العصور الوسطى
العصور الوسطى Middle Ages، هي فترة تاريخية تمتد من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر الميلادي. بدأت العصور الوسطى في أعقاب سقوط الإمبراطورية الرومانية في عام 476 وامتدت حتى العصر الحديث المبكر. تتراوح العصور الوسطي من نهاية الإمبراطورية الرومانية الغربية حوالي القرن الخامس حتي قيام الدول الملكية وبداية الكشوفات الجغرافية الاوروبية وعودة النزعه الإنسانية وحركة الإصلاح الديني البروتوستانتي بداية من عام 1517. هذة الأحداث هي التي أدت الي دخول أوروبا في مرحلة بداية الحداثة التي تلتها مرحله الثوره الصناعية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تطور المفهوم
ظل مفهوم العصور الوسطى لفترة طويلة من الزمن من خلال دراسة التاريخ والتشكيلات الاقتصادية الاجتماعية، وكذلك نتاجات الأدب والفنون العائدة لهذه الفترة، يتناول حصراً دول غربي أوربا. إلا أن العلم الحديث لا يذهب إلى الأخذ بهذا النهج الذي يفضي إلى النظر لهذه الحقبة بوصفها ظاهرة منعزلة عن السياق التاريخي العام في تطور المجتمع الإقطاعي، وذلك على الرغم من جملة الخصوصيات التي طبعت هذه المنطقة وسيرورتها التاريخية وحيويتها التي تبدت في اكتمال الأشكال الاجتماعية ووضوحها، ممّا انعكس على بنيانها الفكري والثقافي على نحو جلي ومميز، وكذلك الربط المشترك مع وسط أوربا واسكندنافيا في وحدة العقيدة الدينية وتقارب الأساليب الفنية.[1]
تواريخ البداية والنهاية
التقسيمات
عمل أنصار النهج السابق على تقسيم العصور الوسطى إلى ثلاث مراحل، وتبيان الحدود الفاصلة بينها. تبدأ المرحلة الأولى من أواخر القرن الخامس لتمتد إلى أواسط القرن العاشر، وتتميز بالصراع الحاد والتعارض العميق بين منطلقات الفن الإغريقي الروماني وبين مرتكزات الوندالية (الهمجية) Vandali، ومن ثم الاستقرار على حلول هجينة زاوجت بينهما. أما المرحلة الثانية فشهدت انتشار وثبات أسلوب عام عرف بالرومي (الرومانسكي)، بينما تشمل المرحلة الثالثة القوطية، وتمتد من النصف الثاني من القرن الثاني عشر إلى مطلع القرن الخامس عشر الذي انجلى عن ولادات نوعية جديدة في الثقافة الأوربية الغربية، مما آذن بطي الصفحة الأخيرة في أطوار العصور الوسطى.
خط زمني
الإمبراطورية الرومانية التالية
العصور الوسطى المبكرة
يشار إلى هذه الفترة المبكرة بأنها العصور المظلمة ، كانت القرون الأولى من العصور الوسطى، خاصة من القرن الخامس إلى أواخر القرن العاشر الميلاديين أقرب إلى أن تكون مظلمة، حيث أصيبت حضارة غربي أوروبا بالانحطاط، ولم يتبق من حضارة الرومان القدامى سوى ما بقي في قلة قليلة من مدارس الأديرة والكاتدرائيات والبلاط والقصور الملكية. أما العلوم التي نقلت عن اليونانيين فقد اندثرت تقريبًا. وكان الذين تلقوا علماً فئة قليلة من الناس، كما ضاع الكثير من المهارات الفنية والتقنية القديمة. وأمسى العلماء، في جهلهم، يتقبلون الحكايات الشعبية والشائعات على أنها حقيقة.
وفي مقابل الظلام الدامس الذي خيم على غرب أوروبا، كانت الحياة أكثر إشراقًا في جهات أخرى من العالم، فقد كان المسلمون في الأندلس في نفس الوقت يعيشون ثراء حضاريًا وثقافيًا وارتقوا في كل المجالات العلمية كالطب والهندسة والبصريات والرياضيات والفلك …إلخ. ثم إن هذه العلوم والمعارف انتقلت من أسبانيا إلى الغرب فيما بعد وامتد نور العلم العربي الإسلامي من الصين شرقًا حتى حدود أوروبا غربًا. كما حافظت الإمبراطورية البيزنطية على ملامح كثيرة من حياة الإغريق والرومان.
وفي بداية القرن الحادي عشر الميلادي، بدأت الحياة الاقتصادية والسياسية تنتعش في أوروبا. وقد أدى الانتعاش إلى تطور ثقافي هائل خلال القرن الثاني عشر الميلادي.
تفكك المجتمع الروماني
الكنيسة والرهبنة
الكارولينجيون
نهضة الكارولنيجيين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سقوط الإمبراطورية الكارولينجيونية
الفنون
تشكلت الملامح الأولى لفنون العصور الوسطى في خضم الأزمة التي نجمت عن انهيار العالم القديم، وتفكك نظام الرق والعبودية، وهيمنة الإقطاعية وما تبعها من تراجع للمنهج التشكيلي الكلاسيكي، وتغير طبيعة النمذجة في الثقافة الفنية ووظيفة الفن الاجتماعية من جهة، وولادة أشكال وأجناس فنية تلبي الاحتياجات الجمالية والعقائدية للدولة والمؤسسات الدينية من جهة أخرى، وكذلك الأحداث التاريخية التي شهدتها هذه الحقبة من هجرات واسعة للشعوب نتيجة الفتوحات العسكرية المختلفة، والظواهر الجديدة التي تجسدت في الانتشار الواسع للثقافة والفنون، بعد أن كانت وقفاً على المراكز المدنيَّة والحواضر، إضافة إلى نشوء مدارس محلية وتشكل أسس الثقافة القومية، وازدهار الفن الشعبي الذي تكشَّف عن مخيلة خصبة وفطرة مسالمة، تجلتا رائعاً في ثراء الأشكال الزخرفية ورقي الفنون التطبيقية، مما أعطى زخماً مهماً لظهور الفن النصبي المعتمد على تراكيب جمعية.
توجهت الفنون إلى عامة أفراد الشعب بعد أن نال الفلاح القن الذي حل محل العبد المحروم من المواطنة وممارسة أوجه الحياة الروحية والاجتماعية حقوقاً جديدة تمثلت في الاعتراف به عضواً في النسيج الاجتماعي، وشهدت هذه المرحلة تغييراً نوعياً في وعي الجماهير، وانتشاراً واسعاً للمذاهب والتيارات الفكرية التي نَفَذت إلى قطاعات عريضة من الجماعات.
إن ثقافة العصور الوسطى غنية ومتعددة كثيراً، فتطور النظام الإقطاعي أدى إلى نشوء مراكز ثقافية انتشرت في مختلف الأرجاء كان لها علاقات وتأثيرات متبادلة، وبلغت فنون دول عديدة في أوربا وآسيا وشمالي إفريقيا شأواً عالياً (كالدولة العربية الإسلامية، الهند، الصين) فقد شهدت الصين على سبيل المثال ازدهاراً عظيماً ترك أثره البالغ في جوانب الحياة جميعها مما أسهم في تطور المناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة البروتورية في زمن كان الزهد في الحياة السِّمةَ الحاضرة في الفن البيزنطي، وحفل الفن الهندي آنذاك بالتصورات الحسية عن العالم، وبمستوى كبير من الإحساس بعفوية الطبيعة ونزقها، وكذلك كان شأن المنمنمات الشرقية ذات الجمال الخلاب التي عكست مباهج الحياة بشاعرية راقية.
العمارة
إن العمارة النصبية أحد أهم إنجازات هذه العصور، فهي لم تعكس بعض جوانب الوعي الديني وحسب، بل جسدت قدرات الإنسان المبدع والعمل الجماعي الخلاق، فالعمائر التي تعود إلى العهود البيزنطية والرومية والقوطية، إضافة إلى المساجد والقصور العربية الإسلامية والمعابد والصروح المعمارية في الهند والصين؛ تمثل درراً نفيسة في التراث الإنساني الكلاسيكي. غلبت على الأسس الجمالية والفكرية لفنون العصور الوسطى النزعةُ الروحانيةُ الافتراضية التي قادت إلى قيام نظام فني مقنن يعتمد الشرطية الاصطلاحية في تصوير الواقع ومقاربته، وله أصوله الصارمة في أغلب الأحيان، وهو ما عُرِفَ بالإيقونوغرافيا، وقد عمد هذا النهج إلى تغييب الإحساس المادي بالأشياء ومجافاة صورتها وهويتها، فصار الزمان والمكان مرهونين بالتصور اللاهوتي عن الوجود والكون، فالزمن معروف يشمل بدء الخليقة إلى يوم النشور (الدينونة)، والمكان يهيم بتقدير إلهي، وانتفت الإضاءة الواقعية (طبيعية أو من مصدر اصطناعي زائل)، وأخذ الظل والنور في الصور منحى يؤكد إنارة نمطية شرطية، كنايةً عن النور الإلهي الغامر والوحيد وديمومته الأزلية، أو هو ذاك القبس الساطع من باطن الأشياء والمخلوقات. أما المكان فأضحى حيزاً مسطحاً بفعل اللجوء إلى المنظور الأمامي، وإغفال المنظور الخلفي، وكذلك نتيجة ضغط المساقط الفراغية للوصول إلى (العمق الضحل) حيث تمتلك العناصر وعلاقاتها المتبادلة في الفراغ طابعاً إيهامياً يؤكد السطح الجبهي، وحلّ نتيجة ذلك اللاتناسب محل التناسب أما اللون فصار صريحاً ومعمماً، انْتُزِعَ من محيطه وأُلحق بوسط محايد، فوهنت علاقته بهويته الأصل، فهو يمتلك حالياً في نظام الإيقونوغرافيا دلالات رمزية وسيماء (اللون البني ـ مثلاً ـ يشير إلى غموض السر الإلهي) وقد حمل أحياناً مقاصد مختلفة ومتباينة: فإذا كان اللون الأحمر على سبيل المثال يرمز إلى الشمس، النار، الصيف؛ فإن له دلالة أخرى كأن يرد متوهجاً ومشرقاً في سياق يكون فيه اللونان الأسود والأبيض كامدين، حينئذ يفهم كإشارة إلى مقدم عمانوئيل المسيح (الله معنا). أما إذا خبت الألوان السماوية وراح اللون الأحمر يهيمن على الهالة اللونية فذلك يعني سقوط الخطايا المقترفة وانبعاث كل ما هو ملون بدم الذبيحة الإلهية. إن هذه الوظيفة الرمزية المتعلقة باللون جعلته ينهض بفعل غير معهود، وغيّرت جذرياً من علاقته بالتكوين وأهميته في الحلول التصويرية، الأمر الذي أرغم المصور في إطار هذه المعطيات المفروضة على المناورة وخرق التناسب بما يقتضي التكوين، أي في إطالة عنصر ما أو تقليصه بغية إخضاعه في الحدود المقبولة (وهذا ما يميز أيضاً التصويرين الفارسي والياباني). ويلفت الانتباه الاستخدامُ الواسع للون الذهبي الذي يرمز إلى الجلالة والقداسة إلى ملكوت السموات، أو يرد صورة للضوء عامة (له معانٍ متعددة وتفسيرات أخرى)، مما عزز قبول الحيز الفراغي المسطح في الصور، إضافة إلى الحضور الواضح للونين الأسود والأبيض اللذين قاما بوظيفة الخطوط المحيطة بالشكل وفي رسم التفصيلات وثنايا الأقمشة.
شغلت الفسيفساء إضافة إلى الأيقونة حيزاً مهماً في التصوير، ولاسيما في المرحلة البيزنطية، فقد استخدمت في رصف الأرضيات، أو عَلَتِ الجدران مثل الفسيفساء في كنيسة القديس فيتالي Vitali في رافين Ravenne (نحو 548م) التي تمثل الامبراطور جوستنيان وزوجه تيودورا، وتميزت بمساحتها اللونية الصريحة وتناغم الخطوط الراسمة وسلاستها والصور الضوئية المعممة (السيلوليت) silhouette، وتبدو الفسيفساء في كنيسة القيامة في إيزانيك (القرن السابع) بتلقائيتها المحببة ورهافة الإحساس المفعم بالحياة، وفي دير دافن بالقرب من أثينا (القرن الحادي عشر) تزهو بفخامتها الرصينة ورزانتها.
تجدر الإشارة إلى أن الصور الجدارية في الكنائس انضوت ضمن منظومة متساوية شملت الفسيفساء والفريسك (التصوير الجداري) والصور الجصية الجافة التي اعتلت الجدران والعقود، وتوزعت وفق أنساق مدروسة تخضع لمخطط المعبد، وتدخل في وسط فني موحد مع الزجاج المعشق في النوافذ والأيقونات الموزعة على حامل الأيقونات eikonostasis.
غلب على التكوينات سمة التناظر، فأسبغ عليها الاستقرار والإحاطة بالمكان، وأسهمت في ذلك أيضاً الشبكة المبنية على تناوب الأشكال الهندسية بإيقاعات رتيبة، مما منح المكان صورة معممة ومجردة، واستبعد الفراغ قدر الإمكان. ونجم عن اتباع هذه الطريقة في مجال المنمنمات حضور النزعة التزيينية ووفرة الزخارف في تزويق المخطوطات مثل (سفر الأخبار ـ نسخة باريس، القرن العاشر المكتبة الوطنية بباريس).
تميز النحت بالانفعال الحاد، ولاسيما في الفن القوطي، وتلاشى تدريجياً التحجيم الفراغي الذي يتعامل مع الواجهات كافة (فيلسوف من أفسس Ephèse القرن الخامس، متحف الفنون، ڤيينا)، واشتمل في بعض الأحيان على المشاهدات الحياتية والأشكال الأسلوبية. أما التقاليد القديمة التي تعود إلى الفن الإغريقي الروماني فبقيت ماثلة في نتاجات الفنون التطبيقية المنفذة بخامات مختلفة ومتنوعة من الحجر والعاج والمعدن والميناء والنسيج والسجاد الجداري. حافظت العمارة في البدء على التقاليد القديمة إلى حد كبير، وبدءاً من منتصف القرن الخامس أخذت تترسخ تقاليد جديدة في تخطيط المدن على شكل شعاعي ونصف قطري (القسطنطينية)، وظهرت في القرن السادس في شبه جزيرة البلقان مدن مرتفعة منيعة قسمت إلى أحياء توزعتها عمائر متعددة الأدوار، وشمل مظهرها الخارجي أروقة تقوم على الأعمدة بينما غلب على المدن السورية طابع مختلف تبعاً لطبيعة المكان. وشيدت في تلك الآونة قلاع كانت منظومة دفاعية متطورة شملت الأسوار الحصينة والأبراج والخنادق، وأفضى البحث عن الشكل المثالي للعمارة الدينية المركبة ـ مثل كنيسة سمعان العمودي في شمالي سورية التي تمثل البازليك Basilique على نحو جليّ ـ إلى طراز آخر يجمع بانسجام البازليك المخطط على شكل صليب والهيكل المقبب مثل كاتدرائية القديسة آياصوفيا في القسطنطينية (منتصف القرن السادس).
توجت القوطية التي استمدت تسميتها من إحدى القبائل الجرمانية فنون العصور الوسطى في غربي أوربا ووسطها وكذلك شرقيها جزئياً. وظهرت هذه التسمية إبان عصر النهضة كازدراء لفنون العصور الوسطى و(همجيتها)، لكن عندما أطلق في مطلع القرن التاسع عشر مصطلح الأسلوب الرومي (الرومانسكي) على المرحلة الممتدة بين القرنين العاشر والثاني عشر عمل على تحديد أطوار القوطية بالمراحل: المبكرة، الناضجة، المتأخرة، وتناولت البلاد الموالية للكنيسة الكاثوليكية وقيام نظام إقطاعي كنسي أنتج إيديولوجية وثقافة تميزت بخصوصيتها الشديدة. وغلب على الفنون طقوسية المعاني والمضامين الدينية. وتأطر نمط التفكير بالرموز والكنايات، واللغة الشرطية، وورثت عن الأسلوب الرومي الاهتمام الكبير بالعمارة، وإفراد دور الصدارة لها في المنظومات الغنية، وهكذا شغلت الكاتدرائية مكانة خاصة لأنها أرقى مثالٍ مركبًٍ يجمع العمارة والنحت والتصوير (الزجاج المعشق في الأغلب). ولم تأخذ في حلولها الفضائية بالمقياس البشري فجاءت أبراجها وسقوفها على نحو شاهق مما ترك لدى المصلّين تأثيراً عاطفياً قوياً إضافة إلى المنحوتات الخاضعة لإيقاعات العمارة وحركيتها، وألق الزجاج المعشق بألوانه الزاهية.
عكس تطور القوطية تغيرات عميقة أثرت في مجتمع العصور الوسطى وبنيته منذ بدايات تكوّن الدولة المركزية؛ كازدهار المدن وبروز النزعة المدنية والقوى الممثلة بالتجار والحرفيين، وكذلك حلقات فرسان البلاط. إن تطور الوعي الاجتماعي والتقدم التقني أضعفا من هيمنة الفكر الغيبي الدوجمائي dogmatique وفسحا في المجال أمام إمكانية وعي الواقع وتمثله جمالياً؛ فظهرت أنماط معمارية جديدة، وشهد تخطيط المدن والمساكن تطوراً ملحوظاً، وشيدت جسور مكينة. وأحاط بالمدن أسوار منيعة مع أبراج، وازدانت بوابات العبور بزينة فخمة، بينما تحولت قصور الملوك والإقطاعيين تدريجياً إلى حصون معقدة ضمت أحياناً مباني للعبادة، وتوسط المدينة غالباً قصر عظيم أو كنيسة طغت عما جاورها من دور، وأضحت مركزاً لحياة المدينة وشؤونها العامة.
أدت الهيكلية المعقدة في الكنيسة القوطية التي جاءت إنجازاً للمعارف الهندسية إلى تجاوز الطراز الرومي المصمت، وتخفيف الجدران والأكتاف، وخلق وحدة حركية في فضائها الداخلي، مما زاد في إثراء التركيب الفني وفي جعله أكثر تعقيداً، فتوسعت بذلك منظومات الموضوعات التي عكست تصورات ذاك العصر عن الوجود. وكان النحت من أهم الفنون قاطبة فاستحوز على مضامين فكرية وفنية غنية، فجاء في أنساق تشكيلية متطورة، فعوضاً عن تقوقع التماثيل الرومية وجمادها حلت مكانها شخوص ذات طابع حركي، يلتف بعضها صوب بعض وصوب المشاهد. وتبدَّى الاهتمام بأشكال الطبيعة الواقعية، وبجمال جسد الإنسان ومشاعره الداخلية، وظهرت صياغات مستجدة لموضوعات الأمومة، والمعاناة والقلق الناجم عن الحيرة فيما يخصّ النوازع الأخلاقية، وصلابة النفس البشرية في الذود عن المثل والقيم العليا، ويلفت الانتباه تجاور الغنائية والمأساوية مع السمة الروحانية الجليلة، إضافة إلى نبرة من السخرية الاجتماعية، والمبالغة في الخيال، والطابع الفولكلوري، ولاسيما في المشاهدات الحياتية الحادة. وشهد هذا العصر ازدهار منمنمات الكتب والفن التطبيقي نتيجة تطور مستوى الضائع وتجهيزات الورشات.
تشكلت الملامح الأولى للقوطية في شمالي فرنسا في أواسط القرن الثاني عشر وبلغت أوج تطورها في النصف الأول من القرن الثالث عشر (كاتدرائية السيدة العذراء Notre -Dame de Paris بباريس، 1163ـ 1257)، وكوَّنت التماثيل المتوزعة في المعابد منظومة رمزية متكاملة يمتزج بها شخصيات ومشاهد من الكتاب المقدس ومن أبرزها تلك المنحوتات التي تعلو واجهات كاتدرائيات (شارتر، ريمس، اميون، ستراسبورغ)، وشاعت في المرحلة المتأخرة تماثيل الهيكل من الخشب المذهب، واتسمت بتعبيراتها الحادة، وفي مشاهد آلام السيد المسيح والقديسين خاصة.
بلغت القوطية أوج نهضتها في ألمانيا في منتصف القرن الثالث عشر (كاتدرائية ناومبورغ). فعلى الرغم من أن بواكير هذا الأسلوب سبقت مثيلاتها في الدول الأخرى، إلا أن الهزات السياسية الداخلية أدت إلى تأخير انتشاره، بينما جمعت في إيطاليا في القرنين الثالث عشر والرابع عشر بعضاً من عناصر القوطية مع الطراز الرومي، فتألقت في كلٍّ منها السقيفات القوطية الإبرية المدببة والزينات المعمارية، مع سكونية العمارة الرومية المصمتة ووضوح النسب (كنيسة سيينا).
العصور الوسطى المتوسطة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الحملات الصليبية
- مقالة مفصلة: الحملات الصليبية
الحملات الصليبية أو الحروب الصليبية بصفة عامة اسم يطلق حاليا على مجموعة من الحملات والحروب التي قام بها اوروبيون ما بين اواخر القرن الحادي عشر إلى الثلث الاخير من القرن الثالث عشر (1096 - 1291)، كانت بشكل رئيسي حروب فرسان ، واسميت بهذا الاسم لان الذين اشتركوا فيها كانوا يخيطون على البستهم على الصدر والكتف علامة الصليب من قماش احمر . كانت السبب الرئيس في سقوط البيزنطيين بسبب الدمار الذي كانت تخلفه الحملات الاولى المارة في بيزنطة (مدينة القسطنطينية) عاصمة الإمبراطورية البيزنطية وتحول حملات لاحقة نحوها.
العلوم والتكنولوجيا
التغيرات
العصور الوسطى المتأخرة
بعد نجاح الامبراطور البيزنطي هرقل (610 - 641م) في هزيمة الفرس، ودخول عاصمتهم المدائن عام 628م، جرى الاعتقاد بأن المواجهة الثنائية الكبرى, التي امتدت لعدة قرون خلت، بين الروم المسيحيين، والفرس الوثنيين قد انتهت لمصلحة المسيحية.
غير أن أخبار وكتابات المسيحيين الشرقيين، التابعين للنفوذ السياسي البيزنطي، كانت أول من رصدت بزوغ دين جديد في جزيرة العرب. ولم تكتف بهذا، بل سوقت لفكرة مؤداها ان هذا الدين الجديد، ما هو إلا دين مزيف، تم انتحال شعائره من كتابات العهدين القديم والجديد. ويعبر عن هرطقة مسيحية جديدة.
وتشير أقدم إشارة بيزنطية إلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في العام 634م، بوصفه نبياً مزيفاً، تدعو تعاليمه إلى إراقة دماء البشر، ومهاجمة المسيحيين، ملمحةً إلى أنه لم يسبق أن أُرسل نبي من قبل "... في يده سيف، ويعتلي عجلة حربية".
وعندما قام المسلمون بفتح بلاد الشام في الأعوام (636 - 637م)، بدأ رجال الدين والمؤرخون البيزنطيون بصياغة فكرة سلبية عن الإسلام, وصورة ذهنية وحشية عن المسلمين. فزعم المؤرخ ثيوفانس (760م - 817م) بأن "المسلم هو شخص يمجد عمليات القتل التي أمر بها نبيه المزيف, الذي سوغ فكرة أن من يقتل عدوه المسيحي أو الوثني يدخل الجنة".
وهكذا، فبعد الفشل العسكري أمام زحف المسلمين على بلاد الشام ومصر وشمال أفريقيا، ساهم رجال الفكر في بيزنطة وأوروبا في تشويه صورة الإسلام والمسلمين. وصمهم بالبربرية والوحشية. بل زعموا أن نجاح المسلمين ما هو إلا تعبير عن غضب الرب، وهو ما يظهر في كتابات البطريرك صفرونيوس، وثيوفانس، والمؤرخ الغالي الكاثوليكي فريديجاريوس. وعلى أية حال، نجح الخطاب السياسي والديني البيزنطي في انتاج صورة سلبية عن عدو وثني وبربري، ذو قسمات صارمة وحادة ومدببة، لرجال شعثُ غُبر، يمتهنون إراقة الدماء. كما نجح أيضاً في تصدير هذه الصورة إلى الغرب، لتسكن في الوعي والوجدان الأوروبي.
وجاء الفتح الإسلامي للأندلس 711م، ليزيد من عمق الأخدود بين أوروبا المسيحية والإسلام. ودُبجت كتابات عدة في الغرب عن أولئك الأعداء المتصفين بالقسوة المفرطة. ومن أهم تلك الكتابات، ما سطره المؤرخ الانكليزي بيديه (673 - 735م) إذ ساهم في تكريس وصف المسلمين بالأعداء الوثنيين، الذين يجب محاربتهم لأنهم يكنون كراهية عميقة للرب المسيحي.
على أنه من اللافت للنظر أن القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، قد شهدا تنامي النظرة العدائية للمسلمين في أوروبا. بفضل ما اصطلح على تسميته بالحركة الصليبية التي دعا اليها البابا أربان الثاني في مجمع كليرمونت بفرنسا 1095م، إذ امتلأت خطبه ورسائلة بالحض على كراهية المسلمين، ذلك "الجنس الوثني الشرير"، "ذرية قابيل، أبناء العاهرات" الذي يتمتع بقسوة وبربرية لا مثيل لها، ويقوم بتدنيس مدينة الرب (القدس). ومن الواجب قتلهم والنيل منهم، واغتصاب أرضهم مقابل الحصول على مكافأة سماوية من الرب.
وعلى رغم استقرار المسلمين بالشام لقرنين من الزمان، مع ما تبع ذلك من اتصال اجتماعي بالسكان المسلمين، والمحيط الإسلامي، فإن كتابات الحجاج المسيحيين ورجال الكنيسة الذين زاروا المناطق الصليبية، ساهمت في تكريس نفس النظرة العدائية للإسلام، ونقلها لأوروبا، بحيث ازدهرت ثقافة عدوانية تجاه المسلمين المتوحشين والبرابرة الوثنيين.
وكان من الطبيعي أن يعيد الرهبان الأوروبيون ورجال الكنيسة الكاثوليكية انتاج فكرة "الخوف من المسلمين"، وخير من فعل ذلك هو الراهب الشهير يواقيم الفلوري (1145 - 1202م)، الذي كان يكثر من التأمل في الكتاب المقدس، ليخرج بنتيجة مؤداها أن "المسلمين الهراطقة"، قد ورد ذكرهم في الإصحاح الثالث لرؤيا يوحنا، حول طلوع وحش من البحر له سبعة رؤوس تشير إلى أعداء المسيحية، حيث يشير الرأس الرابع إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد زعم اضطهاده للمسيحيين، على حين يشير الرأسين الخامس والسادس إلى السلاطين المسلمين عبدالمؤمن الموحدي في المغرب، وصلاح الدين الأيوبي في مصر والشام.
حدث هذا قبل أن يقوم دانتي في الكوميديا الإلهية بوضع نبي المسلمين في الدرك الأسفل من الجحيم، مفضلاً عليه فروسية صلاح الدين. ولا غرو أن تكريس تلك الأفكار التي تدعو إلى كراهية المسلمين, فضلاً عن الخوف منهم، دفعت العديد من الرهبان والمفكرين العلمانيين الأوروبيين إلى انتهاج سياسة هجومية ضد الإسلام.
وعلى رغم الاعتراف الأوروبي على المستويين الفكري والكنسي، بالمنتج الثقافي والعلمي للحضارة الإسلامية، إلا أن النظرة الأوروبية للمسلم امتلأت بالخوف والتوجس إزاء ذلك المجهول، الذي يرفع سيفه بغية قتل المسيحي.
واستعرت الكراهية العميقة للإسلام والمسلمين في أوروبا في القرون من 14- 16م، على أثر المد الإسلامي الجديد تحت راية العثمانيين، الذين زحفوا نحو البلقان، قبل أن تستدير آلتهم العسكرية لتطبق بعنف على عاصمة المسيحية الشرقية الأرثوذكسية، وينجح السلطان محمد الفاتح في فتح القسطنطينية العام 1453م.
وهو ما أحدث صدمة كبرى لدى أوروبا المسيحية، فضلاً عن إحداث حالة من الذعر لدى البابوية وحكام أوروبا بعد سماعهم عن رغبة السلطان فاتح الذي تم وصفه "بالشيطان، الثعبان، الوثني، الشبقي... في الهجوم على ايطاليا حيث الكرسي البابوي في روما.
وربما ساهمت قسوة الأتراك العثمانيين, فضلاً عن استخدامهم نظام الدوشرمة بالبلقان في تعميق الجرح المسيحي. ولا بد من أن المؤرخين البيزنطيين المتأخرين قد شحذوا الذاكرة الأوروبية من أجل تكريس نظرية الخوف من المسلمين، فضلاً عن كراهيتهم العميقة. إذ تحدث المؤرخون المسيحيون المعاصرون لسقوط القسطنطينية، عما أسموه قسوة العثمانيين ووحشيتهم، فضلاً عن عمليات اغتصاب الراهبات وسبي الرهبان والسكان وبيعهم في أسواق الرقيق. بحيث كتب الأب ليونارد الخيوسي رسالة إلى البابا نيقولا الخامس (1447 - 1455م) يصف فيها أولاً ما أحدثه العثمانيون من دمار ووحشية, ثم يحثه على ضرورة استعادة تلك العاصمة/ الرمز المسيحي، قبل أن يقوم العثمانيون بمهاجمة أوروبا الكاثوليكية.
وعلى رغم سقوط غرناطة 1491م، فإن ذلك لم يسهم في كسر حدة الخوف من المسلمين وكراهيهم، حتى اننا لنجد الملاح الشهير كريستوفر كولمبس يرسل إلى الملكين فرديناند وايزابيلا في العام 1501م رسالة يحضهم فيها على مهاجمة المسلمين في عقر دارهم، واحتلال القدس، معتمداً في ذلك على التنبؤات المزعومة للأب يواقيم الفلوري، وتابعه الراهب أرنو الفيلانوفي (1250 - 1312م) اللذان ذكرا بأن هناك بطلاً مسيحياً سوف يخرج من اسبانيا ليقوم بهزيمة المسلمين، ثم إعادة بناء قبر الرب في جبل صهيون بالقدس.
عودة الدولة
حرب المائة عام
حرب المائة عام هي سلسلة حروب نشبت من عام 1337 إلى 1453 بين عائلة ڤالوا وHouse of Plantagenet، وتعرف أيضا باسم House of Anjou، على العرش الفرنسي، و for the French throne, which had become vacant upon the extinction of the senior Capetian line of French kings. ادعت عائلة ڤالوا بأحقيتها بلقب ملك فرنسا، بينما ادعت Plantagenet بأحقيتها بعرشي فرنسا وإنگلترة. حكم ملوك Plantagenet مملكة إنگلترة في القرن الثاني عشر، ولهم أصول في مناطق نورماندي وأنجو الفرنسية.
استمرت الحرب على مدى عهود حكم خمسة ملوك إنجليز وخمسة ملوك فرنسيين تقاتلوا للسيطرة على فرنسا. وقد شمل هذا الصراع بين إنجلترا وفرنسا سلسلة من الحروب المتعاقبة نتيجة خرق اتفاقيات الهدنة والمعاهدات. إذ خسر الإنجليز معركة نُورمَنْديا في فرنسا عام 1204، وهو ما اعتبر سببًا رئيسيًا لقيام الحرب. ولكن كانت هناك أسباب أخرى عديدة أسهمت في اندلاع الحرب؛ إذ إن المحاولات التي قام بها الملوك الفرنسيون للسيطرة على إقليم غاسكونيا في الجنوب الغربي من فرنسا، والذي كان يخضع للسيطرة الإنجليزية، قد أثارت غضب الإنجليز. وقد ساند الفرنسيون الأسكتلنديين ضد إنجلترا، كما حاول الفرنسيون السيطرة على تجارة الصوف التي كان يقوم بها الإنجليز ومواطنو شمال غربي أوروبا هناك. وقد تنازع البحارة والصيادون الإنجليز والفرنسيون حول الحقوق في القناة الإنجليزية. طالب إدوارد الثالث ملك إنجلترا الذي كانت والدته شقيقة لثلاثة ملوك فرنسيين بعرش فرنسا عام 1337م بصفة رسمية. انظر: القوانين الصالية. وقام إدوارد الثالث بزج جيش في نورمنديا لتبدأ حرب المائة عام.[2]
انتصر الإنجليز في معظم المعارك التي تخللت القتال الذي نشب بعد ذلك، إلا أن الفرنسيين انتصروا في الحرب أخيرًا حيث كان عدد المقاتلين وإمدادات التموين والإمكانات المالية لدى الإنجليز ثلث ماكان لدى فرنسا في ذلك الوقت. وقد أعاقت عدة أحداث مجرى تلك الحرب، ومن بينها تمرّد الفلاحين وعمليات النهب والسلب في فرنسا التي قام بها الجنود العاطلون، وكذلك الموت الأسود أو الطاعون الدُمَّلي في البلدين، إلى جانب ثورة الفلاحين في إنجلترا عام 1381م. وقد أضعفت الحرب سلطات النبلاء وزادت سلطة الحكومة المركزية في كلا البلدين. كما صاحب الحرب انهيار الإقطاع وظهور الوحدة الفرنسية وظهور تكتيكات عسكرية جديدة ونمو القوة البحرية لإنجلترا.
حقق حَمَلَة السهام ورجال سلاح المشاة أعظم نصر حربي في معركة كريسي عام 1346م. كما انتصر الإنجليز في معركة بواتييه عام 1356م، وقد بدأ عهد قصير من السلام بتوقيع معاهدة بريتاني عام 1360م، ولكن هنري الخامس ملك إنجلترا جدد القتال وأظهر ابتهاجه بالنصر في معركة أجيت كُورْت عام 1415م. وقد جعلت معاهدة ترويس عام 1420م هنري الخامس وريثًا للعرش الفرنسي.
بعد وفاة هنري الخامس عام 1422م، نازع الفرنسيون الإنجليز في مطالبتهم بالعرش واشتعلت الحرب مرة أخرى. وبحلول عام 1428م، زحف الإنجليز عبر شمال فرنسا وقاموا بحصار أورليان، ثم قادت جان دارك جيشًا فرنسيًا لرفع الحصار عام 1429م، ولكنها وقعت أسيرة لدى الإنجليز الذين أحرقوها على أنّها ساحرة واستمر الفرنسيون في كسب المعارك. وانتهت الحرب بمرور الوقت عام 1453م وفقدت إنجلترا كل أراضيها في قارة أوروبا ماعدا كاليه التي استولى الفرنسيون عليها بعد ذلك عام 1558م.
نقد الكنيسة
|
|
سقوط اوروپا الوسطى والشرقية
الدين
|
|
أحدثت العقائد الدينية (الإسلامية، المسيحية، البوذية) انعطافاً كبيراً في مسيرة الفكر الإنساني والأخلاق والمنظومات القيمية، إلا أن السجالات الفلسفية في أوربا وتطور العلوم في الشرق العربي الإسلامي، وكذلك الصراع بين التيارات الدينية في الهند والصين كشفت عن جوانب جديدة في النظرة إلى العالم والوجود وعمقت في مستويات وعيهما، فعوضاً عن الموقف السائد الذي رأى العالم كلاً متكاملاً يسوده الانسجام حلت مقاربات بديلة تنزع نحو استيعاب الواقع وتمثله في حيثياته المعقدة، وفقد الإنسان مكانته المركزية فغدا في النتاجات الفنية منزوياً مستكيناً، وأدت التجاذبات بين الروحي أو المادي إلى غياب الصفاء الذهني والتوازن الداخلي؛ وهما السمتان اللتان ميزتا النماذج الفنية في العصر الكلاسيكي الإغريقي، فجاءت الشخصيات تعتورها مشاعر القلق والاستغراق الداخلي تارة، أو الخشوع والتأمل والحلم تارة أخرى. وأضحت في عمومها عرضة لحالات متباينة من الوداعة التي تنم على الرضى والسلم الداخلي أو الانفعالات الحادة التي تفصح عن شروخ وانكسارات عميقة في النفس.
إن شمولية النظرة الجديدة للعالم كانت مدعوة لتأكيد عظمة الوحدة والكل المطلق، ووجدت تجسيداً لها في التكوينات المستقرة القائمة على مبدأ التناظر وفي الصروح والمجمعات المعمارية والمعابد الضخمة؛ فشيّدت الكنائس وفق مخطط يبرز فضاؤها الداخلي رحابةَ الكون، وذلك بالتوصل إلى حلول فراغية ناجعة وتوظيف الأعمدة والأقواس والعقود على نحو يجعل الفضاء ينساب بحيوية وإيقاعات رشيقة.
تعد فنون القرون الوسطى دينية من حيث الشكل، اعتمدت اعتماداً واسعاً الرموز والكنايات، وعمدت إلى تغييب الأشكال وماديتها وأصولها الحسية نتيجة رسوخ الاعتقاد بأن كل عناصر الوجود الدنيوي ما هي إلا انعكاس واهٍ لما هو سماوي، مما قاد إلى ازدراء الواقع ومجافاته، ومن ثَمَّ إلى تعطيل التقاليد الغنية الموروثة التي قطعت شوطاً بعيداً في صوغ أشكال تحاكي الواقع، تأتت بعد دراسة معمقة للطبيعة وقوانينها، وطال الأمر في بعض الأحيان تحريم التشبيه والتشخيص، وقيام خلاف حاد إبان العهد البيزنطي (منذ مطلع القرن التاسع) حول مشروعية استخدام الأشكال التشخيصية وتوظيفها لإيصال مضامين دينية، سمّي هذا النزاع بحرب الأيقونات (عصر تحطيم الأيقونات)؛ فاقتصرت زينة الكنائس على الرموز الدينية والزخارف والنقوش على الجدران. لكن على الرغم مما تقدم، ومع وجود بعض مظاهر الفن المدني؛ بقي الفن التشكيلي وسيلة تعبيرية مهمة اعتمدتها الكنيسة في نشر تعاليمها؛ فقد نفّذ الفنانون أعمالهم بتكليف من المراجع الدينية وبإشرافها المباشر، ويمكن القول إن الفن في هذه المرحلة كان دينياً صرفاً غايته إبراز الجوانب الروحانية وشحن المشاهد بمشاعر التقوى، وإبراز الحالة الطقوسية، حتى إن بعضهم عد الأيقونة والتصاوير الجدارية كتاباً للأميين.
أما المضامين فلم تنحصر وحسب في التعاطي مع الأفكار الدينية، ففي الديانات ثمة معتقدات لها علاقة مباشرة بالحياة وبمُثُل الشعوب وتطلعاتها، فالحكايات والخيال الشعبي والنبرة الشاعرية أضفت حسناً وجمالاً على نماذج العصور الوسطى وسويتها الفنية العالية، مثل موضوعات الأمومة برقتها الآسرة، والبطولة وصلابة الروح، والشقاء وشدة المعاناة من دون الإخلال بالإحساس الباطني بالنُّبْل والسمو الروحي. ولم يقتصر سعي الفنانين في بعض الأحيان على الافتتان بجمال الطبيعة والتغني بها بل تناولوا جوانب الشر والبشاعة، كما في الفن القوطي.
العلوم والعقلانية
العصور المظلمة اصطلاح تاريخي يُطلق على وصف فترة من فترات العصور الوسطى في أوروبا. وتشير كلمة مظلمة إلى الغياب المفترض في حقل المعرفة خلال تلك الحقبة، لكننا الآن ندرك أن العصور الوسطى لم تكن مظلمة إظلامًا تامًا. وإن كانت تبدو كذلك لعلماء عصر النهضة المتقدم نسبيًا وللمؤرخين المتأخرين الذين تأثروا بهؤلاء العلماء فيما بعد.[3]
كانت القرون الأولى من العصور الوسطى، خاصة من القرن الخامس إلى أواخر القرن العاشر الميلاديين أقرب إلى أن تكون مظلمة، حيث أصيبت حضارة غربي أوروبا بالانحطاط، ولم يتبق من معرفة الرومان القدامى سوى ما بقي في قلة قليلة من مدارس الأديرة والكاتدرائيات والبلاط. أما المعرفة التي نُقلت عن اليونانيين فقد اندثرت تقريبًا. وكان الذين تلقوا علمًا فئة قليلة من الناس، كما ضاع الكثير من المهارات الفنية والتقنية القديمة. وأمسى الكُتّاب، في جهالتهم، يتقبلون الحكايات الشعبية والشائعات على أنها حقيقة.
وفي مقابل الظلام الذي خيَّم على غرب أوروبا، كانت الحياة أكثر إشراقًا في جهات أخرى، فقد كان المسلمون في نفس الوقت يعيشون ثراءً حضاريًا وثقافيًا وارتقوا في كل المجالات العلمية كالطب والهندسة والبصريات والرياضيات والفلك … إلخ. انظر: العلوم عند العرب والمسلمين. ثم إن هذه العلوم انتقلت من أسبانيا إلى الغرب فيما بعد وامتد نور العلم العربي الإسلامي من الصين شرقًا حتى حدود أوروبا غربًا. انظر: الإسلام. كما حافظت الإمبراطورية البيزنطية على ملامح كثيرة من حياة الإغريق والرومان. انظر: الإمبراطورية البيزنطية.
وفي بداية القرن الحادي عشر الميلادي، بدأت الحياة الاقتصادية والسياسية تنتعش في أوروبا. وقد أدى الانتعاش إلى تطور ثقافي هائل خلال القرن الثاني عشر الميلادي.
العصور الوسطى خارج اوروپا
- العصر الذهبي الإسلامي
- Turco-Mongols
- الممالك الوسطى في الهند
- "العصور الوسطى في الصين":
- Feudal Japan:
- كوريا: Goryeo
- إمبراطورية الخمير
- The Sahelian kingdoms in Africa
مؤرخون
- Marc Bloch (1886–1944, French) —France, methodology; Annales School
- John Boswell (1947–1994)—Homosexuality
- Norman Cantor (1930–2004)—historiography
- Georges Duby (1924–1996)—France; Annales School
- François-Louis Ganshof (1895–1980)—Dutch
- Johan Huizinga
- Jacques Le Goff—French, Annales School
- Charles Homer Haskins (1870–1937), Normans
- Rev. F. X. Martin -Ireland
- Rosamond McKitterick—Frankish and Carolingian history
علماءمؤرخون
|
معرض الصور
The Franks Casket, an Anglo-Saxon box made of whale's bone, 8th century
Lamentation, Giotto di Bondone, ca. 1305
انظر أيضا
المصادر
- ^ فيروز هزي. "العصور الوسطى". الموسوعة العربية. Retrieved 2011-12-22.
- ^ حرب المائة-عام، الموسوعة المعرفية الشاملة
- ^ العصور المظلمة، الموسوعة المعرفية الشاملة
- ^ Kenneth W. Frank, "Pirenne Again: A Muslim Viewpoint", The History Teacher, Vol. 26, No. 3 (May, 1993), pp. 371–383 in JSTOR
- أوروبا والإسلام في العصور الوسطى: قضايا المجابهة والعلاقات السياسية والانسانية - حاتم الطحاوي الحياة.
- Strayer, Joseph R. (1989). Joseph R. Strayer (ed.). Dictionary of the Middle Ages. ISBN 0-684-19073-7.
قراءات إضافية
- Bishop, Morris. The Middle Ages (2001) excerpt and text search
- Cahill, Thomas How the Irish Saved Civilization (1995)
- Cantor, Norman. The Civilization of the Middle Ages (1994) excerpt and text search
- Contamine, Philippe. War in the Middle Ages (1991) excerpt and text search
- Fossier, Robert. The Axe and the Oath: Ordinary Life in the Middle Ages (Princeton University Press; 2010) 400 pages; the everyday experience and material culture of ordinary men and women
- Hanawalt, Barbara. The Middle Ages: An Illustrated History (1999) excerpt and text search, for middle schools
- Holmes, George, ed. The Oxford History of Medieval Europe (1992) online edition
- Jordan, William Chester, ed. The Middle Ages: An Encyclopedia for Students (4 vol 1996)
- Keen, Maurice. The History of Medieval Europe (Penguin History) (1991)
- Southern, Richard W. The Making of the Middle Ages (1961) excerpt and text search
- Jordan, William Chester. Europe in the High Middle Ages (2004) excerpt and text search
- Strayer, Joseph R. Western Europe in the Middle Ages: A Short History (1955) online edition
- Thompson, James Westfall. Economic and social history of the Middle Ages: 300-1300 (2 vol 1966)
وصلات خارجية
- Internet Medieval Sourcebook Project Primary source archive
- The Online Reference Book of Medieval Studies Academic peer reviewed articles
- The Labyrinth Resources for Medieval Studies.
- NetSERF The Internet Connection for Medieval Resources.
- Medieval Times Complete overview of Middle Ages history.
- The Middle Ages—an informational site for teachers and students
- Information from the Medieval Period.
- De Re Militari: The Society for Medieval Military History
- Medievalists.net
- Medieval and Renaissance manuscripts, featuring lavish illustrations and a wide range of scripts from Western Europe and the Middle East, Center for Digital Initiatives, University of Vermont Libraries
- Medievalmap.org Interactive maps of the Medieval era (Flash plug-in required)
- Middle Ages, library of books available at Internet Archive
- "MacKinney Collection of Medieval Medical Illustrations"
- Medieval Realms Learning resources from the British Library including studies of beautiful medieval manuscripts
- Medieval Knights Medieval Knights is a medieval educational resource site geared to students and medieval enthusiasts.
- Charles Raymond Beazley. A Note-Book of Mediaeval History, A.D. 323- A.D. 1453. Oxford: Clarendon Press. 1917. Annotated time-line of medieval history.
- The Soldier in later Medieval England Detailed service records of 250,000 medieval soldiers are online.
- Clio History Journal, Medieval History Page
- The Medieval Review