الأسعد بن مماتي
الأسعد بن المهذب بن مينا بن زكريا بن مماتي وشهرته ابن مماتي (و. 1149 - ت. 1211)، هو مؤرخ مسلم، أديب، شاعر، مصري من القرن السادس الهجري، صاحب مؤلفات حسان.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
ويعود مماتي بأصوله إلى أسيوط> ممّاتي لقب جده أبي المليح، وكان كثير الصدقة والإطعام لصغار المسلمين، فإذا رأوه نادوه «ممّاتي» فاشتهر به وغلب عليه. وكان من كتّاب الدولة الفاطمية أيام بدر الجمالي، وقد جمع بين الفضل والنبل حتى حاز محبة الناس، وأثنى عليه الشعراء.[1]
أما أبوه مهذب بن مينا فكان كاتب ديوان الجيش في أواخر العهد الفاطمي وبداية العهد الأيوبي. وقيل كان على ديوان الإقطاعات وهو على دين المسيحية.
وفي عهد السلطان صلاح الدين بن يوسف، جمع المهذب أولاده ودخل على السلطان، وأسلموا على يديه، فقبلهم وأحسن إليهم، وزاد في ولاياتهم، وبقي أبوه في الديوان حتى وفاته.
خلف أسعد أباه على ديوان الجيش، وتصدّر فيه مدة طويلة، وأضيف إليه في الأيام الصلاحية والعزيزية ديوان المال، وهو أجلّ ديوان في مصر. وكانت تربطه بالقاضي الفاضل مودة وصحبة، وحظي عنده، ونبّه على فضله.
لم يزل أسعد مرموقاً في عهد السلطان صلاح الدين إلى أن ملك أخوه العادل أبو بكر الديار المصرية، وكان وزيره صفي الدين بن شكر يضمر لأسعد السوء بسبب رئاسته عليه، ولكنه لم يظهر حقده عليه إلا بعد أن فوض إليه جميع الدواوين مدة سنة، ثم حيكت عليه المؤامرات حتى وقع بين يديه، ولم يلتفت لأعذاره، ونكبه شرّ نكبة، وغرّمه أقبح تغريم، ولكنه تمكن من الهرب من مصر إلى حلب سنة 604هـ إبان دولة الظاهر الغازي بن صلاح الدين عليها، فأكرمه ونعّمه حتى وفاته سنة 606هـ وله من العمر اثنتان وستون سنة، ودفن بظاهر حلب على مقربة من قبر أبي بكر الهروي.
مؤلفاته
ذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان لابن مماتي ثلاثةً وعشرين كتاباً، وقال: «له تصانيف كثيرة يقصد بها التأدب... لم تكن مفيدة إفادة علمية، غير أن ياقوتاً لم يذكر كتاب «قوانين الدواوين» وهو أشهر كتبه على الإطلاق. ومن هذه التصانيف «سيرة صلاح الدين يوسف بن أيوب»، «كرم النجار في حفظ الجار»، «قرقرة الدجاج في ألفاظ ابن حجاج»، «أعلام العصر».
كان الأسعد موسوعة في الأدب والفقه واللغة، وذكر ياقوت الحموي له أكثر من عشرين مؤلفاً، من أشهرها:
- حجة الحق على الخلق في التحذير من سوء عاقبة الظلم، وقد قال عنه القاضي الفاضل: إنه والله من أهم ما طالعه الملوك
- نظم السيرة الصلاحية في سيرة صلاح الدين الأيوبي
- الفاشوش في حكم قراقوش
- الشئ بالشئ يُذكر
- باعث الجلد عند حادث الولد
- تلقين اليقين في الكلام على حديث بني الإسلام على خمس
- سر الشعر
- أما أهم مؤلفاته وأشهرها على الإطلاق فهو كتاب قوانين الدواوين الذي يُعتبر موسوعة شاملة لحالة البلاد المصرية في القرن السادس الهجري، حيث تناول باستفاضة جغرافيتها وشيئاً من تاريخها، وتفصيل نواحيها وقراها وتأصيل أسمائها، وأنظمة الحكم والدواوين والوظائف، وشئون الزراعة وغيرها.
- لطائف الذخيرة وطرائف الجزيرة
ولعل أول من أشار إلى كتابه قوانين الدواوين صاحب صبح الأعشى، فقد ذكره في مواضع عديدة، وأخذ عنه كثيراً من مادته، كما ذكره صاحب إيضاح المكنون.
ويعد كتاب قوانين الدواوين أثمن ما وصلنا من آثاره، فهو ثروة علمية جمع فيه بين التراث التاريخي والجغرافي والزراعي. وقد تعرض الأسعد بن المهذب في سفره النفيس إلى جغرافية مصر في العهد الأيوبي، وذكر أعمالها ونواحيها وأسماء ضياعها وجزائرها ومناخها. وتصدّى لكثير من المسائل الخاصة بأنظمة الحكم في عصر بني أيوب. كما استعرض وظائف الدولة المهمة، وأفاض في شؤون مصر الزراعية، فذكر أنواع الأراضي والفصول الزراعية وأنظمة الري وأنواع المزروعات وأوقات غرسها وحصادها والأدوات المستخدمة في تقليم الأشجار.
والكتاب زاخر بمختلف الأبحاث والموضوعات، واستطاع أن يجمع فيه إلى جانب فقه المسلمين علم الأقباط في شتى المسائل التي اختصوا بها دون غيرهم من الطوائف المصرية وطبقاتها. ويتألف الكتاب من مقدمة وعشرة أبواب، بدأها في فضل الكتابة والكتاب، وختمها في ذكر السنة الشمسية والقمرية. وجدير بالذكر أن للكتاب عدة طبعات، وأفضلها ما جاء محققاً بعناية عزيز سوريال عطية
قوانين الدواوين
- مقالة مفصلة: قوانين الدواوين
كتاب قوانين الدواوين هو كتاب علمى صرف يتحدث فيه ابن مماتى عن مصر بصفة عامة ونهر النيل ومساحة الأرض وتحقيق أسماء ضياعها وكفورها وخلجانها، بالإضافة إلى تناوله الأراضى المختلفة، والفصول الزراعية، وأنظمة الرى، وأنواع المزروعات وأوقات غرسها وحصادها وغير ذلك من الأمور الهامة.[2]
كذلك يتصدى الكاتب إلى كثير من المسائل الخاصة بأنظمة الحكم في عصر بني أيوب. مثال ذلك "الباب الثامن" الذى استعرض فيه المؤلف وظائف الدولة وشرح اختصاص كل منها، كما أنه أتى في الأجزاء الأخيرة من الكتاب على شذرات كثيرة طريفة عن بعض الدواوين ودور الحكومة و موارد الدولة.
ويقول العلامة الكبير الراحل عزيز سوريال الذى حقق الكتاب إن قيمته ليست مقصورة على سعة اطلاع المؤلف وغزارة علمه وحدة ذهنه، وإنما ترجع كذلك إلى مكانته الخاصة في المجتمع المصرى ومركزه السامى في حكومة البلاد، فابن مماتى - كما يظهر من تاريخ حياته فيما بعد - تقلب في كثير من دواوين الحكومة، وانتهى به الأمر إلى تقلد الوزارة نفسها، وبذلك أصبح كل ما يكتبه ذا صبغة تجعله وثيقة رسمية صدرت عن قلم أحد وزراء الدولة المسئولين.
كذلك يخبرنا الدكتور عزيز سوريال أن ابن مماتى اعتذر عن تقديم بعض المعلومات لأنه اعتبرها من أسرار الأمن القومى أو من أسرار الدولة التى لا يجوز إذاعتها - هذه الشخصية التى تجمع بين الخيال الأدبى الساخر والدقة العلمية المفرطة إلى جانب الحس الوطنى اليقظ كيف نراها؟
لقد تساءل المستشرق الفرنسى الكبير كازانوفا، الذى حقق كتاب "الفاشوش"، وعلق عليه قائلاً : ""كيف نوفق بين صورة هذا المؤلف الذى يخوض في كتابات الفكاهة ويكتب فيها كتاباً بالعامية، ثم يكتب كتاباً آخر بالفصحى عن الأرض ومساحة المدن ويعزف عن إباحة أسرار الدولة، فيرتفع إحساسه بالمسئولية إلى هذا الحد المتعقل؟".
إن الصورتين تتكاملان لو علمنا أن ابن مماتى كان غاضباً حانقاً بلا شك على القائد قراقوش الذى يقربه صلاح الدين إليه. وهو حانق من وجهة نظر مذهبية كما يذهب كازانوفا، وهو حانق كذلك لأن أمور مصر ساءت على الرغم من الإنجازات التى حققها صلاح الدين في الخارج من صفحات وضاءة في الفتوحات وصد الصليبيين، ولكن هذه الصفحات كانت مصابة ببقع الحكم الاستبدادى في الداخل وإطلاق الشهوة "القراقوشية".
ولعل هذا الوضع يبرر من جانب الحكام عادة باسم المصلحة العامة (باستخدام أسلوب العصر) ولكنه لا يبرر من زاوية المحكومين أبداً. كما أننا نتصور أن حنق هذا الاقتصادى أو هذا المالى ابن مماتى على قراقوش هو حنق له ما يبرره لأن الاقتصادى ينظر للأمور نظرة مخالفة لنظرة القائد العسكرى، مما يثير الفرقة في النظر دون شك.
وقد علق الدكتور عزيز سوريال على ما جاء في كتب المؤرخين بملاحظات عدة نذكر منها:
أن مؤلف كتاب "قوانين الدواوين" لم يكن أول شخص عظم شأنه في دواوين الحكومة من بين أفراد أسرته، إذ نجد أن جده أبا المليح الذى عاش بمصر في العصر الفاطمى عمل في خدمة الوزير بدر الجمالى والخليفة المستنصر بالله حتى بلغ في سلم الترقى إلى وظيفة "مستوفى الديوان" وهى من الوظائف الرئيسية في الدولة الفاطمية، وبعد موته تولى ابنه واسمه المهذب بن أبى المليح رئاسة "ديوان الجيش" والدولة الفاطمية تحتضر في وزارة أسد الدين شيركوه السنى ، وفى عهده أسلم هو وأولاده لكى يفلت من التضييق الذى وقع على النصارى وقتئذ، ويحتفظ بمكانته السامية في دواوين الحكومة، وأما ابنه وهو حفيد أبى المليح واسمه الأسعد فقد قضى الجزء الأول من حياته في عصر الانتقال من الفاطميين للأيوبيين، وورث في بداية الأمر عن أبيه وجده "ديوان الجيش" الذى احتفظ به في عهد صلاح الدين الأيوبى (564 - 589 هـ / 1169 - 1193 م) وفى سلطنة ابنه العزيز عماد الدين عثمان (589 - 595 هـ / 1193 - 1198 م)، ويظهر مما ورد في رواية ياقوت الرومى أنه أضيف إليه أيضاً "ديوان المال" الذى يعتبر في كل العصور أهم الدواوين والوزارات، ويلوح أنه ظل محتفظاً بوزارته ودواوينه أيضاً خلال سلطنة المنصور محمد (595 - 596 هـ/ 1198 - 1199م) وشطر من سلطنة العادل سيف الدين أبى بكر (596 - 615 هـ / 1199 - 1218م) ، ولكن كثرت عليه المؤامرات في عهد هذا الأخير وأودت بمركزه وماله، وأدت إلى هروبه فقيراً ذليلاً إلى ما وراء الحدود المصرية في الشام حيث قضى بقية أيامه بمدينة حلب ومات بها في جمادى الأولى عام 606 هـ (نوفمبر 1209م) وعمره إذ ذاك اثنتان وستون عاماً.
ثانياً: يلاحظ أن الوزارة لم تشغل الأسعد عن الأدب والتأليف، ونظرة واحدة في أسماء الكتب التى صنفها والتى ذكر أكبر عدد منها ياقوت الرومى تكفى لإيضاح هذه الحقيقة، ولكن الغريب في ذلك هو أنه لم يتحدث عن "كتاب" قوانين الدواوين" من بين قدماء المؤرخين سوى المقريزى هو الوحيد الذى اهتم بمثل ما ورد في ذلك الكتاب من المحتويات، بينما اقتصر الآخرون على الناحية الأدبية البحته من تآليفه، ورواية المقريزى في هذا الصدد عظيمة الشأن، ويفهم منها أن ابن مماتى ألف الكتاب للملك العزيز، ثم يزيد على ذلك أن الكتاب المتداول في أيدينا إنما هو نسخة مختصرة من الكتاب الأصلى الذى كان يقع في أربعة مجلدات ضخمة". فإذا صحت نظرية المقريزيى، وضح لنا السبب في الاختلافات الكبيرة بين مجموعة المخطوطات الصغرى التى اعتمد عليها ناشر نسخة مطبعة الوطن والمجموعة الكبرى التى اعتمدنا عليها فيما ننشره اليوم في المجلد الحاضر، وبالرغم من أن "كتاب قوانين الدواوين" الذى يظهر في هذه الصفحات من أروع الوثائق التاريخية في عصر الدولة الأيوبية، فإنه لا يسعنا إلا إبداء أسفنا الشديد على ضياع الأصل المطول ذى المجلدات الأربعة والتى لم نعثر عليها في أى مكان توجد فيه مخطوطات عربية في أوربا من لندن وباريس إلى استانبول والقاهرة وغيرها من العواصم
الفاشوش في حكم قراقوش
- مقالة مفصلة: الفاشوش في حكم قراقوش
ينتمي كتاب الفاشوش في حكم قراقوش إلى أدب الفكاهة والسخرية والهجاء ويمثل بحق أسلوباً فنياً بارعاً في تصوير الغرابة والشذوذ وإحداث المفارقة. وهذا الكتاب الذى أضحك أجيالاً ولازال يضحكنا، كتبه صاحبه باللغة العامية المصرية، ووصل به إلى أعرض الجماهير حتى صار قراقوش في المخيلة الجماعية للشعب مثالاً لكل حاكم أخرق ينحرف عن طريق العقل والمنطق في سلوكه وتصرفاته.
تعرض ابن مماتي في هذا الكتاب للأمير بهاء الدين قراقوش بن عبد الله الأسدي وكان نائب السلطان صلاح الدين في مصر وموضع ثقته. فقد ذكر ابن تغري بردي في «النجوم الزاهرة» أن في الكتاب أشياء يبعد وقوع مثلها منه، ويرى أنها موضوعة لأن السلطان صلاح الدين كان يعتمد في أحوال المملكة عليه، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته ما فوضها إليه. كما ذكر ابن خلكان في وفياته أنه نظم كتاب كليلة ودمنة، وقال: وله ديوان شعر.
ويتأكد التكامل في شخصية المؤلف بصورة أوضح حين نقرأ تقديمه لكتاب الفاشوش في أحكام قراقوش بقوله:
فغرضه من هذا الكتاب هو تحرير الشعب المصرى وتخليصه من تسلط قراقوش وقهره له.. لأنه سخر الشعب المصرى لبناء أمجاد صلاح الدين وتأكيد سلطانه, دون مراعاة لحقوق الفقراء ومشاعرهم، فإذا تفكرنا أيضاً أن كتاب "قوانين الدواوين" قدم لصلاح الدين أو أحد أبنائه من أجل تحرى الواقعية والعدل في تقدير الجزية والضرائب على أفراد الشعب بجميع فئاته.. فإننا نكتشف البعد الآخر أو الدافع الرئيسى لابن مماتى، وهو مصلحة مصر والشعب المصرى عموماً. فإذا عرفنا أن صلاح الدين كان كردياً وأن قراقوش قائد جيشه كان صقلبيا من مماليك القوقاز في حين كان ابن مماتى مصرياً أباً عن جد.. لمحنا أثر الصراع بين المصريين والحكام الأجانب.. ولعل هذا ما جعل كازنزفا يقول:
"إن ابن مماتى كان يسعى إلى هز الثقة بقرلقوش، وهو قائد صلاح الدين الأيوبى ومن أقرب المقربين إليه، لأنه كان يعهد إليه بأمانة الإشراف على شئون مصر نيابة عنه عندما كان يضطر إلى السفر إلى سوريا للقاء الصليبيين" . فصلاح الدين لا ينيب عنه مصرياً مهما كان قدره أبداً، وقد كان ابن مماتى مثلاً رئيساً لديوان الجيش وديوان المال في ذلك الوقت، ويذكر الدكتور عبد الطيف حمزة إن قراقوش كان كثير اللجاجة والخصومة ، فلا يقر مبدأ المنافسة في الأمور،ولا يحتمل الاصغاء الى جدل من كبير أو صغير، وله رأى في معاملة السوقة والعامة ، هو أخذهم جميعا بالقهر والقسوة ، وهكذا فعل بالأسرى وبالعامة الذين سخرهم في بناء الأسوار والحصون. وكان هذا سببا في كراهية ابن مماتى وسخريته منه."
سيرة ابن مماتي
لعل أقدم سيرة نعرفها لابن مماتى، كتبها ياقوت الحموي في الفترة الأولى من القرن الثالث عشر الميلادى، إذ توفى سنة 1229م أي أنه كان معاصراً لابن مماتي المتوفى سنة 1209م. ويلاحظ الدكتور عزيز سوريال أن ياقوت لم يعتمد فقط على رواية الرواة من أهل العلم وإنما اطلع أيضاً على شيء مما كتبه ابن مماتى بخطه، ولذلك يجوز لنا أن نعتبرها وبلا تردد وثيقة من أهم الوثائق عن مؤلف كتاب "قوانين الدواوين"، وهى وإن كانت في ذاتها واضحة لا تحتاج إلى إفاضة أو تفسير، إلا أنه يدهشنا فيها سقوط الكتاب المذكور من بين محتويات القائمة التى جمع فيها ياقوت عدداً كبيراً من مؤلفات ابن مماتى ، كما يلاحظ أيضاً أن كاتب هذه السيرة اهتم بالناحية الأدبية من حياة ابن مماتى أكثر من بقية النواحى الأخرى التى أجملها إجمالاً . يتلو ذلك في الترتيب الزمنى ما ذكره ابن خلكان المتوفى 1282م في كتابه المشهور "وفيات الأعيان" حيث يقول:
"القاضى الأسسعد أبو المكارم أسعد بن الخطير أبى سعيد مهذب بن مينا ابن زكريا أبى قدامة بن أبى مليح مماتى المصرى الكاتب الشاعر، كان ناظر الدواوين بالديار المصرية،وفيه فضائل، وله مصصنفات عديدة، ونظم سيرة السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى، ونظم كتاب كليلة ودمنة، وله ديوان شعر رأيته بخط ولده ونقلت عنه مقاطع، فمن ذلك قوله:
تعاتبنى وتنهى عن أمور | سبيل الناس أن ينهوك عنها |
أتقدر أن تكون كمثل عينى | وحقَّك ما علىَّ أضر منها |
"وكان الأسعد المذكور قد خاف على نفسه من الوزير صفى الدين ابن شكر، فهرب من مصر مستخفياً وقصد مدينة حلب لائذاً بجناب السلطان الملك الظاهر رحمه الله تعالى، وأقام بها حتى توفى في سلخ جمادى الأولى سنة ست وستمائة يوم الأحد وعمره اثنتان وستون رحمه الله تعالى، ودفن في المقبرة المعروفة بالمقام على جانب الطريق بالقرب من مشهد الشيخ الهروى، وتوفى أبوه الخطير في يوم الأربعاء سادس شهر رمضان من سنة سبع وسبعين وخمسس مائة.
"ومينا بكسر الميم وسكون الياء المثناه من تحتها وفتح النون وبعدها ألف، ومماتى بفتح الميمين والثانية منهما مشدَّدة وبعد الألف تاء مثناه من فةقها وهى مكسورة وبعدها ياء مثناه من تحتها، وهو لقب أبى ملييح المذكور، وكان نصرانياً، وإنما قيل له مماتى لأنه وقع في مصر غلاء عظيمن وكان كثير الصدقة والإطعام وخصوصاً لصغار المسلمين فكانوا إذا رأوه نادى كل واحد منهم مماتى فاشتهر به، هكذا أخبرنى الشيخ الحافظ زكى الدين أبو محمد عبد العظيم المنذرى نفع الله به، ثم أنشدنى عفيب هذا القول مرثية فيه، وقال أظن هذين البيتين لأبى طاهر بن مكنسة المغربى.
"وأما ابن مماتى فإنه (أسعد) بن مهذب بن زكريا بن (مينا) شرف الدين مماتى أبى المكارم بن سعيد بن أبى مليح الكاتب المصرى، أصله من نصارى أسيوط من صعيد مصر، واتصل جده أبو المليح بأمير الجيوش بدر الجمالى وزير مصر في أيام الخليفة المستنصر بالله، وكتب ديوان مصر، وولى استيفاء الديوان، وكان جواداً ممدوحاً انقطع إليه أبو الطاهر إسماعيل بن محمد المعروف بابن مكيسة(مكنسه!) الشاعر فمن قوله فيه لما مات:
طويت سماء المكرمات وكورت شمس المديح | وتناثرت شهب العلا من بعد موت أبى المليح |
وفاته
توفى في سنة ست وستمائة (606هـ)، وعمره اثنتان وستون سنة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصادر
- ^ محمد عدنان قيطاز. "ابن مماتي". الموسوعة العربية.
- ^ نسيم مجلي (2010-05-07). "الأسعد بن مماتى...رائد أدب السخرية". الأقباط.com. Retrieved 2013-12-26.
- محمد راغب الطباخ الحلبي، إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء (دار القلم العربي، حلب 1992).
- ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (دار المسيرة، بيروت 1979).
- أسعد ابن مماتي، قوانين الدواوين، تحقيق عزيز سوريال عطية (طبعة مصورة، القاهرة 1943 ).
- ياقوت الحموي، معجم الأدباء (دار الفكر، 1980).