الحرب الأهلية الإسپانية

هذه مقالة جيدة. لمزيد من المعلومات، اضغط هنا.

الحرب الأهلية الإسپانية
Spanish Civil War
Испанская 11 интербригада в бою под Бельчите. 1937.jpg
الألوية الأممية القومية في معركة Battle of Belchite على متن دبابة تي-26
التاريخ17 يوليو 1936  – 1 أبريل 1939
الموقع
النتيجة

انتصار الوطنيين

المتحاربون

الجمهورية الإسپانية الثانية الجمهوريون

الجبهة الشعبية
CNT/FAI
UGT
يسار قطالونيا الجمهوري / الدولة القطلونية
إقليم الباسك (منطقة ذاتية الحكم) جيش الباسك (1936–1937)

بدعم من

المتطوعون الأجانب
 الاتحاد السوڤيتي
 المكسيك

إسپانيا الوطنيون

الكتائب
الكارليون (1936–1937)
الكونفدرالية الاسبانية لليمين المستقل (1936–1937)
الألفونسيون (1936–1937)

بدعم من

مملكة إيطاليا إيطاليا الفاشية
ألمانيا النازية ألمانيا النازية
الپرتغال إستادو نوڤو
المتطوعون الأجانب
القادة والزعماء
القادة الجمهوريون
الجمهورية الإسپانية الثانية مانوِل أزانيا
الجمهورية الإسپانية الثانية جوليان بستيرو
الجمهورية الإسپانية الثانية Francisco Largo Caballero
الجمهورية الإسپانية الثانية Juan Negrín
الجمهورية الإسپانية الثانية إندالسيو پريتو
الجمهورية الإسپانية الثانية ڤيسنته روخو يوش
الجمهورية الإسپانية الثانية خوسيه مياخا
الجمهورية الإسپانية الثانية خوان مودستو
الجمهورية الإسپانية الثانية خوان هرنانديز سارابيا
الجمهورية الإسپانية الثانية كارلوس روميرو گيمينيز
الجمهورية الإسپانية الثانية بوِناڤنتورا دوروتي 
Lluís Companys
إقليم الباسك (منطقة ذاتية الحكم) خوسيه أنطونيو أگيره
ألفونسو كاستلاو
القادة الوطنيون
إسپانيا José Sanjurjo 
إسپانيا إميليو مولا 
إسپانيا فرانشيسكو فرانكو
إسپانيا خوان ياگيه
إسپانيا ميگل كابانلاس
إسپانيا Manuel Goded Llopis 
إسپانيا Manuel Hedilla
إسپانيا مانوِل فال كونديه
إسپانيا گونثالو كيپو دى يانو
إسپانيا محمد مزيان
القوى
450,000 من المشاة
350 طائرة
200 مدفعية
(1938)[1]
600,000 من المشاة
600 طائرة
290 مدفعية
(1938)[2]
الضحايا والخسائر
~500.000 قتيل[3][nb 1]
450.000 هارب[4]

سلسلة تاريخ إسپانيا
Alhambra-petit.jpg
أيبيريا قبل التاريخ
هسپانيا الرومانية
إسپانيا العصور الوسطى
 – مملكة القوط الغربيين
 – المملكة السويبية
 – سپانيا البيزنطية
 – الأندلس
 – حروب الاسترداد
مملكة إسپانيا
 – عصر التوسع
 – عصر التنوير
رد الفعل والثورة
الجمهورية الإسپانية الأولى
الاستعادة
الجمهورية الإسپانية الثانية
الحرب الأهلية الإسپانية
إسپانيا الفرانكوية
الانتقال إلى الديمقراطية
إسپانيا المعاصرة
مواضيع
التاريخ الاقتصادي
التاريخ العسكري

الحرب الأهلية الإسپانية (Spanish Civil War، إسپانية: Guerra Civil Española)[nb 2] دارت من 17 يوليو 1936 حتى 1 أبريل 1939 بين الجمهوريين، الموالين للجمهورية الإسپانية، القوميين، جماعة متمردة بقيادة الجنرال فرانشيسكو فرانكو. انتصر القوميون، وحكم فرانكو إسپانيا ال36 عام التالية، من 1939 حتى وفاته عام 1975.

بدأت الحرب بعد pronunciamiento (اعلان المعارضة) على يعد مجموعة من جنرالات القوات المسلحة الجمهورية الإسپانية، تحت قيادة خوسيه سانخورخو، ضد الحكومة المنتخبة في الجمهورية الإٍسپانية الثانية، والتي كانت في ذلك الوقت تحت قيادة الرئيس مانويل أزانا. كان انقلاب المتمردين يدعمه من عدد من الجماعات المحافظة، وتشمل الاتحاد الإسپاني لحق الحكم الذاتي،[nb 3] الملكانيين مثل الكارليون المتشددون دينيناً، والكتائب الفاشية.[nb 4][5]

كان الانقلاب بدعم من وحدات عسكرية في المغرب، بنبلونة، برجية، بلد الوليد، قادس، قرطبة، وإشبيلية. ومع ذلك، فالوحدات المتمردة في مدن هامة مثل مدريد، برشلونة، وبلنسية، بلباو، و/لقة كانت غير قادرة على تحقيق أهدافها، وظلت هذه المدن تحت سيطرة الحكومة. وهكذا أصبحت إسپانيا منقسمة عسكرياً وسياسياً. القوميون، الآن تحت قيادة فرانكو، والحكومة الجمهورية تقاتل من أجل السيطرة على البلاد. القوات القومية حصلت على ذخيرة وجنود من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، بينما دعم الإتحاد السوڤيتي والمكسيك "الملكيين" أو "الجمهوريين". البلدان الأخرى، مثل بريطانيا وفرنسا، اتبعت سياسة رسمية بعدم التدخل، بالرغم من أن فرنسا قامت بإرسال بعد الذخيرة.

تقدم القوميون من معاقلهم في الجنوب والغرب، وأسقطوا معظم الشريط الساحلي الإسپاني عام 1937. وحاصروا مدريد والمنطقة الجنوبية والغربية منها معظم وقت الحرب. بعد سقوط مناطق كبيرة من قطالونيا عام 1938 و1939، انتهت الحرب بإنتصار القوميين ونفي آلاف الإسپان الموالين لليسار، فر الكثير منهم إلى مخيمات اللاجئين في جنوب فرنسا. انضم إليهم الجمهوريين الخاسرين والذين تعرضوا لاضطهاد القوميون المنتصرون. بتأسيس دكتاتورية فاشية بقيادة الجنرال فرانشيسكو فرانكو فيما بعد الحرب، اندمجت جميع الأحزاب اليسارية داخل النظام الفرانكي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

ترجع خلفية الحرب الأهلية الإسپانية إلى نهاية القرن 20، تقلد ملاك العقارات الكبرى، ويطلق عليهم لاتيفونديا، معظم السلطة في نوع من حكم الأقلية المعتمد على الأرض. فشلت سلطة ملاك الأراضي في تحدي القطاعين الصناعي والتجاري. عام 1868 أطاحت الانتفاضات الشعبية بالملكة الملكة إيزابلا الثانية من آل بوربون. عام 1873، تنازل خليفتها، الملك أماديو الأول من آل ساڤوي عن العرش لتزايد الضغط السياسي، وأُعلنت الجمهورية الإسپانية الأولى قصيرة العمر. بعد عودة آل بوربون للحكم في ديسمبر 1874، ظهر الكارليون والأناركيون في معارضة الملكية. ساعد ألخاندرو لروكس في جلب الجمهورية إلى الصدارة في كتالونيا، حيث كانت تعاني من الفقر المدقع. الاستياء المتزايد من التجنيد ومن خسارة الجيش في الأسبوع المأساوي في برشلونة عام 1909. بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، الطبقة العاملة، الطبقة الصناعية، والجيش اتحدوا جميعاً أملاً في الإطاحة بالحكومة المركزية الفاسدة، لكنها كانت محاولة غير ناجحة. خوفاً من تناوي الشيوعية، جاء ميگل پريمو ده ريڤرا إلى السلطة عام 1923 عن طريق انقلاب عسكري، وحكم إسپانيا حكماً دكتاتورياً عسكرياً. دعم نظامه تلاشى تدريجياً، واستقال في يناير 1930. كان هناك دعماً محدوداً للملكية في المدن الكبرى، وتنازل الملك ألفونسو الثالث عشر عن العرش؛ وتشكلت الجمهورية الإسپانية الثانية، التي ظلت في السلطة حتى اندلاع الحرب الأهلية الإسپانية. واستمر الملكيون في معارضة الجمهورية.


الانقلاب العسكري

خريطة عامة للحرب الأهلية الإسپانية (1936–1939).

بدأ استيلاء الجيش في إسپانيا في ساعات الصباح الاولى ليوم التاسع عشر من يوليو. في الخامسة صباحا بدأت صافرات المصانع ببرشلونة في الانطلاق. رتبت الكونفدرالية عملية اطلاق صافرات المصانع كاشارة تنبيه لمنظمة الدفاع التابعة لها بأن الجيش يتحرك وان القوات العسكرية تخرج من قواعدها. كانت الكونفدرالية قد نظمت حوالي 200 مجموعة دفاع عن الاحياء في انحاء منطقة برشلونة، تتكون هذه المجموعات من حوالي 2000 ناشط مسلح، وقد انشأت الكونفدرالية لجنة دفاع عمالية اقليمية للتنسيق بين هذه المجموعات. في الليلة السابقة على الانقلاب اسرت مجموعات الدفاع العمالية شحنة من السلاح من على سفينة راسية في ميناء برشلونة.

وعندما ركزت الكونفدرالية قواتها عند احد قواعد الجيش في الصباح، قام رقيب في الجيش الإسپاني باطلاق الرصاص على ضابطه الفاشي واقنع زملاءه الجنود بالاستسلام. وهكذا فتحت الكونفدرالية طريقا للحصول على مدد كبير من السلاح. الموظفون في شركة الحافلات اسروا السيارات المدرعة التي تستخدمها الشركة لنقل الاموال السائلة واستخدموها كسيارات مدرعة في القتال. فور انتقال الكونفدرالية الى العمل المباشر ضد الجيش، اشتركت الميليشيات شبه العسكرية في القتال. في برشلونة، باحد احياء الطبقة العاملة حول ثكنات للجيش، قام رائد في الشرطة بتسليم السلاح لأي شخص يستطيع ان يظهر له بطاقة النقابة. بدأ الطيارون في القوات الجوية الإسپانية قصف مواقع الجيش حول برشلونة والاغارة عليها.

لم يحدث في اي مكان بإسپانيا ان اتخذ صف جنود الشرطة المبادرة في قتال الجيش من انفسهم. في المواقع التي فشل العمال فيها بالقيام بتحركات هجومية مسلحة ومنحوا ثقتهم للمسئولين في الحكومة الليبرالية، لعب البوليس لعبة الصبر والانتظار. في معقل الكونفدرالية القوي بسرقسطة، في اراجون، وضع احد زعماء الكونفدرالية المحليين ثقته في احد المسئولين المحليين الجمهوريين الليبراليين. عندما تمرد الجيش، كانت النتيجة مذبحة رهيبة. في عام 1979 اكتشفت مقبرة جماعية خارج سرقسطة تحتوي على 7 الاف جثة.

تقريبا في كل مكان بإسپانيا تحرك نشطاء النقابات فيه بطريقة هجومية ضد الانتفاضة العسكرية وانضمت لهم قوى الشرطة، انهزم الانقلاب العسكري. في مدريد عديد من اعضاء حرس الهجوم كانوا اشتراكيين. اماكن قليلة هي التي استطاع الناس فيها هزيمة الجيش دون مساعدة البوليس. لم يكن هناك مكان في إسپانيا تمرد فيه جنود الجيش ضد ضباطهم دون ان يحاصرهم العمال ورجال الشرطة الغاضبون.

ضباط البحرية الإسپانية كان معظمهم تقريبا من ذوي الدماء الزرقاء ابناء الطغمة المالية من كبار ملاك الارض. كانوا يحتقرون الصفوف الادنى من البحارة. العديد من البحارة الإسپان كانوا يعملون سابقا في صناعة النقل البحري التجاري في إسپانيا حيث كانوا على الاغلب اعضاء في نقابات الكونفدرالية او نقابات الاتحاد العام للعمال. كانوا هم ايضا يكرهون ضباطهم. في الليلة التي سبقت التاسع عشر من يوليو عقد البحارة في الاسطول الإسپاني اجتماعات سرية، وانتخبوا لجان السفن، وشرعوا في القبض على الضباط الفاشيست او اطلاق النار عليهم. بنهاية الاسبوعين، فقد الجنرالات الفاشيست تقريبا نصف قوة جيشهم القائم في إسپانيا، و٤٠٪ من قوة الشرطة وثلثي قوة البحرية ومعظم القوات الجوية. انهزم الانقلاب العسكري في ثلثي إسپانيا، بما فيها المناطق الصناعية والمدن الكبيرة.

اهم قوة كانت متاحة للجنرالات الفاشيين هي 25 الف رجل يشكلون قوام الجيش الافريقي، وهي القوة الاستعمارية التي صلبت عودها المعارك من المرتزقة ورجال العصابات الاجرامية. ومع سيطرة البحارة على سفن البلاد الحربية في يوليو، وتلك السفن تجوب مضيق جبل طارق جيئة وذهابا، اصبحت امكانية النقل البحري لجيش افريقيا من المغرب الى إسپانيا قضية مستحيلة مؤقتا. عند هذه النقطة، مدت المانيا النازية يد العون للجنرالات الفاشيست الإسپان بتزويدهم بطائرات وطيارين المان لنقل جيش افريقيا الى إسپانيا – وهو اول جسر جوي ينقل جيشا بأكمله الى ميدان المعركة في التاريخ العسكري. ومع استيلاء العمال على معامل تكرير النفط ومحطات البنزين في إسپانيا، تعرض الجيش الفاشي لخطر نفاد الوقود منه. قدمت شركة تكساكو ساعتها شكلا اخر من المعونات الدولية. الرئيس التنفيذي لهذه الشركة امر ناقلات النفط البحرية التي تجوب البحار التوجه الى الموانئ التي يسيطر عليها الجيش الفاشستي. زودت الشركة الجيش بخمسة ملايين دولار بنزين في مقابل دفع آجل للثمن. وفي نفس الوقت، ضباط البحرية البريطانية في جبل طارق اصابهم الرعب من مشاهدة السفن الحربية الإسپانية يقودها بحارة من الرتب الادنى غير مبالين بالقواعد التقليدية المرعية للزي وتبادل التحيات برفع قبضات اليد. عاون ضباط البحرية البريطانية الفاشيست الإسپان معاونة مباشرة. عندما كان الجيش الإسپاني يحاصر من البر بلدة الجيسيراس، حاول بحارة الاسطول الإسپاني حماية البلدة من البحر عن طريق اطلاق نيران مدافع سفنهم ضد مواقع الجيش الفاشي. منعت البحرية البريطانية ذلك بواسطة تحرك السفن الحربية البريطانية امام البلدة.

انشأت لجان تطهير في المدن التي استولى عليها الجيش الفاشي. تشكلت هذه اللجان بشكل نمطي من مسئول من البوليس، وكاهن، وممثل كتائب الفاشيست، ومالك ارض محلي. اعدت قوائم باسماء اليساريين المعروفين كان ينفذ فيهم الاعدام بشكل منهجي. طبقا لعضو من الكتائب: "٨٠٪ من الذين تم اعدامهم في الصفوف الخلفية كانوا عمال. استهدف القمع بتر الطبقة العاملة جسديا، وتدمير قوتها... لقد كانت حربا طبقية ". تقول التقديرات ان السلطات اعدمت بين 100 و200 الف شخص في المنطقة التي سيطر عليها الفاشيون اثناء الحرب الاهلية.

بعد هزيمة الجيش في برشلونة في العشرين من يوليو، تدفق مئات الالاف من الناس في الشوارع، ليحتفلوا بالانتصار. رئيس البوليس، فريدريك ايسكوفيت، وقد انتابه القلق من نمو قوة كونفدرالية العمل، ارسل بالشرطة الى مستودعات سلاح الجيش في سانت اندرو حيث كان بالمخازن حوالي 30 الف بندقية. ولكنهم وصلوا بعد فوات الاوان. كانت الفدرالية قد استولت على السلاح توا. احتلت الكونفدرالية ايضا التحصينات العسكرية في مونتيوخ، المطلة على برشلونة.

الكونفدرالية، اضافة الى توزيعها السلاح على جماعات الدفاع عن الاحياء، تحركت فورا لخلق جيشها الخاص. تم تجنيد الاف النساء والرجال من اعضاء نقابات الكونفدرالية. اصدرت لجنة الدفاع الكونفدرالية قرارا بمصادرة السيارات - تاكسيات، وسيارات ركوب الاغنياء، والحافلات، والشاحنات. نظمت طوابير من وحدات الميليشيا المتحركة بغرض القيام بهجوم لطرد الجيش من قطالونيا والمناطق المجاورة لها. سلطة اتخاذ القرار العليا في كل طابور كانت مجلس اعضاء الميليشيا. انتخب ضابط للقيادة ("المندوب الرئيس") في كل طابور. الوحدات الادنى انتخبت مندوبا "للجنة الحرب" - اللجنة الادارية للطابور. ضابط الجيش الإسپاني المتعاطف كان يلحق بكل طابور كمستشار فني. الاتجاه العام والكلي للطوابير كان عمل لجنة الدفاع الخاصة باتحادات الكونفدرالية.

اثناء صيف 1936، طردت طوابير ميليشيا العمال الجيش الفاشي من فالنسيا وقطالونيا خارج مقاطعة قطالونيا ومن مساحة 100 كيلومتر الى الغرب عبر منطقة اراجون - اوسع مساحة من الارض غنمتها واستولت عليها القوى المعادية للفاشية في الحرب الاهلية.

كانت برشلونة مركز صناعة السيارات الإسپانية. اتحاد الصناعات المعدنية في الكونفدرالية تحرك مباشرة بعد ١٩ يوليو لمصادرة ارصدة هذه الصناعة، وتحويلها الى الانتاج الحربي لصالح ميليشيا النقابة. خلال اسابيع، انشأت الكونفدرالية 24 مصنعا للمعادن والكيماويات لصناعة القنابل والمتفجرات والسيارات المدرعة لصالح جيش العمال الثوري.


الأطراف المتقاتلة

الجمهوريون

أعلام الجبهة الشعبية (يسار) وCNT/FAI (يمين)
المتطوعون الجمهوريون عند تروال، 1936.


الوطنيون


القوات الجمهورية عند گوادالاخارا، 1937


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فصائل أخرى

التدخل الأجنبي

دعم القوميين

أرسلت كل من إيطاليا الفاشية بنيتو موسوليني وألمانيا بقيادة أدولف هتلر القوات والدبابات والطائرات لدعم القوميين، مستخدمة إسبانيا ساحة لاختبار طرق الحرب الجديدة.[6]

ألمانيا


إيطاليا

الپرتغال

آخرون


دعم الجمهوريين

الألوية الأممية

كتيبة إتكار أندريه ضمن الألوية الأممية.
راية الكتيبة البريطانية
المتطوعون الپولنديون في الألوية الأممية

بسبب حظر المفروض من جانب بريطانيا وفرنسا على إرسال الأسلحة لم تتمكن الحكومة من الحصول على الأسلحة أو شرائها إلا من الاتحاد السوڤيتي، واشتملت المساعدات المقدمة على الطائرات والطيارين المدربين والدبابات وطواقم التشغيل.

الفرق العالمية

شارك في الحرب ضد الفاشية في إسبانيا حوالي 60 ألفاً من المتطوعين من 50 دولة، بما في ذلك الفرقة الأمريكية ابراهام لنكولن. اشتملت قائمة الكتاب الذين شاركوا إلى جانب الجمهوريين الروائي الأمريكي إرنست همنگواي والمؤلف البريطاني جورج أورويل والكاتب الفرنسي أندريه مالرو.

مقاتلون مغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية.

خلال تلك الحرب كان الجنرالات الإسبان ومعهم عدد من السياسيين المغاربة يقنعون المقاتلون المغاربة (وخاصة الريفيون والمنحدرون من قبائل جبالة) بالاشتراك في الحرب، وكانوا يصفونها بالحرب ضد الملحدين وأعداء الله ورسوله، في إشارة للشيوعيين الذين يساندون الجمهورية، وكانوا يسمعون إشاعات تقول إن فرانكوا إعتنق الإسلام وإنهم شاهدوه يؤدي مناسك الحج (الحاج فرانكو)، وإن الأندلس ستعود قريبا إلى المسلمين بعد الإنتصار في الحرب طبعا. وشارك في الحرب مائة وخمسين جندي من الريف وجبالة.[7]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإتحاد السوڤيتي

المكسيك

فرنسا

مسار الحرب

1936

خريطة إسپانيا في سبتمبر 1936:
  المناطق تحت سيطرة القوميين
  المناطق تحت سيطرة الجمهوريين
هجوم على موقع تابع للقوميين بالقرب من مدريد، سوموسييرا، 1936


طبقا لاقوال مساعديه، كان لويس كومپانيز Lluís Companys قلقاً وعصبياً في 20 يوليو. رئيس شرطته ايسكوفيت، كان قد حذره تواً بأن الشرطة لم يعد في استطاعتها اعادة تأكيد سلطة الحكومة. الكونفدرالية الآن بحكم الامر الواقع تمتلك قوات مسلحة في قطالونيا. كان كومبانيز رئيسا للحكومة الاقليمية البرلمانية في قطالونيا ورئيس حزب اليسار الجمهوري لقطالونيا. كان هذا الحزب قد هزم العصبة القطالونية، حزب البزنس الكبير، في انتخابات فبراير 1936. الشرائح المتوسطة القطالونية - صغار التجار والبزنس الصناعي الصغير، وصغار ملاك الأرض، والمحامون والمهنيون، والمدراء والعائلات الفلاحية - كانوا القاعدة الاجتماعية الرئيسية للحزب اليسار الجمهوري.

شغل كومپانيز وظيفة المحامي السابق للكونفدرالية، ويعرف كثير من الأناركيين. احتاج الى توجيه نداء لهم يمنعهم من الاطاحة بحكومته.

كان ريكاردو سانتز، وبويناڤنتورا دوروتي، وخوان گارسيا أوليڤير نشطاء قياديين في لجنة الدفاع الاقليمي بالكونفدرالية، وأعضاء في جماعة "نحن" (Nosotros) - احدى جماعات الفدرالية الأناركية الأيبيرية. دعا كومپانيز هؤلاء الرجال إلى مكتبه في العشرين من يوليو. اخبرهم كومپانيز:

"أول كل شيء يجب علي القول أنه لم يتم التعامل أبداً مع كونفدرالية العمل ولا الفدرالية الأناركية بالاهتمام الواجب الذي يستحقانه. لقد تعرضتم للملاحقة الفظة باستمرار. وانا، الذي اعتدت ان اكون معكم، اجبرتني الحقائق السياسية الواقعية على ان أعارضكم وأطاردكم. انتم الان تسيطرون على المدينة وعلى قطالونيا لانكم بمفردكم استأصلتم العسكريين الفاشيين. ولكن دعني اذكركم انه لا ينقصكم العون اليوم من رجال حزبي، وايضا العون من الجندرمة والحرس الرئاسي... لقد ربحتم والسلطة بين ايديكم. لو انكم لستم في حاجة لي ولو انكم لا تريدونني كرئيس لقطالونيا، أخبروني الآن ولسوف أكون مجرد جندي اخر في الكفاح... انتم تستطيعون الاعتماد على ولائي كرجل وكقائد حزب يؤمن أن الماضي المجلل بالعار قد أتى إلى نهايته اليوم وأنا آمل مخلصاً أن قطالونيا سوف تقف في طليعة البلاد الاكثر تقدما في القضايا الاجتماعية."

اقترح كومپانيز عندئذ مشاركة الكونفدرالية في لجنة ميليشيا معادية للفاشية، تسيطر عليها احزاب الجبهة الشعبية، لادارة المجهود الحربي ضد العسكرية الفاشية. تلك كانت مراهنة قمار ماهرة لأن استقلال اللجنة الاسمي عن الدولة سوف يسمح للاناركيين ان يقولوا انهم لا يشاركون في هيئة حكومية ولكن ذلك سوف يجرهم الى سياق عمل تحت سيطرة زعماء أحزاب الجبهة الشعبية، ولسوف يترك الحكومة سليمة لا تمس.

كان الرأي الشخصي لسانتز ودوروتي وگارسيا أوليڤير ان الكونفدرالية يجب عليها الاطاحة بالحكومة الاقليمية، ولكنهم لم يصرحوا بهذا الرأي لكومبانيز. اخبروه ان الكونفدرالية هي التي تتخذ قرار فيما يجب عمله. تلك الليلة، عقد مجلس برشلونة المحلي للعمل في الكونفدرالية لقاءا لتقرير موقفه من هذا الموضوع. في ذلك اللقاء، كان موقف گارسيا أوليڤير ان "الحركة يجب ان تستولى على السلطة". فيليكس كاراسكير، احد معلمي المدارس، ودييجو عباد دي سانتيلان، كلاهما ممثلان للفدرالية الاناركية، دخلا سجالا ضد اقتراح جارسيا اوليفير. الا ان الجدل حكمه اطار مفردات سؤال: "هل يجب ان نفرض رؤيتنا بالشيوعية التحررية؟ هل يجب ان تحكم الكونفدرالية بمفردها؟" كان منطق كاراسكير وعباد دي سانتيلان ان ذلك سوف يكون ديكتاتورية تفرضها الاقلية. بعد نقاش ساخن، صوت مجلس برشلونة للعمل ضد اختيار الاستيلاء على السلطة.

ومع ذلك، هذا القرار لم يفض الى تسوية المسألة. القرار الفعلي سوف يقرره الاجتماع الشامل الاقليمي لكل المجالس المحلية للعمل في الكونفدرالية لمنطقة قطالونيا. دعت السكرتارية الاقليمية للقاء في 23 يوليو. كان هذا اللقاء الاقليمي الشامل اجتماعا لاكثر من 500 مندوب عن المجالس المحلية للعمل في الكونفدرالية. اقيم الاجتماع في كاسا دي كامپا، المقر الرئيسي السابق لجمعية أصحاب العمل. هذا المبنى الواسع كان قد تم الاستيلاء عليه كعمل ثوري، من اجل توفير فضاء لاجتماعات الكونفدرالية، وفدرالية الأناركيين ومنظمة النساء الأناركيات.

اقترح وفد مجلس العمال في منطقة بايو لوبريجات ان الاتحادات النقابية يجب ان تستولى على السلطة وتطيح بالحكومة الاقليمية؛ الان حانت اللحظة لتنفيذ برنامج كونفدرالية العمل الثوري، من وجهة نظرهم. بايو لوبريجات هي منطقة الضواحي الصناعية في الحد الجنوبي لبرشلونة، وهي منطقة تم بناؤها اثناء الرواج الصناعي في العشرينات. طلب وفد بايو لوبريجات من خوان گارسيا أوليڤير ان ينسق ويعتمد على موقفهم اثناء الجدل. كان جارسيا اوليفير خطيبا مفوها عمل معظم حياته كنادل في المقاهي، عندما لم يكن في السجن. تركته خبرة حياته الطويلة في الكفاح الطبقي متمتعا باحساس قوي ان الطبقة العاملة سوف يكون عليها ان تفرض ارادتها على المجتمع اذا ما كان له ان يحرر نفسه ابدا.

شدد گارسيا أوليڤير على ان العملية الثورية يجب ان نحكمها، ولا يمكن تركها في فراغ سلطة، هذا الفراغ الذي "سوف يسمح للاتجاهات الماركسية المتنوعة ان تمسك بزمام الامور وتقضي علينا". السكرتير الاقليمي، ماريانو فاسكيز - عامل بناء من أصل غجري - حافظ على موقفه باستمرار بأنهم يجب ان يقبلوا بعرض كومبانيز بالمشاركة في لجنة ميليشيا معادية للفاشية مؤقتا بينما "يحكمون من الشوارع".

كان المتحدثون الرئيسيون ضد گارسيا اوليڤير هم فدريكا مونتسني Federica Montseny ودييگو عباد دي سانتيلان. مونتسني - روائية اناركية وخطيبة مفوهة تمتلك منزلا في حي راق ببرشلونة - كانت من أتباع الأناركية الفردية المتطرفة لماكس شترنر. كان كلا من مونتسيني وعباد دي سانتيان عضوين في جماعة نيرفيو، احدى جماعات فدرالية الأناركيين الأيبيريين. مونتسيني كانت عضوة بلجنة شبه الجزيرة في فدرالية الاناركيين وكلاهما هي ودي سانتيلان تواجدا في هذا الاجتماع كممثلين للفدرالية الاناركية الايبيرية.

كان منطق مونتسيني ان مقترح گارسيا اوليفير لتنفيذ برنامج الكونفدرالية "بالشيوعية التحررية" سوف يعني فرض "ديكتاتورية أناركية" على السكان. ركز عباد دي سانتيلان على خطر التدخل الأجنبي، مشيرا الى وجود السفن الحربية البريطانية بالقرب من الشواطئ الإسپانية.

أشار گارسيا اوليڤير، في رده عليهما، الى انه لم يتكلم ابدا عن "ديكتاتورية" للاناركيين او للكونفدرالية. واعترض على وصف حكم اتحادات العمال النقابية "ديكتاتورية". واحتج گارسيا اوليڤير بأن الكونفدرالية، بوصفها منظمة الاغلبية العمالية، عليها التزام ان تتصدر الطريق الى الامام في الثورة وانه يؤمن ان الممارسات التحررية الديموقراطية وايديولوجية الكونفدرالية سوف تكون ضمانا بأن حاكمية الاتحادات النقابية للمجتمع لن تتحلل الى نظام حكم سلطوي. وصنف تعليقات عباد دي سانتيلان بوصفها فقط دعوة للخوف. وفي رد على فاسكيز، قال جارسيا اوليفير انه على الاقل اعترفت السكرتارية الاقليمية بأن الثورة يجب ان نحكمها. ولكنه اصر على ان الكونفدرالية يجب ان تتحمل مسئولية صنع الثورة.

واثناء حديث جارسيا اوليفير، قطع حديثه بملاحظة أن فيدل ميرو - عضو اخر من جماعة نيرفيو الاناركية وناشط في جماعة الشبيبة التحررية - كان يتنقل من مندوبين الى مندوبين اخرين في القاعة، ليحشد الاصوات. عندما جرى التصويت، اقتراح التعاون مع احزاب الجبهة الشعبية في لجنة ميليشيا معادية للفاشية حصل على الاغلبية.

في ذكرياته الشخصية، أشار گارسيا اوليڤير الى ان المندوبين تجمعوا على عجلة، دون اي فرصة للتشاور مع النشطاء في الاتحادات النقابية او فرصة لمناقشة تبعات ما هم بصدد تقريره. اعتقد جارسيا اوليفير ان اللقاء خضع زيادة عن اللزوم لنفوذ "المثقفين الاناركيين من البورجوازية الصغيرة" مثل مونتسيني وعباد دي سانتيلان، اللذان امتلكا نفوذا مؤكدا من خلال الصحافة الاناركية في قطالونيا.

لكن لماذا تأرجح موقف مندوبي المجالس العمالية مع ملاحظات مونتسيني ودي سانتيلان؟ تصور السلطة السياسية للاتحادات النقابية على انها "ديكتاتورية الكونفدرالية الوطنية للعمل" ربما يكون نتيجة لابهام في المفهوم السينديكالي عن الحياة السياسية "المجازية". الفكرة بأن الاتحادات النقابية التحررية "تمثل تصورا مستقبليا" لمجتمع يتمتع بالادارة الذاتية لشئونه يمكن تفسيرها على انها تعني ان الاتحاد النقابي نفسه يمسك بالادارة الاقتصادية والسياسية للمجتمع - والسينديكاليون قد يتكلمون هكذا في بعض الاحيان. وهذا قد يؤدي الى استنتاج ان الكونفدرالية نفسها قد تكون الهيكل الحاكم للحياة الاقتصادية والسياسية. من هنا "ديكتاتورية كونفدرالية العمل الوطنية".

ولكن المفهوم النقابي للحياة السياسية المجازية، "بناء المجتمع الجديد في رحم القديم"، لا يجب ان يفسر بهذه الطريقة. من الممكن ان نفهمه على انه يعني ان ممارسات وعادات ديموقراطية المشاركة المألوفة تقوم من خلال منظمات الاتحادات النقابية الجماهيرية ومن ثم ينعكس هذا في الهياكل الجديدة لادارة العمال للاقتصاد وهياكل الحاكمية السياسية، المنفصلة عن الاتحادات النقابية نفسها. كانت كونفدرالية العمل الوطنية ذات العضوية البالغة 350 الف عضو هي منظمة العمال ذات الاغلبية في قطالونيا. كانت سوف تمتلك نفوذا عظيما على الاتجاه الذي سوف يأخذه هيكل السلطة السياسية الذي يشارك فيه الاتحاد العام للعمال (UGT) وفدرالية العمل للوحدة النقابية الماركسية (FOUS) كأقليات.

حديث مونتسيني عن "ديكتاتورية الكونفدرالية" دبجته هذه السيدة بعناية ليمتلك جاذبية للافكار المسبقة عند الاناركيين. ولكن ذلك الرأي لم يضع اطارا مناسبا للاوضاع التي كانت تواجه الكونفدرالية في ذلك الوقت. في الشهور التي تلت، سوف تصر الكونفدرالية على ان هدفها هو "انتصار الثورة البروليتارية". النصر في هذا المسعى كان يتطلب ان تهدم الطبقة العاملة القواعد المؤسسية التي تقوم عليها سلطة الطبقات التي تهيمن على الطبقة العاملة وتستغلها.

القاعدة الاجتماعية التي قامت عليها الاحزاب السياسية الجمهورية في إسپانيا كانت طبقات البزنس الصغير والفئات المهنية والفئات التي تشغل الوظائف الادارية العليا. هذه الطبقات الاجتماعية كانت سوف تعارض لا محالة الثورة البروليتارية، حيث ان الاخيرة كانت ولا بد انها سوف تحل سلطة وامتيازات هذه الطبقات. اي سلطة سوف يحتفظ بها قادة الاحزاب القومية الجمهورية واحزاب الباسك الوطنية في الحكم سوف تستخدم لاعاقة عملية تمكين الطبقة العاملة. اكثر من ذلك، الحزب الشيوعي، منذ تبنيه للتوجه نحو "الجبهة الشعبية"، والجناح الاجتماعي الديموقراطي في حزب العمال الاشتراكي الإسپاني، تحالف هذان الحزبان مع هذه الشرائح الوسطى المعادية للفاشية.

من ناحية اخرى، ومن الواضح بشكل مساوي، ان انتصار للطبقة العاملة كان يحتاج الى اقصى قدر من وحدة الطبقة العاملة. لم تستطع الكونفدرالية تجاهل ١.٤ مليون عامل في الاتحاد العام للعمال. وفي قطالونيا، كان هناك ايضا 70 الف عامل في اتحادات فدرالية العمل للوحدة النقابية التابعة لحزب العمال للتوحيد الماركسي. جماهير اعضاء الكونفدرالية في كفاح الحياة او الموت ضد الجيش، كانت تصر على ضرورة ان تشكل الكونفدرالية تحالف مع منظمات الطبقة العاملة الاخرى. وكانت الكونفدرالية توا قد الزمت نفسها "بتحالف العمال الثوري" مع الاتحاد العام للعمال في الكونجرس الذي عقدته في مايو. وحدة الكونفدرالية مع الاتحاد العام في انتفاضة استورياس في اكتوبر 1934 كانت مثالا يألفه كل فرد من الناس.

اذا لم تتمكن الكونفدرالية من الخروج ببرنامج عملي من اجل سلطة سياسية موحدة للطبقة العاملة، فقد كان هذا يعني ان البديل الوحيد سوف يكون تلك الاستراتيجية التي يروج لها الشيوعيين واحزاب الجبهة الشعبية الاخرى: وحدة من اعلى الى اسفل بين قادة وزعماء احزاب الجبهة الشعبية من خلال دولة جمهورية يعاد بناءها. لم يكن هناك اختيار اخر واقعي. اما ان تستولي الكونفدرالية على السلطة السياسية بالاشتراك مع اتحادات نقابية اخرى، او ان يقود الاحتياج الى الوحدة في الكفاح ضد الجيش الفاشي الى حل الجبهة الشعبية. في الحالة الاخيرة، سوف يعاد بناء الدولة الإسپانية - جهازا استبداديا تراتبيا يستخدم للدفاع عن مصالح الطبقات التي تهيمن على الطبقة العاملة.

ورغم ان جهاز الدولة الجمهورية كان منزوع السلاح بشكل مؤقت، بسبب تمرد الجيش القديم والشرطة القديمة وبناء ميليشيا العمال الثورية، الا ان جهاز الدولة كان مازال محتفظا بموارد ذات وزن ما دام سليما لم يمس. كان جهاز الدولة هذا يمتلك شرعية اجتماعية في عيون الطبقات الوسطى الجمهورية، وكان مسيطرا على النظام المالي للبلاد، واحتياطي الذهب والعملات الاجنبية والعلاقات التجارية. تقريبا بعد الانقلاب مباشرة بدأ الحزب الشيوعي حملته لاعادة بناء الدولة الجمهورية.

ومعنى هذا ان السؤال الحقيقي الذي واجهته الكونفدرالية كان هو كيف تخلق هيكلا مشتركا لحكم البلاد مع الاتحادات النقابية الاخرى، يكتسح من امامه جهاز الدولة القديم ويعمل على تأسيس سلطة الطبقة العاملة. ما فعلته الكونفدرالية كان فعليا الالتفاف حول هذا الاستنتاج... ولكن ذلك اخذ منها ستة اسابيع اخرى من الجدل في الاتحاد.

لجنة الميليشيا المعادية للفاشية في قطالونيا لم تكن اداة "السلطة المزدوجة" للطبقة العاملة. في الواقع زعماء الجبهة الشعبية سيطروا على اللجنة، بالضبط مثلما سيطروا على الحكومة. عدد اعضاء الكونفدرالية البالغ عددهم 350 الف شخص كان لهم فقط ثلاث مقاعد من 15 مقعدا في اللجنة، مع مقعدين اثنين اخرين لفدرالية الاناركيين الايبيرية. الاتحاد العام للعمال الذي كانت عضويته 100 الف في قطالونيا، كان لديه ايضا ثلاثة مقاعد. اتحاد مزارعي اسكويرا احتل مقعدا واحدا. كان للاحزاب السياسية الجمهورية الممثلة للطبقة الوسطى اربعة نواب.

خلال ايام بعد الانقلاب العسكري، تشكلت منظمة سياسية جديدة في قطالونيا - الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا (PSUC). تشكل هذا الحزب من اندماج اربعة احزاب صغيرة: قسم من حزب العمال الاشتراكي الإسپاني (PSOE) في قطالونيا، والحزب الشيوعي القطالوني (PCC) والحزب البروليتاري (وهو جماعة عمالية قطالونية قومية)، والاتحاد الاشتراكي (وهي جماعة ديموقراطية اجتماعية). الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا، 6 الاف عضو، اصبح فرعا للحزب الشيوعي الإسپاني (PCE) التابع لخط موسكو في قطالونيا. احتل الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا مقعدين اثنين في لجنة الميليشيا المعادية للفاشية، رغم ان حزب العمال لتوحيد الماركسيين (POUM) الاكثر عددا احتل مقعدا واحدا .

فدرالية العمل للوحدة النقابية الماركسية (FOUS) ذات الـ 70 الف عضو لم يكن لها ممثلين. في اغسطس زعماء الكونفدرالية الاقليميين في قطالونيا يدخلون في صفقة مع الاتحاد العام للعمال من اجل السماح فقط لحاملي بطاقات الاتحادات النقابية لكلا المنظمتين بالدخول في نظام حصص الطعام الذي نشأ في اعقاب الانقلاب الفاشي. وقد اجبر هذا الاجراء حل فدرالية العمل للوحدة النقابية الماركسية (FOUS). كان هذا خطأ طائفيا من جانب قادة السينديكالية الاناركية. كان الخط السياسي لحزب العمال لوحدة الماركسيين (POUM) اقرب لخط الكونفدرالية منها لخط الشيوعيين الموالين لموسكو. وسرعان ما دعم الشيوعيون سيطرتهم على الاتحاد العام للعمال في قطالونيا. لو تركت فدرالية العمل للوحدة النقابية (FOUS) سليمة لم تمس لتوفر للكونفدرالية حليفا هاما.

برهنت لجنة الميليشيا المعادية للفاشية على عدم فاعليتها. لم تكن هناك سياسة موحدة او تنسيق حقيقي. كل منظمة استخدمت مواقعها كما تهوى وتريد. فدرالية مزارعي اسكويرا، والحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا وحزب العمال لوحدة الماركسيين كل من هذه المنظمات امتلكت فرق ميليشياتها الخاصة، متباعدة بها عن ميليشيا اتحادات الكونفدرالية الاوسع والاكثر عددا. كل واحدة من هذه المنظمات الاربع ادارت ميليشيتها ووفرت لها نظام امداد خاص بها وحدها. كان هذا هو النسق في إسپانيا كلها. لم تكن تلك هي الطريقة الفعالة لادارة كفاح مسلح ضد الجيش الفاشي. كان هناك فشلا عاما في التنسيق.

نشطاء ا لكونفدرالية القياديون وقادة الميليشيا رأوا حاجة واضحة لقيادة موحدة ونظم امداد وتدريب موحدة. وإن لم يستطعوا القيام بذلك نحو الميليشيا، فلسوف يكون هناك بالتأكيد ضغوط من اجل اعادة خلق جيش تقليدي تديره الدولة الجمهورية. خلال ايام من الانقلاب العسكري، بدأ الحزب الشيوعي دق الطبول من اجل اعادة خلق عسكرية تقليدية تتخذ الاوامر من اعلى الى اسفل.

كان من الممكن انقاذ نظام الميليشيا لو كانت الكونفدرالية قد تمكنت من ايجاد طريقة لخلق ميليشيا موحدة. الطريق الوحيد لصنع ذلك كان سوف يكون خلق هيكل حكم عمالي موحد لكل إسپانيا. كانت الاتحادات النقابية في حاجة للاستيلاء على السلطة.

لمعارضة السعي نحو اعادة بناء جيش هرمي تراتبي قديم، القى جارسيا اوليفير بخطاب في 10 اغسطس، مناديا بجيش ثوري للشعب: "جيش الشعب الخارج من رحم الميليشيا يجب ان ينتظم على مبادئ جديدة. سوف ننظم مدرسة عسكرية ثورية ندرب فيها الضباط الفنيون الذين لن يكونوا نسخة كربون من الضباط القدامى، ولكن بالاحرى وببساطة فنيين يتبعون تعليمات الضباط الذين اثبتوا ولاءهم للشعب والبروليتاريا".

في اجتماع شامل اخر للكونفدرالية في قطالونيا في اخر ايام اغسطس، گارسيا اوليفير، شاعرا بالاحباط والسخط من عجز لجنة الميليشيا المعادية للفاشية، اقترح مرة اخرى ان تستولى الكونفدرالية على السلطة، وان تلغي الجمهورية الاقليمية، وتقيل زعماء الاحزاب السياسية من اي دور، وتختزل دور الاتحاد العام للعمال الى اقلية، متماشيا مع حجمها في قطالونيا.

في 31 اغسطس، خوسيه جيرال، رئيس الوزراء في مدريد، اخبر عضوا في لجنة الكونفدرالية الوطنية: "كل شيء بين ايدي الكونفدرالية! الكونفدرالية تدير الحرب كما تريد ولكن دون المشاركة في المسئوليات العليا. احكموا! استولوا على السلطة! ".

في الاخير، اقيم مؤتمر لكامل الهيئة القومية للكونفدرالية في 3 ديسمبر، بناء على اصرار الوفد الاقليمي لقطالونيا، وقررت الكونفدرالية التقدم باقتراح تشكيل حكومة عمالية ثورية لتحل محل الحكومة القومية للجبهة الشعبية: مجلس دفاع وطني يتكون من سبع مندوبين من الاتحاد العام للعمال وسبعة من الكونفدرالية، مع لارجو كاباليرو رئيسا . المجلس الوطني سوف يكون جزءا من نظام فدرالي مع مجالس دفاع اقليمية. سلطات هذه المجالس سوف تكون مقصورة على وظيفة الدفاع الذاتي الاجتماعي - "محاكم الشعب"، وميليشيا الشعب الموحدة. لن يكون لمجالس الدفاع اي سلطة للتدخل في ادارة الصناعة؛ سوف تدار الصناعات بواسطة العمال. كتب عميل روسي في إسپانيا رسالة للسلطات السوفيتية قال فيها: "وجد التفكير في خلق مثل هذه المجالس استجابة واسعة حتى بين الجماهير التي لم تكن تحت سيطرة نفوذ الاناركيين". اقترحت الكونفدرالية ميليشيا الشعب الموحدة التي سوف تقوم بالسيطرة على "مفوضيات الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال المشتركة". سوف يكون لدى العمل المنظم احتكارا للسلطة المسلحة في إسپانيا.

ومع ذلك، فات الوقت بالنسبة للكونفدرالية. طوال الستة اسابيع الاولى بعد الانقلاب العسكري، ترأس الحكومة في مدريد ليبراليون عاجزون بلا فعالية. ومع ذلك، لارجو كاباليرو، السكرتير التنفيذي للاتحاد العام للعمال، كان قد اصبح توا رئيسا للوزراء في اوائل سبتمبر. وصرح كاباليرو علنا ان الثورة يجب عليها ان تجمد حركتها حتى نهزم الجيش الفاشي. مارسيل روزنبرج، السفير السوفيتي، حذر كاباليرو من ان اقتراح الكونفدرالية سوف يدمر "الشرعية الدولية" للجمهورية الإسپانية. مانويل ازانيا، رئيس الجمهورية، هدد بالاستقالة. ممثلو الكونفدرالية، لمجاملة الشيوعيين، عقدوا لقاءا مع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الإسپاني واكدوا لهم ان كوادرهم في نقابات الاتحاد العام للعمال تعتبر تمثيلا لهم في السلطة المقترحة.

تاريخ لارجو كاباليرو والاشتراكيون اليساريون كان تاريخا من التأرجح. كانوا يتكلمون عن "الثورة البروليتارية" في لحظة، ثم يتراجعون بعدها لمواقف اشتراكية ديموقراطية معتدلة في اللحظة التالية. لاعطاء شخصية كاباليرو بعض القوة، احتاج الامر وضعه في موقف حرج. في قطالونيا كانت الكونفدرالية تمتلك المقدرة على شطب الحكومة الاقليمية ببساطة وتنفيذ اقتراح مجلس مشترك للحكم مع الاتحادات النقابية الاخرى. ولكن القيام بذلك كان سوف يجبر الاتحاد العام للعمال على تطبيق هذا الحل في كل انحاء إسپانيا.

انشئت مجالس للدفاع الاقليمي في استورياس واراجون. مجلس استورياس تشكل من 15 عضوا، بأغلبية من الاتحاد العام للعمال. اخذ الجمهوريون من الطبقات الوسطى مقعدان فقط. في اراجون فكرة المبادرة بتشكيل مجلس دفاع اقليمي تسيطر عليه الكونفدرالية جاءت من الاتحادات النقابية في القرى التابعة للكونفدرالية في منطقة اراجون التي حررتها الميليشيا العمالية.

ولكن قطالونيا كانت اكثر اهمية بكثير من مقاطعتي استورياس واراجون الريفيتان. كان لقطالونيا ثلاث ارباع طاقات إسپانيا الصناعية واوسع مدينة في إسپانيا. لو كانت حكومة قطالونيا الاقليمية قد استبدلت بهيكل حكم الطبقة العاملة، لم يكن يستطيع كاباليرو تجاهل ذلك. ولكن بدلا من ذلك، ذهبت كونفدرالية قطالونيا في الاتجاه المضاد. انضمت الكونفدرالية الى الحكومة الاقليمية في 26 سبتمبر. وقد نسف ذلك بالكامل قدرة الكونفدرالية على المقايضة مع كاباليرو لانها بذلك اخبرته انها غير جادة في مقترح مجلس الدفاع.

وبينما كانت المفاوضات تدور في مدريد بين الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال حول مجلس الدفاع الوطني، اقام ادواردو دي جوزمان محرر صحيفة الكونفدرالية المسماة "كاستيلا ليبرا" في مدريد. في رأيه، مبادرة تشكيل حكومة الطبقة العاملة في مدريد عرقلها فشل الكونفدرالية في الاستيلاء على السلطة في برشلونة. وحتى لو لم يكن التنفيذ الكامل "للشيوعية التحررية" ممكنا في هذه اللحظة، كان من الممكن خلق "حكومة بروليتارية - ديموقراطية طبقة عاملة شاملة تمثل فيها كل قطاعات البروليتاريا - ولكن البروليتاريا وحدها... ان تصنع ثورة، يجب الاستيلاء على السلطة. لو كانت الكونفدرالية فعلت ذلك في قطالونيا، لكانت قد ساعدت، ولم تعق، وضعنا كاقلية في مدريد. ولكنهم اعتقدوا ان السيطرة على الشارع لا تكفي، ولا ان تكون مسيطرا على السلاح. لقد اغفلوا بالكامل اهمية جهاز الدولة".

طبقا لما قاله جوزمان، "كانت البرجوازية الصغيرة لا محالة معارضة للبروليتاريا. كان الشيوعيون يجندون اعضاءا من هذه الطبقة، وكان من المقدر للتحالف مع الجمهوريين من البرجوازيين الصغار ان يمنح هذا المعسكر قوة اذا ما اعيد تأسيس الحكومة الاقليمية والحكومة المركزية". اعتقد جوزمان ان تلك كانت غلطة الكونفدرالية، الا تندفع نحو اقامة حكومة الطبقة العاملة من البدايات الاولى حين انعدم على الاطلاق وجود حكومة ذات فعالية في مدريد". في رأيه، "ضاعت لحظة ثورية حملت في ثناياها وعدا عظيما ". افترض دي جوزمان وجود تشوش حول مفهوم "رفض العمل السياسي" في الكونفدرالية. في رأيه ان ذلك كان يجب ان يعني "ببساطة الا نشارك في مهزلة الانتخابات البرلمانية ". وهو ليس مثل القول بأن العمل السياسي - هيكل الادارة الشعبية للحكم - امر ضروري من اجل استبدال الدولة. وبالضبط مثل تشديد السينديكاليين على أن استمرار وتواصل الانتاج الاجتماعي يتم الحفاظ عليه وصيانة استمراره عبر عملية التحول الاجتماعي، نفس المنطق يمكن تطبيقه على الوظائف السياسية - صنع وتنفيذ القوانين الاساسية في المجتمع. تلك الوظائف هي ايضا وظائف ضرورية.

استجابة لهموم الاشتراكيين وهواجسهم حول ولاء "البرجوازية الصغيرة المعادية للفاشية"، عدلت الكونفدرالية مقترحها بمجالس الدفاع الوطنية، في اجتماع لكامل هيئتها الوطنية في منتصف سبتمبر، فاصبح المجلس يتشكل من خمس مندوبين عن الكونفدرالية، وخمسة من الاتحاد العام للعمال، واربعة ممثلين للاحزاب الجمهورية. بهذا التعديل، تبنى احد الاحزاب الجمهورية الصغيرة - الجمهوريون الفدراليون - مقترح الكونفدرالية. ولكن لارجو كاباليرو استمر في رفض الاقتراح باعتباره "قفزة خارج اطار الدستور". بانضمام الكونفدرالية للحكومة الاقليمية في قطالونيا، عرف كاباليرو ان الكونفدرالية ليست جادة في اقتراحها. قدم كاباليرو اقتراحا مضادا: ان تنضم الكونفدرالية لحكومة الجبهة الشعبية القائمة.

وفي النهاية، وفي اجتماع اخر لكامل هيئة الكونفدرالية في 28 سبتمبر، هوراشيو برييتو، سكرتير جماعة الثلاثينيين القومية في الكونفدرالية، دفع في اتجاه قبول عرض كاباليرو. عارض وفد قطالونيا هذا الرأي بعناد. التنظيم الاقليمي في قطالونيا لم يكن منسجما في الرأي - فقد عارض ان تقوم الكونفدرالية على المستوى القومي بفعل ما كانوا قد فعلوه هم في قطالونيا.

الكونفدرالية في الاخير، وقد فشلت في تخطيط مسارا متماسكا لتوحيد الطبقة العاملة في بنائها لهياكل حكم جديدة، واستبدال الدولة الجمهورية، انضمت الى الحكومة القومية للجبهة الشعبية في 3 نوفمبر، واحتلت اربعة مقاعد فقط من 18 مقعد وزاري . في اللقاء الاول للحكومة الجديدة، اقترح خوان بييرو ان توافق الحكومة على شرعية تحويل الاقتصاد الإسپاني كله الى الشكل التعاوني. اوقف هذه المبادرة اعتراض الجمهوريون من الطبقات الوسطى، والقوميون من اقليم الباسك، وحلفاءهم الشيوعيون والاشتراكيون الديموقراطيون.

خلال شهر اكتوبر كله، الصحيفة اليومية للكونفدرالية في برشلونه، سوليداريداد اوبريرا، صعدت حملة كبرى تدعو لمقترح مجلس دفاع قومي مشترك بين الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال. الان وقد اختارت الكونفدرالية التعاون من خلال جبهة شعبية، ارادت اللجنة الاقليمية للكونفدرالية خطا "ثوريا اقل صلابة" في هذه الصحيفة. من بين هيئة التحرير الذين اقيلوا بسبب معارضتهم لسياسة التعاون مع الجبهة الشعبية كان الصحفي المعوق، حاييم باليوس ومدير تحرير الصحيفة، ليبرتو كاليخاس. سوف يظهر كلا من باليوس وكاليخاس فيما بعد على سطح الاحداث في محاولة لاعادة احياء مقترح مجلس الدفاع العمالي في ربيع 1937.

لا يوجد تعبير اوضع عن الروح الثورية للكونفدرالية عن نزع الملكية الواسع للصناعة الرأسمالية في إسپانيا الذي تم على ايدي اعضائها في صيف عام 1936، وادارة العمال المباشرة لها اثناء الحرب الاهلية.

في منطقة برشلونة وحدها، استولت الاتحادات النقابية على اكثر من ٣٠٠٠ منشأة كبيرة. لم تصدر تعليمات للقيام بذلك من اللجان القومية او الاقليمية في الكونفدرالية. جرت تلك التحركات بمبادرة من نشطاء الاتحادات المحلية. انتشرت عمليات نزع الملكية الخاصة للمنشآت الانتاجية في قطالونيا متزامنة مع سيطرة الكونفدرالية بحكم الامر الواقع على السلطة المسلحة.

بيرنيت بولوتن، كان مراسلا امريكيا لوكالة يو بي اي في إسپانيا في ذلك الوقت. من بين الصناعات التي وضعها بولوتن في قائمته كصناعات "صادرتها الاتحادات النقابية وتسيطر عليها لجان العمال" كانت الصناعات التالية: السكك الحديدية، النقل البحري التجاري، سيارات الاجرة والحافلات العامة والتاكسيات وشركات القوى الكهربائية، والغاز، والمياه، ومصانع عبوات الزجاج، والعطور، والنسيج والورق والاسمنت ومصانع صناعة الاغذية والبيرة وصناعة السينما والمسرح، والمسارح الاستعراضية ودار الاوبرا الكبرى، والصحف والمطابع، والمتاجر الكبرى، والفنادق والمطاعم الفاخرة والبارات. اضافة الى ذلك، شركات النقل البري، والمخابز، ومحلات الحلاقين وصناعات الزجاج والبلور، والصناعات البدائية في جبال البيرينيز، وصناعة الاثاث، والمستشفيات صودرت ايضا. الاتحاد القومي لنقابات التليفونات الصناعية للكونفدرالية الوطنية للعمل استولى على شركة التليفون الوطنية الإسپانية، اكبر فروع الشركة الامريكية المتعددة الجنسيات اي تي تي. في فالنسيا، خلقت الكونفدرالية منظمة لادارة شراء وتعبئة وتصدير محاصيل الموالح - اكبر مصدر في إسپانيا للعملات الصعبة من التبادل الاجنبي في الثلاثينات. صودرت الاف من بيوت الاثرياء ومثلها من الشقق الواسعة في المباني السكنية الضخمة. كان هناك على الاقل 2000 من التجمعات الزراعية التعاونية تأسست في انحاء المنطقة المحررة المعادية للفاشية.

وقبل مناقشة تفاصيل الادارة الذاتية التي خلقتها الاتحادات النقابية، من المفيد ان نضع في بالنا ماذا كان غرض الكونفدرالية من ذلك. قبل الحرب الاهلية، لم تدافع الكونفدرالية ابدا عن مبدأ ان اماكن العمل يجب ان تصبح ملكية تعاونية خاصة لعمالها.

دافعت الكونفدرالية عن مبدأ الملكية الاجتماعية. كل مواقع العمل في صناعة ما يجب ان تتجمع معا في فدرالية صناعية تكون مسئولة عن ادارة تلك الصناعة. سوف تنسق مجالس اقتصادية اقليمية وقومية بين الفدراليات الصناعية. سوف تنعكس الملكية الاجتماعية في عملية تطوير الخطط الاجتماعية المتوقع ان تلتزم بها هذه الفدراليات الصناعية من خلال عملها. كما كتب عباد دي سانتيلان، المجالس الاقتصادية "سوف تتلقى الاوامر والتعليمات من اسفل، عمل المجالس الاقتصادية هو ضبط تفاصيل هذه التعليمات طبقا لما تخرج به المؤتمرات الاقليمية والقومية".

وطبقا لقول خوان فيرر، صاحب المكتبة الذي كان سكرتيرا لاتحاد نقابات العمال التجاريين في الكونفدرالية ببرشلونة:

"كانت فكرتنا في الكونفدرالية بأن كل شيء يجب ان يبدأ من العمال، وليس - كما ينادي الشيوعيون - كل شيء يجب ان تديره الدولة. ولذلك اردنا من اجل تحقيق هذه الغاية ان ننشئ فدراليات صناعية - للنسيج والصناعات المعدنية واقسام المتاجر الكبرى الخ - سوف تكون ممثلة في مجالس اقتصاديات كلية (macroeconomics) تقوم بادارة الاقتصاد. كل شيء، بما فيه التخطيط الاقتصادي، سوف يبقى هكذا بين ايدي العمال ".

وفي تنويعات على هذا الموضوع اقرها كونجرس سرقسطة، كان هناك ايضا اسهام في مدخلات عملية التخطيط الاجتماعي حول قضية من يحدد ماذا ننتج وهي مجالس السكان حسب النطاق الجغرافي في الاحياء او القرى وفي مؤتمرات الشعب الاقليمية والقومية التي تصل ما بين هذه المجالس السكانية وبعضها البعض.

من وجهة نظر السينديكالية التحررية، التحويل الاجتماعي للاقتصاد من المفترض بناءه "من اسفل"، من خلال النشاط المباشر للعمال انفسهم. كان هناك جانبين او مرحلتين لعملية التحول الاجتماعي السينديكالي. المرحلة الاولى كانت مصادرة ممتلكات الرأسماليين وخلق فدراليات صناعية، لقمع منافسة السوق بين المشاريع في الصناعة الواحدة. المرحلة الثانية كان من المفترض ان تكون التخطيط الاجتماعي الكلي. في الواقع العملي، لم تصل إسپانيا ابدا الى هذه المرحلة الثانية.

في عدد من الصناعات، تحركت الاتحادات النقابية سريعا لخلق فدراليات صناعية، لتدمج بين ارصدة البزنس في تلك الصناعة. واينما نشأت فدراليات صناعية، كانت تلك الفدراليات من نوعين. في بعض الحالات، اصبحت اتحادات نقابات الكونفدرالية نفسها فدراليات صناعية تدير الصناعة. وفي حالات اخرى، كانت الفدرالية الصناعية هيكلا جديدا، منفصلا عن الاتحاد النقابي. مال هذا النوع الثاني من الفدراليات الصناعية الى الظهور في الاماكن التي كانت الاتحادات النقابية للاتحاد العام للعمال قوية. كانت الفدراليات الصناعية منفصلة رسميا عن الاتحادات النقابية بحيث يمكن لها ان تصبح منظمة يتشارك فيها الاتحاد العام للعمال والكونفدرالية في السلطة.

شركة مدريد-سرقسطة-اليكانتي هي شركة ضخمة للسكك الحديدية، قطاع خاص تقوم بتشغيل خطوط من مدريد لبرشلونة وفالنسيا، والخط الرئيسي بطول ساحل المتوسط. في العشرين من يوليو، وما زالت حرب الشوارع تدور في برشلونة، مناضلو اتحاد النقابات الصناعية القومي للسكك الحديدية في الكونفدرالية ابلغوا اعضاء الادارة العليا للشركة انهم مفصولين من وظائفهم. استولى العمال على الشركة. تمت مصادرة خط الترام الكهربائي الذي يعمل خارج برشلونة ايضا، وتم دمج السكك الحديدية معا في شبكة مواصلات واحدة. هذا الاستيلاء كان مبادرة من الاتحادات النقابية للكونفدرالية ولكن سرعان ما سار معها الاتحاد العام للعمال في نفس الطريق. امتلك كل اتحاد منهم نفس الحصة من قوة العمل. اطقم تشغيل القطارات، بتراثهم النضالي الاقوى، مالوا بعضويتهم النقابية الى الكونفدرالية. وكلاء المحطات، وكتبة السكك الحديدية ورؤساء العنابر مال معظمهم ناحية الاتحاد العام للعمال.

تسمت المنظمة الجديدة التي تشكلت لادارة تشغيل شبكة السكك الحديدية باسم فدرالية السكك الحديدية الثورية. اللجنة المنسقة - التي تتكون من ستة اعضاء من الاتحاد العام للعمال وستة من الكونفدرالية - تسمت باسم اللجنة الثورية. وفيما عدا المدير التنفيذي الذي كان منصبه لكل الوقت، باقي اعضاء اللجنة الثورية جميعهم استمروا في عملهم بوظائفهم الاعتيادية. لكل قسم من اقسام خطوط السكة الحديدية ولكل محطة، تشكلت لجنة من المندوبين المختارين بواسطة مجلس محلي. كانت مقترحات اللجنة تعرض في المجالس التي تعقد كل اسبوعين، من اجل تصديق العمال عليها او رفضها.

كانت السكك الحديدية تحقق خسارة قبل الحرب الاهلية، بسبب تنامي استعمال السيارات. لتحسين كفاءة شبكة المواصلات، تكفلت فدرالية السكك الحديدية بعمل بحث مكثف واسع لخدمات النقل بمساعدة اتحادات النقل في الكونفدرالية. وضعوا خريطة لكل انواع الترام، والنقل البري، وخدمات النقل البحري التجاري. اكتشفت الفدرالية ان مناطق شتى ريفية فقيرة لا تشتغل بها وسائل مواصلات عامة. وفي نفس الوقت، كان هناك العديد من الازدواجية في خدمات النقل على طول الممر الساحلي. ونتيجة لهذا، اتفقت نقابات النقل في الكونفدرالية على خطة لانهاء بعض الخدمات التي تنافس السكك الحديدية مثل خطوط السفن البحرية الساحلية، وخلقت خدمات للشحن البري والترام في المناطق الريفية المحرومة. انشأت السكك الحديدية فرعا جديدا في منطقة اراجون الريفية لخدمة كلا من القرى والميليشيا العمالية على جبهة الاراجون.

صادر اتحاد نقابات المنافع العامة في الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال اكثر من عشرة محطات توليد كهرباء، وغاز ومياة. بشكل اولي، انشأت الاتحادات النقابية "لجنة مراقبة" بعد 19 يوليو في الشركات المختلفة، مع بقاء الادارة العليا القائمة في اماكنها. لم تحدث حالات نزع الملكية الا في نهاية شهر اغسطس. وكما حدث مع صناعة السكك الحديدية، تشكلت فدرالية صناعية منفصلة عن الاتحادات النقابية لتولي وظيفة الادارة العليا في الصناعة. كان كلا من الاتحاد العام للعمال والكونفدرالية باتحاداتهما النقابية للمنافع العامة يمتلكان تقريبا حصة مساوية من قوة العمل - كلا منهما لديه عضوية 8000 في قطالونيا. المجالس الادارية لمحطات المياة والغاز والكهرباء باقسامها، كل منها تشكل من اعداد متساوية من مندوبين عن الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال، ويتحملون المسئولية امام مجالس العمال الدورية في المناطق المختلفة.

تواجدت العديد من الصناعات التي اصبحت اتحادات الكونفدرالية النقابية نفسها فدراليات صناعية لها، اي اداة الادارة الذاتية للعمال في الصناعة.

استولى اتحاد صناعة الاخشاب في الكونفدرالية بقطالونيا على الورش الصغيرة التي تصنع الدواليب الخشبية، حيث كانت ظروف أغلبها غاية في السوء، ومستوى الصناعة غير كفء وظروف العمل خطرة. استبدلت تلك الورش بمصنع جديد، اسمه دبل اكس. استوردت النقابة ماكينات فرنسية بآخر صيحة في تجهيزات الامان. صودر مصنع كبير للاثاث قائم ولكن اضيف له عنبرين لتوسيعه. كل مصنع من هذين المصنعين استخدم 200 عامل.

احدى جماعات فدرالية الاناركيين الايبيرية عارضت السعي لضم كامل الصناعة في عملية تشغيل صناعية واحدة يديرها الاتحاد النقابي. دافعت هذه الجماعة عن مبدأ خلق مراكز انتاج صغيرة تتمتع بالادارة الذاتية. الناقدون لافكار تلك الجماعة وصفوا مثل هذا الموقف بردة للخلف الى حقبة الحرفيين الذين يعملون عند انفسهم ما قبل الرأسمالية. اقتراح الفدرالية الاناركية الايبيرية تلقى الهزيمة.

استولت النقابات ايضا على متاجر بيع الاثاث بالتجزئة. تم الاستيلاء على الصناعات البدائية في جبال البايرينيز. دبرت النقابات امر الصناعة بأكملها من استخراج المواد الخام الى بيع المنتج النهائي في المعارض.

آمنت النقابات انها يجب ان ترعى مجمل حياة اعضاءها وراحتهم في المعيشة. لتحقيق هذه الغاية شيدت النقابة صالة رياضات بحمام سباحة من الحجم الاوليمبي في مصنع دبل اكس. في احد اودية الجبال انشأت النقابات مزارع لانتاج الطعام لعائلات اعضاء الاتحاد النقابي.

يتذكر احد اعضاء الاتحاد النقابي لصناعة الاخشاب هذا الامر قائلا، "المفهوم الذي ساد هو ان الطبقة العاملة يجب ان تحصل على اثاث جيد باسعار رخيصة ".

مال اتحاد نقابات صناعة الاخشاب، مع وجود العديد من مناضليه مع الميليشيا في الجبهة، الى تعيين اصحاب العمل السابقين او اولادهم كرؤساء اداريين في الاقسام. كان هناك خطرا ما بوضع مثل هؤلاء الناس في هذه المناصب وقد اعتادوا على سلطة اعطاء الاوامر وانتظار الطاعة من الاخرين. في نفس الوقت، لم تتحول لجان الاتحاد الى مجالس ادارية لمنظمة تدير الصناعة. طبقا لقول احد اعضاء الاتحاد، تطور السخط لان الاعضاء شعروا انهم خارج عملية صنع القرار حيث كانت "تقاليد الكونفدرالية هي مناقشة وفحص كل شيء". احد المشاكل، في رأيه، كانت هي الفشل في اصدار نشرة اخبارية تحافظ على اعلام الاعضاء بما يدور.

وكما في معظم حالات الادارة الذاتية للعمال في برشلونة لم تنتخب لجان جديدة لعمال خدمات المحال بعد ان تحولت اللجان النقابية لصناعة الاخشاب الى مجالس ادارية تدير الصناعة. اجرى رونالد فريزر مع عدد من النقابيين المخضرمين في الكونفدرالية حوارا لصالح صحيفة دم إسپانيا فقالوا انهم يعتقدون ان هذا الفشل في اعادة خلق منظمات نقابية منفصلة كان احد الاخطاء.

الغاء النظام الطبقي ليس مجرد عملية شكلية رسمية لنزع الملكية وخلق منظمات جديدة. يحتاج هذا الالغاء الى اعادة التفكير في توصيفات الوظيفة، وتساوى السلطة عبر تعلم مهارات جديدة وتولي العمال المسئوليات التي كان يؤديها في السابق "مهنيون". "العادات المتأصلة في اعطاء الاوامر واطاعتها يجب تحطيمها. ولان النظام الجديد يرث تباينات في المهارات والتعليم والعادات مستمدة من الانظمة الكهنوتية التراتبية للسلطة، هناك خطر بالعودة الى تجسيد الخبرة واتخاذ القرار في قالب هرمي تراتبي جديد. ربما تستدعي الضرورة وجود المنظمات النقابية - المنفصلة عن هيكل الادارة الذاتية للصناعة - لرعاية مصالح العمال في مجرى عملية الانتقال هذه.

احد الصناعات الاخرى التي اعيد تنظيمها بالكامل كانت صناعة قص الشعر (الحلاقة). قبل 19 يوليو، تواجد 1100 دكان حلاقة في برشلونة، معظمهم هامشي للغاية. عمل بهذه الصناعة 5000 مساعد حلاق هم من بين اقل العمال اجرا في برشلونة. كانت الحكومة الاقليمية قد اعلنت قرار 40 ساعة عمل في الاسبوع وزيادة الاجور بنسبة 15٪ بعد 19 يوليو – وهو واحد من عدة قرارات حاول بها اسكويرا اجتذاب دعم العمال. وقد تسبب هذا القرار في خراب العديد من محلات الحلاقة. عقدت جمعية عمومية واتفق على اغلاق كل المحلات الغير رابحة. استبدل الـ 1100 محل بشبكة من 235 مركز للحلاقة في الاحياء، بتجهيزات افضل واضاءة افضل مما كانت عليه المحلات القديمة. وقد اصبح ممكنا، نتيجة للكفاءة المكتسبة، ان ترفع الاجور بنسبة 40٪. ادار كامل الشبكة مجالس من اتحاد الحلاقين النقابي في الكونفدرالية. اصبح اصحاب المحلات السابقين اعضاءا في الاتحاد.

بالنسبة لبعض الناقدين، التحويل الاجتماعي لصناعة الحلاقة كان خطأ: "ما هو في الواقع الذي حولوه ليكون ملكية تعاونية؟"، تساءلت سباستيا كلارا، موظفة في حكومة الثلاثينيين في قطالوينا؛ "مقص، وموس، وزوج من كراسي الحلاقين. وماذا كانت النتيجة؟ كل هؤلاء المالكين الصغار... تحولوا ضدنا الان".

ملاحظة كلارا تتغاضى عن فعالية المكاسب التي تحققت باجور اعلى للعمال وفكرة ان التحويل الاجتماعي ليس فقط مجرد تحويل اجتماعي للارصدة المادية ولكنه تغيير لعلاقات السلطة الاجتماعية. هدف الحركة السينديكالية التحررية كان القضاء على خصوع وتبعية العمال الموروثة في كونهم مأجورين يعملون لمصلحة الريس مقابل اجر. الرعاية الصحية صناعة تحولت هي الاخرى بواسطة الثورة. في سبتمبر 1936، تشكل اتحاد نقابي جديد لصناعة الصحة تابع للكونفدرالية في برشلونه من 7000 عضو - منهم 3200 من الممرضين الذكور. انتظمت المهن المتنوعة للرعاية الصحية داخل اقسام في اتحاد الصحة النقابي. انتزع هذا الاتحاد ملكية المستشفيات وخلق وادار نظاما مجتمعيا جديدا للرعاية الصحية في قطالونيا.

قبل يوليو، الممارسة الطبية نمطيا امتلكها الاطباء الكبار، الذين استأجروا بدورهم شباب الاطباء كمساعدين لهم. تركزت الخدمات الطبية في الاحياء الاكثر ثراءا. غالبا ما كان الاطباء يغيبون عن القرى الفقيرة. قصد النظام الجديد توفير توزيع اكثر عدالة للموارد الصحية. اذا لم يكن لدى قرية فقيرة طبيب، كان الاتحاد النقابي للصحة يسعى لتوفير طبيب لهذه القرية.

حاول الاتحاد النقابي للصحة ان يوقف العمل الخاص في الطب ولكنه لم يكن قادرا على نيل موافقة اغلبية الاطباء على ذلك. طلب الاتحاد من الاطباء كلهم العمل لمدة ثلاث ساعات يوميا من اجل الاتحاد النقابي الصحي، مما كان يوفر لهم وقتا كافيا في اليوم لرؤية مرضاهم الخصوصين. وكان الاتحاد يدفع لهم اجرا واحدا عندما كانوا يعملون لصالحه - ولكن اجر الاطباء في الساعة كانت يساوي اربعة اضعاف الاجر القياسي للعامل. قدمت الحكومة بعض التمويل للمساعدة في رفع الاجور في نظام الرعاية الصحية المجتمعي في قطالونيا، ولكن هذا العون لم يكن كافيا لتغطية كل النفقات. ورغم ان تردد المنتفعين على العيادات الخارجية للشبكة الصحية الجديدة كان مجانيا، الا ان الاتحاد النقابي للرعاية الصحية فرض رسوما لزيارة الاطباء في عياداتهم ولاجراء الجراحات. نتيجة لذلك، عديد من النقابات والاتحادات، والصناعات التعاونية وتعاونيات القرى دخلت في اتفاقيات خاصة مع الاتحاد النقابي للرعاية الصحية لتقدم خدمات الرعاية الصحية المجانية لاعضائهم وعائلات الاعضاء. ادار الاتحاد الصحي عيادات اسنان وتولى ايضا اجراء الابحاث وصناعة الدواء والكيماويات الطبية. انتشر نظام الرعاية الصحية الاجتماعي عبر انحاء المنطقة المعادية للفاشية من خلال عمل ٤٠ الف عضو في الفدرالية الصناعية القومية للرعاية الصحية المنضمة للكونفدرالية، والتي تتشكل من ٤٠ اتحاد نقابي محلي . الجزء الاكبر من نظام النقل العام الداخلي في برشلونة كان نظام التروللي باص، والذي كان يعمل علي ٦٠ خطا في انحاء المدنية الكبرى. كانت شركة ترام برشلونة هي التي تقوم بشغيل هذا النظام، وهي شركة مملوكة اساسا لمستثمرين بلجيك. من العاملين السبعة الاف العاملين في الشركة، انتمى 6500 منهم للنقابة الموحدة للنقل في الكونفدرالية.

في العشرين من يوليو، اكتشفت مجموعة مسلحة من نقابة النقل في الكونفدرالية ان الادارة العليا في شركة ترام برشلونه قد هربت. اقيم اجتماع جماهيري لعمال النقل في اليوم التالي وصوتت الجمعية باغلبية كاسحة لصالح نزع ملكية شركات النقل باسم الشعب. تم الاستيلاء على ثلاث شركات خاصة للحافلات، وشركتين للتليفريك، وشركة قطارات مصاحبا للاستيلاء على شركة التروللي باص.

تضرر نظام التروللي باص بشدة في حرب الشوارع - دمرت العربات، وانهارت الاسلاك وعواميدها، وتحطمت الاكشاك الكهربائية، وتعطلت مسارات التروللي بمتاريس الشوارع. استطاعوا عمال النقل بعد ان عملوا ليلا ونهارا، استعادة نظام النقل في خمسة ايام. ومع الوقت اعادوا طلاء عربات الترام والتروللي باص باللونين الاحمر والاسود المميزين للكونفدرالية. قبل 19 يوليو، كانت اكشاك الكهرباء المغذية للترام والتروللي باص تقع في منتصف الشوارع مما جعل من الضروري بالنسبة لترام وتروللي باص برشلونة ان يسيروا في دورانات حادة مما كان يعرضها في احيان كثيرة الى الخروج عن قضبانها. بعد استيلاء الاتحاد النقابي على الشركة، نظمت فدرالية المنافع العامة المدارة بواسطة العمال اعادة وضع الاكشاك الكهربائية بطريقة تجعل سير الخطوط اكثر استقامة. انماط النقل المتعددة - الاتوبيسات، قطار الانفاق، الترام - كانت "اقسام" منفصلة في الاتحاد النقابي، مثل مستودعات قطع الغيار الهائلة. كل هذه الاقسام كانت تدار من خلال لجان منتخبة، مسئولة امام مجالس العمال. انتخب احد المهندسين لكل لجنة ادارية، لتيسير عملية المشورة الفنية بين العمال اليدويين والمهندسين. كانت هناك جمعية عامة شاملة لاتخاذ القرارات التي تؤثر على نظام النقل ككل. لم يوجد منصب مدير اعلى او مدير تنفيذي.

كان ترامواي برشلونة يعمل بنظام تعريفة المنطقة الذي كان يعني زيادة التكلفة بالنسبة للناس في الضواحي العمالية الخارجية حتى ينتقلوا الى وسط المدنية. تحول نظام التشغيل تحت ادارة العمال الى تعريفة واحدة بسيطة عبر منطقة المدينة الكبرى، لمساواة تكلفة التعريفة لكل الركاب. ورغم تخفيض تذكرة الركوب هذه، استطاع نظام المواصلات الذي اداره العمال ان يحقق ارباحا. تم شراء كميات كبيرة من الادوات الميكانيكية الامريكية والفرنسية، حتى يكتفي نظام النقل الداخلي ذاتيا من قطع الغيار. دخل اتحاد النقل والمواصلات في الكونفدرالية في ترتيبات مع الاتحاد النقابي الجديد للصحة لضمان رعاية طبية مجانية لعمال النقل والمواصلات وعائلاتهم.

وبسبب القيود زمن الحرب المفروضة على جميع انواع السيارات، ازداد نسبة الركاب حوالي 62٪ خلال السنة الاولى من ادارة العمال لشبكة المواصلات. لم يكن ممكنا الحصول على عربات ترام جديدة. وللتكيف مع زيادة عدد الركاب، اعاد العمال ترتيب الاماكن داخل ورش الصيانة، لتخفيض الوقت المطلوب لعمل الصيانة الدورية للعربات. عدد من العربات المتهالكة اعيد بناءها واعيدت للخدمة. تم بناء سيارات خفيفة الوزن جديدة لخطي التليفريك. بعد صدور قرار الحكومة الاقليمية بالملكيات التعاونية في اكتوبر 1936، شبكة النقل التي كانت تديرها الاتحادات النقابية، اعيد تنظيمها كتعاونية خدمية موحدة قطاع عام، منفصلة رسميا عن اتحادات الكونفدرالية. في بعض الاقسام من التعاونية حيث تواجد الاتحاد العام للعمال - كما في مترو الانفاق - كان لدى الاتحاد العام للعمال مندوبين في اللجان الادارية. قبل التاسع عشر من يوليو، عمال القضبان كانوا من اقل العمال اجرا وكان اجر العمال المهرة اكثر 50٪. بعد الاستيلاء على الصناعة، كل العمال غير المهرة تلقوا نفس الراتب، بينما العمال المهرة (مثل العمال الميكانيكيين) كانت اجورهم 6٪ اعلى فقط. تطوع العمال ايام الاحاد للعمل بالعنابر التي اقامتها نقابات النقل من اجل بناء المواد الحربية من اجل الميليشيا العمالية. في سبتمبر، عقد مؤتمر في برشلونة لوضع حل عام لاماكن العمل المصادرة في الاقتصاد عموما. كيف تمضي الكونفدرالية نحو التحويل الاجتماعي للملكية؟ ماذا يجب ان تفعل الكونفدرالية بالمشاريع المصادرة؟ نمطيا، تلك المنشآت كانت تديرها الاتحادات النقابية بعد مصادرتها.

قبل الحرب، لم تدافع الكونفدرالية ابدا عن فكرة تحويل المشاريع المصادرة الى تعاونيات، تعمل في اقتصاد سوق. للمرة الاولى، اقترحت الفكرة في هذا المؤتمر كحل مؤقت لملء الفجوة الحادثة، حتى يأتي الوقت الذي يمكن فيه تنفيذ التحويل الاجتماعي الكامل للملكية. استخدمت كلمة "تعاونية" لوصف هذا الحل المؤقت لسد الفجوة عندما اقترحها في المؤتمر خوان فابريجاس، وهو محاسب قومي قطالوني انضم الى الكونفدرالية بعد يوليو 1936. يتذكر خوان فيرر، سكرتير الاتحاد النقابي التجاري بالكونفدرالية، "حتى تلك اللحظة، لم اكن قد سمعت ابدا عن التحويل التعاوني كحل لوضع الصناعة - كانت المتاجر الكبرى تدار بواسطة الاتحاد النقابي. الذي كان يعنيه النظام الجديد هو ان كل مشروع تحول الى التعاونية سوف يحتفظ بشخصيته الفردية، لكن لهدف اعلى وهو الدخول في فدرالية لكل المشاريع داخل نفس الصناعة ".

في ذلك المؤتمر، الاتحادات النقابية الاقوى، مثل المواصلات، والمنافع العامة، وعمال الصناعات الخشبية، والترفيه العام، والتي شرعت توا في تحقيق المرحلة الاولى من التحويل الاجتماعي للملكية - تجسيد كامل الصناعة في فدرالية صناعية - ارادت تلك الاتحادات استمرار هذا المسار. الاتحادات النقابية الاضعف والاصغر ارادت تحويل المشاريع المصادرة الى تعاونيات.

كانت التعاونيات المدارة ذاتيا تأكيدا عظيما على مقدرة الطبقة العاملة على ادارة الانتاج. طبقا لاقوال فيكتور البا - عضو حزب العمال للوحدة الماركسية اثناء الثورة:

"تعاونيات 1936 لم تفشل فقط، ولكنها كانت تعاونيات ناجحة. مع وضع الظروف في الاعتبار، كانت هذه التعاونيات تجسيدا لمبدأ ان العمال يستطيعون القيام بالاعمال الادارية للمشاريع بنفس كفاءة او اكثر كفاءة من اصحاب العمل ".

رغم ذلك، عدم اتمام الثورة - الوجود المستمر للسوق والدولة، والفشل في خلق نظام للتخطيط الاجتماعي الشعبي - خلق المشاكل.

احد المشاكل التي بزغت كانت عدم تساوي التعاونيات بين بعضها البعض بسبب الاختلافات في تجهيزات كل مشروع من المشاريع التي ورثتها، والاختلاف في اتصالاتها بالاسواق، او اختلافات اخرى في اوضاع كل منها. على سبيل المثال، المرحلة الاولى من التحول الاجتماعي للملكية لم تتحقق بشكل اولي في صناعة النسيج ببرشلونة. استمر كل مشروع كتعاونية منفصلة. طبقا لقول جوزيب كوستا، سكرتير الاتحاد النقابي للنسيج في الكونفدرالية في الضاحية القريبة بادالونا:

"لم نر تعاونيات النسيج في برشلونة كنموذج لخبرتنا. معامل النسيج الفردية التي اصبحت تعاونيات تصرفت هناك من البداية كما لو انها وحدات مستقلة ذاتيا بالكامل، تسوق منتجها على قدر ما تستطيع هي مع اعطاء انتباه ضئيل للوضع العام. لقد تسببت في مشكلة فظيعة. كانت نوعا من الرأسمالية الشعبية".

في بدالونا، نقابات الكونفدرالية نسقت ما بين كل معامل النسيج في انحاء البلدة.

صناعة النسيج، مثل كل الصناعات الانتاجية الاخرى في قطالونيا، كانت تنتج للسوق الإسپاني. خسرت الصناعة في إسپانيا، وثلث البلاد في ايدي الجيش الفاشي، نصيبا كبيرا من سوقها. الانتاج الصناعي في قطالونيا انخفض بنسبة 30٪ اثناء السنة الاولى من التحول التعاوني.

1937

خريطة إسپانيا في أكتوبر 1937:
  المناطق تحت سيطرة القوميين
  المناطق تحت سيطرة الجمهوريين


أطلال گرنيكا.

تحققت المساواة في الأجر بين الرجال والنساء الذين يؤدون نفس العمل بطريقة عشوائية فقط هنا وهناك وحدثت على الغالب الارجح فقط في المواقع التي نظمت فيها منظمة النسوة الأحرار Mujeres Libres جمعيات للعاملات. تشكلت منظمة النسوة الاحرار على المستوى القومي في ربيع 1936. في قطالونيا، خرجت منظمة النسوة الأحرار من هيئات النساء في اتحادات الكونفدرالية النقابية.

في اوائل الثلاثينات، الوحدة النقابية للصناعات المعدنية في الكونفدرالية بدأت دفع راتبا صغيرا لسوليداد استوراخ للعمل كمنظمة للنشاط. ثار قلق النقابة على نقص انخراط النسوة العاملات في نشاطها. اكتشفت استوراخ ان العاملات اذا ما حاولن الحديث في لقاءات النقابة بالكونفدرالية، فانهن كن يتعرضن للسخرية والاستهزاء من قبل الرجال. لم تكن المشكلة فقط سلوكيات ذكورية شوفينية من الرجال.

انتهت استوراخ بأن آمنت ان من الضروري لهؤلاء النسوة ان يكون لديهن منظمتهن المستقلة ذاتيا - ساحة آمنة لهن يستطعن دراسة القضايا الاجتماعية، وتعلم الخطابة، ويتم تحضيرهن ليكن ناشطات. ساعتئذ سوف تستطيع النساء ان تمسك بقضيتهن مع الرجال في اجتماعات النقابة. النتيجة كانت هيئة النساء في كونفدرالية العمل الوطنية بقطالونيا. ايضا نظمت هيئة النساء انشطة رعاية الاطفال حتى تستطيع الناشطات حضور اجتماعات النقابة ويترشحن فيها كمندوبات.

نصت منظمة النسوة الأحرار Mujeres Libres على ان غرضها هو تحرير النساء من "العبودية ثلاثية الابعاد" المتمثلة في عبودية "الجهل، والعبودية كنسوة، والعبودية كعمال". لم تستخدم النساء اللائي اسسن منظمة النسوة الاحرار مصطلح "نسوي - feminist". كن واعيات بوضعهن الطبقي مثل اندادهن الذكور. وبالنسبة لهن، "النسوية - feminism" كانت حركة للمرأة بهدف الحصول على وضع نخبوي في المهن المختلفة، والادارة العليا، والحكومة. اثناء الثورة والحرب جندت المنظمة ٣٠ الف مرأة من الطبقة العاملة تقريبا.

الشابات اللائي شكلن منظمة النسوة الاحرار، رغم ولائهن لحركة الكونفدرالية، اصررن على ان تحرير المرأة هو امر يتميز عن تحرير الطبقة العاملة، ورفضن ان يكن مجرد زوائد خارجية تابعة - "ملحقات نسوية" - لفدرالية الاناركيين الايبيرية او لكونفدرالية العمل الوطنية. لم تؤمن المنظمة ان الرجال يستطيعون تحرير المرأة. زعماء فدرالية الاناركيين الايبيرية والكونفدرالية، من ناحية اخرى، اصروا على ان حركة النسوة المستقلة ذاتيا هي حركة "انقسامية".

احد ميادين التغيير في علاقات النوع في إسپانيا اثناء الحرب كان الازدياد الكبير في عدد النساء العاملات في الصناعة. حيث ذهب الرجال الى القتال في جيش الشعب المعادي للفاشية، تم تجنيد النساء ليحلوا محلهم في الحياة المدنية.

جمعية النسوة المناهضات للفاشية (AMA) تشكلت بين النسوة العاملات في الصناعة. هذه الجمعية كانت "حزام اشعاع" للحزب الشيوعي. ومع انتشار نفوذ الجمعية النسائية لمناهضة الفاشية في الصناعات، خشى نشطاء الكونفدرالية من انضمام النساء الى اتحادات الاتحاد العام للعمال النقابية. في هذه الحالة قد ينحسر وجود اتحادات الكونفدرالية. لمواجهة ذلك، فتحت النقابات المحلية للكونفدرالية قاعات اتحاداتها لمنظمة النسوة الاحرار. قدمت النقابات ساحاتها لمراكز رعاية الاطفال، وجماعات النساء الدراسية، وفصول محو الامية وبرامج تعليم الصبية من النساء. في المصانع التعاونية، كان يتم ايقاف العمل للسماح لناشطات منظمة النسوة الاحرار لالقاء محاضرات.

أحد الصناعات التي كان لمنظمة النسوة الاحرار وجود قوي فيها هي صناعة النقل العام. كانت بورا بيريز عضو منظمة النسوة الاحرار وكانت واحدة من اولى النساء اللائي عملن قائدات لعربات الترام والتروللي باص في شوارع برشلونة. وكما تتذكر بورا بيريز، رجال نقابة النقل العام في الكونفدرالية اتخذوا من النساء "صبيان لهم يعملن في الصيانة الميكانيكية والقيادة، وهم الذين علمونا حقا الادوار التي قمنا بها". رفاق كونفدرالية النقل العام، كما تقول بيريز، "تلقوة صدمة من النظرات المبهوتة على وجوه الركاب عندما علموا ان من يقود الترام الذي يركبونه امرأة".


برغم الثورة البروليتارية الحقيقية التي كانت تجري في إسپانيا، أصر الحزب الشيوعي الإسپاني على ان الاجندة المباشرة في إسپانيا هي أجندة "ثورة ديموقراطية بورجوازية"، وان الكفاح يجب ان نراه ببساطة من منطلق الدفاع عن "الجمهورية الديموقراطية".

موقف الحزب الشيوعي الإسپاني، ومحاولة الاممية الشيوعية لاخفاء طبيعة الثورة العمالية الفعلية في إسپانيا في دعايتها بالبلاد الاخرى، تم تخطيطها لطمأنة "الديموقراطيات" الرأسمالية الغربية، وتكرر قول ذلك على الاغلب، خصوصا في الولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا. طرح الشيوعيون ومؤيدوهم وجهة النظر القائلة ان ذلك هو احسن سبيل لكسب الحرب ضد العسكرية الفاشية.

معظم الجدل التاريخي حول دور الشيوعية في الثورة والحرب الاهلية الإسپانية قد تركز حول مخططات ستالين الجيوبوليتيكية. كان الاتحاد السوفيتي قد بدأ توا في الخروج من عزلته الدولية، منضما الى عصبة الامم في 1934. محاولة الشيوعيين لتهدئة مخاوف "ديموقراطيات" الرأسمالية البريطانية والامريكية والفرنسية لم تكن تكتيكا فقط من اجل الحصول على شحنات السلاح ولكنها كانت ايضا من اجل التكيف مع مخاوف ستالين من العسكرية الالمانية، ورغبته في الدخول اما في حلف عسكري مع "الديموقراطيات" الغربية وإما جرهم الى الصدام مع القوى الفاشية.

ولكن الحزب الشيوعي الإسپاني طور قاعدته الاجتماعية الخاصة في إسپانيا اثناء الحرب الاهلية. ماذا كان المعنى الاجتماعي الحقيقي للحزب الشيوعي الإسپاني في إسپانيا؟ لاجابة هذا السؤال، نحتاج الى القاء نظرة على البناء الطبقي للرأسمالية المعاصرة. رأى ماركس في الرأسمالية في القرن التاسع عشر بشكل اساسي صراع ثنائي القطبين بين الرأسمال والعمل.

ومع ذلك، ومنذ نهاية القرن التاسع عشر، ظهور اشكال للرأسمالية تنظمها الدولة، واشكال الكوربوريشن الظاهرة جلبت معها ظهور طبقة رئيسية جديدة، انا اسميها طبقة المدراء او رجال الادارة . فور ان اصبحت المشاريع الرأسمالية على هذا القدر الكبير جدا من الاتساع فوق طاقة اصحاب الاعمال على ادارتها بانفسهم، كان على الرأسماليين ان يتنازلوا عن قدر من ميدان السلطة لمستويات تراتبية من المدراء والمهنيون في الشركات العملاقة وشركات الدولة الضخمة. سلطة طبقة المدراء لا تقوم على اساس الملكية ولكن على اساس احتكارهم النسبي لادوات اتخاذ القرار واشكال العمل الاخرى ذات المكانة والنفوذ. تمتلك طبقة المدراء مصالح طبقية خاصة بهم. اكثر من ذلك، هذه الطبقة تمتلك القدرة على ان تكون طبقة حاكمة. المسار الذي ارتاده الحزب البلشفي في الثورة الروسية كان يعبر عن استخدامهم الدولة لبناء نظام اقتصادي جديد تتولى فيه طبقة المدراء الحكم، دون وجود رأسماليين.

لو اقتصرت زاوية رؤيتنا على البعد الطبقي للتحول الاجتماعي، هناك نمطان مختلفان محتملان للثورة المناهضة للرأسمالية. الثورة البروليتارية، لو ناجحة، هي عملية تفكيك الابنية الطبقية لسلطة الرأسماليين وطبقة المدراء للدرجة التي لا تسمح بعدها لايهما ان يهيمنا على الطبقة العاملة واستغلالها. ثورة المدراء، مع ذلك، هي مسار خط بياني للتغيير، لو كان ناجحا، يخلع الرأسماليين من موقعهم المهيمن ولكنه يمنح المكانة والنفوذ لطبقة المدراء كمجموعة مهيمنة جديدة. وتظل الطبقة العاملة مجموعة خاضعة ومستغلة.

الخط البياني لمسار الحزب الشيوعي الإسپاني هو نموذج لما اسميه النضال اليساري لطبقة المدراء - السعي من اجل استراتيجيات وبرامج تمنح المكانة والنفوذ لطبقة المدراء، في ظل خطابة يسارية او خطابة مناهضة للرأسماليين. طبقة المدراء اليسارية هي اخر دفاع عن نظام الطبقات في البيئة الاجتماعية حين تهدد حركة الطبقة العاملة بقاء نظام الطبقات هذا. تمكين طبقة المدراء من النفوذ والسلطة كان واضحا في استراتيجية الحزب الشيوعي الإسپاني: الحملة لاعادة بناء جهاز الدولة؛ الحملة لبناء جيش وشرطة هرمية المراتب وتجنيد كتائب من الضباط في الحزب؛ الحملة لتجنيد الشرائح المتوسطة في المجتمع الإسپاني والدفاع عن مصالحهم؛ التحركات اثناء الحرب نحو تأميم الصناعات التعاونية وفرض سيطرة الدولة عليها.

مفهوم الحزب الشيوعي للثورة في إسپانيا كان مفهوم الثورة على مراحل. كانت المرحلة "البرجوازية الديموقراطية" هي مهمة النضال المباشر. فكرة المراحل هذه عبر عنها بوضوح جيورجي ديميتروف، سكرتير الاممية الشيوعية، في لقاء للاممية عقد في 23 يوليو 1936:

"يجب علينا في المرحلة الحالية الا نعين مهمة - للشيوعيين الإسپان - لخلق سوفيتات ومحاولة تأسيس ديكتاتورية البروليتاريا في إسپانيا. سوف يكون ذلك خطأ قاتلا. لذلك يجب القول: تصرفوا متنكرين بالدفاع عن الجمهورية؛ لا تتخلوا عن سياسة النظام الجمهوري في إسپانيا عند هذه اللحظة... عندما يتدعم موقفنا، نستطيع ان نمضي الى المزيد".

كان هناك صراعا جيوبوليتيكيا دوليا بين نخبة المدراء في الدولة السوفيتية وبين القوى الامبريالية الرأسمالية. تحتاج الامبريالية الرأسمالية للاحتفاظ بانحاء الكوكب بقدر ما تستطيع مفتوحا امام تغلغل الرأسمال الخاص المتجول واساليب استغلاله. اي ثورة - سواء ثورة طبقة مدراء ومنسقين، ام ثورة قوميين، ام ثورة بروليتاريا - "تنتزع" مناطق من العالم خارج استحواذ الرأسمال الامبريالي سوف تضعف من قوة الرأسمالية العالمية ولهذا السبب سوف ترجح معارضة القوى الامبريالية الرأسمالية لها. ولنفس السبب، اي ثورة لطبقة المدراء سوف تكون في صالح نخبة المدراء للدولة السوفيتية.

شعار الدفاع عن "الجمهورية البرجوازية الديموقراطية" كان له معنيين بالنسبة للشيوعيين الإسپان. الاول، تحت هذا الشعار عمل الحزب الشيوعي في إسپانيا على تجنيد اعضاء من البزنس الصغير وطبقات المدراء، عن طريق الدفاع عن مصالحهم.

المعنى الثاني لدفاع الحزب الشيوعي الإسپاني عن "الجمهورية البرجوازية" كان حملتهم لاعادة بناء جهاز الدولة الجمهورية. الاستراتيجية الثورية طويلة المدى للحزب الشيوعي كانت استراتيجية انتشار وتغلغل. باعادة بناء القيادة الهرمية المراتبية داخل ماكينة الجيش والشرطة، عمل الشيوعيون على الامساك والسيطرة على مناصب الضباط. هدفهم كان استخدام ذلك كوسيلة للاستيلاء فعليا على سلطة الدولة في إسپانيا.

بنهاية سبتمبر، بدأت حكومة الجبهة الشعبية عملية بناء قوة شرطة قومية جديدة، تحت اسم الحرس الوطني الجمهوري، وصلت الى ٢٨ الف فرد في ديسمبر. في نفس الوقت، تأسست قوة هائلة من ٤٠ الف فرد لشرطة حرس الحدود والجمارك تحت ادارة الدكتور خوان نجرين، استاذ الفسيولوجي والاشتراكي الديموقراطي الذي ينتمي لعائلة ثرية. في نوفمبر، قررت الحكومة استبدال ميليشيا العمال بجيش تقليدي له قيادة من اعلى الى اسفل. استطاع الحزب الشيوعي أن يغنم السيطرة على الاكاديمية الجديدة التي نشأت لتدريب الضباط. سيطر الحزب ايضا على القوميسارية الجديدة للحرب التي انشأت لممارسة النفوذ السياسي على الجيش من خلال شبكة من القوميساريين السياسيين. سيطر الشيوعيين على عملية تدفق الجرائد الى القوات في الجبهة. ضغط الشيوعيون ضغطا عظيما على الضباط لحثهم على الحصول على بطاقات عضوية بالحزب. هؤلاء الضباط الذين لم ينصاعوا لذلك تم نسفهم. دمر الحزب الشيوعي الإسپاني معنويات الجيش "بواسطة التصرف على اساس اشرس حلقية ممكنة"، كما يتذكر احد الاعضاء الاشتراكيين اليساريين من عصبة الشبيبة الاشتراكية الموحدة.

في يوليو 1936، بدأ الحزب الشيوعي الإسپاني من وضع ضعيف. كانت عضويته في إسپانيا اقل من ٤٠ الف، ويمتلك تأييدا قليلا جدا داخل الطبقة العاملة الإسپانية. استخدم الشيوعيون العديد من التكتيكات للتغلب على وضع الضعف هذا. اولا، استخدم الشيوعيون استراتيجية افتراس قاعدة الحزب الاشتراكي. عدد من قادة منظمة الشبيبة الاشتراكية (ومنهم سانتياجو كاريللو) اخذوا في جولات بروسيا حيث المأدب والنبيذ. هؤلاء الشيوعيون السريون تفاوضوا حول اندماج بين منظمتي الشبيبة الاشتراكية والشيوعية، لخلق منظمة الشبيبة الاشتراكية الموحدة (JSU). افترضت صفقة الاندماج ان سياسات الشبيبة الاشتراكية الموحدة سوف تقرر داخل كونجرس يعقد لهذا الغرض. جماعة الشبيبة الاشتراكية كانت اكبر واوسع من الشبيبة الشيوعية واحتوت على العديد من اتباع الجناح اليساري الذي يستلهم كاباليرو في الحزب الاشتراكي. تم منع الاشتراكيين اليساريين من الحصول على سيطرة على قسم الحزب الاشتراكي في قطالونيا من خلال تكتيك اندماج مماثل. في خريف 1936، حاول القادة الشيوعيون اقناع لارجو كاباليرو بالموافقة على اندماج بين الحزبين الاشتراكي والشيوعي. وقتها رأي كاباليرو نتيجة مثل هذه السياسة ولذلك رفض الاقتراح.

الفلاحون مالكو الارض، واصحاب الحوانيت، وملاك البزنس الصغير والمتوسط، والمدراء ، واصحاب الياقات البيضاء كانوا القاعدة الاجتماعية العريضة للاسكويرا في قطالونيا. وغالبا ما كانت هذه الشرائح الاجتماعية المتوسطة تشعر بالرعب من فكرة نزع ملكية الاعمال والمباني، وادارة الاتحادات النقابية للصناعة. في بلاد اخرى مهددة بالثورة البروليتارية، تلك الشرائح الاجتماعية اصبحت القاعدة الاجتماعية للفاشية. ولكن في قطالونيا كانت الشرائح الوسطى مناهضة للفاشية لانها كانت تنتمي لتيار القومية القطالونية. نجح الشيوعيون في تجنيد هذه الشرائح الوسطى الجمهورية النزعة في انحاء المناطق المعادية للفاشية لان الشيوعيين ظهروا كمدافعين عن مصالح هذه الطبقات اكثر تشددا واكثر انتظاما من الاحزاب الجمهورية القديمة.

اول اقتتال بين الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا (PSUC) وكونفدرالية العمل الوطني في قطالونيا كان حول تشريع نزع ملكية مشاريع الاعمال. وقع هذا الاقتتال في اكتوبر، بعد ان انضمت الكونفدرالية الى الحكومة الاقليمية. طبقا لقول اندرو كابديفيلا، عامل النسيج الاناركي،

"قاتل الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا والاسكويرا بشراسة من اجل تخفيض اعداد المشاريع المؤهلة لتحويلها الى تعاونيات بينما تمسكت الكونفدرالية وفدرالية الاناركيين الايبيريين باكثر القرارات راديكالية قدر الاستطاعة. سبب موافقة الكونفدرالية على تحويل الملكية الى الشكل التعاوني هو عدم استطاعتها تحويل الملكية الى الشكل الاجتماعي كما كان هدفنا. استولى العمال على المصانع... ولكن النصر لم يكن انتصار الكونفدرالية وحدها. لم نستطع الاستيلاء على الاقتصاد كله والسيطرة عليه ".

معظم ما عارضه الشيوعيون كان التحويل الاجتماعي للاقتصاد بواسطة النقابات، وعملية ربطها لكامل الاقتصاد بشكل مستقل عن الدولة. المحافظة على بقاء مشاريع القطاع الخاص كان سبيلا لايقاف وسد الطريق على التحويل الاجتماعي للاقتصاد تحت سيطرة الاتحادات النقابية. القانون الذي تم تمريره قنن فقط لعملية مصادرة المشاريع التي تزيد عمالتها عن 100 عامل، او المشاريع التي تتراوح عمالتها بين 100 و50 عامل فإنها تصادر لو ان ٧٥٪ من عمالها قرروا مصادرتها. في الممارسة العملية، تجاهلت الكونفدرالية ببساطة حقيقة ان ذلك لم يكن متماشيا مع مصادرة الاعداد الواسعة من مشاريع الاعمال الاصغر التي كانت الفدرالية قد نفذتها. محاولات الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا (PSUC) قطع الطريق على التحركات التي تتجاوز المصادرة الى ضرب اقتصاد السوق كان تكتيكا داعما للمهنيون والمدراء اضافة الى اصحاب البزنس الصغير.

ايضا نظم الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا اصحاب مشاريع الاعمال الصغيرة واصحاب المحلات في منظمة مشاريع الاعمال الصناعية والتجارية الصغيرة (GEPCI). بحلول ربيع 1937، ترعرعت منظمات اتحاد العمال العام في قطالونيا لتصل بالعضوية الى 350 الف عضو (ومن ضمنهم 18 الف من منظمة مشاريع الاعمال الصناعية والتجارية الصغيرة)، متساويا تقريبا مع عضوية الكونفدرالية البالغة 400 الف عضو. تأسس الكثير من هذا النمو على قيام الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا بتنظيم الشرائح الوسطى من السكان. بنى الشيوعيون مركز ثقل قوي مضاد للثورة العمالية في قطالونيا.

شحنات الاسلحة السوفيتية للحكومة الجمهورية ووصول الكتيبة الدولية اثناء معركة مدريد في اكتوبر-نوفمبر 1936، منح الحزب الشيوعي هالة من المكانة والنفوذ وكان سببا ثالثا لنمو قوتهم هذه. في نهاية سبتمبر 1936، لويس كامبانيز وبوينافنتورا دوروتي زارا لارجو كاباليرو في مدريد في محاولة للحصول منه على التزام بجزء من احتياطي ذهب إسپانيا لامداد الصناعة الحربية والميليشيا بمزيد من الموارد. وافق كاباليرو اوليا على ذلك، ولكن خوان نيجرين اقنعه بتغيير رأيه. في 13 سبتمبر، وافق كاباليرو على ان يرسل نيجرين احتياطي الذهب الى حيثما يريد. في ذلك الوقت كانت إسپانيا تمتلك رابع اكبر احتياطي ذهب في العالم، مساويا ٨٠٠ مليون دولار (11 بليون دولار باسعار اليوم). اقنع الشيوعيون نيجرين ان يرسل ٧٠٪ من احتياطي الذهب الى روسيا. كان الإسپان قد تلقوا تأكيدات شفوية بأن الذهب يمكن اعادة تصديره اليهم في اي وقت قد يرغبونه. فور وصول الذهب الى موسكو، علق ستالين رغم ذلك انه "لن يستطيع الإسپان رؤية ذهبهم مرة اخرى، بالضبط كما لا يستطيع ان ير المرء حلمة اذنه".

نقل الذهب الإسپاني الى روسيا دمر على نحو بالغ الاقتصاد الإسپاني والمجهود الحربي ضد الفاشية. عندما تسربت اخبار ان البيزيتا الإسپانية لم تعد تتمتع بغطاءها الضخم من الاحتياطي الذهبي، هبطت قيمة البيزيتا بحدة في اسواق تغيير العملات الاجنبية. بحلول ديسمبر فقدت العملة الإسپانية نصف قيمتها. وقد تسبب ذلك في ارتفاع عظيم لتكلفة الواردات، وهكذا دمر ستالين قدرة إسپانيا المعادية للفاشية على استدامة المجهود الحربي.

قدم كل من هتلر وموسيليني ونظام الحكم الفاشي في البرتغال الدعم العسكري للجيش الفاشي الإسپاني. في كتابه اسلحة لإسپانيا كشف الباحث البريطاني جيرالد هاوسون وثائق بتفاصيل غنية عن شحنات الاسلحة التي قدمت لكل جانب في الحرب الاهلية. اظهر هاوسون ان العسكر الفاشيست تلقوا اسلحة اكثر بكثير جدا مما تلقاه الجانب المعادي للفاشية. ارسل الروس مواد حربية للإسپان اقل بكثير مما كان يعتقد في السابق. ارسلوا القليل جدا من الاسلحة الحديثة. معظم الاصناف كانت قديمة وتوقف استعمالها.

واصبح من الصعب جدا على الجانب الإسپاني المعادي للفاشية ان يحصل على سلاح باي ثمن نتيجة للمقاطعة التي نفذتها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. اغار مكتب التحقيقات الفدرالي على المخازن الكبيرة في المكسيك لاحتجاز الارقام الكودية للاسلحة كجزء من المشاركة الامريكية في جهود المقاطعة.

العهد الجديد (النيو ديل) في الولايات المتحدة الامريكية مال اوليا الى السماح بارسال شحنات اسلحة الى الجانب المعادي للفاشية في إسپانيا. نظم الاساقفة الكاثوليك حملة ضغط مكثفة ادت الى الدعم الامريكي لما يسمى حلف "عدم التدخل" (رغم حقيقة ان كنيسة الباسك الرومانية الكاثوليكية دعمت الجانب المعادي للفاشية). في مايو 1938، قاد جوزيف كينيدي جهود جماعة ضغط كاثوليكية اخرى اوقفت بنجاح محاولة رجال الكونجرس الليبراليين افشال المشاركة الامريكية في المقاطعة.

اضطر وكلاء الجمهوريين الإسپان لتقديم رشاوى ضخمة في كل مكان ذهبوا اليه في العالم من اجل الحصول على السلاح. حلف "عدم التدخل" جعل القوى الإسپانية المعادية للفاشية اكثر اعتمادا على الاتحاد السوفيتي. ارسال الذهب الى روسيا منح النظام السوفيتي السيطرة على تدفق الاسلحة على إسپانيا. مثلا، في اواخر 1937، جارسيا اوليفير تعامل مع خوان نيجرين من خلال اقتراح تنظيم جيش حرب عصابات في جبال الاندلس. كانت معظم اراضي الاندلس قد اجتاحتها القوات الفاشية في الاسابيع الاولى من الحرب الاهلية ولكن كان من المعتقد ان الاف من القوى المعادية للفاشية يختبأون في الجبال هناك. اراد جارسيا اوليفير اسلحة وامدادات لتنظيم جماعة من حوالي 200 رجل يتسللون الى الجبال. هذه المجموعة القلب سوف تنظم من ثم جيشا يناوش القوى الفاشية في خطوطها الخلفية. وافق نيجرين اوليا على ذلك. ولكن المندوب السوفيتي رفض الترخيص لهم بالسلاح لانهم لا يريدون جيش حرب عصابات يسيطر عليه الاناركيين.

ولم يؤد ارسال الذهب الى روسيا سوى تسهيل سرقة ستالين للإسپان. وقد باع السوفيت الاسلحة باسعار باهظة من خلال نسبة خاصة لتبادل العملات، لصالحهم، في صفقات الاسلحة. نصب الروس على الإسپان في 50 مليون دولار في بيعهم طائرتين فقط. كتب هاوسون: "من كل اعمال النصب، والغش، والسرقات والخيانات التي قامت بها الحكومات والمسئولون ومهربو السلاح من كل انحاء العالم والتي كان على الجمهوريون ان يلقموا افواههم حجرا ويصمتوا عنها... سلوكيات ستالين والمسئولين الاعلى في المناصب السياسية العليا بالدولة السوفيتية (nomenklatura) نحوهم... كانت الاكثر قذارة، والاعظم غدرا، والاضعف حجة ".


في اوائل عام 1937 شعر الشيوعيون بالقوة التي تكفي لعمل تحركات تمكنهم من وضع مهيمن في إسپانيا. وصلت عضوية الحزب الشيوعي الإسپاني الى 230 الف في مارس، اضافة الى عضوية منظمة الشبيبة الاشتراكية الموحدة التي وصلت وحدها الى 250 الف عضو . اثناء نفس هذه الفترة، نمت عضوية فدرالية الاناركيين الايبيرية الى 160 الف عضو. فقط حوالي 40٪ من عضوية الحزب الشيوعي الإسپاني كانت من الطبقة العاملة.

ظهرت النية الشيوعية في التحرك ضد ثورة العمال واضحة جلية في صحيفة البرافدا في ديسمبر 1936: "بالنسبة لقطالونيا، تطهير التروتسكيين والسينديكاليين الاناركيين قد بدأ، ولسوف يجري بنفس القوة التي جرى بها في اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية".

خوان دومينيخ، سكرتير اتحاد نقابات عمال الزجاج في الكونفدرالية، كان مسئولا عن امدادات الغذاء في الحكومة الاقليمية في قطالونيا. في السابع من يناير، منظمة الامداد بالتموين التي تسيطر عليها الكونفدرالية كان قد تم حلها بناء على اوامر الحكومة الاقليمية. مسئولية الامداد بالطعام انتقلت من دومينيخ الى الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا. القى الحزب المهمة على عاتق السوق الحر والبزنس - وهو تحرك دعم من قوة منظمة البزنس التجاري والصناعي الصغير في قطالونيا (GEPCI). كانت النتيجة ارتفاعا كبيرا في اسعار اصناف الطعام، بسبب الدعاية ونقص ونفاد المواد الغذائية. الصحافة الشيوعية القت باللائمة على التعاونيات.

في 23 يناير، اتحاد العمال العام في قطالونيا، الذي سيطر عليه الان الشيوعيون، عقد "مؤتمرا" للفلاحين اصحاب الارض في قطالونيا. كان هذا المؤتمر بشكل اساسي احباط دعائي موجه ضد التعاونيات الزراعية. تحريض الشيوعيين ادى الى هبة مسلحة من فلاحي مقاطعة تاراجونا، نتج عنها صدامات مسلحة مع الحرس الثوري وقوات دوريات المراقبة (ميليشيا شكلها البوليس بعد 19 يوليو 1936). تصاعد الصدام عندما بدأ رودريجوز سالاس، رئيس الشرطة الجديد الموالي للشيوعيين، التحرك لتجريد المدنيين من السلاح في برشلونة - وهو الهجوم على جماعات الدفاع عن الاحياء في الكونفدرالية. هذه الصدامات ادت الى قرار من الحكومة الاقليمية بحل ميليشيات دوريات المراقبة في 4 مارس.

في نوفمبر 1936، عندما انضمت الكونفدرالية الى حكومة الجبهة الشعبية، جارسيا اوليفير اصبح وزيرا للعدل. وقد جعله ذلك مسئولا عن نظام السجون في إسپانيا. في اكتوبر اخذ حرس السجون الف من السجناء اليمينيين في سجون مدريد الى اطراف البلدة وتم اعدامهم، دون اوامر بذلك. لمنع الانتهاكات من هذا النوع، عين جارسيا اوليفير احد الاناركيين، ميلكور رودريجوز، رئيسا للسجون في مدريد. في نفس الوقت، كان الشيوعيون قد اكتسبوا السيطرة على الحكومة الثورية في مدريد، بالسيطرة على عصبة الدفاع في مدريد. في 20 ابريل 1937، صرح رودريجوز بأن سجنا شيوعيا سريا قد تم اكتشافه في مدريد. في هذا السجن كان ابن اخت احد المسئولين الكبار في حزب العمال الاشتراكي الإسپاني معتقلا، وعدد من الاشتراكيين الذين تم تعذيبهم فيه. هذه الفضيحة ادت بحكومة كاباليرو الى حل عصبة الدفاع في مدريد. غير الحزب الشيوعي الإسپاني نغمة حديثه عن كاباليرو بعد ذلك بوقت قصير. في اوائل 1936 وشمت الصحافة الشيوعية كاباليرو بخاتم "لينين إسپانيا". في ربيع 1937 كانت صحافتهم تصفه كابله عجوز يعاني من الشيخوخة.

في 25 ابريل، اغتيل ناشط الحزب الاشتراكي الموحد، رولدان كورتدادا، احد مجموعة الثلاثينيين السابقين، في منطقة بايو لوبريجات - احد معاقل الاناركية. قبض على احد الناشطين الاناركيين البارزين في بايو لوبريجات ولكن لم يقدم دليلا على اتهامه. كانت جنازة كورتدادا فرصة لمظاهرة جماهيرية حاشدة في الشوارع - استعراض قوة من الشيوعيين.

في مناخ من التوتر المتزايد، انفجر الصدام بين الشيوعيين والكونفدرالية في الثالث من مايو عندما هاجمت قوات ضخمة من الشرطة التي يسيطر عليها الشيوعيين مبنى تحويل المكالمات التيليفونية الذي يديره العمال في برشلونة، مع اغارات اخرى منسقة على مباني تحويل المكالمات في مناطق اخرى. نظام التليفون في إسپانيا كان مدارا بواسطة فدرالية العمال التي تسيطر عليها الكونفدرالية الوطنية للعمل. كان عمال الكونفدرالية يسترقون السمع على مكالمات المسئولين الحكوميين من اجل الاحتفاظ بمعلومات عن مواقفهم. استخدم الشيوعيون هذا الامر كذريعة لمحاولة الاستيلاء على نظام التليفونات في إسپانيا. لم يكن الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا ضد هذه الممارسة للتنصت على المكالمات، على كل. وكما يتذكر احد المساعدين القريبون من زعيم الحزب الاشتراكي الموحد لقطالونيا خوان كوموريرا فيما بعد: "طبعا، لو كان الحزب في موقع يستطيع فيه التنصت على المحادثات التليفونية، لكان صنع ذلك ايضا. يريد الحزب دائما ان يلم بكل المعلومات بشكل حسن ". كانت مسألة سلطة.

انتشر سريعا خبر الهجوم على مبنى التليفونات. خلال ساعات انطلقت لجان الدفاع عن الاحياء في الكونفدرالية الى العمل ضد الشرطة التي يسيطر عليها الشيوعيين وبدأت في مترسة المباني. انضم حزب العمال للوحدة الماركسية ومنظمة الشبيبة التحررية الى هذا الاقتتال الداخلي وسرعان ما سيطرت جماعات العمال المسلحين على معظم انحاء المدينة والضواحي. انتشر اضراب عام في كل منطقة برشلونة. احتفظت القوات الحكومية بسيطرتها فقط على بعض اجزاء من المنطقة المركزية.

كل هذا القتال كان رد فعل تلقائي من الطبقة العاملة ضد لعب مسلح بالسلطة من قبل الشيوعيين. حاولت اللجان المحلية والاقليمية في الكونفدرالية التفاوض حول انهاء القتال، ومنعت وحدات جيش الكونفدرالية من التدخل. في الرابع من مايو، اذاعت الكونفدرالية من خلال مكبرات الصوت ومن خلال راديو النقابات نداءات لانهاء القتال وناشدت كل شخص ان يعود الى عمله. كلا من فيديريكا منتسيني وجارسيا اوليفير، الوزيرين الاناركيين في الحكومة القومية، اذاعا من خلال الراديو مناشدات بانهاء القتال. وصف عضو من حزب العمال لوحدة الماركسيين ما حدث في المتاريس كرد فعل على خطاب مونتسيني في الراديو:

"مقاتلو الكونفدرالية كانوا هائجين غضبا لدرجة انهم امسكوا بمسدساتهم واطلقوا الرصاص على جهاز الراديو. بدا الامر عجيبا ولكنه حدث امام عيني. لقد جن جنونهم غضبا على الاطلاق، ومع ذلك اطاعوا ما طلبوه منهم. ربما هم اناركيون، ولكن عندما يصل الامر الى منظماتهم فلديهم انصياعا هائلا للانتظام".

بدأ العمال في السادس من مايو تفكيك المتاريس. فورا انتهز الحزب الاشتراكي الموحد في قطالونيا هذه الفرصة التي منحها الوضع للاستيلاء على مبنى التليفونات. بدا ان زعماء الكونفدرالية يصدقون ان كل شيء سوف يعود الى حاله كما كان قائما قبل الاقتتال، حيث ان "اعضاءنا قد اظهروا اسنانهم حامية". لكن الامور لم تمض على هذا النحو.

قوة بوليس شبه عسكرية شديدة التسليح باعداد كبيرة ارسلت الى برشلونة لاعادة فرض سلطة الحكومة. استولت هذه القوات على مخازن كبيرة للسلاح تحتفظ بها الكونفدرالية. في الحادي عشر من مايو، تم دفن 12 جثة مشوهة بشدة لاناركيين شباب في مدفن بالقرب من ريبوليت. في الخامس من مايو، قتل الشيوعيون الاناركي الايطالي كاميلو بيرنيري، استاذ الفلسفة والمنفي المهاجر بسبب الفاشية الايطالية، ومعه اناركي ايطالي اخر.

في لقاء لمجلس وزراء حكومة الجبهة الشعبية في 15 مايو، اقترح الشيوعيون تحركا لحظر الكونفدرالية وحزب العمال لوحدة الماركسيين. رد كاباليرو بأن ذلك لا يمكن تنفيذه بطريقة قانونية ابدا، وانه لن يسمح بذلك طالما بقي رئيسا للحكومة. عندئذ غادر الوزراء الشيوعيون الاجتماع. وعندما قال كاباليرو، "مجلس الوزراء ما زال منعقدا"، غادر الوزراء الاشتراكيون الديموقراطيون، والجمهوريون والقوميون الباسك الاجتماع ايضا، مساندة للشيوعيين. فقط الوزراء الاشتراكيون اليساريون الثلاثة والوزراء الاربعة من الكونفدرالية ايدوا كاباليرو. كانت الحكومة المركزية والحزب الشيوعي الإسپاني هما المنتصر الاساسي في احداث مايو الدامية. تم طرد الكونفدرالية من كلا من الحكومة المركزية والحكومة الاقليمية في برشلونة.

سريعا، حرمت الحكومة المركزية الحكومة الاقليمية في قطالونيا من سيطرتها على البوليس المحلي وفعليا دمرت الاستقلال الذاتي لقطالونيا. كامبانيز واسكيرا تم تهميشهما بالكامل. حل خوان نيجرين محل كاباليرو - وهو الاشتراكي الديموقراطي الذي كان متعاطفا مع الشيوعيين. تحرك الشيوعيون ضد الاشتراكيين اليساريين، مستخدمين البوليس للاستيلاء على صحفهم الكبرى التي يسيطر عليها فصيل كاباليرو في حزب العمال الاشتراكي الإسپاني. صدق نيجرين على القمع الموجه ضد حزب العمال لوحدة الماركسيين الذي رفض كاباليرو ان يفعله. اندرو نين، زعيم حزب العمال لوحدة الماركسيين، سريعا ما قبض عليه، وتعرض للتعذيب والاغتيال بواسطة عملاء شيوعيين. في 15 اغسطس، صدر قرار بمنح سلطات لهيئة التحقيق العسكرية (SIM). هذه الهيئة هي شرطة سياسية سرية، يتسيدها عملاء البوليس السري العسكري السوفيتي (GPU). في مدريد وحدها كان عدد عملاء هيئة التحقيق العسكري السريين حوالي 6000.

كان بيل هيريك عضو الحزب الشيوعي الامريكي من نيويورك يخدم في كتيبة ابراهام لنكولن بإسپانيا. في مذكراته، يصف هيريك كيف رشقته عيون غاضبة عدوانية بينما يسير في جولة ببرشلونة مرتديا زي الكتيبة الدولية اواخر عام 1937. وكيف بصق الناس عليه. كتب هيريك عن ان احد الرؤساء في الحزب اجبره على مشاهدة اعدام شاب من الثوريين رميا بالرصاص في احد سجون هيئة التحقيق العسكرية. وصف هيريك مشهد اعدام فتاة هتفت "تحيا الثورة - Viva la revolución" في وجه احد بلطجية هيئة التحقيقات العسكرية الذي اطلق رصاصة ففجر رأسها. سيطر منظر اعدام تلك الفتاة على مخيلة هيريك ولازمه شبحها مما ادى الى خروجه فعليا من الحزب الشيوعي الامريكي بعد عودته الى مدينته نيويورك.

قامت استراتيجية الجبهة الشعبية على اساس فكرة محاولة الحصول على سماح من القوى الامبريالية الرأسمالية بشحنات السلاح الى الجانب المعادي للفاشية في إسپانيا. ولم تكن تلك استراتيجية واقعية تماما. القلق الاكبر للنخبة البريطانية كان البلشفية، وليس الفاشية. وهذا هو سبب تقديم الحكومة البريطانية في الثلاثينات تنازلات لا تنتهي لهتلر.

قادت استراتيجية الجبهة الشعبية بشكل طبيعي الى رؤية الكفاح على انه حرب اصطلاحية تقليدية. ولكن بمعايير الحرب التقليدية، كان الفاشيون يمتلكون ميزة متقدمة. كان لديهم جيشا مدربا وسبل للحصول على سلاح بكميات اكبر، عن طريق هتلر وموسوليني. فشل تنظيم حروب عصابات خلف خطوط الفاشيين جاء من هذه الصورة التي رسمت الكفاح بوصفه حرب تقليدية. ولكن حرب العصابات كانت سوف تستفيد من تميز الجانب المعادي للفاشية بالتأييد الجماهيري لتكبيل قطاعات واسعة من الجيش الفاشي.

لم توجه نداءات على اسس طبقية الى العمال في البلاد الاخرى لأن استراتيجية الجبهة الشعبية لم تصور القتال على انه كفاح جوهري من اجل سلطة الطبقة العاملة. وكما كتب جورج اورويل:

"فور ان تم تضييق منظور الحرب الى مجرد "حرب من اجل الديموقراطية" اصبح مستحيلا ان تتوجه بأي دعوة واسعة المدى تناشد عون الطبقة العاملة في الخارج... السبيل الذي كانت تستطيع الطبقة العاملة في البلاد الديموقراطية ان تساعد به الرفاق الإسپان كان هو العمل الصناعي - الاضراب والمقاطعات. لم يبدأ حدوث اي شيئ من هذا القبيل ابدا".

الميزة المتقدمة الكبرى التي امتلكها الجانب المعادي للفاشية هي الحماس الثوري الجماهيري. ناور الشيوعيون لاكتساب السيطرة على الجيش، واخفاء او تدمير ادارة العمال للصناعة، وساهموا في تحطيم المعنويات. التحويل التعاوني القسري؟

في اغسطس 1937، اصدرت حكومة نيجرين مرسوما بإلغاء مجلس اراجون للدفاع الذي تسيطر عليه الكونفدرالية. قوات الجيش تحت قيادة الجنرال الشيوعي انريك لايستر حطمت التعاونيات، وسلمت الارض مرة اخرى الى ملاكها، وقبضت على 600 من اعضاء الكونفدرالية (وقتلت بعضهم).

اتهم الشيوعيون، لتبرير مذبحة اراجون، اتهموا الاناركيين بانهم يديرون عمليات نظام تعاوني اجباري. زعم الشيوعيون انهم ذهبوا الى هناك لتحرير المزارعين. عرض الاناركيون من جانبهم صورة ان تشكيل التعاونيات للاقتصاد الزراعي في اراجون كان منتجا لمبادرات محلية، حركة تحرر من اصحاب العمل الزراعيين وملاك الاراضي المستغلين. قامت شواهد تدعم كلا الصورتين.

طبقا لماكاريو رويو، العضو الفلاح باللجنة الاقليمية للكونفدرالية باراجون، عنصر من عناصر الاكراه لم يكن من الممكن تفاديه في اي ثورة. فالطبقات المهيمنة لا محالة سوف تقف موقفا مضادا لتحرر الطبقة العاملة. ولكن الى اي مدى يمتد هذا الاكراه والارغام؟ سياسة الشيوعيين حول الزراعة كانت مصدرا للنزاع مع اقسام من فدرالية العمال الزراعيين (FNTT) في الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال.

الشقاق الاكبر كان حول السياسة نحو ملاك الاراضي المتوسطين والكبار الذين لم يفروا من اراضيهم كرد فعل لانقلاب الجيش. هؤلاء الناس امتلكوا الارض الكافية لتأجير عمال يعملون لصالحهم. هؤلاء الملاك كانوا المعادل الإسپاني لطبقة الكولاك في الثورة الروسية عام 1917. في معظم الاراضي المعادية للفاشية، كلا من فدرالية العمال الزراعيين والكونفدرالية عادة ما اتخذوا موقف يسمح لهؤلاء الملاك الفلاحين بالاحتفاظ بالارض التي تستطيع عائلاتهم زراعتها فقط. كان هدف فدرالية العمال الزراعيين والكونفدرالية هو القضاء على استخدام العمل المأجور في الريف.

ولكن الحزب الشيوعي الإسپاني كان معارضا لنزع ملكية اي مالك للارض لم يفر. ومع ذلك، الفلاحين ملاك الارض الاكثر غنى وثروة كانوا عادة يمينيين، وكانوا غالبا الرؤوس السياسية caciques اليمينية في القرى. سياسة الشيوعيين المدافعة عنهم - التي تصل حتى الى نقطة مساعدتهم على استرجاعهم للارض التي تحولت ملكيتها الى التعاونيات - دعمت عناصر اليمين في الريف.

الممارسات الفعلية للكونفدرالية بالتحويل التعاوني لشكل ملكية الاراضي الزراعية والانتاج الزراعي اختلف باختلاف المناطق. في الاندلس، سياسة الكونفدرالية كانت هي نفسها سياسة الحزب الشيوعي الإسپاني. لم تنزع الكونفدرالية ملكية اي ارض على الاطلاق. انشأت الفدرالية تعاونيات زراعية على عزب واقطاعيات الملاك الذين هربوا، واستخدمت الحيازات الصغيرة التي جلبها الفلاحين طواعية اليها.

النزاع حول اراجون كان ايضا حول المدى الذي يجبر عنده الفلاحين اصحاب الملكيات الصغيرة الذين لا يستخدمون اي عمل مأجور على ادماج حيازاتهم الصغيرة في التعاونيات. هذا الصنيع كان عكس نصيحة كروبتكين في كتابه غزو الخبز ولم تتبعه الكونفدرالية في اجزاء اخرى من المنطقة المعادية للفاشية.

كان ساتيرنينو كارود ابنا لعامل زراعي بلا ارض في اراجون وقائدا لاحد طوابير ميليشيا الكونفدرالية. كان كارود مدركا بشكل جيد كيف يرتبط الفلاحون بقوة بقطعة الارض الصغيرة التي يمتلكونها. "انها جزء من وجودهم. انهم عبيد لها. حرمانهم منها مثل خلع قلوبهم من بين ضلوعهم. يجب الا نرغم الفلاح على تسليم ارضه الى التعاونيات ". ولكن في اراجون نصيحة كارود لم يأخذها احد دوما في اعتباره.

قرية انجويس مثال على ذلك. ينقل لنا رونالد فريزر، من كتابه "في دماء إسپانيا"، عبارات لحديث زوجين من انجويس. كلاهما كانا من المؤيدين المتحمسين المؤمنين: قال الرجل انه سوف يعطي حياته دفاعا عن الكونفدرالية. عندما انشأت التعاونية، كانا سعداء للخروج من تحت قبضة ملاك الاراضي الذين كانوا يطحنونهم في العمل.

لكن الزوجين وصفا المدينة وهي تدار بواسطة لجنة من 20 رجل يطوفون فيها ومسدساتهم معلقة على جنوبهم ولا يعملون عملا ما. الفلاحون الذين حاولوا العيش لم يستطيعوا شراء السماد او البذور حيث ان النقود كانت قد الغيت والموارد تحت سيطرة التعاونية. اللجنة التي ادارت البلدة كانت تحشو جيوبها. افضل الطعام والاطايب كانت ينتهي بها السبيل الى منازلهم. هذا ما زعمه الزوجان.

كان رجال اللجنة يتجولون في الانحاء في سيارات صادروها من العائلات الثرية. وعلى غير منوال النساء الاخريات في البلدة، نساءهم كن معفيات من العمل. نادرا ما كانت تعقد مجالس القرية ولم تكن هناك اجراءات مرعية لسحب العضوية عن الاعضاء. الزوجان المناصران للكونفدرالية قالا انه ساد سخط عظيم على تلك الاوضاع. آمن الزوجان انه لابد من ثورة اخرى للتخلص من تلك النخبة الادارية الجديدة.

دعاية الشيوعيين صورت الامر في كل اراجون على انه يشبه احوال قرية انجويس. في الواقع، كانت هناك بلدات اخرى اوضاعها مختلفة تماما.

ماس دي لاس ماتاس كانت بلدة ثرية مزدهرة للفلاحين الصغار الذين يمتلكون اراضي في اراجون، يبلغ سكانها 2500 نسمة. قبل الحرب، كانت عضوية الاتحاد النقابي للكونفدرالية هناك حوالي ٢٠٠ عضو. بادر الاناركيون في انشاء تعاونية شملت القرية بالدعوة لعقد مجلسا للسكان. انتخب المجلس لجنة معادية للفاشية - نصفها كان من اعضاء الكونفدرالية ونصفها من انصار الحزب الجمهوري اليساري. كلا من اللجنة المنتخبة ومجلس البلدة اصبحا الحكومة الجديدة لها وادوات للتحويل الاجتماعي لاقتصاد البلدة. هذا مثال لما كان يسميه الاناركيون الإسپان "البلديات الحرة". وهذا واحد من الاماكن القليلة التي بنى فيها الاناركيون فعليا هذا النوع من هيكل للحكم قائم على اساس مجالسي جغرافي اثناء الثورة.

ادخل العديد من الفلاحين حيازاتهم الصغيرة من الارض في تعاونية البلدة، موافقين على العمل في الارض بشكل جماعي. احد مميزات ذلك انه كان اكثر جدوى في استخدام الميكنة، التي قامت البلدة بشرائها من اجل استخدامها في عمليات فلاحة وزراعة الارض. كان سكرتير التعاونية شاب عمره 26 عاما يعمل لدى نفسه كصانع دواليب خشبية. احضر ادواته الشخصية وادخلها في التعاونية. سيطرت التعاونية على كل الخدمات. السلطة السياسية التي مارستها تعاونية البلدة ظهرت في حقيقة انهم حظروا استئجار اي شخص للعمل كأجير. كما حظروا ايضا لعب القمار وبيع المشروبات الروحية.

رفضت ٥٠ عائلة من ملاك الارض في القرية الانضمام الى التعاونية وانضموا الى الاتحاد العام للعمال. ومع ذلك، لم يعارض كل الفلاحين الاكثر ثراءا التعاونية. عندما سأل زائر احد اكثر الرجال ثروة في البلدة عن سبب انضمامه الى التعاونية، اجابه: "لماذا؟ لان هذا هو اكثر الانظمة الموجودة انسانية".

لم يعارض الاتحاد العام للعمال دائما التعاونيات. في قرية اندورا، اغلبية اعضاء التعاونية كانوا ينتمون الى الاتحاد العام للعمال.

عندما قامت قوات ليستر الموالية للشيوعيين بغزو اراجون في 1937، انعقد مجلس السكان في ماس دي لاس ماتاس، وبوجود البوليس على رأس الاجتماع، سمحوا لأي شخص يريد الخروج من التعاونية ان يفعل ذلك. هبطت عضوية التعاونية الى 1500. وهكذا استمر 60٠٪ من السكان طوعيا يدعمون التعاونية، رغم التهديد الموجود في القوات الشيوعية.

التحول الى التعاونية في اراجون كان له غرض مزدوج. للمدى الذي كانت فيه المبادرة محلية، الدوافع كانت ادارة ذاتية مجتمعية والمساواة. ولكن جيش العمال في اراجون، الذي تواجد على بعد كيلومترات قليلة فقط من القرية، لم يكن يمتلك خط يعتمد عليه تماما من الامداد لقطالونيا وفالنسيا وهما المنطقتان التي كانت الميليشيا هذه قد تشكلت فيهما. لعبت قرى اراجون ايضا دور تزويد هذه الميليشيات العمالية بالطعام. في الاغلب، الغيت النفود وفرض نظام الحصص. بالسيطرة على استهلاك السكان المحليين، كان يمكن توليد فوائض من اجل تزويد الجيش الثوري. العمل مجانا لصالح الميليشيا المعادية للفاشية كان موضع فخر لانصار اليسار في القرى، ومصدر استهجان وسخط بين اليمينيين في القرى.

ولكن الغاء النقود في حد ذاتها كان مصدرا اخر للسخط بين الفلاحين الصغار. طبقا لرئيس الكونفدرالية في القرية التعاونية الكوريسا، لم يعجب الفلاحون فكرة اخذ الاشياء مجانا من المتجر العمومي لانهم يشعرن ان ذلك يشبه التسول . فهم يعتقدون انهم يكسبون الحق عند مستوى معين من الاستهلاك من خلال عملهم.

السكرتير الاناركي للتعاونية الناجحة في ماس دي لاس ماتاس قال ان الغاء النقود "ظهر انه كان احد اخطاءنا الكبيرة". آمن الرجل انه قد كان من الافضل ان ندفع للناس نظير عملهم، ونمنحهم مكافآت اضافية نظير احتياجات من يعولونهم.

لو ان البالغين القادرين جسديا يكسبون حقا لهم في الاستهلاك بناء على عملهم، فهذا يسمح لكل فرد ان يرتب احتياجاته الخاصة من المنتجات طبقا لرغباتهم الخاصة. غياب النقود ادى الى حالات من الاسراف والتبديد وانعدام الكفاءة مثل تخلص الناس من الخبز الزائد لانهم يحصلون عليه مجانا.

ساتورنينو كارود اعتقد ان الغاء النقود كان نتيجة مؤسسة على خلط للامور بين النقود والرأسمال. واصر على ان هناك حاجة لنظام محاسبة اجتماعية . وهذا سوف يتطلب وحدة نقدية لتحتوي القيمة في طياتها بالنسبة لنا التي هي قيمة الموارد المستخدمة في انتاج الاشياء. الرأسمال هو علاقة اجتماعية للهيمنة، تمارس من خلال الشراء السوقي لوسائل الانتاج واستئجار العمال، من اجل صنع الارباح. لا تفترض النقود استمرار وجود تلك الترتيبات الرأسمالية الاقتصادية.

الهدف الحقيقي للشيوعيين لم يكن تدمير التعاونيات. ساعد الشيوعيون على تشكيل التعاونيات الزراعية في مناطق اخرى. هدف الشيوعيين في اراجون كان تدمير قوة الكونفدرالية الوطنية للعمل. وبينما كانت القوات الشيوعية تهاجم الكونفدرالية في اراجون، لم تسمح قيادة الكونفدرالية لوحدات جيش الكونفدرالية في منطقة الاراجون بالتدخل. اثر كل هذه الحقبة كان تدمير المعنويات. وقد ساهم ذلك في غزو الجيش الفاشي لاراجون بعدها بشهور قليلة.

اثناء القتال في ايام مايو بين الشرطة التي يسيطر عليها الشيوعيون وخصومهم من الطبقة العاملة في برشلونة، اقترحت مجموعة اصدقاء دوروتي - وهي جماعة من فدرالية الاناركيين الايبيريين - بديلا لسياسة التعاون مع الجبهة الشعبية التي تبنتها الكونفدرالية. وزع الاصدقاء (الاميجوس) منشورات اثناء القتال يدعون الكونفدرالية الى الاطاحة بالحكومة الاقليمية، واستبدالها بمجلس ثوري (junta) في قطالونيا يسيطر عليه اتحادات الكونفدرالية النقابية. دعت منشوراتهم ايضا الى التحويل الاجتماعي الكامل للاقتصاد ونزع سلاح الشرطة. شكل الاصدقاء منظمتهم في مارس 1937، بناء على مبادرة من اعضاء ميليشيا الكونفدرالية الذين عارضوا خلق جيشا جمهوريا جديدا بهيكل هرمي للقيادة. اطلق على المجموعة اسم دوروتي بسبب حربه الاخيرة داخل الكونفدرالية في اكتوبر 1936. هوراشيو برييتو، لرغبته في استخدام شعبية دوروتي، حاول ان يجعله احد وزراء الكونفدرالية في حكومة الجبهة الشعبية. دوروتي رفض. قال دوروتي، "عندما ينزع العمال ملكية البرجوازية، وعندما يهاجم المرء الممتلكات الاجنبية، وعندما يصبح النظام العام في ايدي العمال، وعندما تسيطر الاتحادات النقابية للعمال على الميليشيا، وعندما يكون المرء، في الواقع العملي، في عملية صنع ثورة من اسفل لاعلى"، ببساطة لا يصلح مع ذلك ان تحافظ على استمرار شرعية الدولة الجمهورية.

الاميجوس (الاصدقاء) كانوا سينديكاليين تحررين يحاولون اعادة احياء برنامج مجلس الدفاع الذي دافعت الكونفدرالية عنه في سبتمبر-اكتوبر 1936. اثنان من النشطاء القياديين في مجموعة الاصدقاء هما ليبرتو كاليياس وخاييم باليوس. في سبتمبر واكتوبر 1936، كلاهما كان عضو هيئة ادارة منظمة التضامن العمالي اثناء حملة مقترح مجلس الدفاع.

في احداث مايو الفعلية في 1937، لم يكن للاصدقاء وزنا كافيا في الكونفدرالية لاحداث تغيير في الاتجاه. كان لدى الاصدقاء بعض النفوذ بين وحدات ميليشيا الكونفدرالية وجماعات الدفاع عن الاحياء في الكونفدرالية. ولكن الوزن الاكبر في الكونفدرالية بقطالونيا كان لمقاتلي الوحدات النقابية المحلية، ومندوبي مجالس العمال المحلية ومجالس عنابر المصانع ومحلات العمل في الصناعات التي تحولت الى الملكية التعاونية. لو سادت وجهة نظر الاصدقاء بين المجالس العمالية، لكانوا قد استطاعوا الحصول على سيطرة في المجمع الاقليمي العام وطردوا المنادين بالتعاون مع اللجنة الاقليمية للجبهة الشعبية.

عندما يجد الناس انفسهم يتبعون مسارا معينا من الحركة، فانهم يريدون الشعور بان لديهم تبريرا حتى يقدموا على ذلك. وهذا يعني ان هناك ميل عند الناس لايجاد مبرر لتصرفاتهم. حوالي مايو 1937، السينديكاليون الاناركيون القياديون كانوا يتبعون استراتيجية الجبهة الشعبية ويحتلون مناصب في مراتب السلطة الهرمية في الحكومة وفي الجيش لبعض الوقت. كان ذلك محكوما بتغيير نظرتهم العامة للامور. احد الامثلة الطيبة على ذلك هو خوان جارسيا اوليفير. في يوليو واغسطس 1936، كان اوليفير بطلا ممثلا للكونفدرالية "في المخاطرة بكل شيئ"، في الاطاحة بالحكومة القطالونية الاقليمية، والاستيلاء على السلطة لتمسك بها الكونفدرالية. حوالي شهر مارس 1937، تغيرت وجهة النظر هذه؛ اصبح خوان جارسيا اوليفير مدافعا عن ائتلاف الجبهة الشعية. ظهر هذا التغيير في صورة درامية عن طريق مسلكه اثناء احداث مايو، معارضا اي محاولة لتوسيع الصراع، والاستيلاء على السلطة لصالح النقابات واتحاداتها.

انتقد الاصدقاء في منشورهم الرئيسي فشل الكونفدرالية في الاستيلاء على السلطة السياسية في يوليو 1936: "ما حدث كان يجب ان يحدث. الكونفدرالية... لم تمتلك برنامجا متماسكا. لم يكن لدينا فكرة الى اين نمضي... عندما ننفق وجود منظمة بأكمله في التبشير بالثورة، فعلى تلك المنظمة التزاما ان تتصرف عندما تنهض مجموعة من الظروف المواتية. وفي يوليو قدمت الفرصة نفسها. كان يجب على الكونفدرالية ان تقفز الى مقعد السائق في البلاد... بهذه الطريقة كنا سوف نكسب الحرب وننقذ الثورة. ولكن الكونفدرالية فعلت العكس. تعاونت مع البرجوازية في شئون الدولة، بالضبط في الوقت الذي كانت الدولة تتداعى نحو الانهيار الكامل ".

اضافة الى الدفاع عن فكرة مجالس الدفاع القومية والاقليمية تحت سيطرة الاتحادات النقابية، دافع الاصدقاء ايضا عن تشكيل "بلديات حرة" - هياكل حكم تقوم على اساس مجالس سكان الاحياء او القرى - التي كانت الكونفدرالية تدافع عنها في البرنامج الذي اقره كونجرس سرقسطة في مايو 1936. باليوس اطلق على البلديات الحرة اسم "حكومة ثورية صحيحة". تمسك الاصدقاء ايضا بالبرنامج السينديكالي للتحويل الاجتماعي للاقتصاد من اسفل من خلال ادارة الاتحادات النقابية للمشاريع الاقتصادية.

طبقا لاقوال باليوس، مبادرة العمال في احداث مايو ببرشلونة اظهرت "عزم البروليتاريا الذي لا يهتز نحو وضع قيادة للعمال في المسئولية بالنسبة للكفاح المسلح، والاقتصاد وكامل وجود البلاد. وهو ما يقال عنه (بالنسبة لأي اناركي يخاف من الكلمات) ان البروليتاريا كانت تحارب من اجل الاستيلاء على السلطة التي كانت ستمضي ضروريا عبر تدمير الادوات البرجوازية القديمة وتشييد هيكلا جديدا مكانها يقوم على اساس اللجان التي طفت الى السطح في يوليو (1937) ".

من وجهة النظر الاناركية الاجتماعية، القضية الرئيسية حول مجالس الدفاع المقترحة سوف تكون قابليتهم للمساءلة امام المجالس في مستوى القاعدة. اقترح الاصدقاء ان مجالس الدفاع تنتخب بواسطة مجالس الاتحادات النقابية. ولكن ماذا عن صناعة السياسات؟ سوف يكون الحل الممكن هنا جعل مجالس الدفاع تأخذ اوامر عملها من كونجرس الشعب القومي والاقليمي المقترح في برنامج سرقسطة للكونفدرالية المطروح في مايو ١٩٣٦. هذه الهيئات كان مقدرا ان تكون كيانات قصدية، تتشكل من مندوبين ينتخبون بواسطة المجالس القاعدية، بينما تعود القضايا الكبرى للمجالس القاعدية من اجل اتخاذ القرار فيها.

اقترحت الكونفدرالية ايضا حظر تدخل مجالس الدفاع في ادارة الاقتصاد، تلك الادارة التي سوف يسيطر عليها العمال من خلال نظام فدراليات الصناعة التي يديرها العمال ونظام التخطيط الاجتماعي.

وهكذا فيما يبدو لي ان الاقتراح السينديكالي بمجالس الدفاع وميليشيا الشعب الموحدة والتي تسيطر عليها النقابات كان تكتيكا على الاقل يتضمن انسجاما في الرؤية للاناركية الاجتماعية. في اي نقاط يختلف مقترح مجالس الدفاع عن المفهوم اللينيني "للاستيلاء على السلطة"؟ اعتقد ان الاختلاف هو اوضح ما يكون اذا ما نظرنا الى الجدل الذي ثار داخل الحزب الشيوعي الروسي في 1921. في ذلك الوقت، نيكولاي بوخارين، والكسندرا كولونتاي وعدد اخر من البلاشفة تقدموا باقتراح نظام هيئات ادارة للاقتصاد الروسي تنتخبها النقابات. ندد لينين بهذا الاقتراح بوصفه "انحرافا سينديكاليا اناركيا" لانه سوف يعطي السلطة الاقتصادية "لجماهير غير حزبية" شكلت 90٪ من عضوية الاتحادات النقابية. بمنطق موقف لينين، كان عليه ان يندد ايضا بمقترح لجان دفاع الكونفدرالية لانه سوف يعطي السلطة الاقتصادية والسياسية والمسلحة "لجماهير غير حزبية" في الاتحادات النقابية.

رغم ذلك، بالنسبة لخوسيه بييراتس، كانت "قوة السينديكاليين الاناركيين" بعد 19 يوليو 1936 تكمن في نسق انتشار السلطة في المنطقة المعادية للفاشية، مفتتة الى عناقيد لا حصر لعددها من اللجان المحلية والاقليمية . بييراتس، الذي نشط في الشبيبة التحررية بقطالونيا، عارض انضمام الكونفدرالية الى الحكومة الجبهة الشعبية ولكنه عارض ايضا البديل الداعي الى استبدال الحكومة المركزية الجمهورية بمجلس دفاع قومي مشكل من الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال. قال بييراتس ان مقترح مجلس الدفاع كان "مجرد حكومة اخرى باسم اخر". لكن الا يمكن ان يقال هذا عن اي نظام للحياة السياسية يقدم نسق للحكم العام في إسپانيا ككل؟ كان بييراتس محررا لصحيفة في قطالونيا باسم "اقراطيا"، ومعنى الاسم "لا حكم". يبدو ان اناركية "لا حكم" بييراتس كانت معارضة لاي نوع من الحياة السياسية الشاملة او لأي هيكل حاكم لإسپانيا كلها.

ولكن ذلك ببساطة كان مستحيلا. كانت هناك ضرورة ملحة لقيادة موحدة في القتال المسلح ضد العسكر الفاشيست. عمال الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال كانوا يصرون على الوحدة في النضال. كانت هناك طريقتين فقط حتى يمكن تحقيق هذه الوحدة. اما ان تأخذ الكونفدرالية زمام المبادرة وتستبدل جهاز الدولة القائم في قطالونيا وعلى المستوى القومي، موحدة عمال الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال في سلطة للحكم تسيطر عليها الطبقة العاملة، وإلا سوف ينجح الشيوعيون في توحيد السكان خلف راية اعادة بناء جهاز الدولة وجيش بقيادة هرمية. تلك كانت الاشكالية الجوهرية التي واجهت الكونفدرالية بعد 19 يوليو 1936.

لو اطاحت الكونفدرالية بالحكومة الاقليمية في قطالونيا وخلقت هيكلا لمجالس حاكمة قومية واقليمية من الكونفدرالية والاتحاد العام للعمال ووحدت ميليشيا الشعب، تحت سيطرة النقابات، لكان في استطاعة الكونفدرالية ان تسد الطريق على مقترحات الشيوعيين بجيش هرمي القيادة وارسال الذهب الى روسيا. لم تستطع الكونفدرالية سد الطريق على استراتيجية الحزب الشيوعي الإسپاني للظفر بسلطة الدولة. وبفشلها في اتباع هذا المسار، جعلت الكونفدرالية من استراتيجية الجبهة الشعبية امرا لا مناص منه، وهكذا سهلت نمو سلطة الشيوعيين. ومع التسليم بتفوق الجانب الفاشي في امدادات السلاح، فلم يكن خلق نظام سياسي تسيطر عليه الطبقة العاملة في إسپانيا ضمانا للانتصار. ولكنه قد يكون عاملا لتحسين فرص النجاح.

باليوس والاصدقاء، وهذا يوضع في رصيدهم الايجابي، رأوا ان السينديكالية التحررية تفترض مسبقا نظاما للحياة السياسية - هيكلا للحكم الذاتي السياسي - يستبدل الدولة، لو كان للطبقة العاملة ان تنجح في تحرير نفسها. ظهرت الاناركية التقليدية غامضة وغير منسجمة الرؤى فيما يتعلق بمسألة ما الذي يمكن ان يحل محل الدولة. افتقدوا الوضوح نحو ضرورة وجود نمط جديد للحياة السياسية لاداء الوظائف السياسية الضرورية - وضع القوانين والقواعد الاساسية، وتكييف الاتهامات الخاصة بالسلوك الاجرامي والتقاضي لتسوية النزاعات بين الناس، والدفاع عن الترتيبات الاجتماعية الاساسية ضد الهجوم الداخلي والخارجي عليها والتنفيذ الجبري للقواعد والاحكام الاساسية. لا يمكن التخلص والاستغناء عن الوظائف السياسية للمجتمع بأكثر مما نستطيع التخلص به من الانتاج الاجتماعي. ولكن يمكننا القيام بالوظائف السياسية عن طريق هيكل من الحكم الذاتي الجماهيري، الذي يمد جذوره في ديموقراطية المشاركة لمجالس المجتمعات المحلية والطوائف الاجتماعية واماكن العمل.

1938

خريطة إسپانيا في يوليو 1938:
  المناطق تحت سيطرة القوميين
  المناطق تحت سيطرة الجمهوريين


1939

خريطة إسپانيا في فبراير 1939:
  المناطق تحت سيطرة القوميين
  المناطق تحت سيطرة الجمهوريين


فرانكو يعلن نهاية الحرب. إلا أن المعارك ظلت مشتعلة في بعض الجيوب الجمهورية.
أطفال يتأهبون للإخلاء، وبعضهم يلوّح بتحية الجمهوريين. وكان الجمهوريون يبدون قبضة مرفوعة، بينما القوميين يبدون التحية الرومانية.[8]


خط زمني للحرب


"خط زمني لأحداث الحرب الأهلية الإسپانية"
1930 28 يناير: إجبار الديكتاتور الإسپاني، ميجويل بريمو دا ريفيرا على الاستقالة
1931 14 أبريل: اعلان الجمهورية الاسبانية الثانية، وذهاب الملك الفونسو الثالث عشر الى المنفى

6 مايو: الحكومة الجديدة تعلن انهاء التعليم الاجباري في المدارس
8 مايو: تعديل القانون الانتخابي للسماح للمرأة بحق التصويت
25 مايو: اعلان مانويل ازانيا، وزير الحرب، تخفيض كبير في حجم الجيش الاسباني
16 أكتوبر: استقالة رئيس الوزراء نيسيتو زامورا، واستبداله بمانويل ازانيا
17 أكتوبر: تصديق الجمعية التشريعية الاسبانية على اباحة الطلاق
11 ديسمبر: انتخاب نيسيتو زامورا رئيسا للجمهورية الاسبانية الثانية

1932 10 أغسطس: يتزعم الجنرال خوسيه سانيوريو انتفاضة ضد الحكومة
1933 8 يناير انتفاضات اناركية في سرقسطة واشبيليه وبيلباو ومدريد

28 فبراير: جيل روبلز يشكل الحزب الكاثوليكي (CEDA)
29 أكتوبر: خوسيه انطونيو بريمو دا ريفيرا يؤسس حزب كتائب اسبانيا
19 نوفمبر: فوز الاحزاب اليمينية بالانتخابات العامة ضد اليسار المنقسم
2 ديسمبر: انتفاضات اناركية في قطالونيا واراجون

1934 20 أبريل: العفو عن الجنرال خوسيه سانيوريو

7 أكتوبر: القبض على مانويل ازانيا واحتجازه في برشلونة

1935 6 أبريل: محكمة بضمانات دستورية تعلن براءة مانويل ازانيا

سبتمبر انشاء اندريه نين وجواكين مورين لحزب العمال للتوحيد الماركسي (POUM)
20 ديسمبر: فرانشيسكو لارجو كاباليرو يحل محل انداليشيو برييتو كرئيس للحزب الاشتراكي

1936 11 يناير: توقيع حلف انتخابي بين الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي

15 يناير: مانويل ازانيا ينظم تشكيل الجبهة الشعبية
16 فبراير: فوز الجبهة الشعبية بالانتخابات العامة في اسبانيا
19 فبراير: الرئيس نيسيتو الكالا زامورا يعين مانويل ازانيا رئيسا للوزراء
21 فبراير: الجمعية التشريعية الاسبانية تمنح العفو لكل من اتهم بالتمرد
27 فبراير: اغلاق مقرات الكتائب الاسبانية في مدريد
28 فبراير: اجتماع فرانشيسكو فرانكو وايميليو مولا ويوان ياجو وخوسيه سانيوريو لمناقشة التكتيكات اعفاء الجنرال ايميليو مولا من القيادة وارسل الى بامبلونا
14 مارس: حكومة الجبهة الشعبية تحظر حزب الكتائب الاسبانية، القبض على خوسيه انطونيو بريمو دا ريفيرا واتهامه بتهريب اسلحة غير مشروعة
4 أبريل: مانويل ازانيا يطرح تفاصيل تشريعاته الاصلاحية
7 أبريل: خلع نيسيتو الكالا زامورا من منصبه كرئيس للجمهورية الاسبانية
13 أبريل: اجتماع ايميليو مولا مع جونزالو كويبو دا اللانو لمناقشة امكانية انتفاضة عسكرية
18 أبريل: الجمعية التشريعية تحظر حضور الضباط العسكريين الاجتماعات السياسية السرية
8 مايو: انتخاب مانويل ازانيا رئيسا للجمهورية الاسبانية، انداليشيو برييتو يرفض منصب رئيس الوزراء
20 مايو: الحكومة تأمر باغلاق المدارس الكاثوليكية لحماية نفسها من هجمات احراق الممتلكات العامة
28 مايو: صدور الحكم على خوسيه انطونيو بريمو دا ريفييرا بالسجن ٥ اشهر بسبب تهريب الاسلحة، الحرس المدني يقمع تجمعا جماهيريا يساريا في يست ويقتل ١٩ شخصا اثناء التجمهر
31 مايو: اطلاق الرصاص علي انداليسيو برييتو اثناء تجمع جماهيري اشتراكي في ايسيخا
2 يونيو: الجمعية التشريعية تصدر قانونا يمنع اخلاء واضعي اليد على الاراضي الزراعية عن اراضيهم
9 يونيو: اكثر من مليون عامل يدخلون اضرابا عاما في اسبانيا
6 يوليو: لويس بولين يرتب سفر فرانشيسكو فرانكو جوا الى المغرب
12 يوليو: اغتيال الكتائبيون الاسبان لضابط حرس الهجوم الجمهوري خوسيه كاستيلو
13 يوليو: مقتل الزعيم المناصر للملكية خوسيه كالفو سوتيلو ثأرا لمقتل كاستيلو
18 يوليو: انتفاضات عسكرية ناجحة في المغرب واشبيليه، الجنرال فرانشيسكو فرانكو يصدر اعلانا لايجاد مسوغات للتمرد، دولوريس ايباروري (الباسيونيرا) تلقي خطابها الاذاعي الشهير "لن يمروا"
20 يوليو: مقتل الجنرال خوسيه سانيوريو في حادث طائرة، حزب العمال البريطاني يعبر عن دعمه لحكومة الجبهة الشعبية، خوسيه جيرال رئيس الوزراء الاسباني يتقدم بطلب للحكومة الفرنسية من اجل تزويده بالسلاح
24 يوليو: الجنرال ايميليو مولا يؤسس لجنة الدفاع الوطني، لجنة الميليشيا المناهضة للفاشية تؤسس الكتيبة الاناركية، قوات المتمردين تستولى على غرناطة
26 يوليو: ادولف هتلر يوافق على اعطاء معونة عسكرية للجنرال فرانشيسكو فرانكو، الكومنترن يوافق على تشكيل الكتيبة الدولية
28 يوليو: القوات الجوية الالمانية تصل الى المغرب وتبدأ في نقل القوات الوطنية الى اسبانيا
30 يوليو: تسع طائرات قاذفات قنابل ايطالية تصل الى المغرب
2 أغسطس: ليون بلوم يعلن سياسة فرنسا بعدم التدخل في الحرب الاهلية الاسبانية
4 أغسطس: الجنرال فرانكو والجيش الوطني يستولى على بادايوس
6 أغسطس: الجنرال فرانكو يؤسس مركز قيادة في اشبيليه
8 أغسطس: فرنسا تغلق حدودها وتمنع المتطوعين من العبور الى اسبانيا
10 أغسطس: انداليسيو برييتو يناشد في خطاب اذاعي انهاء الارهاب الاحمر
12 أغسطس: المتطوعين الاوائل في الكتيبة الدولية يصلون الى اسبانيا
14 أغسطس: القوميون يرتكبون مجزرة ضد الجمهوريين في بادايوز
15 أغسطس: ستانلي بالدوين يعلن حظر تصدير السلاح الى اسبانيا
19 أغسطس: مقتل فيدريكو جارسيا لوركا على ايدي الكتائبيين في فيثنار
26 أغسطس: السلطات القومية تفتح باب التجنيد الاجباري
28 أغسطس: القوات القومية تقصف مدريد بالقنابل لاول مرة
4 سبتمبر: فرانشيسكو لارجو كاباليرو يشكل حكومة جمهورية جديدة
5 سبتمبر: الجيش الوطني يستولى على ايرون ويغلق الحدود مع فرنسا
7 سبتمبر: خوسيه اجويري يشكل حكومة استقلال ذاتي في الباسك
9 سبتمبر: ممثلون عن ٢٧ بلدا يشكلون لجنة عدم تدخل في لندن، ألكسندر اورلوف من قوميسارية الشعب للشئون الداخلية (الاستخبارات الروسية) يصل الى اسبانيا
21 سبتمبر: الجنرالات الوطنيون يختارون فرانكو رئيسا للدولة
25 سبتمبر: الفاريز ديل فايو يترافع عن الجمهورية الاسبانية وقضيتها في عصبة الامم
1 أكتوبر: الحكومة الجمهورية تصدق على الاستقلال الذاتي في الباسك
3 أكتوبر: اول وزارة يشكلها فرانكو تتضمن اخوه وثلاثة جنرالات ودبلوماسي
9 أكتوبر: 650 عضو من الكتيبة الدولية يصلون الى اليكانتي
12 أكتوبر: اول شحنات المعونة تصل من الاتحاد السوفيتي الى اسبانيا
22 أكتوبر: الجنرال خوسيه ميايا يتولى مسئولية الدفاع في مدريد
2 أكتوبر: ارسال 510 طن من ذهب بنك اسبانيا الى الاتحاد السوفيتي
1 نوفمبر: القوات الوطنية تصل الى الضواحي الغربية والجنوبية لمدريد
2 نوفمبر: الجيش الوطني يستولى على برونيت
6 نوفمبر: القوات الوطنية تبدأ حصار مدريد، الحكومة الجمهورية تنتقل من مدريد الى فالنسيا
8 نوفمبر: الكتيبة الدولية وميليشيات الشعب ترد هجوما للقوات الوطنية على مدريد
10 نوفمبر: لجنة عدم التدخل الدولية تقرر انه لا يوجد دليل على تدخل اجنبي في اسبانيا
14 نوفمبر: بوينافنتورا دوروتي يصل مدريد مع كتيبته الاناركية
15 نوفمبر: جحافل الكوندور، احد اسراب القوات الجوية الالمانية تدخل المعارك للمرة الاولى.
18 نوفمبر: ادولف هتلر وبينيتو موسوليني يعترفان بنظام فرانكو
19 نوفمبر: مقتل بوينافنتورا دوروتي اثناء الدفاع عن مدريد
20 نوفمبر: اعدام ميجويل بريمو دا ريفيرا، زعيم الكتائب الاسبانية، في اليكانتي
13 ديسمبر: القوميون يحاولون قطع طريق مدريد لاكورونا الى الشمال من مدريد
16 ديسمبر: طرد اندريس نين من الحكومة
17 ديسمبر: الشيوعيون يصرون على اخراج حزب العمال للوحدة الماركسية من حكومة قطالونيا
22 ديسمبر: متطوعون من ايطاليا يصلون اسبانيا للقتال في جانب القوميين

1937 6 يناير: الرئيس فرانكلين دوايت روزفلت يحظر صادرات السلاح الى اسبانيا

12 يناير: قمع الانتفاضة الاناركية في بيلباو
14 يناير: تظاهرت ميليشيات الاناركيين واعضاء حزب العمال لوحدة الماركسيين في برشلونة من اجل الثورة الاجتماعية
8 فبراير: الجنرال جونزالو كويبو دا اللانو والجيش القومي يستوليان على ملقا
12 فبراير: الكتيبة الدولية توقف تقدم القوميين عند جارما
5 مارس: مؤتمر الحزب الشيوعي الاسباني يطالب باستئصال حزب العمال لوحدة الماركسيين
8 مارس: الفيلق الايطالي يستولى على جوادالاجارا
18 مارس: الجيش الجمهوري يهزم الفيلق الايطالي خارج مدريد
30 مارس: الجنرال ايميليو مولا يفتتح هجوم القوميين في منطقة الباسك
19 أبريل: فرنشيسكو فرانكو يوحد الكتائب الاسبانية مع الكارليين الكاثوليك ليشكل حزبا واحدا
26 أبريل: جحافل الكوندور الالمانية تقصف وتدمر جرنيكا، عاصمة الباسك في الشمال الاسباني
3 مايو: الاناركيون والسينديكاليون يتمردون في برشلونة ضد اسلوب الحكومة السلطوي
5 مايو: فرنشيسكو لارجو كاباليرو يرسل بحرس الهجوم الى برشلونة
10 مايو: الاسبوع الدامي، الجيش الجمهوري يقمع انتفاضة برشلونة
17 مايو: خوان نجرين يحل محل لارجو كاباليرو كرئيس للحكومة الجمهورية
3 يونيو: مقتل الجنرال ايميليو مولا في حادث تحطم طائرة
16 يونيو: خوان نيجرين يصدر قرارا بتجريم حزب العمال لوحدة الماركسيين، القبض علي اندريس نين وتوجه له تهمة التواطؤ مع الجنرال فرانكو
19 يونيو: جيش القوميين يستولى على بيلباو
20 يونيو: اغتيال اندريس نينو زعيم حزب العمال لوحدة الماركسيين على يد عملاء الاتحاد السوفيتي
24 يونيو: راؤول روبسون يلقي خطابا هاما عن الحرب في قاعة البرت بلندن
26 يونيو: القوات القومية تستولى علي سانتاندر
6 يوليو: الجنرال فنسنت رويو يشن هجوما على برونيت
10 أغسطس: خوان نيجرين يحل مجلس اراجون الذي كان يهيمن عليه الاناركيون
25 أغسطس: الجيش القومي يستولى على ميناء الساحل الشمالي سانتاندر
28 أغسطس: القوميون يقصفون مدريد لاول مرة، الفاتيكان يعترف بنظام فرانكو
1 أكتوبر: القوات الجمهورية تستولى على بلشيت
17 أكتوبر: فرانشيسكو لارجو كاباليرو يعلن معارضته لخوان نيجرين
28 أكتوبر: القوات الجمهورية تتحرك من فالنسيا الى برشلونة
12 نوفمبر: كونفدرالية العمل الوطنية تنسحب من حكومة الجبهة الشعبية
8 ديسمبر: القوات الجوية القومية تقصف برشلونة
14 ديسمبر: الجيش الجمهوري يشن هجوما على اراجون

1938 9 يناير: الجيش الجمهوري يستولى على مدنية تيرول من القوميين

30 يناير: الجنرال فرانكو يضم اول مدني الى حكومته
22 فبراير: جيش القوميين يستعيد سيطرته على مدينة تيرول
16 مارس: القوات الجوية الايطالية تبدأ قصف برشلونة بالقنابل
17 مارس: ليون بلوم، وقد عاد للسلطة مرة اخرى في فرنسا، يعيد فتح الحدود مع اسبانيا
28 مارس: انداليسيو برييتو يدعو لبدء مباحثات سلام
5 أبريل: خوان نيجرين يطرد انداليسيو برييتو كوزير للحرب من وزارته
15 أبريل: جيش القوميين يستولى على بلدة فيناروز الجمهورية
1 مايو: خوان نيجرين يقترح ١٣ بندا لعقد السلام
21 يونيو: ليون بلوم يستقيل والحدود الفرنسية الاسبانية تغلق مرة اخرى
25 يوليو: 80 الف جندي من القوات الجمهورية تبدأ في عبور نهر ابرو
3 سبتمبر: جيش القوميين يخترق خطوط الجمهوريين عند كانديسا
21 سبتمبر: خوان نيجرين يعلن الانسحاب المقترح للكتيبة الدولية من اسبانيا
4 أكتوبر: كل القوات الاجنبية التي تحارب في صف الجيش الجمهوري تغادر خطوط القتال
28 أكتوبر: بداية محاكمات قيادات حزب العمال لوحدة الماركسيين في برشلونة
15 نوفمبر: استعراض الكتيبة الدولية لقواتها في شوارع برشلونة
16 نوفمبر: جيش القوميين يحقق انتصارا عند نهر ابرو
19 نوفمبر: فرانكو يمنح المانيا امتيازات تعدينية في مقابل معونتها العسكرية

1939 25 يناير: خوان نيجرين ينتقل وحكومته من برشلونة الى فيجويراس

27 يناير: القوميون يحتلون برشلونة
4 فبراير: الرئيس مانويل ازانيا يعبر الحدود الى المنفى
27 فبراير: نيفيل تشمبرلين يعترف بحكومة الجنرال فرانكو
4 مارس: خوان نيجرين يحاول تشكيل حكومة شيوعية على المناطق التي يسيطر عليها، سيجيسموندو كاسادو
وجوليان بيستييرو يؤسسان عصبة الدفاع الوطني المعادية لنيجرين
6 مارس: خوسيه ميايا القائد الجمهوري في مدريد ينضم الى عصبة الدفاع الوطني المعادية لنيجرين
7 مارس: لويس بارسيلو، القائد الجمهوري للفيلق الاول، يحاول استعادة مدريد
8 مارس: هزيمة القوات الشيوعية في مدريد
12 مارس: خوان نيجرين ومستشاروه السوفيت يفرون من اسبانيا جوا
27 مارس: الجيش القومي يدخل مدريد بعد حصار دام حوالي 3 سنوات
30 مارس: جيش القوميين يحتل فالنسيا
1 أبريل: الجنرال فرانكو يعلن نهاية الحرب الاهلية الاسبانية

إجلاء الأطفال


الأعمال الوحشية

Spanish Civil War grave sites. Location of known burial places. Colors refer to the type of intervention that has been carried out. Green: No Interventions Undertaken so far. White: Missing grave. Yellow: Transferred to the Valle de los Caídos. Red: Fully or Partially Exhumed. Blue star: Valle de los Caídos. Source: Ministry of Justice of Spain


القوميون

Nationalist SM.81 aircraft bomb Madrid in late November 1936.
Bombing in Barcelona, 1938.


الجمهوريون

"Execution" of the Sacred Heart of Jesus by Communist militiamen. The photograph in the London Daily Mail had the caption "Spanish Reds' war on religion".[9]
The Puente Nuevo bridge. Both Nationalists and Republicans are claimed to have thrown prisoners from the bridge to their deaths in the canyon.[10]


الثورة الاشتراكية

نساء في حصار القصر، طليطلة، 1936.

في الأدب

في 2010، أعد إدريس ديباك وهو مخرج إسباني من أصل مغربي فيلما وثائقيا عن الحرب الأهلية الإسبانية وسلط فيه الضوء على دور المغاربة في تلك الحرب، وأنتج الفيلم في مدينة مليلية الخاضعة للسيادة الإسبانية تحت اسم الخاسرون.

وقال ديباك: إن الإهمال الذي تعرض له المقاتلون المغاربة بعد الحرب يعود بالأساس إلى أنهم مسلمون، وأن الأجانب الآخرين الذين شاركوا في الحرب تمت مكافأتهم بل حصلوا على الجنسية الإسبانية، بينما حصل الريفيون الذين نجو من الموت في تلك الحرب على ألف وخمسمئة درهم شهريا منذ أكثر من ثلاثين سنة لم تتغير، أما الذين جرحو في تلك الحرب، والذين لم يستمروا لسبب من الأسباب فهم في خبر كان، أما الموتى فلم تقدم الحكومة الإسبانية شواهد وفاتهم ولا أماكن دفنهم عكس الجنسيات الأخرى.

وحسب مصادر ديباك فقد تم إستخدام الآلاف من الأطفال المغابة في الحرب والذين تم توزيعهم على الجبهات الأكثر شراسة خاصة في كوصطة ديل گراف بكاطالونيا بالإضافة أن هؤلاء جلبوا من الريف بالقوة. وفي محاولة تعويضية طالب ديباك رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس زاباطيرو بأن تتوقف إسبانيا عن إنتهاك حقوق هؤلاء المقاتلين، وأن تقدم لهم ولأفراد عائلاتهم تعويضا محترما، ومنحهم جميع الحقوق وأن تتبناهم مواطنون إسبان وذلك بمنحهم للجنسية الإسبانية، كما فعلت فرنسا مع المقاتلين المغاربة الذين شاركوا معها في الحرب العالمية الثانية وحرب الهند الصينية.

أشخاص

أحزاب سياسية ومنظمات


انظر أيضاً

2

المصادر

الهوامش

  1. ^ The number of casualties is disputed; estimates generally suggest that between 500,000 and 1 million people were killed. Over the years, historians kept lowering the death figures and modern research concludes that 500,000 deaths is the correct figure. Thomas Barria-Norton, The Spanish Civil War (2001), pp. xviii & 899–901, inclusive.
  2. ^ Also known as The Crusade among Nationalists, the Fourth Carlist War among Carlists, and The Rebellion or Uprising among Republicans.
  3. ^ المعرفة بالإسپانية Confederación Española de Derechas Autónomas (CEDA).
  4. ^ Known in Spanish as the Falange Española de las JONS.

المراجع

  1. ^ Thomas. p. 628.
  2. ^ Thomas. p. 619.
  3. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة spanjudge
  4. ^ Beevor (2006). pp. 410–411. Beevor notes that around 150,000 had returned by 1939.
  5. ^ Payne (1973). pp. 200–203.
  6. ^ الحرب الأهلية الإسپانية (1936- 1939)، مجلة الجزيرة
  7. ^ الريفيون في الحرب الأهلية الإسبانية
  8. ^ "The Roman salute characteristic of Italian fascism was first adopted by the PNE and the JONS, later spreading to the falange and other extreme right groups, before it became the official salute in Franco's Spain. The JAP salute, which consisted of stretching the right arm horizontally to touch the left shoulder enjoyed only relatively little acceptance. The gesture of the raised fist, so widespread among left-wing workers' groups, gave rise to more regimented variations, such as the salute with the fist on one's temple, characteristic of the German Rotfront, which was adopted by the republican Popular Army". The Splintering of Spain, p. 36–37
  9. ^ "Shots of War: Photojournalism During the Spanish Civil War". Orpheus.ucsd.edu. Retrieved 24 June 2009.
  10. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Thomas 1961 176

مراجع وكتب لمؤلفين مشاهير

  • Westwell, Ian (2004). Condor Legion: The Wehrmacht's Training Ground. Ian Allan publishing.

قراءات إضافية

  • Brouè, Pierre (1988). The Revolution and the Civil War in Spain. Chicago: Haymarket. OCLC 1931859515.
  • Carr, Sir Raymond (1977). The Spanish Tragedy: The Civil War in Perspective. Phoenix Press (2001). ISBN 1-84212-203-7.
  • Deletant, Dennis (1999). Communist terror in Romania: Gheorghiu-Dej and the Police State, 1948–1965. C. Hurst & Co. ISBN 978-1-85065-386-8.
  • Doyle, Bob (2006). Brigadista: an Irishman's fight against fascism. Dublin: Currach Press. ISBN 1-85607-939-2. OCLC 71752897.
  • Francis, Hywel (2006). Miners against Fascism: Wales and the Spanish Civil War. Pontypool, Wales (NP4 7AG): Warren and Pell.{{cite book}}: CS1 maint: location (link)
  • Graham, Helen (2002). The Spanish republic at war, 1936–1939. Cambridge: Cambridge University Press. ISBN 0-521-45932-X. OCLC 231983673.
  • Ibarruri, Dolores (1976). They Shall Not Pass: the Autobiography of La Pasionaria (translated from El Unico Camino by Dolores Ibarruri). New York: International Publishers. ISBN 0-7178-0468-2. OCLC 9369478.
  • Jellinek, Frank (1938). The Civil War in Spain. London: Victor Gollanz (Left Book Club).
  • Kowalsky, Daniel (2004). La Union Sovietica y la Guerra Civil Espanola. Barcelona: Critica. ISBN 84-8432-490-7. OCLC 255243139.
  • Low, Mary (1979 reissue of 1937). Red Spanish Notebook. San Francisco: City Lights Books (originally by Martin Secker & Warburg). ISBN 0-87286-132-5. OCLC 4832126. {{cite book}}: Check date values in: |year= (help); Unknown parameter |coauthor= ignored (|author= suggested) (help)
    • Graham, Helen. "The Spanish Socialist Party in Power and the Government of Juan Negrín, 1937-9," European History Quarterly (1988) 18#2 pp 175–206. online
  • Paz, Abel (2011). The Story of the Iron Column: Militant Anarchism in the Spanish Civil War. Oakland, CA.: AK Press. ISBN 978-1-84935-064-8.
  • Monteath, Peter (1994). The Spanish Civil War in literature, film, and art: an international Bibliography of secondary literature. Westport, Conn.: Greenwood Press. ISBN 0-313-29262-0.
  • Puzzo, Dante Anthony (1962). Spain and the Great Powers, 1936–1941. Freeport, N.Y.: Books for Libraries Press (originally Columbia University Press, N.Y.). ISBN 0-8369-6868-9. OCLC 308726.
  • Southworth, Herbert Rutledge (1963). El mito de la cruzada de Franco. Paris: Ruedo Ibérico. ISBN 84-8346-574-4.
  • Wheeler, George (2003). To Make the People Smile Again: a Memoir of the Spanish Civil War. Newcastle upon Tyne: Zymurgy Publishing. ISBN 1-903506-07-7. OCLC 231998540. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Wilson, Ann (1986). Images of the Civil War. London: Allen & Unwin.

وصلات خارجية


وثائق أساسية

صورة وأفلام

أكاديميات وحكومات

أخرى

الأرشيف