضاء على هذه الانتفاضة فما كان من «لجنة الثورة» إلا أن طبعت منشوراً بالانكليزية ووزعته على الجنود. ومما جاء فيه: «أيها الجنود، أنتم مثلنا، وإننا نثور على الانكليز لا عليكم أنتم. إننا نثور من أجل الخبز والحرية والاستقلال. والانكليز الذين يستخدمونكم في استعبادنا يجب أن يكونوا خصومكم أيضاً». وفي الأثر أحجم الجنود عن اقتحام «الجمهورية»، واكتفوا بالانتشار في محيطها. وعند ذلك الحد أرسلت السلطات المحتلة تعليمات لتسوية الأمور بشروط منها أن يسلم أهالي زفتى 20 رجلاً منهم كي يتم جلدهم، حفاظاً على هيبة «الدولة». وبعد نقاش طويل قررت «لجنة الثورة» تسليم 20 رجلاً، واختارتهم من الوشاة وعملاء الإنكليز. وجلد الإنجليز عملاءهم».