الضباط الوطنيين
الضباط الوطنيين هو تنظيم عراقي مكون من ضباط عراقيين مشابه لتنظيم الضباط الأحرار في مصر قام هذا أعظاء هذا التنظيم بثوره يوليو 1958 حيث ادت هذي الثورة إلى الاطاحة بنظام الحكم الملكي وتحويل نظام الحكم في العراق إلى النظام الجمهوري. قام تنظيم الضباط الوطنيين بالإطاحة بالحكم الملكي في العراق وإنهاء حكم الملك فيصل الثاني ملك العراق في ذلك الوقت. وضم تنظيم الضباط الوطنيين، الذي سمي لاحقا بتنظيم الضباط الأحرار على غرار تنظيم الضباط الاحرار في مصر ، كل من العقيد عبد السلام عارف والعميد عبد الكريم قاسم والفريق نجيب الربيعي والعميد ناظم الطبقجلي والعميد رفعت الحاج سري والعقيد رجب عبدالمجيد والعميد عبد الرحمن عارف والعقيد عبد الوهاب الشواف وغيرهم. وتولى عبد الكريم قاسم رئاسة الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، في حين أصبحت الرئاسة على شكل مجلس سمي مجلس السيادة ضم ثلاثة شخصيات هم نجيب الربيعي و خالد النقشبندي ومحمد مهدي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تاريخ
قام نخبة من طلائع الضباط المستنيرين بتشكيل "تنظيم الضباط الوطنيين" الذي اسماه الاعلاميون لاحقا بتنظيم الضباط الاحرار اسوةً بتنظيم الضباط الاحرار في مصر وذلك في نهاية عام 1949 بعد الهدنه مع اسرائيل وانسحاب الجيش العراقي ، وذلك برئاسة الرائد رفعت الحاج سري الدين ، والتي كانت تعد أول نواة لتنظيم عسكري داخل الجيش ، ومع رفعت سري كان ذا رتبة متوسطة إلا أنه كان يتمتع باحترام كبير من الجميع لأخلاقه العالية وسلوكه القويم، وبعد سنة 1952 عقب نجاح حركة يوليو/ تموز في مصر التي اعطت دفعا كبيرا للتنظيم تحول اسلوب عمل التنظيم إلى اسلوب الاجتماعات المنظم بدلا من اللقاءات السريعة والجلسات التي تميزت بالطابع الشخصي . وتوالى تشكيل عدد من الخلايا والتنظيمات في معسكرات وثكنات مخلفة استنادا للعامل الجغرافي والمكاني ، من اشهرها خلية العقيد رجب عبد المجيد التي تشكلت في سبتمبر/ ايلول 1952. كانت الطبيعة الغالبة لتاسيس تلك التنظيمات هو الالتقاء الفكري والانتماء السياسي لضباط كل خلية من خلايا تلك التنظيمات ، فمنها كان تجمعا لضباط ذوي ميول قومية واخرى ذات ميول وطنية ليبرالية واخرى شيوعية واخرى اسلامية وغيرها من الخلايا الي انضمت لاحقا ، بين عامي 1956 و1957 ، للتنظيم الاقدم والاكبر "تنظيم الضباط الوطنيين" ذو التوجهات الوطنية والوحدوية والذي كان يتزعمه رفعت الحاج سري الدين الذي اصبح عقيدا في ذلك الوقت . وكان يجمع كل تلك التيارات والشخصيات مبدأ معارضة الوضع القائم . أي ان بعضها كان يؤمن بتغيير النظام الملكي إلى جمهوري ، واخر كان يؤمن بانقلاب كانقلاب بكر صدقي او ثورة رشيد عالي الكيلاني أي تغيير سياسة وعقيدة الحكم دون المساس بشكل النظام.
أطلق اكبر التنظيمات على أنفسه اسم " تنظيم الضباط الوطنيين" وهنالك تنظيم اخر اطلق على نفسه اسم "مجموعة المنصورية" التي كان يراس اللجنة العليا فيها العميد عبد الكريم قاسم ، وهنالك خلية صغيرة باسم " منظمة الضباط العراقيين" وخلية اخرى في بغداد " مجموعة بغداد" والتي كانت تطلق على نفسها اسم " تنظيم الضباط الاحرار" واخرى باسم خلية الناصرية ، واندمجت لاحقا كل تلك التنظيمات في تنظيم واحد تحت اسم "تنظيم الضباط الوطنيين" الذي كان يطلق عليه الاعلاميون مجازا تنظيم الضباط الاحرار كون احد التنظيمات بهاذا الاسم ولتداول هذه التسمية بكثرة بسبب تنظيم الضباط الاحرار المصري ، كما ان اعضاء التنظيم لم يجدوا حرج من هذه التسمية في لقاءاتهم الصحفية لمدلولها الوطني والقومي .
تشكلت خلايا اخرى للمعارضة داخل الجيش ثم بدات تتوحد تدريجيا مثل خلية بغداد والمنصورية بقيادة الفريق نجيب الربيعي، وخلية الناصرية بقيادة شاكر محمود وخلية الموصل بقيادة محمود عزيز، وخلية الديوانية بقيادة إسماعيل علي . ثم توحد تلك الخلايا إلى تنظيمين رئيسيين ثم توحد التنظيمان بعد خمسة سنوات من العمل السري وتم دمج اللجان العليا للتنظيمات السابقة بلجنة عليا ، وأصبح عدد أعضاء اللجنة العليا خمسة عشر ضابطاً .
من المؤكد بأنه من الناحية الفنية المهنية العسكرية كانت هنالك ثلاثة حركات حفزت تنظيم الضباط الوطنيين بالتخطيط والتنفيذ لحركة 1958 ، اولها انقلاب بكر صدقي في العراق عام 1936 ثم ثورة رشيد عالي باشا الكيلاني التحررية في العراق في مايو / مايس 1941 وحركة 23 يوليو / تموز 1952 في مصر التي قادها اللواء محمد نجيب والمقدم جمال عبدالناصر وتنظيم الضباط الاحرار .
اعضاء التنظيم البارزين
من رموز تنظيم الضباط الوطنيين بعد توحيد جميع الخلايا والتنظيمات في هيكل تنظيمي واحد هم كل من
يذكر أنه انضم لتنظيم عام 1957 العقيد عبد السلام عارف الذي طلب انضمام زميله العميد عبد الكريم قاسم الذي تردد التنظيم بضمه للتنظيم باديء الامر لاسباب تتعلق بمزاجيته وتطلعاته الفردية التي كان يعرفه بها زملائه من الضباط.
أعضاء التنظيم | ||
---|---|---|
الإسم | الصورة |
مناصب و تاريخ |
العقيد رفعت الحاج سري | مؤسس اول خلايا التنظيم 1949. | |
الفريق نجيب الربيعي | -- | ----. |
العميد ناجي طالب | -- | ---- |
العميد ناظم الطبقجلي | ---- | ---- |
العميد عبد الرحمن عارف | ---- | |
العميد أحمد صالح العبدي | --- | --- |
العقيد عبد الكريم الفرحان | --- | -----. |
العقيد صبحي عبد الحميد | -----. | |
العقيد عبد الوهاب الشواف | --- | -----. |
العقـيد عبد اللطيف الدراجي | --- | -----. |
العقيد رجب عبد المجيد | --- | -----. |
العقيد طاهر يحيى | -----. | |
العقيد الطيار عارف عبد الرزاق | -----. | |
العقيد الركن عبد الوهاب أمين | --- | -----. |
المقدم إسماعيل العارف | --- | -----. |
المقدم صالح عبد المجيد السامرائي | --- | -----. |
المقدم إسماعيل علي | --- | -----. |
المقدم صالح مهدي عماش | --- | -----. |
المقدم وصفي طاهر | --- | -----. |
الرائد أحمد حسن البكر | -----. | |
المقدم ابراهيم الداود | -----. | |
الرائد الطيار حردان عبد الغفار | --- | -----. |
الرائد طيار محمد سبع | --- | -----. |
الرائد شاكر محمود | --- | -----. |
الرائد محمود عزيز | --- | -----. |
النقيب الطيار محمد جسام الجبوري | --- | اصبح في السبعينيات قائد القوة الجوية |
والنقيب الطيار منذر الونداوي | --- | شارك في حركة 8 فبراير/ شباط 1963 |
الملازم نعمة فارس | --- | اصبح عام 1985 قائد الفيلق الاول |
الملازم علاء الجنابي | --- | اصبح عام 1981 عضوا في القيادة العامة للجيش. |
العقيد عبد السلام عارف | -----. | |
العميد عبد الكريم قاسم | --- |
ميثاق العمل الوطني
حاول اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين الاتصال بالأحزاب المعارضة للاستفادة من كوادرها وخبراتها التنظيمية ولكن في النهاية اقتنعوا بأن تكون الحركة عسكرية خالصة حتى لا يملي عليهم أحد شروطه للانضمام وتم اعداد ما يسمى بميثاق العمل الوطني الذي يقوم على المبادئ التالية:
ضرورة اعلان الجمهورية بسبب تداعيات الحكم الملكي الذي تميز بما يلي:
1.لم يقم للعراق اي تطور خصوصا بعد مقتل الملك غازي وتولي عبد الاله وصاية العرش إبان الحرب العالمية الثانية . حيث سادت اجواء التخلف وتباطوء حركة البناء والعمران
2.تحول الحياة السياسية إلى حالة من الركود حيث انتابت الحركة النيابية الجمود واصبح البرلمان لعبة بيد مراكز القوى السياسية كنوري السعيد وعبد الاله ، اما الاحزاب فانحسر دور الاحزاب والقوى الوطنية وطفت على السطح الاحزاب الشكلية الخاوية من ايديولوجيات او برامج العمل.
3.اضطهاد الاحرار والوطنيين من قادة الثورة الوطنية في مايو / مايس 1941 بزعامة رشيد عالي الكيلاني باشا وزملائه من الضباط الوطنيين.
4.ربط العراق بمعاهدات جائرة مع بريطانيا مست سيادته وهدرت ثرواته الوطنية وربطت العراق بالسياسة والاقتصاد البريطانية .
5.الانحياز للمعسكر الغربي في لعبة القوى الدولية وربط العراق باحلاف سياسية لتحقيق مصالح واستراتيجيات الدول العظمي دون النظر إلى المصلحة العراقية الوطنية كحلف المعاهدة المركزية السنتو الذي حول العراق إلى احدى القواعد الاستراتيجية ضد الاتحاد السوفيتي.
6.النخبة السياسية وانتشار المحسوبية والفساد الاداري والمالي.
7.عدم الجدية في الوقوف مع القضايا العربية التي تمس الامن الوطني العراقي كالحرب الفلسطينية الاولى عام 1948 برغم المشاركة الواسعة والفاعلة للجيش العراقي الا ان تدخل الحكومة قوض النصر الحاسم في المعركة. وكذلك عدم الجدية بالوقوف مع مصر في العدوان الثلاثي عليها.
8.عدم حل المشكلات الداخلية كالتلكوء بمنح الاقليات الحقوق الثقافية ، على الرغم من الاسهام السياسي الواسع للاقليات العرقية والطائفية في الحكم .
9.تشكيل مجلس السيادة ليتراس الدولة بصورة مؤقتة ، يتمتع بسلطة رئيس الجمهورية وبكامل صلاحياته ، ريثما يتم استفتاء الشعب وخلال ستة اشهر لانتخاب منصب رئيس الجمهورية ويضم اعضاء من تنظيم الضباط الوطنيين وعضوية شخصيات وطنية.
10.تشكيل حكومة من الضباط والسياسيين الوطنيين من مختلف الفئات والتيارات الممثلة للمجتمع العراقي .
11.اعلان تشكيل مجلس تشريعي يدير البلاد باسم المجلس الوطني لقادة الثورة ويكون في عضويته تنظيم الضباط الوطنيين.
12.اعلان حل مجلسي النواب والاعيان والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة لانخاب اعضاء جدد للمجلسين.
13.يحترم العراق حق الاديان ويعتبر الاسلام اساس التشريع في الدولة والقانون.
14.التمسك بمباديء الديموقراطية في الحياة السياسية والعامة وان المعتقد حق مكفول لجميع المواطنين بشكل متساوي.
15.فسح المجال للاحزاب الوطنية بالعمل على ان لا ترتبط بجهات اجنبية او تحقق المصالح الاجنبية.
16.التمسك بالوحدة الوطنية العراقية الكاملة لكافة الاعراق والطوائف والقوميات بشكل متاخي من خلال منح حقوق جميع فئات الشعب الحقوق الثقافية.
17.رتبط العراق برباط الأخوة مع الدول العربية والإسلامية .
18.يلتزم العراق بمبادئ الأمم المتحدة وكل الاتفاقات التي تصب في مصلحة الوطن والتي لاتمس من سيادته.
19.يعلن العراق بانه دولة مستقله استقلالا تاما في السياسة الداخلية ويسعى إلى تحرير اقتصاده من خلال تأميم ثرواته وخصوصا النفطية وبفك ارتباطه من التكتل الاقتصادي الاسترليني المرتبط باقتصاد دول الكومنولث وبريطانيا.
20.يعلن العراق بانه دولة مستقله في السياسة الخارجية ويفك ارتباطه باي مواثيق واحلاف اجنبية كحلف السنتو والتي تسعى لجعله اداة لتنفيذ السياسات والمصالح العليا للدول العظمى لكلا المعسكرين الغربي والشرقي.
21.يعلن العراق بانه دولة من دول عدم الانحياز ويلتزم بمقرارات مؤتمر باندونغ .
22.مناهضة النشاط الاستعماري الذي كبل العراق ودول العالم الثالث بضمنا الدول العربية بشتى صنوف الاستغلال والهيمنة.
23.مناهضة المد الشيوعي التواق للهيمنة على العالم سياسيا واقتصاديا.
24.تكفل الجمهورية العراقية حرية العمل الصحفي وذلك بمنح الصحف والاجنبية المحلية بالعمل.
وقد أجل تنظيم الضباط الوطنيين "الاحرار" القيام بالحركة لاكثر من مرة ، الامر الذي ادى إلى ان يتفق عبد السلام عارف مع عبد الكريم قاسم وبالتنسيق مع بعض الضباط من اعضاء التنظيم وهم الفريق نجيب الربيعي والعميد ناظم الطبقجلي العميد ناجي طالب والعميد عبد الرحمن عارف والعقيد رفعت الحاج سري والعقيد عبد الوهاب الشواف والعقـيد عبد اللطيف الدراجي العقيد طاهر يحيى والمقدم إسماعيل العارف، والمقدم صالح عبد المجيد السامرائي والمقدم إسماعيل علي والمقدم صالح مهدي عماش والمقدم ابراهيم الداود والرائد احمد حسن البكر بالمبادرة للشروع بالتحرك للإطاحة بالحكم الملكي دون الرجوع للتنظيم ، مستغلين فرصة قيام الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن وتحرك القطعات العراقية لاسناد الاردن ضد تهديدات اسرائيلية لقيام الاتحاد.
رئاسة التنظيم بعد اكتشاف الاستخبارات خلايا الضباط
تمتْ محاولات محدودة من قبل تنظيم الضباط الوطنيين للقيام بحركة لقلب نظام الحكم الملكي لعدم تيسر الفرصة السانحة. وبعد اجتماعات متلاحقة لقدة التنظيم استغرقت سنتين، تم الاتفاق على اغتنام أي فرصة تسنح لاحدى القطعات العسكرية التي يسمح لها بالمرور في بغداد للقيام بالحركة. كما اتفقوا على أن مساندة القطعات عير المشاركة في حالة سماعها بالقيام بالحركة في حالة تعذر تبليغ القطعات جميعها ولدواعي امنية.
تنبهت الحكومة لوجود هذا التنظيم في صيف عام 1956 في منطقة الكاظمية حيث تسربت معلومات عن تحركات الجيش إلى مديرية الاستخبارات العسكرية الملكية, ومنها الكشف عن الاجتماع الذي شارك فيه العقيد رفعت الحاج سري ، والعقيد الركن عبد الوهاب أمين، والمقدم إسماعيل العارف، والمقدم صالح عبد المجيد السامرائي . وبعد إجراء التحقيق معهم، تم تفريق هؤلاء الضباط وإبعادهم عن الوحدات ذات التأثير الفاعل فأخذوا يعدون العدة لتفكيكه في طريق نقلهم من أماكنهم إلى أماكن أخرى وتعيين بعضهم كملاحق عسكري بالسفارات بالخارج مما جعل قيادة التنظيم تنتقل من رفعت الحاج سري إلى الفريق نجيب الربيعي الذي انتخب رئيسا للتنظيم خلفا لسري وبعد نقله هو الأخر آلت إلى عبد الكريم قاسم ، وينقسم هذا التنظيم لعدة خلايا لتسهيل الاوامر والعمليات .
كانت التقارير السرية والعاجلة ترد باستمرار إلى رئيس اركان الجيش الفريق رفيق عارف ومديرية الاستخبارات العسكرية تفيد بوجود نشاطات وتكتلات عسكرية معارضة لدى العديد من ضباط الجيش. وكانت التقارير تذكر اسماء الضباط والناشطين المشتبه بانتمائهم لتنظيمات مسلحة. لكن نوري السعيد كان يؤمن ايمانا راسخاً بأن الجيش تحت سيطرته ، وان هذه التفاعلات من تداعيات وارهاصات حركة يويلو 1952 في مصر ، كما كان جازما بان لا أحد من الضباط يجرؤ على التحرك ضد النظام. وكان من أهم الانذارات التي وصلت للبلاط الملكي عن نشاط الضباط وحركة الجيش ذلك التقرير المجهول التوقيع والذي وصل إلى مكتب الملك بالبريد في يونيه / حزيران عام 1958, بفترة اقل من شهر من قيام الحركة ، يتضمن بعض التفاصيل عن تحركات التنظيمات العسكرية ضد نظام الحكم واسماء بعض الضباط الذين يعدون له من الفرقه الثالثة في قاطع مسكر المنصورة في محافظة ديالى .وعلى اثر ذلك طلب اجتماع الملك وعبدالاله ونوري السعيد ورئيس الاركان رفيق عارف ومدير الاستخبارات العسكرية ، وناقشوا جميع اسماء الضباط الموالين والمشكوك بولائهم ، فوجدوا معظمهم من المقربين للبلاط والمعروفين بولائهم للنظام. فكان العميد الركن عبدالكريم قاسم من الشخصيات الغامضة الا انه كان دائم الولاء للنظام من خلال مواقف متعدده ولم يعرف عن سيرته المهنية حبه للمغامرة او الخروج على رؤسائه كما عرف بتخوفه من بعض المواقف الحادة والتي فيها مسؤولية حيث كان مهنيا كلاسيكيا صارما ولايختلط كثيرا وذو صداقات محدودة يلتقي ببعض الشيوعيين ويستمع لهم ، ولم يعرف عنه الدخول في نقاشات فلسفية او تنظيرية .
اما العميد ناجي طالب فكان حائزا على ثقة البلاط الملكي كونه عمل سابقا مرافقا للملك . وتوقفوا عند العقيد الركن عبدالسلام محمد عارف فكانت سيرته تشير بانه قد اشترك بثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 وعوقب بالنقل للبصرة ومتدين وذو ميول ثورية كما عرف عنه امتعاضه من سياسات النظام الملكي ، وبرروا ذلك كونه ينتمي للقبيلة المعروفة بعاداتها ، وكون خاله الشيخ ضاري احد قادة ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني, الا انه يتمتع بمهنية والتزام عسكريين بالغين وعرف بثقافته بسبب دوراته وعمله في الملحقية العسكرية في المانيا كما اشارت التقارير التي تمت مداولتها عنه بانه صديقا مقربا من رئيس الاركان وفيق عارف والعقيد رفعت الحاج سري وعضوا في القيادة العامة للقوات المسلحة وكذلك مقربا من جميل المدفعي رئيس الوزراء الاسبق. وتقرر أن يستدعي رئيس الاركان هؤلاء الضباط لمعرفة نواياهم باسلوب غير مباشر ودون اعلان ذلك لهم الغرض منه هو ايصال رسالة لهم في حالة وجود لاحد منهم النية باي تحرك فان رئيس الاركان وقيادة النظام متنبهة. وخلٌص التقرير إلى ان الاحتمال الاكثر في الامر ان يكون وشاية او شك دون دليل قاطع. وبقي سر هذا التقرير يتداوله المحللون من السياسيون والعسكريين والمؤرخون الاكاديميون المحايدون ، حيث يعتقد البعض بان احد عناصر الاستخبارات العسكرية دفع بهاذا التقرير الا انه لو رفع من قبل الاستخبارات فلماذا يترد دون توقيع. واخرون يعتقدون بان احد الاصدقاء المقربين جدا من اللجنة العليا في التنظيم تسربت اليه المعلومات اراد الاخبار دون ذكر اسمه. وهذا الاحتمال ضعيف أيضا لأسباب عدة ، حيث إن التنظيم قطع على نفسه عدم إخبار احد بضمتهم أعضاء التنظيم من غير اللجنة العليا ، بالتوقيتات وليس التفاصيل فحسب ، كما أن هذا الصديق المزعوم والذي يمتلك التفاصيل المملة والسرية للغاية والمحصورة في ثلاثة أو أربعة أشخاص فقط في اللجنة العليا ، لا يمكنه إذا كان صديقا بهذه الدرجة أن يشي وبهذا الأسلوب الفضفاض وما هي الفوائجد لتي سيجنيها من هذا التقرير بعدم ذكر اسمه ، الذي سيعرض مصداقية التقرير للشك من قبل الملك والبلاط.
اما الاعتقاد الذي ورد من بعض الباحثين يشير إلى الاحتمال الكبير بان التقرير قد رفع من قبل احد قياديي التنظيم المطلع على التفاصيل ، والذي يعرف بانه بعيد عن الشبهات لولائه للقصر من جهة لمعرفته المسبقة بانه سوف لن يشارك مع القطعات الداهبة للاردن ، او ربما توسطه لعدم الاشتراك بها ، وفي هذه الحالة كانت لديه الشكوك بنجاح الحركة. فقد قيل الكثير من قبل المؤرخين والباحثين وحتى بعض السياسيين المحايدين حول دواعي عدم مشاركة عبد الكريم قاسم في الصفحة التنفيذية للحركة ، او أي من القطعات او الضباط التابعين له ، وهو ذو الرتبه العالية والولاء للملك ونوري السعيد, وكان يقف من الحركة بصفة المتفرج على الاحداث بانتظار جني النتائج في حال نجاح الحركة والظهور بمظهر غير المشترك يالاحداث في حال فشل الحركة . وعلى مايبدو ومن خلال تحليل لسلوك عبد الكريم قاسم لما فعله فيما بعد ، واعتراض قادة تنظيم الضباط الوطنيين عند طلب عبد السلام عارف بانظمام زميله قاسم للحركة على انه مزاجي وغير اجتماعي ومناور وله تطلعات فردية اما ما فعله فيما بعد من تصفات لزملاء السلاح من اعضاء التنظيم واحدا تلو الاخر بالابعاد او الاعدام او السجن من خلال تلفيق التهم دون ادلة ثبوتية ، عدا حركة العقيد عبد الوهاب الشواف التي كانت حركة انقلابية معلنة ضد حكم عبد الكريم قاسم. ويسترسل هؤلاء الباحثون والمؤرخون بتحليلهم ، بان الصراع الفكري بين تيار عبد الكريم قاسم ومجموعته ذات الميول الماركسية والبعيدة عن التدين والعروبة ذينك التيارين السائدين يومذاك في الشارع العراقي اصطدم باعضاء تنظيم الضباط الوطنيين المنتمين للتيار المتدين والعروبي ومن اهم رموزه عبد السلام عارف ، والذين على الصعيد الشخصي يرتبطان بزماة مهنة وعلاقات اجتماعية على الرغم من اختلاف وجهات النظر. فوجد عبد الكريم قاسم الغلبة لهذا التيار عمليا من خلال حجمه وفاعليته في التنظيم ، وشعبيته في الشارع ، وهذا ما يجعل قاسم يتخوف من هذا التيار الطموح الذي حتما سيسيطر على الشارع في حالة نجاح الحركة ، فكان لابد من الاطاحة بهذا التيار من خلال هذه الفرصة السانحة . حيث ربما كان عبد الكريم قاسم يشك بنجاح الحركة ، كباقي لمحاولات ألتنظيم الفاشلة السابقة ، كون المهمة برمتها عبارة عن مجازفة غير محسوبة لانها ستنفذ من قبل جزء يسير من لواء سيقف امام دولة بجيشها وامنها واستخباراتها ودعمها الدولي المتمثل بمعاهدات الدفاع المشترك مع بريطانيا وحلف السنتو, علاوة على الدعم الشرعي للاردن الذي كان مرتبطا باتحاد مع العراق. لذل يعتقد بان قاسم قد حسب كل هذه العوامل وقرر عدم الاشتراك من جهة وابلاغ الملك بالتقرير المسهب بالتفاصيل من جهة والذي لم يكن يعلم يتفاصيله سوى قاسم وعارف الذي وضع الخطة وعبد اللطيف الدراجي صديق عارف والمشارك معه في التنفيذ.